عظمة الإسلام آخر تحديث:الأربعاء ,26/08/2009
صالح الخريبي
“بعد التعظيم والتوقير، فقد سمعنا عن الرقي العظيم الذي تتمتع بفيضه الضافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة، فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج هذه الفضائل لتكون بداية حسنة في اقتفاء أثركم لنشر العلم في بلادنا التي يحيط بها الجهل من أركانها الأربعة وقد وضعنا ابنة شقيقتنا الأميرة دوبانت على رأس بعثة من بنات الاشراف لتتشرف بلثم أهداب العرش والتماس العطف، وتكون مع زميلاتها موضع عناية عظمتكم وفي حماية الحاشية الكريمة والحدب من قبل اللواتي سوف يقمن على تعليمهن، وقد أرفقت الأميرة الصغيرة بهدية متواضعة لمقامكم الجليل، مع التواضع والحب والإخلاص”.
هذه الرسالة التي أغالب دموعي وأنا أقرأها لم يرسلها رئيس بوركينا فاسو أو حاكم إحدى جزر البحر الكاريبي إلى الرئيس الأمريكي، وإنما أرسلها جورج الثاني ملك انكلترا والسويد والنرويج إلى خليفة المسلمين هشام الثالث في مملكة الاندلس، ومهرها بتوقيع: من خادمكم المطيع جورج م.أ. وقد رد عليه هشام الثالث برسالة جاء فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه سيد المرسلين وبعد: إلى ملك انجلترا وايكوسيا وسكندينافيا الأجل، اطلعت على التماسكم ووافقت على طلبكم بعد استشارة من يعنيهم الأمر من أرباب الشأن، وعليه نعلمكم أنه سوف ينفق على هذه البعثة من بيت مال المسلمين دلالة على مودتنا لشخصكم الملكي، أما هديتكم فقد تلقيتها بسرور زائد وبالمقابل أبعث إليكم بغالي الطنافس الأندلسية وهي من صنع أبنائنا هدية لحضرتكم وفيها المغزى الكافي للتدليل على التفاتتنا ومحبتنا والسلام، التوقيع: خليفة رسول الله في ديار الاندلس هشام الثالث.
وفي تلك الأيام الغابرة كانت الدولة الإسلامية هي العاصمة الحضارية للعالم، بينما كانت أوروبا تغرق في عصور الظلام، إلى درجة أن العاهل البريطاني هنري الثامن بعث رسالة إلى باي المغرب يطالب فيها بالتحول، وبالتالي تحويل دولته، إلى الإسلام، فجمع الباي مستشاريه وشاورهم في الرأي فقالوا له: إن الملك هنري الثامن يرغب في الانفصال عن زوجته التي لم تنجب له ولي عهد، ويريد أن يستغل سماحة الإسلام لتحقيق هذه الغاية، فضلا عن أننا لسنا مضطرين لتحمل شعب يضم الملايين من الجهلة والأميين وضمهم إلى ديننا والتكفل بهم، فرفض الباي طلبه.
وذات يوم، حاول قيصر روسيا التحول إلى الإسلام، ولكن مؤامرة يهودية حالت دون تحقيق رغبته.
والإسلام دين العدل والحق والحرية والديمقراطية، كفل حقوق الإنسان عندما كان الانسان لا يتمتع بأي حقوق في الغرب، وتغنينا بقيمه ومثله وحضارته ليس من باب “كان أبي”، إذ إن هذه المثل لا تزال موجودة في الإسلام ولكنها بحاجة لمن ينهض بها.