جمعية"إن جاءكم فاسق" أو تآكل الحقيقة
قرأت (وسما) نُشر تحت عنوان (سبق – تكذب – على – الداوود) ... حاولت أن أعرف كذبت عليه في ماذا؟
وبعد سؤال متكرر تفضل عليّ الأستاذ يوسف الميموني فزودني ببيان نشره الأستاذ عبد الله الداوود،فعرفت ان الأمر متعلق بتغريدة حول الكاشيرات.
وليس هذا مجال الإبداء الرأي في مغزى التغريدة .. وكل ما يهمني هنا هو صعوبة الحصول على الحقيقة ... الأستاذ الداوود يرى أن صحيفة "سبق"كذبت عليه وقولته ما لم يقل – قاطعها بسبب ذلك بعض المشائخ مثل الدكتور العريفي - .. و"سبق"نفسها تنشر تكذيب الشيخ المغامسي لما نسب إليه من جواز شرب أبوال المجاهدين!!!! وقبل ذلك كانت هناك فتوى (جهاد النكاح) .. إلخ.
وهكذا نجد أنفسنا أمام سيل من العجائب والغرائب .. ربما يعجز الباحث عن الحقيقة من متابعتها .. ويعجز – قطعا – عن التأكد من صدورها أصلا ممن نسبت له .. وتنتج عن ذلك مشكلة أخرى .. أن صاحب القلم يجد نفسه بين فكي معضلة أن يلجم قلمه فلا يعلق ولا يكتب ... أو يكتب – غاضبا في بعض الأحيان – عن قضية قد يثبت بعد ذلك أنها غير حقيقية أو مجرد "كذبة" مثل الفتوى المنسوبة زورا للشيخ المغامسي.
هذه الأكاذيب تجعلني أشير إلى مقالة نشرتها قبل سنوات تحت عنوان ( قضايا مُخْتَلَقة) – رابط المقالة {http://hooor.org/news8723.html}.
تجنبا للإطالة سوف أقسم هذه الكُليمة إلى قسمين :
القسم الأول : هنا سوف أذكّر فقضايا ثبت أنها محض كذب ..
1 – ما عرف بقضية "الخليل"وهي منطقة في شمال المدينة المنورة وقد وقع حادث سير ذهبت ضحيته سيدتان وشابان .. ثم شن صحفي حملة على هيئة الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر متهما إياها بأنها – أو عضويها – كانت تطارد السيارة ... وبعد مسلسل طويل – ممل – كتبت عنه تحت عنوان ( قضية الخليل برمت بليل) – رابط الكًليمة {http://hooor.org/news8290.html} – وكان ذلك سنة 2008م،ثم ظهرت الحقيقة أي براءة عضوي الهيئة،واعتذرت جريدة (المدينة) .. وكان ذلك سنة 2012م!!!
ليس عليّ أن أطيل في الحديث عن معاناة العضوين وأسرتيهما .. فقط أكتفي بما ذكره لي أحد إخواننا من مشاهدته لأحد عضوي الهيئة مقيدا بالحديد،وهو يؤيد امتحانه!!!
القضية الثانية نُشرت تحت عنوان "الداخلية : المدعية وزوجها اعترفا شرعا باختلاق قصة الاغتصاب" :
( صرح مصدر مسؤول بوزارة الداخلية تعليقا على ما نشر في العدد رقم 13625 الصادر يوم الاثنين 20 ذي القعدة 1424هـ الموافق 12 يناير 2004م تحت عنوان : فتاة تصرخ هكذا اغتصبوني، " أم تقود إبنتها إلى زوج أختها وأخوها يفعل بها الفاحشة والأب يتستر" وما تضمنته هذه القضية من وقائع غريبة تثير الإشمئزاز وتبعث على الإستهجان ويترفع عنها مجتمعنا السعودي المعروف بمحافظته وتمسكه بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
ورغبة في التأكد من حقيقة ما نشر فقد تم تكليف لجنة من وزارة الداخلية وهيئة التحقيق والادعاء العام للتحقيق في القضية وانتهت إلى أن القصة مفتعلة وعارية عن الصحة تماما وجميع الوقائع المذكورة مكذوبة جملة وتفصيلا ولم يحدث شيء مما ذكر وصُدقّ اعتراف المدعية شرعا وزوجها بأن شكواهما ما هي إلا إفتراء صريح وقصة نسجت من وحي الخيال لم يحدث شيء منها على الواقع.
وأضاف المصدر أن الوقائع المذكورة التي نشرت عن هذه القضية قبل التأكد من حقيقتها وتفخيم الكذب يهز الثقة في مصداقية الإعلام السعودي وهو إخلال بحرية النشر وإعتداء على مشاعر المواطنين ومساس بالقيم الإسلامية في مجتمعنا المحافظ، وكانت مثار إستهجان وإستنكار الجميع.
وأضاف المصدر أنه سيتم إتخاذ كافة الإجراءات اللازمة وفق نظام المطبوعات لحماية إعلامنا من الدس والتضليل والإستغلال الفظ لحرية النشر.. واختتم المصدرتصريحه بحث وسائل الإعلام المختلفة على تحري الدقة والموضوعية فيما ينشر من قضايا وموضوعات ليعكس صورة مجتمعنا الإسلامي المحافظ ويحترم عقلية المتلقي ويقدر مشاعره وما يؤمن به من قيم ومسلمات){ جريدة عكاظ – الورقية - العدد 13662 في 30 / 11 / 1424هـ = 22 / 1 / 2004م.}
في ذيل هذا القسم أذكر بعض ما جاء في كُليمة (قضايا مختلقة) مما دأبت عليه صحيفة (الرياض) من نشر قصص الفسق في الغرب تحت عنوان (مجتمع خلى من الدين أو خلى من الأخلاق ) .. وهي قضايا لا يمكن التأكد منها بطبيعة الحال .. ومن أمثلة ذلك ..
1 – ( في مجتمع حرم نعمة الإسلام :"أب ينجب ستة أطفال من ابنته بمعرفة والدتها){جريدة الرياض – الورقية – العدد 13770 في 7/2/1427هـ = 7/3/2006م}.
2 – ( تمارس البغاء في الخامسة والسبعين لأن راتب التقاعد لا يكفي .. ){ جريدة الرياض – الورقية – العدد 13911 في 1/7/1427هـ = 26/7/2006م}.
3 – (من أبشع الجرائم : 17 رجلا يتناوبون على اغتصاب فلبينية في الكويت)،ثم تنقل الجريدة تفاصيل الخبر {جريدة الرياض – الورقية - العدد 14062 في 4/12/1427هـ = 24/12/2006م}.
القسم الثاني : لاشك عندي أننا في حاجة إلى جهة ما .. أو (جمعية) ما .. تحمل على عاتقها هم البحث عن الحقيقة .. ومن ثم وصم كل وسيلة تنشر الأكاذيب بـ(كذابة) .. والأهم من ذلك هو وجود (تشريعات) أو (أنظمة ) رادعة لكل وسيلة إعلامية تنشر الكذب .. وللصحفي الذي اختلق الكذبة .. فبدون تشريعات رادعة .. لن تكون هناك فائدة كبيرة .
السؤال الذي يطرح نفسه – كما يقولون – هو كيف تتكون (جمعية "إن جاءكم اسق")؟
لا أملك جوابا .. ودوري ان أبذر الفكرة .. ومع ذلك فأنا أتصور أن تقوم مجموعة من محبي الحقيقة والباحثين عنها،والغيورين ..
"الغيورون "هذه تجعلني أقطع حديثي ... لأشير إلى خبر نشرته صحيفة "صدى"الإلكترونية :
(متابعة - نورة الشهري ( صدى ) : كشفت إليشيا غالي للإعلام الأسترالي عن واقعة تعرّضها للاغتصاب من جانب 3 أشخاص، في أحد الفنادق الشهيرة في إمارة الفجيرة في الإمارات عام 2008، وحينما بادرت بالشكوى للشرطة، فوجئت بأن أحكام الشريعة الإسلامية تفرض عليها إحضار 4 شهود رجال “مسلمين عاقلين بالغين”، وهو ما عجزت عنه، مما أدى إلى الحكم عليها بالسجن لمدة عام لممارستها الجنس خارج إطار الزواج “زنا”.
تعود وقائع القضية المثيرة للجدل إلى عام 2008،
http://www.slaati.com/2013/05/26/p55211.html)
هل سمع أحد من قبل أن إثبات (الاغتصاب) في الشريعة يحتاج إلى أربعة شهود؟ أو سمع أن الإسلام يحكم على (المغتصبة) بالسجن؟!
إن كانت هناك قضية أصلا،فلا شك أن صاحبتها قد أخفت بعض الحقائق .. ولكن ما يهمنا هنا هي الإساءة التي ألصقت بالإسلام .
نعود إلى الجمعية ... أتصور أن تقوم مجموعة من محبي الحقيقة والباحثين عنها،والغيورين .. عليها وعلى الدين ،يبدؤون بتأسيس موقع باسم (إن جاءكم فاسق) .. وبعد عام أو عامين .. حسب الأعداد المنضمة إلى الموقع والمؤمنة بفكرته .. والنظر في التوزيع الجغرافي للأعضاء .. بعدها يمكن للعمل أن يبدأ ...
بقيت نقطة متعلقة بدور صاحب القلم .. ووجهة نظري الشخصية أن علينا عدم الانسياق – وقد ثبت لنا الكذب – خلف العاطفة فنكتب قبل أن نفكر .. وندقق قدر المستطاع :
أ – هناك فتاوى تنسب لشخصيات شهيرة .. يمكن سؤالها والتأكد منها قبل الكتابة (مثل الفتوى المنسوبة للشيخ المغامسي أو تفسير تغريدة الأستاذ الداوود)
ب – التدقيق في الأخبار التي تُنشر .. مثلا : في قضية نشرت عن (معنفة) في إحدى المدن .. وعلق عليها – غاضبا – كثيرون وكثيرات .. وحين قرأت الخبر .. وجدت به تناقضا – رغم قصره – فهو يقول أن زوج تلك السيدة كان يضربها وقد حبسها في الحمام ... إلخ. مستغلا بعد أسرتها المقيمة في الرياض ... وبعد أسطر قليلة .. وسبق للزوجة أن فرت من سجن زوجها ولجأت للشرطة .. وفي كل مرة يعيدها والدها إلى بيت زوجها!!!
قبل أسطر كان الزوج يستغل بعد أسرتها .. والآن أصبح والدها يعيدها إلى الزوج!!!
قبل الختام .. بعض الصحف – الورقية وقبل سنوات عديدة – وبعض المواقع تسعى لتأكيد ما نشرته .. فتطرزه باسم قسم شرطة معين .. وأحيانا باسم الضابط الذي عرضت عليه القضية !!
ختاما .. أصلح الله أحوال الأمة.
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة