معروف للجميع بأن الوثائق , تسجيل ثابت للتاريخ , وكلما مر عليها الزمان زادت قيمتها - ولم نسمع أنهم حددوا للوثائق عنوانا , ولم نسمع أنهم رفضوا لها مكانا ,... فالعنوان فيها موقف , والمكان لها التاريخ .
لكننا في هذا الزمن الذي عقد معاهدة مع الملاعين , سمعنا عن وثائق تلغى الوثائق , لان الذى اصدرها رفض مافي التاريخ من وثائق , واكتفي بما في جعبته المزاجية من منافع .
يكتبون في وثيقة الزمن الحاضر : نرجو تسهيل أجراءات المرور لحاملها , ويعرفون تماما أن هذا العالم يرفض ما يسمى بالوثائق, حتى من يكتبها ويختمها يعود فيرفضها , وكأنه يعلن عن رفضه لنفسه ولختمه .
ووقف الشاعر وقال : الشعر والنثر ... ورفضه العالم وتجاهله , وكأنه يعلن نسيانه قيمتة الشعر , كما نسى قيمة الوثائق الواضحة في الأمس واليوم والغد .. هكذا يقام العالم .. وهكذا يستيقظ العالم ... وهكذا ينساني ... لا يذكرني الا في حالتين في حين أجرب الموت , وحين أجرب الحياة ... كان هذا الكلام للفلسطيني الشاعر ...
هل جربتم : الموت ... حياة أخرى , لا ضجيج فيها , لا حركة , ولا صوت ... وبيوت الموت , صفوفا من الاخشاب للأكل والنوم مرفوض فيها القراءة قبل النوم ... مرفوض فيها حياة الأمس , في البيارة , وفي الكرم ... مرفوض فيها أن يصبح أبنائها جهابنة في الأدب والعلم .
عندما دبت الحياة في بيوت الموت المسكونة .. قالوا عن سكانها عفاريت العالم الآخر يلاحقونا ولم يبال أهل الارض المطحونة ... وأصبحت بيارات البرتقال بالبنادق مشحونة .
كانت بنادق قديمة تحت الأرض مخزونة .... علاها الصدا في بيوت الموت المسكونة واصبحت لامعة منذ أيام الكرامة والشونة .
ويحكي الراوى عن تلك الأيام فيقول : كان الرجال يمرون على البلاد بهوية الكرامة والشونة عندما اهتز العالم , كل العالم , وتذكر شعبا عنوانه : الخيام .
ويحكي رجل عن هذه الأحوال فيقول : كنت يوما من الأيام بطل ... كان يحترمني كل القبائل من أهل الجيل ... وفي يوم قتل أحدهم: ابن البطل ... فاهتاج , وحاول أن ينتقم , ويثأر لمن قتل ... فاتفقت عليه كل القبائل واستخدموا له العصى والخناجر , وحنى القنابل ...
نسوا له البطولات والأمجاد ... نسوا كيف حمي الجميع وظهره مكشوف للأوغاد ...
وقصة ذلك الرجل , مثل قصة هذا الشعب , الذى انتفض ليدور في فلك الحياة , كما كل الشعوب الحرة تناضل فقد كان قميص عثمان لكل ملاعين العصر الأفاضل ... وكان الميت الحي , ولم يمنحوه سوى وثيقة مسافر ..
وعاقبوه ... عاقبوه , لأنه أراد أن يعيش طليقا يعلن عن وجوده في عالم لا يعترف الا بجواز سفر لخمس سنين دائم . مثاله من عالم جاحد .
أننا ندعو جميع الموتى الأحياء , أن يتركوا حياة القبور , ونقول لهم : لا تصدقوا الوثائق , فهى لم تعد صنو الحقائق .. ونقول : اذكروا أيام بالهوية كانوا يسمحون بالمرور في كل البلدان لنفس المسافر .
حياة القبور تعطى وثائق لا تصلح للسفر , أما حياة البنادق فقد سمحت بالهوية للجميع أن يسافر ... القضية ليست وثائق .. وليست جواز سفر دائم ... القضية هي قضية عالم لا يعترف بالوثائق ...
فيا له من عالم جاحد ... لا يفهم الا لغة الرفض المماثل .. **************************************************