البرزخ
اختراق الأسلاك الشائكة نقطة البداية
يحكي فيلم (البرزج) التسجيلي، الذي أُنتج بالتعاون ما بين المؤسسة العامة للسينما ومجلس الشباب السوري، وكان مقرراً أن يعرض في مهرجان دمشق السينمائي المؤجل قصة الفتاة الفلسطينية رشا فياض، التي تخطت المألوف، واخترقت الأسلاك الشائكة مع مئات الشباب، الذين تجمعوا في «وادي الصراخ » في ذكرى النكبة 155، ولم يمنعها استشهاد بعضهم من متابعة طريقها، فمضت راكضة لاهثة للقاء فلسطين، التي كبرت على حبها، فانطلقت من مجدل شمس إلى صفد ومن ثم بحيرة طبريا، وهناك تم اعتقالها من قبل الإسرائيليين مع الشاب الذي التقت معه في الطريق واحتجزوها في زنزانة إفرادية ضيقة جداً، بقيت فيها ثلاثة أيام وأغمي عليها عدة مرات، إثر انبعاث الغازات السامة ولم يسمحوا بإسعافها، إلا أن سُلمت إلى الصليب الأحمر بعد أن حُكم عليها ثلاث سنوات مع إيقاف التنفيذ، ومن ثم عادت إلى سورية بحالة يرثى لها، لكنها حققت حلمها بتحدي الإسرائيليين ورؤية فلسطين، وستعيد الكرة مهما كان الثمن.
ومن المعروف أن مخرج العمل /المهند كلثوم/ تخرج في أكاديمية خاركوف في أوكرانيا قسم الإخراج التلفزيوني والسينمائي فقدم عدة أفلام منها:
(لماذا- كفى أمل و حب)... ومؤخراً سيجار سوري وحصل على عدة جوائز عالمية.
اتخذ القضايا الإنسانية والقومية والوطنية مساراً لعمله الفني، لكن فيلم البرزخ مختلف بالنسبة إليه، كما يقول:
منذ طفولتي وأنا أحلم بأن أكون طياراًحربياً مثل والدي الشهيد، إلا أن تدخلات العائلة حالت دون ذلك، فهذا كان دافعي المباشر لتبني القضايا الإنسانية والقومية التي تعبّر عن انتمائي لسورية وعشقي للقضية الفلسطينية، و فكرة فيلم البرزخ سيطرت على تفكيري، إذ مّر زمن طويل لم نسمع فيه عن حكاية مشابهة لدلال المغربي، وثناء محيدلي، ورأينا كيف نسيت بعض الدول العربية القضية الفلسطينية، فأردت من خلال الفيلم أن أمرر رسائل توحي بأن المقاومة مستمرة، وبأن فلسطين ستعود مهما طال الزمن، وأن اختراق الأسلاك الشائكة نقطة البداية.
اعتمد المخرج على تقنية السرد المباشر من البطلة، وهي تجلس في إحدى زوايا منزلها وتتكلم عن طفولتها وموت والدها وحلم أمها برؤية فلسطين وموتها دون ذلك، فقررت أن تحقق حلمها بعد أن قرأت خبر تجمع مئات الشباب في وادي الصيحات في ذكرى النكبة، ثم أقحم مشاهد حقيقية موثقة لتجمع الشباب، أضاف إليها مؤثرات متنوعة ومشاهد درامية منها، تكرار مشهد غليان الماء على النار ومشهد الدراجة، فيعلق المخرج قائلاً: حاولت أن أخلق جسراً مابين الفيلم وعدة إيحاءات تدل على الغضب الذي يعيشه الشعب الفلسطيني والربط بين عجلة الزمن و إرادة الشباب، أما العجلة التي تعود إلى الوراء، فهذا يعني الماضي الذي لا يموت.في بعض المشاهد استخدم خلفية ضبابية تصوّر بأسلوب درامي صامت مجريات التحقيق الذي تعرضت له رشا معتمداً على اللونين الأبيض والأسود إشارة إلى الحق والظلم، وأضاف إليها مساحة من اللون الأبيض رمزاً إلى النصر القادم، وكان للموسيقا التصويرية التي قدمها ماجد صالح دور مع المؤثرات لتصاعد الحدث، أما أماكن التصوير فذكر المخرج بأنه حاول انتقاء أماكن مشابهة لطبيعة فلسطين، في أماكن قريبة من القنيطرة وأماكن أخرى، واختتم الفيلم بتوجيه رسالة من البطلة بأن المقاومة مستمرة، وبأنها لا تأبه بتهديد المحقق للشعب الفلسطيني. وفي منحى آخر أكد المخرج بأن السينما السورية ستشهد تطوراًمن خلال سينما الشباب الذين يعملون بإمكانات بسيطة.
مِلده شويكاني
http://www.albaath.news.sy/user/?id=1329&a=118094