أي حضور مغربي على شبكة الأنترنيت ؟ا
علي مسعاد
عضو الإتحاد الدولي للإعلام الإلكتروني
المتتبع للحلقة الأخيرة ، من البرنامج الحواري " مباشرة معكم " بالقناة الثانية المغربية ، لا بد و أن يشيد بداية ، بنجاح معد الحلقة الزميل جامع كلسحن بمعية الزميل الحسين وزيك و كذا كافة معدي البرنامج في اختيارهم لموضوع الحلقة الأخيرة ، الذي أصبح يفرض نفسه بقوة الواقع ، على الصفحات الأولى لأهم المواقع الأخبارية و الصحف و المجلات المغربية ، بإختلاف توجهاتها الإعلامية و خطها التحريري .
لا لشيء ، إلا لأن موضوع الحلقة ، الذي يتعلق ب"مخاطر الأنترنيت " ، التي إنتشرت بين شباب اليوم ، هو موضوع الساعة و بإمتياز .
مخاطر جمة ، وصل صداها إلى ردهات المحاكم ، بالنظر إلى التصرفات الجانحة التي أصبحت تؤدي بالبعض إلى إرتكاب خروقات قانونية ، بوعي أو بدونه ، في ظل إنفتاح إعلامي و تكنولوجي و ثورة معلوماتية ، أدت بمن لا يحسن إستعمالها إلى الإدمان و إلى حالات نفسية و مرضية ، أصبحت تتطلب جلسات طويلة أمام طبيب نفسي متخصص أو البعض منهم إلى رفع شكاوي أمام المحاكم ضد تصرفات رعناء لأشخاص ، لم يستوعبوا بعد الدور الحقيقي للإعلام الرقمي و الشبكات الإجتماعية ، في خلق التواصل و نشر الثقافة و العلوم و الفكر ، فوظفوها في تشويه صورة الآخرين و نشر غسيل بعضهم بعضا ، أمام العالم ، دون أن يردعهم في ذلك ، وازع ديني أو أخلاقي .
فيما البعض الآخر ، قد وظف الشبكة العنكبوتية في النصب ، الإبتزاز و الإحتيال ، بأسماء مستعارة و معلومات مغلوطة .
يحدث كل هذا ، في غياب ملحوظ ، كما جاء على لسان المتدخلين ، لجمعيات المجتمع المدني وكذا في غياب حملات تحسيسية و توعوية بمخاطر الأنتريت في المؤسسات التعليمية و في شبه غياب لحضور الأسرة في الرقابة القبلية و الآنية لما يقوم به ، فلذات أكبادهم ، بسبب الجهل الرقمي و التكنولوجي .
و في غياب و هذا هو الأهم ، مواقع مغربية بمضمون مغربي ، يمكن من خلالها شباب اليوم ، التعرف على أوجه الحضارة المغربية و التعدد الثقافي المغربي و بالأعلام و الوجوه الثقافية و الأدبية و الفكرية و الفنية و الرياضية ، من أجل نشر ثقافة بديلة لما تروج له بعض مواقع الدردشة و الإباحية في صفوف شباب اليوم .
و لعل المداخلات التي تقدم بها ضيوف الحلقة ، خلال هذا البرنامج للإجابة ، عن سؤال " كيف نتجنب مخاطر الأنترنيت ؟ا" تعكس بالملموس ، مدى تغلغل التكنولوجيا المعلوماتية في المشهد اليومي لجيل اليوم ، الذي أصبح مدمنا على الشات و الفايس بوك و المواقع الإباحية و البحث عن الترفيه و ضياع الوقت عوض البحث و الدراسة و إستكمال البحوث في مجال تخصصاتهم .
ولعل الصور العارية و الفيديوهات التي تنشر الفاحشة ، التي يتداولها رواد النت ، إلا دليل على التوجه العام ، للعديد من شباب اليوم ، الذين وجدوا متنفسا في الشبكة ، لتعويض النقص و التعبير عن الدواخل و تعويض الكبت الذي عشعش في قلوب و قلوب جيل ، إبتعد عن الروحانيات و القيم الأخلاقية في مجتمع الإستهلاك و المظاهر الكاذبة ، ليجد نفسه ضحية شبكات متخصصة في نشر الرديلة و الإباحية في المجتمعات المحافظة و المسلمة .
مخاطر ستزداد إستفحالا ، إن لم تقم " الأسرة ، المدرسة ، الإعلام ، الشارع ، المسجد ، و جمعيات المجتمع المدني " بدور تكاملي ، من أجل تحصين جيل اليوم ، قبل أن نجد أنفسنا أمام ظواهر نفسية و إجتماعية ، ما كان لها أن تنتشر كالنار في الهشيم ، لو إجثتت في مهدها وتم تجفيف ينبوعها في أساسه ، قبل أن يفوت الأوان و يستفحل بالتالي الأمر لدرجة الإستعصاء .
ف"سياسة النعامة التي تخفي رأسها في الرمال " ، لن تزيد الأمر إلا سوءا ، إن لم يقم كل منا بواجبه و من موقعه ، درءا للأخطار المحدقة بنا من كل جانب .
و لعل البرنامج الحواري" مباشرة معكم " للزميل جامع كلحسن ، كان نقظة البداية في هذا الشأن ، في إنتظار الخطوات اللاحقة ....