من يحمل الورد للبستان في يده؟!

[فاتن علي حلاق]

إنا لله وإنا إليه راجعون
ببالغ الحزن والأسى تزف قرية أشرفية وادي بردى شهيديها منير نمورة ومحمد صالحة الذين ارتقوا إلى الرفيق الأعلى جراء القصف العنيف عليها ,وهناك عدد من الجرحى نسأل الله لهم الشفاء العاجل
حسبنا الله ونعم الوكل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .



من يحمل الورد للبستان في يده؟!

مهما كتبتُ منَ اشعارٍ وألحانِ ***** فما أظنُّ يرَاع الشعر أوفاني

حسْبي رسولاً تلاقٍ بينَ أعيننا ***** إنَّ العيونَ رسولٌ بين خِلّانِ

أريدُ من يدكِ اليمنى مصافحةً ***** لكنَّ يمنايَ فيها بعضُ أغصانِ

لا أُقحوانَ ولا ريحانَ أقطفُه ***** إلا سمعتُ ندى الأزهار ناداني:

من يحملُ الورد للبستان في يدِه؟! ***** الوردُ أنتِ وريحاني وبستاني



يا أغصنًا ضحكتْ بالبان زهرتها***** أقري السلامَ لها يا أغصُنَ البانِ

واستوهبيني بديعَ القول من خلَدي***** أبعثْ إليكِ بأبياتي وتبياني

كي تقرئيها على مهْلٍ لآنسة **** كالبدر صافية من قبلِ تلقاني

كتبتُها بيميني من مدادِ دمي *****والطيرُ تلهمُني من شدْوها الحاني

وقلتُ يا طيرُ هاتي القولَ أنسجُه *****ثم احمليهِ برفقٍ بين أغصانِ

خذيهِ وامضي إلى اﻷحباب واستبقي***** على جناحينِ من شوقٍ وتحنان
ٍ
إلى التي استحيتِ الدنيا لطلعتِها *****واستشرفتْ لشذاها كل ألحاني
ِ
ميعادُ كلِّ شجي البالِ راحتُه *****لا يعلمُ البينَ إلا كل هتَّان

لو تعلمينَ بتطوافي وتجربتي***** ورحلتي بين آفاق وأوطانِ

يومًا ضحوكًا ولكن ضِحْكه سِنةٌ***** ويومَ شجوٍ تمطَّى ثم أبكاني

وثوبيَ الصبرُ في أكمامه أملٌ***** في طيِّه ألـــــمٌ في لونِه القاني

في عزَّة قد كستْني في النَّوى جلَدًا *****رغمَ الأسى والجوى في طيِّ كِتماني

والعينُ تبصرُ ما في القلب من شُعَبٍ *****والقلبُ يسألني ماذا تغشَّاني

لو تعلمينَ –وصدْقي اللهُ يعلمُه- *****آنستِ علمًا وحِلمًا تحتَ أرداني

ليتَ الغمامَ رأى صبري فيسقيَني *****سقيا أروي بها وجدي ووجداني

ليتَ البيانَ يفِي وجْدي فيشفعَ لي*****وليتَ حظِّي من الوجدانِ ما جاني

إلامَ يا رحلةَ الأيام فجعتُنا *****بينَ الطُّلول على بنيانها الفاني

حتَّامَ نحنُ من الأيام في شغُلٍ *****نفرُّ من همِّنا القاصي إلى الداني

لقد تصبَّرتُ ما يكفي فما جزعتْ***** نفسي ولكنْ بها شوقٌ لنسيانِ

عددتُّ أياميَ الشعْثاءَ مصطبرًا *****يومًا ويومًا فما أحصيتُ أشجاني

لكنَّ حسبيَ يومًا ألتقيهِ غدًا *****تنُسي بشاشتُه ما كان أشْجاني



أرسلتُ أسألُ هل بالدارِ من أحدٍ***** أو في الجوار أناسٌ راعَهم شاني

فاستوقفتْني على أبوابها سبلُي *****وقالتِ ارجعْ فأنتَ البائسُ الجاني

فقلتُ ويحيَ قد طال الــمُقامُ بنا *****في غربةٍ قتلتــْني ثم تنعاني

إني سأرحلُ للأحبابِ مرتديًا ***** ثوبَ المحبة لا كالمذنبِ العاني

وإن ظنيَ بالأحباب أنهمو ***** خيرُ الأحبة من إنس ومن جان



يا حفصة الخير أنت المبتدى قدما ***** والمنتهى قدما عيناك عنواني

يا حفص جئتك لا خوفا ولا طمعا ***** ولا فرارا من القالي أو الشاني

فمن على ظهرها ليسوا سوى بشر ***** وأنت وحدك مثلي نحن الاثنان

اثنان في أرضهم تحت السما سكنا **** لكن هما حضرا من عالم ثان

من عالم ليس فيه الزيف منتصرا ***** ولا الحقيقة عنوانا لخسران

ولا الكذاب له شأن ومكرمة ***** ولا البراءة ترمى تحت ختان

ولا المروءة تلقاها مشردة ***** ولا الرجولة زورا تحت صبيان

يا حفص كم طمعت في قلبي امرأة ***** لكن قلبي لا يرضى بإنسان

هذي النساء نساء اﻷرض ما برحت ***** تبكي القلوب وتذكي كل ظمآن

ولست بالباك أو بالشاك من ظمأ ***** ولا أسيفا على دنيا كبهتان

وليس قلبي مطبوعا على خطأ ***** ولا على عصمة أو وحي قرآن

يا حفص طافت خيالات على خلدي ***** تقول حسبك تطوافا ببلدان

هيا إلى طائف اﻷحباب قد قربت ***** أحلام نومك تلقاها كيقظان

لله درك نبراسا له ألق ***** ينير قلبي بنور منه رباني

الله خبأه دهرا لموعدة **** كي يخرج القلب من جهل ﻹيمان

ما كنت إلا وفي العهد أحفظه ***** حتى إذا غدروا أوفيت إحساني

والله أبدلني خيرا بموعده ***** والله يشهد أن الوعد أحياني ِ

أحمد الفقي
11 مارس
2013

[مصطفى السنجاري]

يحزّ في النفس والله ما يجري في الشام

ونقرأ كلّ يوم ونقرأ قصصا يشيب لها الرأس

ويندى لها الجبين

وهذا الصباح قرأت هذه القصة

لم أتمالك نفسي من البكاء

لا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون

ما .. بيمينك يا موسى !
_
موسى الحلو شاب سوري كردي من راس العين شمال سوريا يعمل لدينا عاملا مساعدا في التوزيع ، يسكن في حي تشرين ذي الأغلبية الفقيرة وهو حي من الأبنية المخالفة العشوائية كثيف بالسكان ، وبعد تحوله إلى ساحة للمعارك وتركيز القصف عليه هجره معظم سكانه ، لكن هناك من بقي في الحي ، ومنهم موسى 26 عاما ، اليوم في الصباح الباكر حاولنا الذهاب إلى مكان قريب ليحمله معلمه في السيارة ، لكن حاجزا منعنا الدخول وقال دخولكم ممنوع ، اتصلنا به ليأتي مشيا وجاء فعلا ، وصل وتابعوا العمل بالشكل الحذر حتى الثانية بعد الظهر ، قال موسى : سأعود إلى راس العين ولكن لي رجاء منك (إذا هدأت الأمور وعدت إلى دمشق أن تعيدوني إلى عملي) فقلنا له نعدك بذلك المهم الآن سلامتك ، فطلب ألف ليرة اشترى شنطة وبعض الحاجات واستفسر عن موعد الرحلة وحجز على أن يكون بعد غد موعد سفره ، قال له مديره بالعمل: (موسى إذا متُّ فسامحني ...) أجابه موسى (بعيد الشر معلمي ، أنا ولا أنت فأنت لديك أطفال وأسرة أما أنا فعازب حتى خطيبتي البرزاوية (من برزة) تركتني من أسبوع بضغط من أهلها لأن الخطبة طالت ولم أتمكن من توفير المهر وجهاز العروس وشرق في البكاء وامتلأت عيناه بالدموع) اقتربتُ من موسى واحتضنت رأسه بينما كان معلمه يهز كتفيه ، ويقول له قلت لك نحن أخوة وكل ما تحتاجه نقوم به معا ، وهكذا ودعنا موسى ونحن ندعو له ونقول انتبه لنفسك !!...
الساعة الرابعة بعد العصر رن الموبايل على معلمه الذي كان معي في الجنينة وكان المتصل جاره في البيت :
بكل أسف نعلمكم أن موسى استشهد على باب المنزل بطلقتين من قنّاص في الحي من موقع قرب الشرطة العسكرية ، وهو ملقى على رصيف الشارع ولا يجرؤ أحد على الاقتراب منه بسبب القنص ، قمنا ونحن نبكي أنا ومعلمه ، متجهين إلى حي تشرين ، حاولنا وشرحنا الموقف للحاجز وللجيش القريب ولكنهم منعونا . بينما كان جاره يتصل بنا ويخبرنا بكل جديد .
في الساعة السابعة أي منذ ساعة ونصف ، كان آخر اتصال من جاره يصف لنا ما يرى وكأنه يصف مباراة وهو يكلمني : يا عم أشاهد الآن صبية تجري باتجاه بيتنا وحجابها سقط عن رأسها وهي تصرخ "موسى" ها هي تقترب بينها وبين جثة موسى خمسة أمتار تقريبا ، لقد سقطت البنت في وسط الشارع الدم ينفر من عنقها لا شك أنها أصيبت بطلقة القنّاص في رأسها ، سقطت على الأرض يا عم ، إنها تزحف وتكمل حبوا ولم يبقّ بينها وبين جثة موسى سوى مسافة اليد ، سكنت حركتها ، جوّالها سقط من يدها في بركة الدم على الإسفلت بينما الصبية همدت نهائيا ........ ماتت ويدها ممدودة بإرادة تحدّي الموت ، وصلت طرف يدها إلى طرف يد موسى . الذي كان مايزال جهاز الموبايل يقبع فيها .

دمشق
11-3-2013
من يوميات شاعر سوري (منتهي) تاريخه

رحم الله الشهداء والأبرياء الذين يموتون ويقتلون ولا ناقة لهم في الأحداث ولا جمل

تحياتي لك أخت فاتن