توطئة:
السمّ والرصاص....
اسمان يحملان الماضي والحاضر، وحتى المستقبل،،هل يمكنني قتل مَن فتح الباب خلسة وأشعل نار الأوراق؟
هل حين ألمس النقط لأضعها على الحروف أقرأ رسالة بعث بين صمت الأقنعة؟
فعلا... إنه سؤال يختصر السمّ و الرصاص.
...
...
....
مُسدَّس..
من السهل أن يصبحا مسدَّساً..
لن تضيف اليهما النقط شيئاً.
في حياتنا...
النقط،، مجرد نقط.
نداري بها عجزنا وهواجس اللغة .
إهداء:
أعرف كيف تنزوي حشودكِ بداخلكِ ،، وفي غيبوبة قلقة تجمعين كل الأشياء المتاحة للوجع وتصبحين وطناً بلا ضجيج.
أروِّض التعب لافتراضاتكِ ، وبين نقطة اللا رجوع و قلب خُنقت أنفاسه...
أكتبكِ.... أخيـَّـتي .. رجاء.
لتبقين نفـْسي ونفـَـسي والنفيس.
*
أحياء يرتجفون بين الواقع والخيال، بين حواسهم الضائعة ودهشة إدراكهم لما يقومون به يوميًا، أتساءل:
هل يمكن أن أدخل بينهم؟
أموات يعبر إليهم القلق وخوف النهوض من القبر، ألعن خوفهم الساحر
أتفهّم سحره، وأتساءل:
هل يمكنني الدخول معهم؟
ليست هذه حقيقة، ولا أكتب عن أشباح، أو أقطف من وقتهم لحظةً أستعيد بها الأمس القريب، بل أجد ركبتيَّ تنثنيان رغماً عنـِّي وتتخذان زاوية مجنونة ، ربما هو الجنون الأول أو الدائم،... َمن يدري،، أو رغبة مشروع أوفكرة جعلتني أبتكر أشكالاً جديدة لأبطال قصصي. .
قد أتفق مع أحدهم وأكون ضمن بوح الكلمات واستعذب الحروف التي نـُقـِّـطت والتي دون نقاط...
أيُّ الحروف هذا؟
الراء؟
تحكمتُ به في بدء اختياراتي وأغمضتُ عينيَّ لأتخيَّل شكل القبح ،ربَّما كشفت الهمَّ المغطى في الضلوع ، ربَّما أمضيت به نحو السؤال ،،،،أو أوصلتُني لبريده الأخير..
الإتزان مجرد كذبة في تصفيات حساب الوجع.
أكتب كما أشتهي عرض الوجوه.. لذا جمعتهم على كراسٍ بأرجل ثلاث ....
إنه الزمن الأعرج..
طاولة كبيرة تتوسطة غرفة جلوس تتسع لاثنتي عشرة شخصية، هي مثلهم بثلاث .
المكان غارق بالصمت، وحدي أستمع إليهم وأجنـِّد مخيلتي لاستخراج الأحاديث من صدورهم..
هم جلسوا كل على طريقته..
لنستمع إلى التصاق الأنفاس ببعضها.. كيفما شاءت هي نستمع..
كيفما شئتُ..
أضع حفنة من كتابة.
( الرَّاء والمسدَّس )
لا أحد يستيقظ أبداً،،يحدث لي دائماً ،، حشود حولي،، بل سبع رصاصات ومسدَّس.
مَن أنا الآن؟؟ هل أعرفني؟ هل هذه من خاطرت أمُّها من أجلها؟
هل أنا شعلة ساعة وحشيَّة أم رماد؟
أهو رماد أبي أم أميِّ؟
لا حياة تبدأ إلا من رماد التوحُّش.
بئسكَ أيها الإنسان،، بئسكِ يا" راء"
لا أحد يستيقظ لحظة أن تشهق امرأة وتغمض عينيها كي لا ترى وحشاً يفترس جسدها برائحته النتنة وزبَده العفن.
تستيقظ رصاصة النار الأولى ولا أحد يستيقظ.
الموت ،، وفق مبدأ الرصاصة وسيم وجميل وإن كانت تحت لساني كرة ثلجية. موت رغبتي المكبوتة كأنثى،، فالوحش النتن له ثوان يخور بها كثور ويهدأ نافثا في رحمي سمـَّه .
لا أحد يستيقظ،، لكن أنوثني تصرخ في الليل،، تئن،، تكتوي، تتقلب، تنوح،،وتصمت حين لا ترى أحداً .
أن تعيش بين الـ "لا أحد" رغم كثرتهم،،يكتبك حبر الصبر لتصبح حبراً مثله.
هكذا ابتدأت حياتي بعد أن شعرتُ بقدمي تفقد توازنهما حين تسمَّرت عيني في توديع أشيائي الأولى،، فراشي النقيّ،، ملابسي البسيطة،، العيديات السخيَّة من يد أبي كريم النفس واليد،، نهدة أمِّي وهي تغمض عينيها وتخادع رجفة الوداع في دمعي.
في الشهور الأولى لزواجي قلت لنفسي:
- من حقكِ أن تتخذي من نفسك موقداً ومطفئة...
توقدتُ ،، ذويتُ ،، أطفأتُ جسدي، فتـَّتُ أوراقه على الفراش،، لعقتُ موتي الهادئ ، شممت رائحته، وتعشَّمتُ به كمغيثٍ ساعة انتهاك، لعلـَّه يعطيني يوماً أرتجي به ألاّ يستيقظ جسدي ويكويني بي.
ما أصعب أن يكتوي المرء بذاته، وما أقبح وجه بخيل يخشى الاستحمام كي لاتصل الصابونة نصف الحجم.
خيارات القبح كثيرة ،،من حقي الانتقام منها كامرأة أقرّ قانون الحياة تعذيبها ببخيل ونفس حامضة،،، يكره حتى قلبه حين يخفق لحظة مساعدة لفقير أو محتاج..يده تمتد الى لقمتي ، تختطفها ، إلى محفظتي تسرقها،إلى روحي تهتكها، وإلى الجمرة...... يده العوراء لا تمتد إلى الجمر.
قاموسي لي وحدي وهوالجاهل.
غموسنا اليومي كالعادة،، صنف واحد تنقصه كل مقومات الطهو..
جود الثلاجة بلا جود كصاحبه. اكتفينا بوجبة باذنجان مشوي مراراً، ومراراً بخضار وخبز.
أهبل ،، وخبيث، اجتمعا في بخيل وسخ ...كان هذا اللقاء الأول والمكتوب في عرف الزواج.
يمرّ البخل المعجون في القبح ،،،الأيام تمرّ،، وماكنة الخياطة تحرق عمري.
حصيلة هذا القبح خمسة أطفال..
بعد الخمسة قلت لتلك التي كانت فيَّ:
... تخثـَّري واحمضي،، ثم موتي.
ماتت...
......
....
والقبح بعده حي. بعده المطبخ ،المقلاة، الماكنة، مدرسةالأطفال،الإفطار،الوجبات ،شرب اللبن، وسبعة أسرَّة في السطح..
وقت يكنّ البرد على الأضلاع،، أبرد وحدي،أكنّ وحدي، ووحدي أسمع شخير القبح حين احدودب فيه الكلب..
بعده يحيا ...... ليعوي.... يعوي ثلاث مرات في اليوم،،وأربع مرات أخرى قبل كل صلاة.. خمسٌ ينبحن بعد الصلوات الخمس.. يعوي ،، يعوي.. ينبحن.
..... سبحانك ربي،،أهذا زمن العوي ولا أدري؟
أحياناً يستيقظ ،، من أجبرتـُه ليتعقـَّـل، فقد شاب فيه الرأس،،الا تكفيه مقلاة الأيـَّام ليكبر ويصمت؟؟
شاخت أشجار حديقتنا كما عروقي بكفـِّي،،ولوني اصفـرَّ كشجرة الليمون في بيت الجيران. .. حتى الجار لم يسلم من عوي القبح،، ظل ينبح على الجارة " أم سامح" ..كيف تدخل علينا وبيدها صحن مملوء بالتفاح!
هذا يعني علينا ملأه حين نعيده إليها.
الماكنة تستيقظ ليلا وتخيّطني على الأثواب،، والليل قبيح هوالآخر.
ستُّ رصاصات في البيت ، سأختار كما اختار الله.
في الأولى ... ذويَت أنثى. ياااااااااااه آه على تلك الأنثى ،، حين بسملت القابلة بوجهها وجرتها نحو الحياة ،،أيقظت إبليس الدنيا ليتواطأ مع الأيَّام والقابلة لا تدري... قالت:
إنها زهرة تمتصّ الإبهام .... تريد بهذا القول أن تضع نقطة البسملة،، لا تدري بأن الراء بلا نقطة.
في الثانية ..... سؤال: هل شعر الفرَّان بطعم العرَق المرّ وهو يقدم طبق الخبز؟
خبزتُ نفسي ليأكل أولادي ،،أربعة قمصان أخيطها وأرقـّعها كل عام لباقي الأعوام لأولادي الذكور، البنت وحدها فازت بما يخصها هي.
بنتي الصغرى،، امرأة دافئة فمها قطعة حلوى لا تنطق،، فمها يذيب لسانها ،، الأنثى تـُثلج الشفة واللسان والعين وتخرس.... كم هومقدّس هذا السمّ... تعوَّدنا شربه...
لا تستيقظ حواس الأنثى،،لا يبهجها ما يبهج باقي الناس،، لا تعطيها الملعقة عسل اللحظة..
اللحظة هي الأخرى رعناء،، الرعناء لا تعرف معنى الراء، ، ذلك لان النون توسطت حروفها بنقطة.
الشرف نقطة،، إن طاحت طاح،، وإن عرق جبين سالت.
جبين يعرق؟؟
الثالثة...... تلتها أربع فتـَّاكات.
لا رابعة تحكي... أحكي عنها وأدلكم على مكانها في الجانب الايسر من الصدر.. حبر أحمر أكتبه،، يكتبني ساعات،،ويحكي وحده،، مثلي وحده.
كل شيء ينمو في البيت وأنا والكرسي نشيخ.. لا أشعر بشيء ينتسب إلي
بالضبط.. بالضبط ينتسب إلي ،، يلتصق بي ،،أضع رأسي في حضنه أفوِّض أمري له... ممنونة للدمع يريحيني منـِّي أحياناً..
خامس رصاصة لها الحقّ أن تهذي:
عين عسلية لم تذق نظرة العسل.
فمٌ سكنت فيه الأشياء،، كل الأشياء بسكون ربع قرن.
النوارس تسافر إلى فضائها بينما أصغر أولادي خارج الدار لايملك غير أحلام المسافرين.. أقصته عتبة دارنا المكسورة.
لها الحق الراء... بمسدسها أطلقت آخر رصاصة.
لم يبق غير المسبحة... وميعاد الموت..
الشبيهة لي لا تستيقظ من غيبوبتها ،، هي لعبة والعائلة تهوى لعب الأم ..كم أتعبتُ الصبر وأحنيتُ ظهره.
أتزنتُ بين فقدانين...يااااااااااااه .
وتحمـَّـلتني أيها الصبر؟
روَّضتك لتصير صاحبي الأوحد وتبقى وحدك.. جرب يوما تبقى وحدك.. وحدك بلا نقطة.. الراء ماء..بلا نقطة.
سبحان الله وبحمده نموت ونحيا.
آه يا راء الكرسي الأول..
لها الحق الآه تعشق وجه الراء.
أيهما مصبوغ بالآخر؟
؟
؟
.
.
نقطة.
**
قتلتني نهايتها ، انتحرت بنقطة.
من تحت الأرض يأتيني صوتها .
عبثاً أكتم فيّ الكاتبة .... أريد عبثاً أقوى ،، أتحسسه،، أفرضه على كرسي أعرج .
السبت ،،الأحد لا فرق.. نحتاج امتلاءً لحكاية كرسيّ آخر.
عنيدة هذه اللحظة.. ما بالي؟
نداءات الحرف مستسلمة لي والتفاصيل كثيرة،،فما بالي ياربِّي؟
طفل حيث وضعته، يلهث، والمطر في الخارج سخيِّ .
طفل في صمت موهن قادر على أن يُصبح زلزالا.
( حـُـرّ طاوعَ حـَـرّه )
كيف أرثي فقدان الطفل في داخلي؟
كيف أصير نفسه أو مثله؟
المحتبئ بثاني كرسيّ أعرج.
عمري لا يعرف عمري، أعرف أنني حين ألعب في الشارع لعبة(الحرامية) مع أطفال الحارة أغمض عيني وأختبئ،، قاموس اللعب وإرادته تفرض عليّ أن أغمض وأختبئ .
ماذا أفعلا بطفل يستعذب طفولته وأنا أكتب بقلم الرصاص وأشرح درس الجغرافية لنفسي.. أربع جهات.. تقول الجغرافية لنا أربع.
لي أربع أيضاً ولي يوميات..
يوم الشمال:
يقع على رأسي ثقله.. الشكر لأبي وقت فارقني وصلَّى الموت على جثته، شعرت بروحه تخصّني بوصيَّة:
حافظ على نفسك من جرم البيت، وخارج البيت،، والمدرسة والشارع، والدولة، والدين.
استغربت!
أيجرم الدِين؟
استغفرك ربي من جرم الإنسان.. لكن ماذا يقصد؟
قد يقصد في الدين الدَين بفتح الدال وليس بكسره.
عمري وقتها عشر سنوات لا أفقه ما السر في وصية أب يحتضر. روحه بقيت حولي تطوف ثلاث ساعات، قبل أن يُحشر جسده في التابوت.
علاقتي بأبي مثل سماء ونجم...هو السماء وأنا النجم..
من وقتها ... ظل يطوف حولي طفلٌ نجم ،،يبحث عن مكان في الأرض له سعة نجم،، سعة طفل نجم .. يا روح أبي تعالي ..
هل كان أبي يعرف أن خراباً ما سيرافقني فأوصاني الحذر مما أوصى؟
لمَ لم يطلب من الموت التريث قليلا حتى أكبر؟
ألا يدري أن الجغرافية وضعت نقطة فوق حرف العين؟ فصارت غغغغغغغغغغ،، تتغرغر بي الأيـَّام وتبصقني، بصقة بقيء، أو غصَّة مخنوقة .
أمشي حافي القدمين لأثبت لنفسي أني قادر على تحدي نعلي المقطوع،كبرتُ قليلا وضاق به إذ لا يوجد غيره لثلاث سنوات.. آخر عيد اشتراه لي أبي وقال : - كبرت قليلا يا أحمد ومقاس قدميك يوحي بأنك ستصير رجلاً طويلاً.
كبرتُ يا أبي فعلاً وقدماي طالتا كما توقعتَ وصارت أصابعي تخرج من مقدمة النعل ،، تقطعت خيوطه من فرط المشي.. لكنه لم يكبر مثلي يا أبي،، لم يكبر .. في الحالات القصوي من المشي وحرّ الصيف يعرق الوقت على تراب الشارع،، النعل يثور على خيوطه وتثور عليه.
إني أحزن عليه،، الأيَّام لا ترحم،،وأنا لا أرحمه أركض فيه كثيراً ،،أشدّه أكثر نحوي وأهرب من أولاد المدرسة فهم أكبر منـِّي ..حين يطاردونني أجري سريعاً كالمجنون.
في غرفة نومي لا أحد غيره صديق ورفيق،، أشكو له عوزي ،،خوفي على أمِّي فزوجها يظربها بلا رحمة... نقطتان بتاء الرحمة..
نقطتان كاذبتان.
الرحِم من الأرحام وزوج أمِّي ليس منـَّا لهذا لا يرحم، يضربها بقسوة،، بقسوة جداً ،،،أعرف لماذا يطوي حزامه ويضربها بقوّة.
قلبها لم يعشق غير أبي ،،جسدها لم يمسُّه غير أبي، بإصرار يرفض أن يمسَّه غيره..
لماذا يا أمِّي ؟
لماذا؟؟
خاضعة لجوابين،،أولهما أنت ِ اخترت زوجاً ثانياً،، أنتِ أحببتِ أبي لا غيره،، وأنتِ تعصين زوجاً يعرف أن عصيانه كفر.. أغمضي عينيكِ مثلي فقد عوَّدني اللعب على ذلك، إلعبي معه مثلي حين أشاغله بأشياء أخفيها عنكِ كي لا تموتين كمداً .. هي النقطة فوق العين علمتني أغضّ الطرف وأدالس زوجكِ.
صرخت أمِّي حتى كاد قلبها ان يفر من حضن الصدر، كانت ضربة زوجها أقسى أنواع الضرب، وقعت على ثديها الأيسر فأدمته..
الليل يدلّسُ عن أخطاء يقترفها أب لا يرتقي لمرتبة أبي... كنت أسمِّي أبي الرحمن،، كانت تستوقفني هذه الكلمة كثيراً وأطبقها على طباع أبي، أجده فعلاً رحماناً.
عمري ثلاثة عشر عاماً،،وصرخة أمِّي لم تنم في أذني، كانت أذني تصرخ وجسدي الطري يصرخ لكن الصوت أخرس، ستموت أمِّي كمداً لو عرفت بأني نزفت مثلها، هي من الثدي وأنا من مؤخرتي .
من تلك الليلة لم يضربها ولم يقترب منها وإن رفضته ولم يلح عليها .. لماذا لم تستغرب ؟ يا أمِّي استغربي ولو مرَّة.
كل الجارات استغربن منها، فهي مازالت في ريعان صباها ولم تحبل لثلاث سنوات.. أذكر مرة زارتها صديقتها وسؤالها المعتاد عن الحمل ..صمتـت أمِّي مستغربة تكرار أسئلتها،، ضجرتُ منها ومنه،، سؤالها الأعرج،، تلك الجارة العوراء وقلت بهمس: سأحبل عوضاً عنها .
لو لم تضع الباء النقطة لقلتُ ،،سأح .... ل ..
الكلمة تغيَّرت كثيراً من ( الحبـَـل الى ساحل أو سأحلّ) وشتان بينهما.
مَن سيكون ساحلي ؟؟
مَن يحلَ لغز حياتي؟
لم أدافع عن نفسي كما لم يترك لي زوج أمِّي مجالاً لذلك ، استغلّ ضعفي منتهزاً خروج أمِّي للتسوّق ومزقني بين يديه،، بعد أن كمَّم فمي صهرني بين ذراعيه ..
النقطة إذاً ليست ذات قدرة على الدفاع عن طفولتي المهدورة، كما أنها جبانة وجبانة جداً لان أمِّي اسمها بلقيس،، بخمس نقاط ،،هنا المصيبة يا أمِّي. ... خمس سنوات أدافع عنكِ وكل نقطة بإسمكِ عار عليّ .
وقت سال دمي في الليلة الأولى، جاءني أبي في المنام منكِّس الرأس وجلس قرب سريري لم يتفوه بكلمة ،، فقط كان ينظر بحنان إلى عينيّ ،
كنت فعلا بحاجة لهذه النظرة،، تصبَّبتُ عرقاً ونمت ممتزجا بعرقي ودمي، لم أخبر أمِّي ولم أجعلها تشعر بشيء. يكفي نظرة أبي لم تفارقني الليلة كلها ولم يغب عني بعدها أبداً.
أحيانا أناجيه قبل النوم وأرجوه الحضور في لحظتي الخائبة،، وأنا أتطلع لباب غرفتي خائفاً وجلاً متوجساً... لم أغلق عليَّ باب غرفتي حسب أوامر أبو النقاط.. ( ضمير يحيى) هل فعلا هو كذلك؟ كذلك يا أمِّي؟ أجيبيني،، لماذا اخترتِ اسمه يحيى وليس فيه اي شيء حيّ؟
تحملت الضرب من أجلك وانتهاكي لأحمي ثدييك من النزف.
مانعته ذات ليلة وخرج مسعوراً ثم نزل عليك ضرباً دون رحمة،، قد أتحمل أنا لكن جسدك النحيل المريض إثر ضربته الاخيرة لا يقوى على لكمات إضافية..
قلتُ لكِ لا تموتين يا أمِّي ،، لأوِّل مرَّة لم تلب لي طلباً،، حزنت عليك كثيراً وسعدت في الوقت ذاته.
صحيح لكل إنسان أجله لكني شكرت الموت..
لا أدري هل شَكره أحد قبلي أم سيشكره آخرون غيري!
ولأول مرة أرى النقطتين في حرف التاء تنصفانني،، لذا أطلقت لقدميَّ العنان وتركتهما تحتضنان الطريق.
إلى روحكِ أمِّي:
لا أحد يدري ،، سوى نعلي المهترئ،، هو الشاهد الوحيد فلا تخافي الخزي والعار يا أمِّي .
هل تدرين...
وجدتُ نعلي المهترئ أقرب صديق لي وأحنُّ عليَّ من زوجك.
أن تعيش وحدك تعصرك الأسئلة ،، يعني أنت بحاجة إلى ملايين القلوب
وملايين الاستفهامات (؟؟؟؟ )
؟؟؟؟؟
؟؟؟
؟؟
؟
نقطة
ماذا لو طاحت النقطة عن كرسي 2؟؟؟؟؟