ومضة عن "تبوك" : علي ثروت
آخر شيء كنت أفكر فيه،هو الكتابة عن شيء آخر غير (من الإبرة .. للصاروخ) .. كموضوع نتجاذب فيه أنا والأخ"تويتر" .. على طريقة "سيب وأنا أسيب"!
ولكن علي ثروت ..
هكذا مربي الاسم الذي لم يسبق أن مر بي من قبل .. فجأة ،وأنت تتبادل الحديث مع الورق ... يبرز لك وجه شخص .. بعض من سيرته ... فيبرز لك وجه محمد أسد وهو يهمس لك :
(كما تطالعك أحيانا رمال مسترخية سائبة تبدو فوقها آثار الغزلان أو أحجار سوداء طبخ عليها مرتحلون قدامى منسيون طعامهم في أيام غابرة منسية) {ص 30 "الطرق إلى مكة : محمد أسد}.)
لكن الفرق أن "أسد"لم يذكر اسم إنسان من لحم ودم .. كانت له حياته .. وأفكاره .. وأحلامه .. وأسرته .. إلى ألف إلخ.
هل يعرف أحد من "التبايكة" – أهل تبوك – علي ثروت ؟
يحدثنا عنه عبد الله فيلبي .. حين زار تبوك – سنة 1951م - وقد سافر أميرها خالد السديري لمقابلة الملك .. (وقد حل محله أمين سره،علي ثروت،في تنفيذ الإدارة ويقوم بتشريفات الإمارة بشكل عام،وهو رجل ذو سحر عظيم وكفاءة واضحة،وعندي سبب وجيه للشعور بالامتنان لكريم تعاونه المثمر خلال إقامتي المؤقتة كلها وفي جولاتي بالمنطقة المجاورة. لقد كان أيضا دمث الأخلاق،لطيف المعشر،عذب الحديث،ولديه شيء من الاهتمامات الفكرية التي تتجاوز نطاق عمله الرسمي.){ص 232 ( أرض مدين ) / هاري سانت جون فيلبي "عبد الله فيلبي" / ترجمة : د. يوسف مختار أمين / الرياض / مكتبة العبيكان / الطبعة الأولى 1424هـ 2003م}.
رحم الله والديّ ... ورحم علي ثروت .. ورحم عبد الله فيلبي.
ثم يحدثنا المؤلف .. عن السكن الذي نزل فيه أو دار الضيافة - المبنية حديثا،بالخرسانة - ومقر الحكومة أيضا ... فيطير بي إلى كلام طالما كررته .. لقد كانت منازلنا تبنى من البيئة .. بما يتناسب معها .. فلما جاءت"الخرسانة" .. تحولت منازلنا إلى "أفران"صيفا .. و"ثلاجات"شتاء!!
على كل حال .. يقول المؤلف .. (وقاعة اجتماعات رسمية للمناسبات الملائمة. وكانت هذه الغرفة هائلة،طولها ثمانية عشر مترا وعرضها ستة أمتار،مفروشة بالسجاد الذي يبعث على الدفء والأثاث الرائع نسبيا من الكراسي ذات الذارعين الثقيلة المغطاة بقماش مخملي والمرصوصة على طول ثلاثة من الجدران (..) وكانت غرفتي أيضا ملكية فخمة في أبعادها،وعلى الرغم من أن الأثاث الكثير والكراسي ذوات الذارعين وطاولة المكتب الأنيقة كانت تبدو أنها تملأ الغرفة بدرجة كافية. ولا أذكر إن كان هناك سرير أم لا،ولكنني نمت على الأرض في فراشي الذي أستخدمه في البر،وكانت كل نافذة وأقفالها مغلقة بإحكام،وكان الجو داخل الغرفة بارد مثل الثلج،شديد البرودة حتى أنني في الحقيقة فتحت عدة نوافذ في تلك الليلة ليدخل هواء الشتاء الدافئ من الخارج ) {ص 233}.
ثم تحدث "فيلبي"عن مشاكل الري في تبوك .. ( ولكن السياسة القوية التي التزمها خالد السديري كانت تؤتي ثمارها بسرعة في إعادة المنطقة إلى كامل طاقتها من الري. كما أنه هو نفسه قد اشترى في هذا الوقت نصف حصة في العين والحديقة المعروفين باسم بستان حرب أي أملاك حرب وهو والد الشيخ الحالي لبني عطية،وعندما زرت تبوك مرة أخرى بعد ذلك بعامين كانت الملكية كلها في يده،وكانت القطعة على وشك أن تكون مزرعة نموذجية على الرغم من طوفان الجراد .. ){ص 235}.
وينتقل بنا الملف،وهو يصف إحدى القلاع إلى سنة 106 هجرية " 1653 – 1654 ميلادية" ( حسب ما هو مذكور في النقش باللغة العربية على لوحة من الخزف الأزرق المزخرف على المدخل الرئيسي،والتي تقول : "أمر بتجديد وتعمير هذه القلعة المباركة حضرة مولانا السلطان ابن السلطان محمد خان ابن السلطان إبراهيم خان ابن السلطان أحمد خان بن عثمان خلد الله ملكه طول الزمان،وتشرف بمباشرة خدمتها العبد الفقير إلى الله تعالى محمد ابن الناشف التذكرجي بدمشق الشام غفر الله له في سنة أربع وستين وألف 1064") وفي الهامش ( نقل نص هذه القلعة من كتاب : شمال غرب المملكة العربية السعودية،الكتاب الثاني،الآثار الإسلامية في شمال غرب المملكة،مدخل عام ،ط 1،الرياض،مطابع السفير،1414هـ / 1993م،حتى 151 – 154 . كما ذكر النص أيضا إبراهيم الخياري المدني الذي زار تبوك عام 1080هـ. ونقله عنه حمد الجاسر في شمال غرب الجزيرة ،ص 442).{ص 236}.
ويشير المؤلف إلى ( أن سوق تبوك نموذج للنظافة والراحة،ويدين بوجوده للأتراك،الذين خططوا ليفي بالمتطلبات الحالية والمقبلة لمحطة سكة الحديد ) {ص 238}.
ويتحدث "فيلبي"عن ثري تبوكي قابله .. ( وكان أيضا يتمتع بمزية كونه رجلا محليا،فجده الثالث غريض كان من فخذ الحميدات من عشيرة الكعابنة"بني كعب"من قبيلة قريش.
وهذه العشيرة ممثلة بصورة قوية في معان بينما هاجرت بعض عائلاتها منذ حوالي سبعة أجيال إلى الزرقاء في الأردن){ص 239}
استومضها لكم : س / محمود المختار الشنقيطي المدني
س : سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب