تم تعديل الموضوع بواسطتى
الحكم الشرعي في ختان الاناث

اما عن ختان الاناث فهو فعلا لم يثبت له دليل

ختان الاناث
ليس سنة ولا مكرمة
بقلم
الدكتور محمد سليم العوا
منذ أذاعت محطة التلفزيون العالميةCNN تقريراً مصوراً عن عملية ختان تجرى في القاهرة لطفلة مصرية بريئة، وموضوع الختان- خاصة ختان الإناث- يستولى على قدر غير قليل من الاهتمام العام، ليس في مصر وحدها، ولكن في بقاع عديدة أخرى ، لا سيما في الوطن العربي والإسلامي.
وقد كتب كثيرون محاولين تقرير حكم الإسلام في هذا الختان، وكان أغلب ماكتب يدور حول إثبات صحة مشروعية الختان، وبالغ بعضهم فوصفه بأنه من السنة، وغالى بعض آخر من الكاتبين فقال إن مقتضى الفقه " لزوم الختان للذكر والأ نثى ".
وليس ختان الذكور موضع خلاف، فلا حاجة في بيان حكم الشرع فيه.
وحكم الشريعة الإسلامية يؤخذ من مصادرها الأصلية المتفق عليها: وهي القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة، والإجماع بشروطه المقررة في علم أصول الفقه، والقياس المستوفي لشروط الصحة .
أما فقه الفقهاء، فهو العمل البشري الذي يقوم به المتخصصون في علوم الشرع لبيان أحكام الشريعة في كل ما يهم المسلمين- بل الناس أجمعين- أن يعرفوا حكم الشريعة فيه. ولا يعد كلام الفقهاء " شريعة " ولا يحتج به على أنه دين، بل يحتج به على أنه فهم للنصوص الشرعية، وإنزال لها على الواقع، وهو سبيل إلى فهم أفضل لهذه النصوص وكيفية إعمالها، لكنه ليس معصوماً ، ويقع في الخطأ كما يقع في الصواب. والمجتهد المؤهل من الفقهاء مأجور أجرين حين يصيب ؛ ومأجور أجراً واحداً حين يخطىء.
فإذا أردنا أن نتعرف على حكم الشريعة الإسلامية في مسألة ختان الإناث، فإننا نبحث في القرآن الكريم ثم السنة النبوية ثم الإجماع ثم القياس، وقد نجد في الفقه ما يعيننا فنطمأن به إلى فهمنا ونؤكده، وقد لا نجد فيه ما ينفع في ضوء علم عصرنا وتقدم المعارف الطبية خاصة، فنتركه وشأنه ولا نعول على ما هو مدون في كتبه.
وقد خلا القرآن الكريم من أي نص يتضمن إشارة من قريب أو بعيد إلى ختان الإناث. وليس، هناك إجماع على حكم شرعي فيه، ولا قياس يمكن أن يقبل في شأنه.
أما السنة النبوية فإنها مصدر ظن المشروعية، لما ورد في مدوناتها من قريب أو منسوبة إلى الرسول في هذا الشأن الحق أنه ليس في هذه المرويات دليل واحد صحيح السند يجوز أن يستفاد منه حكم شرعي في مسألة بالغة الخطورة على الحياة الانسانية كهذه المسألة.. "
ولا حجة ــ عند أهل العلم- في الأحاديث التي لم يصخ نقلها، إذ الحجة فيما صح سنده دون سواه.
والروايات التي فيها ذكر ختان الإناث أشهرها حديث امرأة كانت تسمى: أم عطية، وكانت، تقوم بختان الإناث في المدينة المنورة، زعموا أن النبى قال لها: " يا أم عطية: أشمي ولا تنهكي، فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج ". وهذا الحديث رواه الحكم والبيهقي وأبو داوود بألفاظ متقاربة، وكلهم رووه بأسانيد ضعيفة
وقد عقب أبو داوود- والنص المروي عنده مختلف لفظه عن النص السابق- على هذا الحديث بقوله " روي عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بمعناه وإسناده. وليس هو بالقوي، وقد روي مرسلاً... وهذا الحديث ضعيف

وقد جمع بعض المعاصرين طرق هذا الحديت، وكلها طرق ضعيفة لا تقوم بها حجة حتى قال أخونا العلامة الدكتور محمد الصباغ في رسالته عن ختان الإناث:
" فانظر حفظك الله إلى هذين الإمامين الجليلين أبي داود والعراقي وكيف "حكما عليه بالضعف، ولا تلتفت إلى من صححه من المتأخرين ".
فحديث أم عطية- إذن- بكل طرقه لا خير فيه ولا حجة تستفاد. منه. ولو فرضنا صحته جدلاً ، فإن التوجيه الوارد فيه لا يتضمن أمراً بختان البنات ، وإنما يتضمن تحديد كيفية هذا الختان إن وقع، وأنها (إشمام) وصفه العلماء بأنه كإشمام الطيب، يعنى أخذ جزء يسير لا يكاد يحس من الجزء الظاهر من موضع الختان وهو الجلدة التي تسمى " القلفة "، وهو كما قال الإمام الماوردي: "... قكل هذه الجلدة المستعملية دون استئصالها "، وهو كما قال الإمام النووي: " قطع أدنى جزء مها ". فالمسالة مسألة طبية دقيقة تحتاج إلى جراح متخصص يستطيع تحديد هذا " الجزء المستعلي " الذي هو " أدنى جزء منها "، ولا يمكن أن تتم لو صح جوازها- على أيدي الأطباء العاديين أن فضلاً عن غير المتخصصين في الجراحة من أمثال القابلات والدايات وحلاقي الصحة...إلخ، كما هو الواقع في بلادنا وغيرها من البلاد التي تجرى فيها هذه العملية الشنيعة للفتيات.

والحديث الثاني الذي يوازي في الشهرة حديث أم عطية هو ما يروى أن النبي قال: " الختان سنة للرجال مكرمة للنساء ". وقد نص الحافظ العراقي في تعليقه على إحياء علوم الدين على ضعفه أيضاً. ولذلك- ولغيره- قال العلامة الشيخ سيد سابق في فقه السنة: " أحاديث الأمر بختان المرأة ضعيفة لم يصح منها شيء " [1/33] .
وقد نص الحافظ ابن حجر في كتابه: تلخيص الحبير في تخريم ة أحاديث الرافعي الكبير، على ضعف هذا الحديث، ونقل قول الإمام البيهقي فيه. إنه، ضعيف منقطع.
وقول ابن عبد البر في إنه يدور على رواية راوٍ لا يحتج
وكلام الحافظ أبي عمر ابن عبد البر في كتابه المذكور نصه : " واحتج من جعل الختان سنة بحديث أبي المليح هذا، وهو يدور على حجاج بن أرطاة، و ليس ممن يحتج بما انفرد به، والذي أجمع المسلمون عليه: الختان في الرجال…
وعلى ذلك فليس في هذا النص حجة، لأنة نص ضعيف، مداره على راو لايحتج بروايته، فكيف يؤخذ منه حكم شرعي بأن أمراً معيناً من السنة أو من المكرمات وأقل أحوالها أن تكون مستحبة، والاستحباب حكم شرعي لا يثبت، إلا بدليل صحيح.
ولا يرد على ذلك بأن لهذا الحديث شاهداً أو شواهد من حديث أم عطية السابق
ذكره، فإن جميع الشواهد التي أوردها بعض من ذهب إلى صحته، معلولة بعلل قادحة
فيها، مانعة من الاحتجاج بها .
وعلى الفرض الجدلي أن الحديث صحيح- وهو ليس كذلك- فإنه ليس فيه التسوية بين ختان الذكور وختان الإناث في الحكم. بل فيه التصريح بأن ختان الإناث ليس بسنة، وإنما هو في مرتبة دونها. وكأن الإسلام حين جاء وبعض العرب يختنون الإناث أراد تهذيب هذه العادة بوصف الكيفية البالغة منتهى الدقة، الرقيقة غاية الرقة، بلفظ " (أشمى ولا تنهكى) الذي في الرواية الضعيفة الأولى، وأراد تبيين أنه ليس من أحكام الدين ولكنه من أعراف الناس بذكر أنه (سنة للرجال...)- وهي [أي السنة ]، هنا بمعنى العادة لا بالمعنى الأصولي للكلمة- في الرواية الضعيفة الثانية.
ولا تحتمل الروايتان على الفرض الجدلي بصحتهما تأويلاً سائغاً فوق هذا. ولو أراد النبي التسوية بين الرجال والنساء لقال: "إن الختان سنة الرجال والنساء "، أو لقال " الختان سنة " وسكت؟ فإنه عندئذ يكون تشريعاً عاماً ما لم يقم دليل على خصوصيته ببعض دون بعض. أما وقد فرق بينهما في اللفظ- لو صحت الرواية- فإن الحكم يكون مختلفاً، وكونه سنة- بالمعنى الأعم لهذه الكلمة ــ يكون في حق الرجال فحسب. وهذا هو ما فهمه الإمام ابن عبد البر القرطبى حين. عرض بالذين قالوا إنه " سنة " لاعتمادهم تلك الرواية الضعيفة وبين أن الإجماع منعقد على ختان الرجال.
ولمثل هذا الفهم قال الإمام ابن المنذر " ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سنة تتبع
وقال الإمام الشوكاني: " ومع كون الحديث لا يصلح للاحتجاج به فهو لا حجة فيه على المطلوب
في بعض ما نشير مؤخراً في مصر حول هذا الموضوع، في ذكر امرأة سموها (أم حبيبة)، وذكر حديث لها في هذا الشأن مع النبي. وهذا الحديث لا يوجد في كتب السنة وليس هناك ذكر فيها لامرأة بهذا الاسم كانت تقوم بهذا العمل. فكلامهم هذا لا حجة فيه، بل لا أصل له..
وقد احتجوا بحديث روي عن عبد الله بن عمر، فيه خطاب لنساء الأنصار مرهن بالختان. وهو حديث ضعيف كما في المصدر الذي نقلوه منه نفسه [ نيل الأوطار للشوكاني ، ج1 ، ص 139 حيث يقول: في إسناد أبي نعيم- أحد مخرجيه- مندل بن علي وهو ضعيف وفي إسناد ابن عدي خالد بن عمر، القرشى وهو أضعف من مندل!]. فلا حجة لأحد في هذا الأمر المزعوم كذلك .
" وفي السنة الصحيح عن عائشة رضى الله عنها- مرفوعاً إلى رسول الله r وموقوفاً على عائشة- حديث يروى بألفاظ متقاربة تفيد أنه: " إذ التقى الختانان فقد وجب الغسل " روى هذا الحديث مالك في الموطأ، ومسلم في صحيحه، والترمذي وابن ماجة في سننهما، وغيرهم من أصحاب مدونات الحديث النبوي.
وموضع الشاهد هنا قوله " الختانان " إذ فيه تصريح بموضع ختان الرجل والمرأة، مما قد يراه بعضا الناس حجة على مشروعية ختان النساء.

ولا حجة في هذا الحديث الصحيح على ذلك. لأن اللفظ هـنا جاء من باب تسمية الشيئين أو الشخصين أو الأمرين باسم الأشهر منهما، أو باسم أحدهما على سبيل التغليب. ومن ذلك كلمات كثيرة في صحيح اللغة العربية منها العمران (أبو بكر و عمر)، والقمران (الشمس والقمر) والنيران (هما أيضاً، وليس في القمر نور بل انعكاس نور الشمس عليه) والعشاءان (المغرب والعشاء) والظهران (الظهر ، العصر)، والعرب تغلب الأقوى والأقدر في التثنية عادة ولذلك، قالوا للوالدين: ( الأبوان) وهما أب وأم. وقد يغلبون الأخف نطقاً في العمرين لأبي بكر وعمر) .
أو الأعظم شأناً كما في قوله تعالىنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي وما يستوي البحران هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج ( فالأول النهر والثاني البحر الحقيقي، وقد يغلبون الأنثى في هذه التثنية ومن ذلك قولهم: (المروتان) يريدون جبلي الصفا والمروة في مكة المكرمة. وكل ذلك مشهور معروف عند أهل العلم بلسان العرب [ من المراجع المشهورة بين أيدي الطلاب في هذا المعنى: النحو الوافي لعباس حسن، 1/118- 119 ] .
وهكذا يتبين أن السنة الصحيحة لا حجة فيها على مشروعية ختان الأنثى. وأن ما يحتج به من أحاديث الختان للإناث كلها ضعيفة لا يستفاد منها حكم شرعي. وأن الأمر لا يعدو أن يكون عادة من العادات، ترك الإسلام للزمن ولتقدم العلم الطبي أمر تهذيبياً أو إبطالها.
وبقي أن نذكر الداعين إلى ختان الإناث، والظانين أنه من الشرع ، أن هذا الختان الذي نتحدث عنه ليس معنى مجرداً نظرياً يجوز أن يتجادل فيه الناس حول الصحة والفساد العقليين، وإنما هو عادة سائدة تدل الإحصاءات المصرية المنشورة على أن 95% من الإناث المصريات تجرى لهن عملية الختان [ حقائق علمية حول ختان الإناث، الجمعية المصرية للوقاية من الممارسات الضارة بصحة المرأة والطفل، ص 11، ط 1993]. وهى تجرى بإحدى صور ثلاث كلها تخالف ما يدعو المؤيدون لختان الإناث إلى اتباعه فيها.
وبجميع الصور التى يجرى بها الختان للإناث في مصر فإنه يقع تحت مسمى " النهك " الذي ورد في نص الحديث الضعيف، أي إنه لا فائدة من الاحتجاج بما يحتجون به من هذا الحديث لأن العمل لا يجري على وفقه، بل يجري على خلافه.
والختان الذي يجري في مصر، بصوره الثلاث، عدوان على الجسم يقع تحت طائلة التجريم المقرر في قانون العقوبات [ ختان الأنثى في ضوء قواعد المسؤولية الجنائية والمدنية في القانون المصري، للمستشار صلاح عويس ، نائب رئيس محكمة النقض ] .
والمسؤولية الجنائية والمدنية عن هذا الفصل يستوي فيها الأطباء وغير الأطباء لأن الجهاز التناسلي للأنثى في شكله الطبيعي الذي خلقه الله تعالى عليه ليس مرضاً، ولا هو سبب لمرض، ولا يسبب ألماً من إي نوع يستدعي تدخلاً جراحياً، ومن هنا فإن المساس الجراحي بهذا الجهاز الفطري الحساس، على أية صورة كان الختان عليها، لا يعد- في صحيح القانون- علاجاً لمرض أو كشفاً عن داء أو تخفيفاً لألم قائم أو منعاً لألم متوقع ؛ مما تباح الجراحة بسببه. فيكون الإجراء الجراحي المذكور غير مباح وواقعاً تحت طائلة التجريم [ المصدر السابق، ص 9 ].
وقد نهى رسول الله عن تغيير خلق الله، وصح عنه لعن " المغيرات خلق الله "، والقرآن الكريم جعل من المعاصي قطع بعض الأعضاء ولو من الحيوان، بل هو مما توعد الشيطان أن يضل به بنى آدم في أنعامهم وقرنه بتغيير خلق الله، فقال تعالى عن الشيطان: ) لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً . ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً ( [ النساء: 118- 119 ، والتبتيك: التقطيع].
والختان بصوره التى يجرى بها في مصر، وفي أجزاء أخرى من العالم الإسلامي ، فيه من تغيير خلق الله، ومن قطع بعض أعضاء الإنسان المعصومة ما لا يخفى. وإذا كان هذا في الحيوان من إضلال الشيطان فكيف يكون في حق الإنسان ؟
ومن المعلوم للكافة أن هذا الموضع الذي يجرى فيه الختان هو أحد المواضع الشديدة الحساسية للاستثارة الجنسية، وأنه يتوقف على كيفية ملامسته إرواء المرأة من متعة التواصل الواجب مع الزوج أو حرمانها منها، وعلى اكتمال الشعور بهذا الإرواء يتوقف إحساس المرأة بالإشباع العاطفي، وهو يكتمل باكتماله وينقص بقدر نقصانه. وكل مساس جراحي بهذا الجزء من الجسم ينتقص- بلا خلاف- من شعور المرأة بهذين الأمرين. وهذا عدوان صريح على حقها المشروع في المتعة بالصلة الحميمة بينها وبين زوجها وفي السلام النفسي المترتب على استيفائها لهذا الحق. وقد خلق الله أعضاء كل إنسان على صورة خاصة به غير متكررة بتفصيلاتها في غيره، وهو أعلم بما خلق ومن خلق، ولم يكن صنعه في أحد من خلقه عبثاً أو غفلة حتى تأتي الخافضة برأي هؤلاء الداعين إلى ختان الإناث فتصححه. إنما جُعلت أعضاء كل إنسان لتؤدي وظائفها له على اكمل نحو وأمثله، وحرمانه من ثمرات بعض هذه الوظائف عدوان عليه بلا شك.
والذين يدعون إلى استمرار ختان الأنثى يتجاهلون هذه الحقيقة ويؤذون النساء بذلك أشد الإيذاء. وهو إيذاء غير مشروع، والضرر المترتب عليه لا يمكن جبره، والألم النفسي الواقع بالمرأة بسببه لا يستطيع أحد تعويضها عنه.
وإذا كان الختان ليس مطلوباً للأنثى، ولا يقوم دليل واحد من أدلة الشرع على وجوبه ولا على كونه سنة، فبقى أنه ضرر محض لا نفع فيه. وليس كما يزعم الداعون إليه أنه " يهذب كثيراً من إثارة الجنس، لا سيما في سن المراهقة.... " إلى أن قالوا " وهذا أمر قد يصوروه لنا، ويحذر من آثاره ما صرنا إ ليه في عصرنا مدى تداخل وتزاحم بل، وتلاحم بين الرجال والنساء في مجالات الملاصقة التي لا تخفى على أحد فلو لم تختن الفتيات... لتعرضن لمثيرات عديدة تؤدي بهن مع موجبات أخرى تزخر بها حياة العصر وانكماش الضوابط فيه إلى الانحراف والفساد "!!
أقول إن الأمر ليس كما ليزعمون، لأن موضع الختان لا تتحقق الإثارة الجنسية فيه إلا باللمس الخاص المباشر، الذي لا يقع قطعاً في حالات التداخل والتزاحم ومجالات الملاصقة (التى أظهرها وسائل المواصلات العامة) التى يتحدثون عنها. وهذه المجالات يجرى فها تلامس غير جائز بين الرجال والنساء في أجزاء شتى من الجسم البشري،. فهل تعالج هذه الأجزاء بقطع هذه الأجزاء من أجسام الناس جميعاً ؟؟
ومعلوم أن كل عفيف وكل صائبةٍ نفسها يكونان في غاية الألم والأسى إذا وقع شيء من ذلك، وهو يقع عادة دون قصد أو تعمد. ومع هذه الحالة النفسية- التي يكون فيها الأسوياء من الناس، نساء ورجالا، تعساء آسفين مستغرقين حياءً وخجلاً- لا تقع استثارة جنسية أصلاً، لأن مراكز الإحساس في المخ تكون معنية بشأن آخر، غير هذا الشأن الذي لا يكون إلا في طمأنينة تامة وراحة كاملة واستعداد راض، اللهم إلا عند المرضى والشواذ، وهم لا حكم لهم. وربنا خلق الست للتمتع بيها كيف يريدون ان يجعلوها بارده جنسيا باعذار رجعيه
إن العفة والصون المطلوبين للنساء والرجال على سواء، هما العاصم مما لا يحمد من نتائج اللقاء المتقارب بين النساء والرجال. والتربية على الخلق القويم هي الحائل الحقيقي بين هذا اللقاء وبين إحداث آثار ممنوعة شرعاً مستهجنة خلقاً. أما ما يدعون إليه من ختان الإناث فلا فائدة فيه، بل هو ضار ضرراً محضاً كما بينا.
ومن واجب الدولة في مصر، وفي غيرها من البلاد الإسلامية التي تشيع فيها هذه العادة السيئة، إصدار التشريع المانع لممارستها، لا سيما على الوجه الذي تمارس به الآن، ولا يجوز أن يمنع من ذلك جمود بعض الجامدين على ما ورثوه من آراء السابقين. فقد نص الفقهاء على أن في قطع الشفرين (وهما اللحمان المحيطان بموضع الجماع) الدية الكاملة. والدية عقوبة لمن يدفعها وتعويض لمن يستحقها. وعللوا ذلك بأنه بهذين الشفرين " يقع الالتذاذ بالجماع ". فكل فوات لهذا الالتذاذ أو بعضٍ منه يوجب هذه العقوبة التعويضية، ومنع سببه جائز قطعاً، بل هو أولى من انتظار وقوعه ثم محاولة تعليله أو تحليله [ أنظر المحلى لابن حزم الظاهري،10 /458 ، حيث نقل آراء الفقهاء في ذلك وخالفهم إلى إيجاب القصاص على المتعمد، ونفى الدية عن المخطىء ؛ والمغني لابن قدامة، 12/158 و11/546 حيث نقل رأيين أحدهما يجيز القصاص في قطع الشفرين، والثاني يكتفي بالدية لاعتبارات فنية تتصل بإجراء القصاص ] .

وهكذا يتبين حكم الشرع في ختان الأنثى: أنه لا واجب ولا سنة، ولم يدل على واحد منهما دليل، وليس مكرمة أيضاً لضعف جميع الأحاديث الواردة فيه. بل هو عادة، وهي عادة ليست عامة في كل بلاد الإسلام بل هي خاصة ببعضها دون بعض. وهي عادة ضارة ضرراً محضاً لا يجوز إيقاعه بإنسان دون سبب مشروع، وهو ضرر لا يعوض لا سيما النفسي منه،. وقد أوجب الفقهاء إذا فاتت بسببه- أو بسبب الحيف فيه على ما يجرى الآن في بلادنا في جميع حالات الختان- متعة المرأة بلقاء الرجل، أوجب الفقهاء فيه القصاص أو الدية.
فليتق الله أولئك الذين يسوِّغون ما لا يسوغ، وينسبون إلى الشرع ما ليس منه. وليذكروا وصية الرسول r بالنساء: " استوصوا والنساء خيراً". وليضعوا أنفسهم موضع هؤلاء المسكينات اللاتي خرفن بهذا الختان، الذي لم يرد به شرع، متعة لو حرمها هؤلاء الرجال ما عوضهم عنها شيء قط !!.



الخفاض الفرعوني
بقلم
الدكتور الأمين داوود
قبل أن نتكلم عن الخفاض الفرعوني من الناحية الشرعية، ننقل ما كتبه الدكتور أنور أحمد حلواني من كلية الطب بجامعة الخرطوم في هذا الموضوع، حيث يقول في مقاله المنشور في جريدة " الصحافة " العدد 1488 بتاريخ 26/ 2 67/ ما يلي:
أود أن أتحدث عن الخفاض الفرعوني في محاولة تتسم بالصراحة العلمية التامة، فأرجو أن يصبر القراء الأعزاء على هذا الأسلوب العلمي البحت، حتى يفهموا هذه المشكلة بعمق..
والخفاض الفرعوني قديم جداً في السودان. ولقد انحدرت هذه العادة مع الفتح الفرعوني ولا زالت تمارس إلى الآن... كما أنه يمارس أيضاً في الصومال وكينيا وأجزاء من أندونيسيا. فالمفهوم القديم أن أعضاء المرأة التناسلية منافية للفضيلة يبدو أنه لازال مشتركا. وقبل أن أخوض في المشاكل التى قد تنجم من هذا النوع من الخفاض أحب أن أتناول بالشرح تشريح أعضاء المرأة التناسلية الخارجية، حتى يكون القارىء على علم بما يحدث.
أعضاء المرأة التناسلية
تتكون الأعضاء التناسلية للمرأة من الأجزاء التالية:-
الشفران الكبيران: وهما طبقتان من الجلد طويلتان، تمتدان من العانة إلى موضع العجان حيث تذوبان فيه ، وتتكونان من أنسجة شحمية وعظمية، وشبكات من الأعصاب الحساسة، وغدد إفرازية " غدد بارثولين ". والشفران الكبيران يتلقيان كمية هائلة من الدم.
*الشفران الصغيران: وهما طبقتان من الجلد الرقيق، تقعان بين الشفرين الكبيرين. وهما أيضاً يتلقيان كمية من الدم لا بأس بها، ويلتقيان خلفياً مع غشاء البكارة، ويلتقيان من الأمام حيث يغلفان البظـر ، وتقع بينهما فتحة البول وفتحة المهبل.
* البظر: وهذا عضو قابل للانتصاب، كالقضيب عند الرجل تماماً، وهو حساس غاية في الحساسية، ويتلقى شبكة غزيرة من الأعصاب، وتكونه الأنسجة الإسفنجية،؟ أنه يتلقى كمية كبيرة جداً من الدم ، ويقع كما قلنا عند التقاء الشفرين الصغيرين من الأمام. وتقع قاعدته على مدى بوصة واحدة أمام فتحة البول. والبظر لم يخلق عبثا بل له وظيفة طبيعية هامة، فكما ينتصب عضو الرجل، ينتصب أيضاً البظر. ثم بعد ذلك ينساب الدم في الشفرين الكبيرين، وتبدأ غدد الإفراز في إفرازاتها لتسهيل العملية الجنسية وتوفير اللذة للمرأة. وهذه الأعضاء التناسلية كلها تعمل لهدف أسمى مما يعتقد الكثيرون، ويتمثل هذا الهدف بالمشاركة المتساوية في هذه الوظيفة البيولوجية المهمة.
كيف تتم عملية الخفاض
والآن لنرى ما يمكن حدوثه بعد إجراء الخفاض الفرعوني البغيض. إن العملية تستلزم بتر الجزء الأكبر من الشفرين الكبيرين واستئصال الشفرين الصغيرين والبظر تماماً. ثم وضع عود ثقاب صغير في فتحة الشفرين الكبيرين، حتى إذا اندمل الجرح بقي ثقب صغير يخرج منه البول، فإذا بلغت الفتاة الحلم صار مخرجاً أيضاً لدم العادة وبعد أن يوضع عود الثقاب في نهاية هذه العملية، تربط رجلا البنت مع بعضهما لمدة أربعين يوماً للتأكد من التحصاق الجرح.
وهكذا وبكل بساطة تحرم المرأة عندنا من أعضائها التناسلية، وتحرم من أول مقومات الحياة، تمتلىء حياتها عقداً على عقٍد، ويمتليء المنزل بالمشاكل التى هو في غنى عنها. فحرمان المرأة من المشاركة يجعلها أكثر سلبية. وحرمانها من الاسترخاء العصبي الذي يصاحب الجماع الصحيح، يولد في نفسها حالة من القلق الشديد والضياع... وهذا بالتالي يولد أمراضاً نفسية وجسمانية وجنسية كثيرة. فالشعور بمركب النقص، والشعور بالسلبية، والشعور بأن الرجل هو المسيطر وهو المتسلط وهو الذي يأكل حقيقة بملعقة من الذهب، سيقضى على دورها تدريجيا في المجتمع. ثم إن الشعور بالضعف والسلبية والألم عنده سرير النوم، لهما كفيلان بإصابتها بالمشاكل الجنسية العديدة مثل البرود الجنسي ، الذي هو أزمة اليوم حقيقة، وأساس مشاكلنا المنزلية الكثيرة.
أضرار الخفاض الفرعوني
هذه بإيجاز المشاكل غير المباشرة، أما الأضرار المباشرة التى تنتج عن عملية الخفاض الفرعوني فهي كالآتي:
* الصدمة الجراحية: ونعني بها صدمة الانخفاض المفاجىء في وظائفه الجسم جميعها. وهنالك أنواع كثيرة من الصدمات تفعل نفس الشيء ، أما الصدمة الخارجية فتنتج غالباً من الجراحة بدون تخدير، وهذا ما يحدث في الخفاض الفرعوني ، وربما يودي هذا بحياة البنت نتيجة للانخفاض الشديد في ضغطها الدموي، وفي نشاط تنفسها. أو يورث البنت ذكرى نفسية حادة لا تنساها طوال حياتها. وبالتالي تصبح خائفة من الجنس ولا تشعر نحوه بشيء إلا الإحساس بالرذيلة، إذ إن الفكرة بأن أعضاءها هذه زوائد، وفرحة أهلها الشديدة بإزالتها، ستغرس تماماً هذه الفكرة في رأسها البريء.
" النزف الدموي: نتيجة لجهل القابلة بالكمية الهائلة التى تغذي هذه المنطقة، وهناك كثير من البريئات رحن ضحية هذا الجهل المشترك.
* الالتهاب والتعفن: وهذا يحدث عن جهل بأبسط قواعد الصحة، فالتعفن تسببه المكروبات التى تعيش حية معنا في أجسامنا وأدواتنا. بل إن منطقة الأعضاء التناسلية هي أكثر المناطق التى تعشعش فيها الميكروبات.كما أن الموسى غير المعقمة أو شبه المعقمة تحمل نفس السم والأذى.
* حبس البول ودم العادة: ربما تحدث في أثناء هذه العملية المشؤومة إصابة فتحة البول لقربها من موضع البظر، فيتأتى من ذلك انحباس للبول في الأيام الأولى للعملية. وقد يضيق الثقب، عند اندمال الجرح بدرجة يتعذر معها خروج البول ودم العادة. والأمر لا يحتاج. لشرح أكثر فالكل يعرف ما معنى هذا.
* حمى النفاس: يتحتم في كل حالة ولادة أن يستعمل المشرط لتوسيع فتحة المهبل لخروج الجنين. وهذا فيه الكفاية ليعرض المسكينة لأخطار حمى النفاس القاتلة.. أن هذا نفسه يتسبب في آثار نفسية أساسها الألم الذي تستشعره المرأة ني كل ولادة، وبهذا يظهر التعسر. ولا أظننا نجهل أن تقلصات الرحم هي العامل الأولي في خروج الجنين، وعند الخوف تختفي هذه التقلصات أو تقل لدرجة بعيدة، مما يضع الحامل تحت رحمة العملية القيصرية.
* العقم: دلت الإحصائيات دلالة واضحة على أن ما بين 20- 25% من حالات العقم في السودان ناتج من جراء هذه العملية الرهيبة، والتي تستلزم تضييق فتحة الفرج إلى أقصى حد.
وأخيراً يكون الألم الذي تتركه عملية الخفاض الفرعوني في نفسية المرأة بالفتح والرتق بعد عملية كل ولادة. أليست هذا فقط يكفينا؟؟
الخفاض الفرعوني في حكم الشريعة (*)
كانت عادة الخفاض الفرعوني عند الفراعنة القدماء، وبالأخص في عصر رمسيس قبل الميلاد بأكثر من ألف سنة، ودخلت على السودان من طريق الفتوحات الفرعونية على بلاد النوبة، كما أن ملوك بلاد النوبة قد استولوا على مصر، فانتشرت عادة الخفاض الفرعونى في وادي النيل.
ومن الواضح أنها ليست موجودة في البلاد الأخرى ؛ إذ لا يوجد الخفاض إطلاقاً، لا فرعوني ولا غيره، لا يوجد في بلاد المغرب ولا في الشام ولا في العراق ولا في الهند ولا في الباكستان ولا في المملكة العربية السعودية ولا في ابن.
أما رأي الشريعة الإسلامية فيه فإن ختان البنت البسيط لا حرج في تركه شرعاً، أما الخفاض الفرعوني فهو جناية تلزم فيه الدية كاملة- وهو من الكبائر، وفاعله ملعون.
فالخفاض الفرعوني فكرة شيطانية دعا إليها إبليس: تال تعالى: ) إن يدعون من دونه إلا إناثاً وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً لعنه الله- وقال لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضا ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ، ولآمرنهم فليغيرن خلق الله . ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً ( [النساء: 117- 119].
وقال r : " لعن الله الواشمات " إلى أن قال: " المغيرات خلق اللة ". والوشم هو غرز نحو إبر في الجلد وذو نحو نيل عليه ليخضر وهو من الكبائر، ومحله نجس تجب إزالته بقطعة إن أمكن ولم يخش ضرر منه. وهذه الأمور المذكورة في الحديث محرمة كلها وما ماثلها، ويدخل فيها الخفاض الفرعوني بل هو أولى منها بالحرمة، وقد شهدت الأحاديث بلعن فاعلها وأنها من الكبائر لأنها من " ا!". ! باب تغيير خلق الله ، كما قال ابن مسعود رضي اللة عنه فيما اتفق عليه البخاري ومسلم. وفيما رواه عنه النووي وجزم به القرطبي، أن ابن مسعود حينما قال هذا لامته إحدى النساء في لعنهن فرد عليها وقال: ومالي لا ألعن من لعنه رسول الله r ؟ولي سند من كتاب الله قال تعالى: )وما آتكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ( [ الحشر:
7 ].
إذاً فالرجل الذي يسمح أن تخفض ابنته بهذه الطريقة المعروفة في السودان اليوم، وهي الخفاض الفرعوني، ملعون في رأي الشريعة الإسلامية، ومرتكب لجناية من الجنايات ولكبيرة من الكبائر. وقل مثل ذلك في الأم والخافضة. ومن البلاهة والغباء أن يقول الأب: لا أتدخل في هذا لأنه من شأن النساء، ويهمل قوله r : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته "، حيث أشرك حديث
______________
(*) نشر في صحيفة الرأي العام العدد 7541 بتاريخ 24 / 4 / 1966.
الصحيحين هذا الأبوين في المسؤولية، وقوله r: " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه الخ.. ".
والأب يستطيع تغيير المنكر بأن برفع دعوى على الخافضة- ولو كانت أمه- ويقدمها للمحاكم وهو يثاب على ذلك عند الله إن شاء الله، لامتثاله الأمر بتغيير المنكر في المجتمع، ولامتثاله لقوله تعالى: ) يا أيهـا الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما ( [ النساء: 135].
وقد يظن بعض من لا ينعمون النظر، أن في الخفاض الفرعوني عفة وحفاظاًً للبنت، ولو كان الأمر كذلك لخلقها الله تعالى مغلقة المسالك، ولكنه خلقها في أحسن تقويم، و" لا أحد أغير من الله ".
وحينما فكرت السلطات في عهد الاستعمار في الحيلولة دون هذه العادة الوحشية، ظن بعض من ينظرون إلى الأمور نظرة سطحية أن الإنجليز يريدون بهم سوءاً ويتدخلون في شؤونهم الخاصة، وأغفلوا قول رسول الله r : " خذ الحكمة ولا يضرك من أي وعاء خرجت "، أي ولو خرجت من فم آثم أو كافر فإن الحكمة تلتقط ولا يؤثر على مكانتها شيء .
هذا وإن مآسي الخفاض الفرعوني التي يتحدث بها الناس وتنشر أحياناً في الصحف، ينوء بها الكاهل ويعجز عنها الاحتمال. فهذه سيدة تعرض شكايتها في صحيفة أبناء السودان فتقول: " مشكلتي تتلخص في أنني أغضب وأثور على كل شيء عدا أطفالي الثلاثة... زوجي الذي، يحبني لا أطيق أن أراه... لا أطيق أن ألامسه... لا أطيق أن أنام معه على الفراش... لا أطيقه.. لا أطيقه... أكره الرجال... أكره الجنس.. لا أجد أدنى لذة.. لا أشعر بأقل رعشة أثناء ممارستي العملية الجنسية مع زوجي شأن كل زوجين اثنين.. لا أدرى سيدي المحرر سر نفوري من زوجي، سر برودي عند ممارسة العملية الجنسية، سر غضبى وحنقي، وسر تفكيري في الانتحار، هل هناك من يدري؟ هل هناك من علاج؟
أرجو ذلك وانتظر ردك على أحر من الجمر ".
ع، م، أ

هذه شكاية السيدة، وجميل من المحرر أن يقول لها: إن التفكير في الانتحار تفكير خاطىء أرجو أن تطرديه عن ذهنك. لأن الانتحار لم يكن في يوم من الأيام حلاً لمشكلة. ونقول لهذه السيدة أيضاً: إن الخفاض الفرعوني المشؤوم إن لم يمن هو السبب الأساسي فهو من أكبر العوامل فيما تشعرين به، وهذه هي جناية الأبوين وجريمتهما، وتكفيهما لعنه الله التي نطق بها رسول r .
وكثير من أمثال هذه السيدة تسمع بهن أيها القاري ء. وقد نشر في صحيفة السودان الجديد: أن شاباً تزوج وبعد خمسة أيام من تاريخ الدخول ذبح زوجته لأنه قد أشيع في الأوساط أنه لا يستطيع المباشرة، وظن العريس أن الزوجة هي مصدر الإشاعة فذبحها.. وكثير من الشبان تحول هذه العادة القبيحة بينهم وبين الوصول إلى زوجاتهم عدة شهور. فسبحان الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وميزه بالعقل عن سائر الحيوانات.
وفي ليلة ماضية جاء إلىَّ ابني الصغير متأثراً يبكي، لأن والدة زميله كانت تعاني ألم الطلق ولم يجدوا
القابلة فماتت، وصار أطفالها الصغار يبكون. فتأثرت لهذه الحادثة أشد التأثر، وظننت أني لو مت في هذه الليلة فإن الله تعالى سيعاقبني، وعزمت على أن أعود إلى موضوع الخفاض مرة أخرى. وذكرتني هذه الحادثة محادثتي مع وكيل وزارة الصحة السابق السيد الدكتور أبو شمه ، حينما ذهبت إليه في الوزارة وطلبت منه جلب خافضات للسودان من الخارج، فقال: لا يمكن ذلك، لأننا قد أفهمنا الدول بأن سودان بلد فيه رقي، ولا يوجد الخفاض إلا في جزء يسير من أجزاء السودان، وسيزول نهائياً عن قريب. ثم قال: إن المفروض في المرأة أن تضع وحدها كأي حيوان من الحيوانات، ولكن بكل أسف فإن المرأة السودانية تحتاج إلى عملية جراحية عند ولادة، فإن كانت في جهة بعيدة عن المدينة ولم تجد مولداً فإنها تموت بلا شك. ويؤخذ من كلام الدكتور أبو شمة أن ترك الخفاض نهائياً أولى فقد اتفق معنا في الرأي.
فليسمع طوال الآذان الذين يعتقدون أن عادات الأسرة السيئة وتقاليدها الفاسدة في نظرهم أعز شأناً وأجل قدراً من التشريع الإسلامي، ويكون شأنهم كشأن الذين قال الله فيهم) وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً ( [ الأعراف: 146 ] .

العلاج الذي أراه لهذه الجريمة المنكرة
بما أن الخفاض الفرعوني له صلة قوية بالأحوال الشخصية، إذ فيه مضار جسيمة للزوجين معاً، وبما أن الفقهاء قد اتفقوا على وجوب سد الذرائع والوسائل التي تفضي إلى الفساد، لذلك فأني أرجو أن يصدر قانون يمنع الخفاض مطلقاً، سواء كان فرعونياً أو غيره.
كما أرجو أن ينص في القانون على أن من يخالف هذا الأمر، فإن من اختصاص القضاة الشرعيين سماع الدعوى المتعلقة بالخفاض ، إذ إن له صلة قوية بالأحوال الشخصية.
والجمهور يعلم تماماً أن القاضي الشرعي يحكم بالشريعة الإسلامية في دائرة اختصاصه، فإذا جعل هذا الموضوع الحساس من اختصاص القاضي الشرعي، فإن الناس يتقبلونه ويذعنون لأحكامه عن رضا وتسليم ) فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ( [ النساء: 65 ] .
وبما أن الخفاض الفرعوني يعتبر من الجنايات في الشريعة الإسلامية ففيه الدية كاملة، إذ يقول الفقهاء: " والدية كاملة في استئصال شفري المرأة، وإلا فحكومة "، أي وإن لم يوجد استئصال للشفرين بل أخذت الخافضة منها شيئاً قليلاً فحكومة، والمراد بالحكومة هنا ما يراه القاضي باجتهاده من أنواع العقوبة والتأديب، بحيث يكون رادعاً من ارتكاب هذا العمل الوحشي.
فمتى. ثبت. عند القاضي أنه خفاض فرعوني، فإنه يأمر بإلقاء القبض على الخافضة ويضعها في زنزانة إن شاء، حتى تدفع الدية كاملة للبنت الجريح، إذ إن الخافضة هي المباشرة بدون إكراه لهذا العمل الوحشي، وقد أجمع العلماء على أن العاقلة لا تحمل دية العمد وأنها في مال الجاني.
ثم يستدعي القاضي الأبوين ليجد كل منهما التأديب اللائق به، إذ إن حديث الصحيحين أشركهما في المسئولية.. فهما مع الخافضة شركاء في الجريمة.
كذلك تدفع الخافضة مع الدية أيضاً قيمة ما ألحقته بالبنت من عيب الرتق، أي ضيق الفرج، وهو من العيوب الأربعة التى جعل الفقهاء للزوج الخيار إذا دخل على المرأة وهو لا يعلم هذا العيب، فله الخيار في رفض الزواج.
وعلينا جميعاً أيها القارىء، أن نعاهد الله على أن لا نخفض بناتنا إطلاقاً، لأنه شىء لم يوجبه الله علينا، ولا حرج ، في تركه شرعاً ، وبجانب تنفيذ القانون الشرعي نعمل على نشر الوعي بين المواطنين بطرق الدعاية المشروعة من إذاعة وتلفزيون وغيرهما، وليقم خطباء المساجد ويلقوا على الآباء نصائح يبينون لهم رأي الدين في الخفاض الفرعوني، وأنه منكر وكبيرة من الكبائر، وجناية فيها الدية ، وفاعله ملعون، وتجب على من أجراه أو أمر به أو سكت عنه ، التوبة إلى اللة عفا سلف من جرائم، وليتقوا الله في بناتهم الصغار. ولا يزال الناس بخير ما ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر. وآمل أن يستجيب لهذه الدعوة كثير من العقلاء الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والله يهدي من يشاء.


اضافه اخرى



سألني سائل عن الختان وحكمه بالنسبة إلى الذكور والإناث، وعن وقته. وقال:إذا كان هذا الموضوع لا يمثل مشكلة في بعض البلاد الإسلامية التي تعيشون فيها، فإنه موضوع يتضمن مشكلات بالنسبة إلى بلاد إسلامية أخرى، ولاسيما في قارة أفريقيا.
ونظرت فوجدت أن هذا الموضوع يندرج في موقف الإسلام من الإنسان ورعايته له وعنايته به.
والحق أقول: إنني ما تأملت مرة في جزئية أو كلية مما دعا إليه الإسلام العظيم إلا ازددت إيماناً بأن هذا الدين وكتابه الكريم من عند الله تعالى، وأنه يستحيل على بشر مهما كان موهوباً وعبقرياً أن يأتي بهذا كله في إحكام وترابط ونفاذ كالذي نراه في هذا الدين.
إن الختان من خصال الفطرة السوية.. هذه الفطرة التى تقود صاحبها إلى التوحيد والانقياد لشرع اللة سبحانه.
يقول رسول اللة : " الفطرة خمس: الختان، والاستحداد ، ونتف الإبط، وقص الشارب، وتقليم الأظفار " (1) [ رواه البخاري ومسلم ] .

فلنبدأ بتعريف الختان لغة وشرعاً:
الختان- لغة-: مصدر ختن أي قطع. وهو اسم لفعل الخاتن ولموضع الختان كما
__________

في حديث عائشة الصحيح ترفعه إلى النبي : " إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل) (2). وفي بعض الروايات ورد موقوفاً عليها، وله حكم المرفوع.

هذا وليست في قوله (الختانان) دليل على وجوب ختان الأنثى كما قال ذلك بعضهم ؛ لأن هذا من باب التغليب كقولهم (الأبوان) للأب والأم و (القمران) للشمس والقمر و (المروتان) للصفا والمروة ، ويعده النحاة من الملحق بالمثنى، وهو سماعي لا يقاس عليه وذهب بعضهم إلى جعل التغليب قياسياًعند وجود قرينة تدل على المراد بغير

والختان- شرعاً-: هو إزالة قطعة من الجلد تغطي الحشفة. وبذلك يتلخص الجسم من مخبأ للأوساخ والجراثيم والفطريات، والنجاسة والرائحة الكريهة. وقد ثبت في عديد من الدراسات الطبية أن التهابات الجهاز البولي في الذكور، صغاراً وكباراً، تزداد نسبتها زيادة ملحوظة في غير المختونين (3) وأن عدوى الأمراض المنقولة جنسياً كالزهري والسيلان وعلى الخصوص مرض الإيدز تكون في غير المختونين أكبر بكثير منها في المختونين (3). هذا فضلاً عما هو معروف منذ زمن بعيد، من أن ختان الذكور يقلل من حدوث سرطان الجهاز التناسلي في الرجال، وسرطان عنق الرحم في زوجاتهم. ومن هنا وجدنا كثيراً من غير المسلمين في أوربا وأمريكا يقدمون على الختان، لما يحققه لهم من تلك المصالح.
ختان الذكور
حكم الختان بالنسبة للذكور مختلف فيه: فمنهم من قال: إنه واجب، ومنهم من قال: إنه مستحب .

-
وقد أورد العلماء القائلون بوجوبه عدداً من الأدلة تقضى بالوجوب: منها: قوله r: " اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم " (4) [ رواه البخاري ومسلم] .
وقد ذكر ابن حجر سبعة أدلة، ذكرنا واحداً، ونورد الأدلة الستة الباقية نقلاً عنه. وكان رحمه الله يورد بعدها تعقبات من تعقبها من أهل العلم:
الأول: أن القلفة تحبس النجاسة فتمنع صحة الصلاة، كمن أمسك نجاسة.
الثاني: ما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث كليب أن النبي r قال له: " ألق عنك شعر الكفر واختتن " (5). وتعقب بأن الحديث ضعيف.
الثالث: جواز كشف العورة من المختون ، مع أن كشفها حرام، فلو لم يكن واجباً ما جاز الكشف .
الرابع: أنه قطع عضو- لا يستخلف- من الجسد، تعبداً، فيكون واجباً كقطع اليد في السرقة.
_______________
(4) وسنده: عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج ، قال: أخبرت عن عثيم بن كليب عن أبيه عن جده أنه جاء إلى النبي فقال: قد أسلمت. فقال له النبي...... والحديث ضعيف جداً لجهالة من أخبر ابن جريج ولجهالة عثيم وأبيه. قال ابن حجر في " تلخيص الحبير " 4/82: [ والطبراني وابن عدي والبيهقي من رواية جريج قال: أخبرت عن عثيم... وفيه انقطاع.،

وعثيم وأبوه مجهولان. قاله ابن القطان. وقال عبدان: هو عثيم بن كثير بن كليب والصحابي هو كليب، وإنما نسب عثيم في الإسناد إلى جده ].
وأورد ابن عدي هذا الحديث في ترجمة إبراهيم بن محمد بن أبى يحيى الأسلمي، وقال ابن عدي: عن مالك بن أنس يقول: إبراهيم بن أو يحيى كذاب. وهو الذي أخبر ابن جريج والألباني حسن الحديث لأن له شاهدين.

ويبدو أن أتباع إبراهيم عليه السلام اتبعوا هذا الأمر والتزموا به، ومنهم العرب قبل
الإسلام، الذين كانوا على بقية من دين إبراهيم أظهرها الحج.
قال أبو شامة: [ إن القلفة من المستقذرات عند العرب، وقد كثر ذم الأقلف- أي غير المختون ـ في أشعارهم، وكان للختان عندهم قدر، وله وليمة خاصة به، وأقر الإسلام ذلك ] (11).
والختان مما جرى عليه المسلمون وعملوا به، وتوارثوه كابراًعن كابر، بقضهم وقضيضهم، ولا يمكن أن يكون ذلك إلا في أمر واجب.
وقد لخص ابن حجر آراء العلماء في حكم الختان كما يأتي ؛ قال: [ ذهب إلى وجوب الختان.. الشافعي وجمهور أصحابه، وقال به من القدماء عطاء، حتى قال: لو أسلم الكبير لم يتم إسلامه حتى يختتن..
وعن أحمد وبعض المالكية: يجب..
وعن أبي حنيفة: واجب وليس بفرض 00 (12).
وذكر النووي أنه سنة عند مالك وكثير من العلماء (13).
وقال ابن القيم: [ اختلف الفقهاء في ذلك، فقال الشعبي، وربيعة، والأوزاعي، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، ومالك (14) وا الشافعي وأحمد: هو واجب. وشدد. فيه مالك حتى قال: من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته..
__________

(14) يبدو أنه روي عن الإمام مالك القولان، وإن كان المذهب على أنه سنة مؤكدة كم ذكر ذلك ابن جزي في " القوانين الفقهية ": ص 129؛ إذ قال: [ أما ختان الرجل فسنة مؤكدة عند مالك وأبى حنيفة كسائر خصال الفطرة التى ذكر معها وهى غير واجبة اتفاقاً ] .
ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة، حتى قال القاضي عياض: الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، ولكن السنة عندهم يأثم بتركها، فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب (1)، وإلا فقد صرح مالك بأنه لا تقبل شهادة الأقلف، ولا تجوز إمامته.
وقال الحسن البصري وأبو حنيفة: لا يجب، بل هو سنة. وكذلك قال ابن أبي موسى من أصحاب أحمد: سنة مؤكدة ] (16).
[ وإن أسلم رجل كبير فخاف على نفسه من الختان سقط عنه، لأن الغسل والوضوء وغيرهما يسقط إذا خاف على نفسه منه، فهذا أولى ] (18).
والرأي الذي نرجحه أنه واجب على الذكور فقط للأدلة التى ذكرها المحبون وقد ذكرنا بعضها آنفاً، ولكن يسقط هذا الواجب على من أسلم وخاف على نفسه من فعله، وهو على أي حال ليس شرطاً في صحة إسلام المرء ولا في صحة عباداته. وقد ذكر كثير من العلماء أنه من شعائر الإسلام وخصائصه، فلو اجتمع أهل بلدة على تركه حاربهم الإمام كما لو تركوا الأذان (19).
_____________
(15) وهذا هو الذي يدعوه الحنفية واجبا .

(19) ، فقد ذكر ابن القيم في أكثر من موضع من الباب الذي أفرده للختان ، أنه من شعائر الإسلام ، ونقل كلام عدد من العلماء في ذلك .
وقتـــــــه:
وأما الوقت الذي يشرع فيه الختان فقد قال الماوردي: [ له وقتان: وقت وجوب، ووقت استحباب. فوقت الوجوب: البلوغ ، ووقت الاستحباب: قبله، والاختيار في اليوم السابع من الولادة ] (25).
وهذا أمر اختلف فيه العلماء، والمهم أن يكون الصبي عند البلوغ مختوناً، وقد جرى الناس على ختن صبيانهم في وقت مبكر بعد ولادتهم بزمن غير طويل، وهذه عادة طيبة، ولم يثبت في حديث تقوم به الحجة وقت محدد لهذا الواجب.
أخرج أبو الشيخ عن جابر أن النبي r ختن حَسَناً وحسيناً لسبعة أيام (21). قال الوليد بن مسلم: فسألت مالكاً عنه، فقال: " لا أدري! ولكن الختان طهرة، فكلما قدمها كان أحب إلي " (22).
وقال النووي في كتاب " الروضة ": [ وإنما يجب الختان بعد البلوغ.. ويستحب أن يختن في السابع من ولادته، إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله، فيؤخر حتى يحتمله ] (23).

(21) [ أخرجه الحاكم والبيهقي من حديث عائشة ، والبيهقي من وراية جابر عن رسول الله ] . قلت : وأخرجه البيهقي في " الكبرى" : 8/ 324 من طريق الوليد بن مسلم ، عن زهير بن محمد المكي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، قال : " عن رسول الله عن الحسن والحسين ، وختنهما لسبعة أيام " . وزهير بن محمد المكي قال أبو حاتم : محله الصدق وفي حفظه سوء ، وكان حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه ، فما حدث من حفظه ففيه أغاليط ، وما حدث من كتبه فهو صالح . مات سنة 162.


، نحوه عن عبد الله ابن عمر من طريق مندل ابن علي، عن أبي جريج، عن إساعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر قال : دخل على النبي نسوة من الأنصار فقال: " يانساء الأنصار. اختضبن غمساً واخفضن ولا تنهكن، فإنه أحظى عند أزواجكن، وإياكن وكفر المنعمين " ومندل ضعيف.
وبهذا يتبين أن الحديث ضعيف ولم تزده طرقه الضعيفة إلا ضعفاً. والله أعلم.

__________


قال ابن حجر: ( وفي وجه للشافعية: لا يجب في حق النساء (31)، وهو الذي أورده صاحب " المغني " عن أحمد، وذهب أكثر العلماء وبعض الشافعية إلى، أنه ليس (32) أي في حق النساء.
وختان الأنثى كما قال الماوردي-: هو قطع جلدة تكون في أعلى الفرج.. كالنواة أو كعرف الديك، قطع هذه الجلدة المستعملة دون استئصالها (33).
وقال النووي: هو قطع أدنى جزء من الجلدة التي في أعلى الفرج (34).
ولكن الأمر- كما هو مطبق الآن في بعض البلاد الإسلامية من أفريقيا- لا يقف عند هذا الحد الذي ذكره العلماء، بل يجاوز ذلك كما في الخفاض الفرعوني، (35) الذي مازال منتشراً في بعض البلاد، إذ يزيلون كل شىء ويقطعون الأشفار والعضو، ويتركون فتحة للبول والدم.
ويذكر الأطباء أن لهذا الختان- ولاسيما الخفاض الفرعوني- مضاعفات سيئة نلخصها فيما يأتى:
_____________

علق صديقنا القديم الحميم الدكتور محمد هيثم الخياط حفظه الله على هذا فقال: " هذه الجلدة في التشريح تسمى قلفة البظر، فإذا كانت هي المقصودة بالقطع، وكان النهك منهاً عنه، فإن قطع أي شىء ولو قليل جداً من البظر نفسه يدخل في
حد تحريم النهك ويأثم فاعله. وواضح أن القطع ليس معناه الاستئصال، كما ذ كر الماوردي بحق، فحتى هذه الجليدة لا تستأصل وإنما يقتطع منها. وانظر إلى قول النووي ( قطع أدنى جزء من الجلدة) فليت شعري أي جراح تجميل هذا الذي يستطيع ذلك "؟
(34) " المجموع ": 3/148.
(35) انظر رسالة " الخفاض الفرعوني في رأي الطب والشريعة " للدكتور الأمين داوود وقد أهداني نسخه منها عندما زرت السودان أستاذاً زائراً في جامعة أم درمان الإسلامية ولأهميتها ألحقتها برسالتي هذه. وجزاه الله الخير.
1 ــ إن هذا الختان تشويه للعضو، يترك آثاراً نفسية سيئة على المرأة، كالشعور بالاكتئاب، والتوتر العصبى، والقلق النفسي.
2- إن هذا الختان يضعف الناحية الجنسية، وهذا يؤثر في إفساد الحياة الزوجية في المستقبل، ويقيم صعوبة كبرى أمام الإرواء الجنسي للفتاة.
3- إن هذا الختان قد يؤدي إلى التلوث ودخول الجراثيم إلى حوض المرأة بعد إجرائه بواسطة المشعوذين الجهلة في أماكن غير صحية، مستخدمين آلات غير معقمة، وهذا يؤدي إلى مرض الفتاة، وإصابتها بالتهابات، وانسداد قنوات فالوب، وربما أدى إلى حصول نزيف حاد بعد العملية، وقد يؤدي إلى موت الفتاة.
أقول : واستخدام الآلات غير المعقمة ليس خاصاً في ختان الأنثى، بل هو
وارد في ختان الذكر. ولكنني ذكرته هنا لأنه الواقع القائم في السودان وبلاد
أخرى (36).
4- إذن هذا الختان قد يكون سبباً للعقم. وإن لم يؤد إلى العقم وحملت الفتاة، فإنه يعوق نزول الوليد، ويقضى أن تتم الولادة بعملية جراحية.
5- إن هذا الختان- كما يقول الطبيب الدكتور صلاح أبو بكر (37)- يؤذي الجهاز البولي، ويسبب الناسور البولي، ثم حبس البول، وحبس دم الدورة الشهرية. ويقول أيضاً: وهناك مضاعفات تتمثل في التهابات تصيب بقية الأعضاء "كعنق الرحم أي هو ما يعرف بقرحة الرحم، ثم التهابات الغشاء الرحمي... إلخ إلخ...
__________

إذا تحققت هذه الأخطار من جراء ختان الأنثى، لم يعد هذا الختان مقبولاً شرعاً بالنسبة للفتاة لأنه لم يصح فيه شيء عن رسول الله r وفيهمن الأخطار ما ذكرنا. ورسول الله rيقرر فيما صح عنه أنه " لا ضرر ولا ضرار " (38)، وهذا الحديث كلية من كليات هذا الدين
الحنيف (39). ويتلخص من هذا أن ختان البنت ليس مطلوباً ولا واجباً ولا سنة.. وهذا ما ذهب إليه كثير من العلماء لأنه لم يثبت فيه عندهم حديث عن النبي
والذين ذهبوا إلى شرعيته لا يقرون الأنواع المنحرفة من الختان.


وقد حدثني أحد الأطباء المختصين أنه في بعض البلاد تتضخم هذه الفضلة عند النساء حتى يصبح وجودها مؤذياً. وذكر أنه رأى شيئاً من ذلك وأزالها.
وفي هذه الحالة لا مانع من ختانها إن روعيت الشروط الصحية (41).
وبعد، فإن "ختان الأنثى إن كان يتسبب بهذه الأضرار الواقعة والمتوقعة فليس هناك شك في أن الأفضل تركه.. أما إذا كانت هناك حاجة لإزالة شىء متضخم فيزال ولا يبالغ من يزيله .
هذا ما أردت، أن أوجزه في موضوع الختان.. وفيه جوانب لم أعرض لها، لأنهأ لا تلامس مشكلة واقعية في حياة الناس مثل تاريخ الختان ومعرفة الأقوام القديمة له، والعادات الاجتماعية والحفلات التي تقام له.. وما إلى ذلك..
هذا وألحقت بهذه الرسالة رسالة الأستاذ الجامعي السوداني الشيخ الدكتور الأمين
داوود لأهميتها. وهي مطبوعة في الخرطوم وأسأل الله أن يوفقنا إلى الصواب والسداد، وأن ينفع بهذه الرسالة وملحقها وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم. والله يقول "ا الحق وهو يهدي السبيل. والحمد لله رب العالمين.

(41) وهذه عملية جراحية ، شأنها شأن أي جراحة تجرى لتصيح تضخم عضو ، وهذا أمر يعود تقريره للأطباء .



http://www.islamset.com/arabic/ahip/khitan.html