غالب الغول /
الرد على سؤال من الأستاذة رغد قصاب . يقول (
هل يجوز أن نصف النثر الفني شعراً ؟
الرد:
بكل اختصار أقول , إن الشعر بمفهومه القديم والحديث والماضي والحاضر والمستقبل , لا يعترف إلا بالوزن والقافية , فلا شعر بلا وزن , ولا قوافي بلا شعر , وقد يتضمن الشعر الموزون قافية رتيبة لكل أبيات القصيدة , وهذا في الشعر التقليدي, وقد تبتعد القافية وتقترب في الشعر الموزون كما هو الحال في شعر التفعيلة , أي أنه لا يجوز أن نصف النثر الفني شعراً , لخلوه من الوزن .
وأما الكلام القائل في الذي نقلته الأستاذة رغد :
( فإن خلت القصيدة من القوافي اتصلت هذه الموجات اتصالاً يبدد إيقاعها , أو اضطربت قراءتها لها ’ فاختفى الإحساس بالوزن , وتداعت بالتالي ركن مهم من أركان اللغة الشعرية ))
أقول لقائل هذه العبارة , بأن يراجع معلوماته بالنسبة لما يسمى بالإيقاع , فالإيقاع هو نغمات موسيقية شعرية متزنة يربط بين وحداتها الإيقاعية الزمن والحركة بالتناسب أو بالتعادل , متوافقة بنبرات متعادلة أو متناسبة , لها رتابة ترقبها الأذن إن حدث أي خلل في الوحدات الزمنية المقرره من قبل المنشد , ولا أقول من قبل المغنّي , لأن الغناء يختلف عن الإنشاد بأزمنة المقاطع العروضية ونبراتها .
ومن هنا نستطيع القول ــ بأن الشعر الموزون بالقصائد العمودية يكون إيقاعها متناسقاً عند إنشادها بشكل واضح .
وأما قصيدة التفعيلة , فقد تبتعد القوافي أو تقترب من عدد التفاعيل المقررة لكل بيت يذكره الشاعر , وقد تكون أعداد التفاعيل في بيت أكثر أو أقل من البيت الآخر , ويبقى إيقاعها سالماً , فلا تتبدد موجاتها ولا ينهار إيقاعها ولا تضطرب قراءتها , ولا يختلف الإحساس بوزنها , ولا ينقصها أي ركن من أركانها , سوى خلوها من القافية المنتظة , والسبب في ذلك أنه يمكن إنشادها ببحرها المحدد بتفاعيله , سواء ظهرت قافيتها أم لم تظهر .
ودليل قولي هو:
لنأخذ قصيدة من قصائد التفعيلة الموزونة بوزن بحرها , ونسلمها لأي ملحن وموسيقي , ونكلفه بإنشادها حسب وحداتها الموسيقة ( التفاعيل) , فإن قام بتلحينها وإنشادها على غرار تفاعيلها , فنقول بأن هذا الرد سليم من العيوب , وإن اعتذر عن تلحينها وإنشادها الشعري الموسيقي , فهنا يمكن أن يكون , إما أن الموسيقى امتهن فن الموسيقا بطريقة عشوائية أو فوضوية ولا يفهم بالإنشاد ولا بالإيقاع , وإما أن يكون هذا الرد خالي من الصحة .
وهذا مقطع من قصيدة فدوى طوقان ( شعر التفعيلة )
فلا تحنان لا أشواق
لا ذكرى تناجينا
فمن أي الكهوف بزغت يا وجهاً عبدناه
زماناً ثم في أعماق ماضينا طمرناه
من التحنان والذكرى
تفجر بغتة فينا .
ولكن أقولها بصراحة , بأن للقافية جرس خاص وفاعلية إيقاعية متينة , ولا ينكر هذه الحقيقة أي شاعر أو أي ملحن أو أي موسيقي .