منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 9 من 9
  1. #1

    لماذا لا يتوحد المسلمون في الصيام

    سؤال:
    لماذا لا يتوحد المسلمون في الصيام مع أن هلال رمضان واحد ؟ وقديماً يعذرون لعدم وجود وسائل الإعلام .

    الجواب:

    الحمد لله

    أولا : السبب الغالب في اختلاف بدء الصيام من بلد لآخر ، هو اختلاف مطالع الأهلة . واختلاف المطالع أمر معلوم بالضرورة حسا وعقلا .

    وعليه فلا يمكن إلزام المسلمين بالصوم في وقت واحد ، لأن هذا يعني إلزام جماعة منهم بالصوم قبل رؤية الهلال ، بل قبل طلوعه .

    وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عمن ينادي بتوحيد الأمة في الصيام ، وربط المطالع كلها بمطالع مكة ، فقال :

    " هذا من الناحية الفلكية مستحيل ؛ لأن مطالع الهلال كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تختلف باتفاق أهل المعرفة بهذا العلم ، وإذا كانت تختلف فإن مقتضى الدليل الأثري والنظري أن يجعل لكل بلد حكمه .

    أما الدليل الأثري فقال الله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) البقرة/185 . فإذا قُدِّرَ أن أناسا في أقصى الأرض ما شهدوا الشهر -أي : الهلال - وأهل مكة شهدوا الهلال ، فكيف يتوجه الخطاب في هذه الآية إلى من لم يشهدوا الشهر ؟! وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) متفق عليه ، فإذا رآه أهل مكة مثلاً فكيف نلزم أهل باكستان ومن وراءهم من الشرقيين بأن يصوموا ، مع أننا نعلم أن الهلال لم يطلع في أفقهم ، والنبي صلى الله عليه وسلم علق ذلك بالرؤية .

    أما الدليل النظري فهو القياس الصحيح الذي لا تمكن معارضته ، فنحن نعلم أن الفجر يطلع في الجهة الشرقية من الأرض قبل الجهة الغربية ، فإذا طلع الفجر على الجهة الشرقية ، فهل يلزمنا أن نمسك ونحن في ليل ؟ الجواب : لا . وإذا غربت الشمس في الجهة الشرقية ، ولكننا نحن في النهار فهل يجوز لنا أن نفطر ؟ الجواب : لا . إذاً الهلال كالشمس تماما ، فالهلال توقيته توقيت شهري ، والشمس توقيتها توقيت يومي ، والذي قال : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187 . هو الذي قال : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) فمقتضى الدليل الأثري والنظري أن نجعل لكل مكانٍ حكماً خاصًّا به فيما يتعلق بالصوم والفطر ، ويربط ذلك بالعلامة الحسية التي جعلها الله في كتابه ، وجعلها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في سنته ألا وهي شهود القمر ، وشهود الشمس ، أو الفجر " انتهى من فتاوى أركان الإسلام ص 451.

    وقال رحمه الله موضحاً هذا القياس ، ومؤيداً به حجة الذين اعتبروا اختلاف المطالع :

    " قالوا : والتوقيت الشهري كالتوقيت اليومي ، فكما أن البلاد تختلف في الإمساك والإفطار اليومي ، فكذلك يجب أن تختلف في الإمساك والإفطار الشهري ، ومن المعلوم أن الاختلاف اليومي له أثره باتفاق المسلمين ، فمن كانوا في الشرق فإنهم يمسكون قبل من كانوا في الغرب ، ويفطرون قبلهم أيضا .

    فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي ، فإن مثله تماما في التوقيت الشهري .

    ولا يمكن أن يقول قائل : إن قوله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا ، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ) لا يمكن لأحد أن يقول : إن هذا عام لجميع المسلمين في كل الأقطار .

    وكذلك نقول في عموم قوله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا ، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا ) وهذا القول كما ترى له قوته بمقتضى اللفظ ، والنظر الصحيح ، والقياس الصحيح أيضا ، قياس التوقيت الشهري على التوقيت اليومي " انتهى . نقلا عن "فتاوى رمضان" جمع أشرف عبد المقصود ص 104 .

    وصدر عن هيئة كبار العلماء ، بيان مهم بهذا الخصوص ، وهذا نصه :

    " أولاً : اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حساً وعقلاً ، ولم يختلف فيها أحد من العلماء ، وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في : اعتبار خلاف المطالع ، وعدم اعتباره .

    ثانياً : مسألة اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال ، والاختلاف فيها واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين ، وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين : أجر الاجتهاد ، وأجر الإصابة ، ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد .

    وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين : فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع ، ومنهم من لم ير اعتباره . واستدل كل فريق منهما بأدلة من الكتاب والسنة ، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى : ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) البقرة/189 . وبقوله صلى الله عليه وسلم : ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) الحديث . وذلك لاختلاف الفهم في النص ، وسلوك كل منهما طريقاً في الاستدلال به .

    ونظرا لاعتبارات رأتها الهيئة وقدرتها ، ونظراً إلى أن الاختلاف في هذه المسألة ليست له آثار تخشى عواقبها ، فقد مضى على ظهور هذا الدين أربعة عشر قرناً ، لا نعلم فيها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة . فإن أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء يرون بقاء الأمر على ما كان عليه . وعدم إثارة هذا الموضوع ، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة ، إذ لكل منهما أدلته ومستنداته .

    ثالثاً : نظر مجلس الهيئة في مسألة ثبوت الأهلة بالحساب ، وما ورد في الكتاب والسنة ، واطلعوا على كلام أهل العلم في ذلك ، فقرروا بإجماعٍ عدمَ اعتبار حساب النجوم في ثبوت الأهلة في المسائل الشرعية ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) الحديث . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ ، وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ ) الحديث . وما في معنى ذلك من الأدلة " انتهى نقلا عن "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/102) .



    الإسلام سؤال وجواب

  2. #2
    اختي العزيزة
    مقال مهم وكنت نوهت في صباحياتي ان الغرب يملك تقاريرا ودراسات عن الهلال وتجركاته لما بعد اعوام واعوام
    ومازلنا على طريقتنا القديمه
    ومن اراد الاستيضاح ليبحث عبر غوغل
    ويجد نتائج مذهله
    تحيه لك اختي
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3

  4. #4

  5. #5

    جزاك الله كل خير أختي بنت الجنوب على هذا الطرح الغاية في الأهمية ، و لكن كان لي تعقيب صغير :

    ترى ألا يمكن أن نحدث التوافق بين مسألة ثبوت الأهلة بالحساب و بين ثبوته بالرؤية الشرعية مادام أن العلم و الدين لا يتعارضان في مثل هذه المسائل ؟؟


    أخوك تمــــــــــــــــــــــام

  6. #6
    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا ...
    http://www.fursan.ws/wisam2.gif


    من العذاب ... إن تكتب لمن لا يقرا لك
    وان تنتظر من لا يأتي لك
    و ان تحب من لا يشعر بك
    وان تحتاج من لا يحتاج لك
    من المؤلم ... إن تحب بصدق
    وتخلص بصدق .. وتغفر بصدق
    ثم تصدم في النهاية بموت
    كل الصدق الذي قدمته
    "ثم تكتشف إن أجمل العمر كان سراباً"

  7. #7
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Tammam مشاهدة المشاركة

    جزاك الله كل خير أختي بنت الجنوب على هذا الطرح الغاية في الأهمية ، و لكن كان لي تعقيب صغير :
    ترى ألا يمكن أن نحدث التوافق بين مسألة ثبوت الأهلة بالحساب و بين ثبوته بالرؤية الشرعية مادام أن العلم و الدين لا يتعارضان في مثل هذه المسائل ؟؟

    أخوك تمــــــــــــــــــــــام

    أول من أسس الحسابات الفلكية هم علماء العرب والمسلمين فأعتقد أنه الحسابات الفلكية دقيقة للغاية


    مشكور اخي

  8. #8
    بينما يسعى البعض لتضييق الفجوة بين العلم الحديث والفقهاء
    باصرة: استخدام الأقمار الصناعية لرؤية الأهلة سيدخلنا في متاهة ومعايير أخرى


    حسن باصرة
    جدة: منال الشريف
    مع دخول كل شهر هجري، تطرح قضية توحيد مطالع الأهلة نفسها داخل كل بيت مسلم وعلى موائد البحث العلمي والمجامع الفقهية. ويظل السؤال معلقا: لماذا لا يتفق المسلمون في هذا الشأن, وهل اختلافهم في ذلك ظاهرة سلبية أم أن اختلاف الجغرافيا وفروق التوقيت تجعل الأمر عاديا؟
    وتحظى هذه القضية بجدل أوسع مع مطالع رمضان وشوال وذي الحجة، لارتباطها بفريضة الصوم في الشهر الأول، وعيدي المسلمين في الشهرين الأخرين.
    "الوطن" تثير القضية مجدداً مسلطة الضوء على سبب الخلاف، وما السبيل إلى توحيد الأمة العربية ذات الوحدة الجغرافية الواحدة في بيان موحد يخفف من حدة الاختلاف.
    في البداية يقول رئيس قسم الفلك والفضاء بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، الدكتور حسن باصرة: لاشك أن الآلات الفلكية أقوى من الرؤية البصرية وهي القاعدة العامة، ولكن الأمر يرجع أولا وأخيراً لإقرار الفقهاء والعلماء، فاعتماد رؤية هلال الشهور العربية، منوط بالرؤية الشرعية بشهادة أشخاص عدول، مضيفاً: أنه بالرغم من وجود 6 لجان علمية لرؤية الهلال في السعودية وجميع العاملين فيها يتمتعون بالخبرة والدراية ويستخدمون الأجهزة الحديثة من خلال 5 مراصد لرؤية الهلال، على طول الساحل الغربي من الشمال إلى الجنوب، وكذلك على الحدود الأردنية مثل تبوك وحائل والمنطقة الوسطى الرياض، بالإضافة إلى المدينة، إلا أن المشكلة التي نواجهها في السعودية هي عدم اعتماد تلك التقارير المقدمة من الهيئات العلمية وعدم الثقة بأهل الخبرة من المسؤولين والخبراء والاعتداد بالرؤية بالعين المجردة فقط.
    وبالنسبة لصعوبة الرؤية، يرى أن هناك مسألة غير ملموسة وهي أن الخط المرجعي لمطالع القمر غير ثابت، بل يتغير موقعه على سطح الأرض من شهر إلى شهر وليس مثل خطوط الطول الثابتة التحديد على سطح الأرض والتي تعتبر مرجعا لفروق الأوقات.
    تقويم أم القرى
    وعن سبب عدم توحيد التقويم الهجري على حساب تقويم أم القرى لكونها مركز الأرض، يقول الدكتور باصرة إن التقويم الهجري الشمسي يتم وفق توحيد يعتمد على معيار معين يجري الاتفاق عليه من جميع الدول الإسلامية، مؤكداً أن هناك إشكاليات سنواجهها مستقبلاً حين يتم إطلاق الأقمار الصناعية واستخدامها لرؤية الأهلة، وسندخل وقتها في متاهة ومعايير أخرى مختلفة وسنلاحظها قريباً ولا نعلم متى ستنتهي، وقد تسبب زيادة الاختلاف في رؤية الأهلة، فنحن حتى الآن لم نتفق على معيار معين على سطح الأرض والشواهد على ذلك إقامة العديد من الاجتماعات والتي تنتهي بعدم التنفيذ.
    ويذكر على سبيل المثل أن اليوم الوطني السعودي يتفق مع أحد مراحل الفصول السنوية وهو الأول من الميزان وهو يوم الاعتدال الخريفي. وهناك محاولات بدأت منذ عهد الملك عبد العزيز، رحمه الله، في عمل تقويم هجري شمسي دقيق يتشابه مع التقويم الميلادي ويعتمد على البروج ويمكن الاستغناء به عن التقاويم الميلادية ولكنه منذ ذلك العهد بقي مشروعاً لم ينفذ.
    ومن أبرز الحلول التي يراها: الاتفاق على معيار معين يعتمد على إمكانية الرؤية وليست فقط غروب القمر عن الشمس.
    قول جمهور الفقهاء
    وعن اختلاف مطالع رؤية أهلة الشهور الهجرية بين الدول العربية، يذكر أمين الفتوى في سوريا، الشيخ الدكتور علاء الزعتري: أن مشكلة الهلال تتجلى أكثر في شهر رمضان لارتباطها بفريضة الصوم، حيث إن صوم رمضان يتبع قول الله تبارك وتعالى "فمن شهد منكم الشهر فليصمه"، ويقول الحديث النبوي كما ورد في صحيح البخاري ومسلم "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"، فإذا توقفنا على كلمة شهد فهي تحتمل 3 معان: شهد بمعنى علم يقول المسلم أشهد أن لا إله إلا الله أي أعلم ألا إله إلا الله..فإذا "فمن شهد منكم الصوم" أي فمن علمه فليصمه.
    والمعنى الثاني شهد أي حضر، والمعنى الثالث أي رأى بعينه، فمن هنا كان اختلاف الفقهاء، فمنهم من قال إذا ثبتت الرؤية في بلد وجب الصوم على جميع البلدان وهذا القول هو لجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة.
    أما القول الآخر عند فقهاء الشافعية الذين يقولون لكل بلد رؤيته ولكن وسائل الاتصال الحديثة اليوم وقرب المسافة بين البلدان، حيث إن العالم الإسلامي القديم والذي يمتد شرقاً من إندونيسيا إلى السنغال غرباً نجد أن الزمن الفاصل بين أقصى شرق العالم الإسلامي وأقصى غربه، لا يتجاوز السبع ساعات وهو أقل من نصف اليوم، لذا رجحنا في العمل قول الجمهور بأن الهلال إذا رؤى من قبل أحد المسلمين في بلد وجب على جميع المسلمين أن يصوموا، وذلك عن طريق ثقة المسلم الذي هو في بلاد الحجاز أو الشام، فالمسلم الذي في إندونيسيا وباكستان وكذلك المسلم الموجود في إفريقيا وبالتالي يجب أن نبعد المسلمين عن دوامة الحل السياسي أو الشك في أن الحكومات إنما تعتمد الكيد السياسي بدل اعتماد الرؤية الشرعية.
    ويعلل قوله بأننا لو أخذنا بقول الجمهور بوجوب الصوم عند الرؤية، من أحد المسلمين في بلد من البلدان، نكون قد عملنا بمعنى قوله تعالى "فمن شهد منكم الشهر فليصمه"، أي علم بدخول الشهر وألا يتوجب على كل مسلم أن يرى فرؤية البعض كافية عن رؤية الكل.
    ومن المستغرب أن يكون البلد أو مجموع البلاد على خط طول واحد مثل سوريا والأردن والسعودية واليمن، فرؤية الهلال وولادته في هذا الخط لم تختلف يوماً متقدماً أو متأخراً لذا ننصح القائمين والمسؤولين والقضاة والشرعيين أن يعملوا بقول الجمهور بوجوب الصيام إذا ثبتت الرؤية في بلد من بلاد المسلمين حرصاً على تماسك الأمة ووحدتها وقوتها. وكذلك الحال في بقية الشهور، أن تتوحد بدايات الشهور في كل البلاد العربية.
    ويقول: إنه تمشياً مع القاعد الفقهية "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، فإن المقصود بأهل الذكر هنا هم أهل الاختصاص وأصحاب الخبرة، وفي موضوع رؤية الهلال يجب وجوباً شرعياً استشارة الفلكيين ليقدموا لنا علمهم، فليس هناك علم حديث أو قديم ليبينوا لنا كيف يولد الهلال ومتى يولد وفي أي زاوية ثم يأتي دورنا كجماهير وفقهاء كل على حسب معرفته ليستمد من خبرة الفلكيين وينظر إلى الجهة المعنية من قبلهم فإذا ثبتت الرؤية البصرية بعد استشارة الرؤية الفلكية فقد أصبح وجوب الصوم محتماً، أو بداية الشهر العربي محتمة.
    والرؤية البصرية مهما كانت من مسلم عدل تقبل مادامت مؤيدة بالخبرة الفلكية، أما أن يبقي الفقيه جالساً في مكتبة وليس حوله مستشارون فلكيون ولا يرسل من يستطلع رؤية الهلال ويكتفي بتلقي الاتصالات الهاتفية من هنا أو هناك، ففي هذا شيء من التقصير في حق الوجوب الشرعي، فالأصل أن تتكافل علماً فلكياً وخبرة علمية واجتهاداً فقهياً.
    معلوم بالضرورة
    من جانبه يقول مساعد العميد لشؤون البحث العلمي ورئيس قسم الدراسات الأساسية بكليّة الشريعة والقانون بجامعة الإمارات، الدكتور محمد سلطان العلماء: إنّ مسألة اختلاف المطالع من الأمور التي علمت بالضرورة حساً وعقلاً، ولم يختلف فيها أحد من العلماء، أما اعتبار ذلك في إثبات بداية الشهور أو عدم اعتباره فتلك مسألةٌ اختلف فيها الفقهاء قديماً، وهي من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال ولكنه لم يكن في يومٍ من الأيام مثار الخلاف والشقاق بين المسلمين، ولا ينبغي أن يكون.
    ومن العجيب أنّ الكثير من البلاد الإسلامية لا تعتني بإثبات الرؤية في سائر شهور السنة عدا رمضان وشوّال وذي الحجّة، مع أنّ المطلوب شرعًا تحرّي الهلال في كافّة الشهور، وإنّ الخطأ في إثبات شهر رمضان أو شوال أو ذي الحجّة إنما ينتج عن الخطأ في إثبات دخول الأشهر السابقة على رمضان.
    والذي أميل إلى ترجيحه القول الوارد في جميع هذه المذاهب، والذي يقرر أنه لا عبرة باختلاف المطالع؛ لقوة دليله ولأنه يتفق مع ما قصده الشارع الحكيم من وحدة المسلمين فهم يصلّون إلى قبلة واحدة ويصومون شهرًا واحدَا ويحجون في أشهر محددة وإلى مواقيت ومشاعر معينة، وعلى هذا فإنّه متى تحققت رؤية هلال رمضان في بلد من البلاد الإسلامية يمكن القول بوجوب الصوم على جميع المسلمين الذين تشترك بلادهم مع البلد الإسلامي الذي ثبتت الرؤية فيه في جزء من الليل ما لم يقم ما يناهض هذه الرؤية أو يشكك في صحتها، فقد نصّ العبادي من فقهاء الشافعيّة على أنّه "إذا دل الحساب القطعي على عدم رؤية الهلال لم يُقبل قول العدول برؤيته، وتُردّ شهادتهم"، وعقّب على ذلك القليوبي بقوله: هذا ظاهر جلي، ولا يجوز الصوم حينئذ، وإن مخالفة ذلك معاندة ومكابرة.
    أما بشأن كيفية إثبات دخول الشهر، وهل تجب الرؤية البصرية لإثبات ذلك أم يمكن الاعتماد على الحسابات الفلكية، يرى الدكتور سلطان العلماء أن ليس هناك خلاف بين أهل العلم في أن الرؤية البصريّة هي الأصل في معرفة دخول الشهور القمريّة كما دل عليه الحديث "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"، فالرؤية هي الأساس، ويكون ثبوت رؤية الهلال بالتواتر والاستفاضة كما يكون بخبر الواحد ذكرا كان أو أنثى.
    أما عن الاعتماد على الحساب في إثبات دخول الشهر إذا لم تتحقق الرؤية، ولم يتيسر الوصول إلى إتمام الشهر السابق ثلاثين يوما، فيقول: إنّ الإسلام دين العلم، والحكمة ضالّة المؤمن، والأخذ بالعلم وأسبابه ومقتضياته ممّا يدعو إليه الشرع، وتضافرت عليه النصوص القطعيّة، ومن هنا ندرك أنّه إذا توافر العلم بالنظام الفلكي المحكم؛ الذي أقامه الله تعالى بصورة لا تتبدل ولا تختلف، وأصبح هذا العلم قائمًا على رصد دقيق بوسائل محكمة؛ كالمراصد المجهزة بالمكبرات من العدسات الزجاجية العظيمة التي تقرب الأبعاد الشاسعة إلى درجة يصعب على العقل تصورها، والمتصلة بالأقمار الصناعيّة، والتي تتبع حركات الكواكب والنجوم، وتسجلها بأجزاء من مئات أو آلاف الأجزاء من الثانية الواحدة، وتقارن بين دورتها بهذه الدقة، وبهذه الكيفية يوصلنا إلى معرفة يقينية بمواعيد ميلاد الهلال في كل شهر، وفي أي وقت بعد ولادته تمكن رؤيته بالعين الباصرة السليمة؛ إذا انتفت العوارض الجوية التي قد تحجب الرؤية فأرى،لا يوجد مانع شرعي من اعتماد هذا الحساب، والخروج بالمسلمين من مشكلة إثبات الهلال، ومن الفوضى التي أدّت إلى ظهور الأمة بصورة مخجلة من التشتت والاختلاف.
    رأي المجمع الفقهي الإسلامي
    إلى ذلك أفادت الأمانة العامة للمجمع الفقهي الإسلامي بأن العلماء والفقهاء أصدروا أثناء الدورة الرابعة عام 1401، مسألة رؤية الهلال واختلاف مطالعه ومسألة توحيد الأهلة والأعياد وأثر ذلك في وحدة المسلمين، وأصدر في ذلك قراراً تضمن ما يلي:
    أن الإسلام بني على أنه دين يسر وسماحة، تقبله الفطرة السليمة والعقول المستقيمة، لموافقته للمصالح، ففي مسألة الأهلة ذهب على إثباتها بالرؤية البصرية لا على اعتمادها على الحساب.
    كما تشهد به الأدلة الشرعية القاطعة، كما ذهب على اعتبار اختلاف المطالع لما في ذلك من التخفيف على المكلفين مع كونه هو الذي يقتضيه النظر الصحيح، فما يدعيه القائلون من وجوب الاتحاد في يومي الصوم والإفطار مخالف لما جاء شرعاً وعقلاً. أما شرعاً فقد أورد أئمة الحديث، حديث كريم وهو أن أم الفضل بنت الحارث بعثته على معاوية بالشام، قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها، فاستهل علي شهر رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبدالله بن عباس رضي الله عنهما ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة فقال: أنت رأيته؟ فقلت نعم ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه فقلت: أولا نكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "رواه مسلم".
    وقد ترجم الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم بقوله "باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم، وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم" ولم يخرج هن هذا المنهج من أخرج هذا الحديث من أصحاب الكتب الستة أبي داود والترمذي والنسائي في تراجمهم له.
    وناط الإسلام الصوم والإفطار بالرؤية البصرية دون غيرها، كما جاء في حديث عمر: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له" رواه البخاري ومسلم.
    فهذا الحديث علق الحكم بالسبب الذي هو الرؤية وقد توجد في بلد كمكة والمدينة، ولا توجد في بلد آخر، فقد يكون زمانها نهاراً عند آخرين، فكيف يؤمرون بالصيام أو الإفطار؟ أفاده في بيان الأدلة في إثبات الأهلة، وقد قرر العلماء من كل المذاهب أن اختلاف المطالع هو المعتبر عند كثير، فقد روى ابن عبدالبر بالإجماع على ألا تراعى الرؤية فيما تباعد من البلدان، كخرسان من الأندلس ولكل بلد حكم يخصه وكثير من كتب أهل المذاهب الأربعة طافحة بذكر اعتبار اختلاف المطالع، للأدلة القائمة من الشريعة بذلك، وتطالعك الكتب الفقهية بما يشفي الغليل.
    و أما عقلاً فاختلاف المطالع لا اختلاف لأحد من العلماء فيه لأنه من الأمور المشاهدة التي يحكم بها العقل فقد توافق الشرع والعقل على ذلك فهما متفقان على بناء كثير من الأحكام على ذلك التي منها أوقات الصلاة ومراجعة الواقع تطالعنا بأن اختلاف المطالع من الأمور الواقعية، وعلى ضوء ذلك قرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي أنه لا حاجة إلى توحيد الأهلة والأعياد في العالم الإسلامي لأن توحيدها لا يكفل وحدتهم كما يتوهمه كثير من المقترحين لتوحيد الأهلة والأعياد وأن تترك قضية إثبات الهلال إلى دور الإفتاء والقضاء في الدول الإسلامية، لأن ذلك أولى وأجدر بالمصلحة الإسلامية العامة وأن الذي يكفل توحيد الأمة وجمع كلمتها واتفاقهم على العمل بكتاب الله وسنة رسوله في جميع شؤونهم.
    ويأسف المفتي السابق لجمهورية مصر العربية الشيخ نصر فريد واصل، لاستمرار الجدل حول هذه القضية، على الرغم من التقدم في جميع الميادين في العالم فلكياً وفضائياً وتقنياً، حيث صدر في مؤتمر التقويم الهجري الموحد عام 1419، في مدينة جدة الذي نظمته منظمة المؤتمر الإسلامي، بمشاركة 18 دولة إسلامية، والذي ناقش توحيد الأهلة والشهور القمرية، وبحثنا القضية من الناحية العلمية والشرعية، وصدرت القرارات التي أوجبت التزام الأمة العربية والإسلامية بوحدة المطالع بمعنى أنه بعد البحث والدراسة فإن جميع تلك الدول تشترك مع بعضها في جزء من الليل ومع أم القرى مع مراعاة فروق التوقيت فقط ولكن الليل يعتبر واحداً والنهار كذلك وكأنهم دولة واحدة، بمعنى أن ظهوره في أيٍ منها يلزم الباقين.
    وفيما يتعلق بحديث رسول الله "صوموا لرؤيته.."، الذي يتمسك بأن لكل بلد مطلعه، فرأي جمهور الفقهاء يقول إن الخطاب لعامة المسلمين وإذا رآه البعض فعليهم تبليغ الآخرين، والأخذ به.
    أما ما صدر عن المجمع الفقهي وهو أنه لا حاجة إلى توحيد الأهلة والأعياد في العالم الإسلامي لأن توحيدها لا يكفل وحدتهم، فقال: هذا للأسف لم يكن اعتماد بناء على الأدلة القطعية في ذلك الوقت بأن العالم العربي جميعه مشترك بجزء من الليل وللأسف لا يزال خلاف سياسي والذي له انعكاسات سلبية أشعلت نار الخلاف وولد شقاقاً وأزمة في الصف المسلم ونراها جلياً تؤثر على جميع المجالات اقتصادياً واجتماعياً وأمنيا أيضا.

  9. #9

المواضيع المتشابهه

  1. لماذا الإخوان المسلمون؟
    بواسطة د. فايز أبو شمالة في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09-29-2013, 10:13 AM
  2. "العالم يتوحد" .. كتاب يتناول مضار الإزدواجية
    بواسطة أوس الحكيم في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-19-2011, 06:58 PM
  3. لماذا يظن المسلمون أن ليلة القدر هى ليلة 27 رمضان؟
    بواسطة راما في المنتدى فرسان المناسبات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-06-2010, 03:51 AM
  4. لماذا ينشغل المسلمون بتوافه الأمور
    بواسطة خليل حلاوجي في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 06-04-2008, 11:16 PM
  5. الإخوان المسلمون ..
    بواسطة سعود القحطاني في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-24-2007, 06:48 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •