دموع القدس ....!!
القدس نادت لم يلبِّ مُنادَى
وسقى حجارتَها البكاءُ سوادا
هل مات أبنائي وصرت وحيدة
لأقصَّ شعري حـُرقـَة وحدادا
كلّ الأزقة بالشهادة عُمِّدّتْ
أمّا المآذن لم تعد أوتادا
أسوارها التاريخ يكتب أنها
فيها الشهادة حددت ميعادا
أما العروبة فانتهت من خيلها
وغدت ترى ترك الجهاد جهادا
وتنصلت من خالد وسيوفه
ورأت بكل حروبه استعبادا
أمّا صلاح الدين منه تبرأت
عدّت ثلوم سيوفه إلحادا
جَمَلُ العدالة بات يندب حظـّه
عمر الخليفة ماشيا قد قادا
وثيابه إذ رُقـِّعت وقميصه
خيطانه بَليت وصرن رمادا
يأتي ليسجد في رحابك مرّة
ويقول في عشق الثرى أورادا
مسرى النبي وقبلة في وصفها
أهدت عقول العارفين رشادا
ماذا يقال وقد رمينا خلفنا
أقصى جريحا والمؤذن نادى
وأرى الجميع تنصّلوا من عهدهم
أعطـَـوا لكيري كالعبيد قيادا
كان التوسل دربنا لحقوقنا
وغدا التسول عـِزّة وسدادا
قد أصبح التنعيج خير سياسة
تبقي العروش ولا تُضيع بلادا
وأرى الزعيم المستبد برأيه
في حضن مَنْ عاداه أو مَنْ عادى
ثار الشعوب لكي يروا حرية
بالذلّ باءوا والزعيم تمادى
ظنّوا الربيع خلاصهم لكنّه
أهدى الشعوبَ ربيعـُها استبدادا
صاروا القطيع وذلــّهم وجحيمهم
ممّـن علا أكتافهم أو سادا
كنّـا بوكفٍ فانتهت أحوالنا
في وسْط موج فتَّتَ الأكبادا
يا قدس والأقصى يئن كفى بنا
ألقاب ذلٍّ زيَّنَتْ أجسادا
باتت أيادينا تقاتل بعضها
صرنا الدمار لمن بنى أو شادا
وغدت جهالتنا تقود قطيعنا
والذئب عاث نعاجنا إفسادا
إن الشعوب إذا تبلـَّـد حسها
صارت عبيدا والقلوب جمادا
في يوم أرض الله إنّي أخرس
والحرف بار وصرت فيه كسادا
لو قلت ما أخفي تقوم قيامتي
ولصار حرفي إن أقلّة زنادا
قد قال من قبلي الكلام محرم
فاصمت ولازم صمتك المعتادا
فالنوم أضحى للشعوب سلامة
فاجعل جميع الأرض فيك مهادا