التابعي رفيع بن مهران
..أبو العالية
في ذات سنة عزم ابوالعالية على الجهاد في سبيل الله فأعد للأمر عدته، و حزم أمره على المضي مع المجاهدين...
فلما طلع عليه الصبح فوجىْ بآلامٍ مبرحةٍ في أحد قدميه.
ثم ما زال الألم يشتد ساعةً بعد ساعةٍ
فلما عاده الطبيب قال له: إنه مصابٌ بالأكلة
قال: وما الأكلة؟
قال: داءٌ يأتكل العضو الذي يحل به،
ثم ينتقل إلى ما فوقه حتى يأتي على الجسد كله.
ثم استأذنه بالمبادرة إلى بتر ساقه
فأذن له على كره منه
أحضر الطبيب مباضعه لشق اللحم...
و مناشيره لنشر العظم ...
ثم قال له: أتريد أن نسقيك جرعة من مخدرٍ لكيلا تشعر بآلامٍِ الشَّقِّ والبَتر؟
فقال: بَل هناك ما هو خيرٌ من ذلك.
فقال الطبيب: و ما هو؟
فقال: أحضروا لي قارئاً يتقن كتاب الله
واجعلوه يقرأ عليَّ ما تيسَّرَ من آياته البيِّناتِ
فإذا رأيتموني قد احمرَّ وَجهي، واتسعت حدقتاي، و ثبت نظري في السماء...
فافعلوا بي ما شئتم...
فنفذوا أمره و بتروا عظمه...
فلما أفاق قال له الطبيب: كأنك لم تشعر بآلامِ الشق والبتر
فقال: لقد شغلني برد حب الله...
وحلاوة ما سمعته من كتاب الله عن حرارة المناشير.
ثم أخذ رجله بيده، ونظر إليها و قال:
إذا لقيت ربي يوم القيامة وسألني: هل مشيت بكِ منذ أربعين سنةً إلى محرم...
أو مسست بكِ غير مباحٍ لأقولن: لا
وأنا صادقٌ فيما أقولُ إن شاء الله
(صور من حياة التابعين)