خطبتا عيد الأضحى 1431 .. للإمام الشيخ : عبدالله المؤدب البدروشي .. الخطيب بالجامع الكبير .. شنني قابس
الله أكبر 7 مرات
الله أكبر ما حنت قلوب الحجاج إلى بيت الله الحرام
الله أكبر ما تجردوا من المخيط و المحيط في أماكن الإحرام
الله أكبر ما رفعوا أصواتهم بالتلبية..إجابة للملك العلام
الله أكبر ما طافوا و ما سعوا.. ونعموا بزمزم والمقام
الله أكبر ما اجتمع المسلمون في هذا اليوم..وهو من أشرف الأيام
الله أكبر ما صلوا و ما نحروا..وشكروا الله على نعمة الإسلام
* * *
الله أكبر كبيرا .. والحمد لله كثيرا .. وسبحان الله بكرة و أصيلا ..
* * *
الحمد لله الذي شرع الشرائع و سن الأعياد..
الحمد لله الذي أقام معالم الدين للعباد ..
الحمد لله الذي رغبهم للتزود بالطاعة ليوم المعاد..
* * *
الله أكـبــر 3
* * *
العيد في الإسلام .. عبادة .. و تقرب و تضرع و إنابة.. يبدأ المؤمن يومه.. بالتسبيح و التحميد والتهليل و التكبير.. يبدأ يومه متوضئا و مغتسلا ..يولـي وجهه قبل المسجد .. يركع لله و يسجد.. ثم يقدم أضحيته ..معلنا لمولاه.. عن ولائه و طاعته و تقواه.. يقول الله جل في علاه.. لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ..{ الحج37}.. العيد في الإسلام.. عودة الوفاق والوئام .. و صلة أرحام .. تعود فيه المياه إلى مجاريها..تتدفق فيه مياه المودة و التسامح .. فيعود الأخ لأخيه.. و يعود الولد لأمه و أبيه.. ويفتح الجار باب داره لجاره.. فتلتقي القلوب بالقلوب .. و يتجلى في الأمة قول خالقها.. كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران : 110].. العيد في الإسلام ..و بالخصوص عيدنا في هذه الأيام.. مجمع ..يحتوى الزمان عبر الزمان .. لنجمع فيه الماضي البعيد..مع الأمس القريب ..مع الحاضر المهيب .. من زمن جدنا إبراهيم .. عليه من الله ومنا أفضل السلام.. إبراهيم الخليل.. الذي أحبنا..من قبل أن نبعث في هذه الحياة..في ليلة المعراج.. قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم ..وحديثه في السلسلة الصحيحة.. لقيت إبراهيم عليه السلام.. ليلة أسري بي.. فقال يا محمد.. أقريء أمتك مني السلام.. وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة ..عذبة الماء ..وأنها قيعان.. وأن غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر..
..الله أكبر 3..
جدنا إبراهيم .. بعدما أودع أمنا هاجر..و أبانا إسماعيل.. عليهما السلام.. بين شعاب جرداء .. توجه بالدعاء لرافع السماء.. رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ [إبراهيم : 37].. ..ثم قفل راجعا من حيث جاء.. و مرت الأعوام ..و توالت زيارات إبراهيم ..حتى عاد إليهما في مثل هذه الأيام.. عاد زائرا..بعدما تأسست عند زمزم أعظم مدينة في التاريخ.. مدينة مكة المكرمة .. رأى إبراهيم عليه السلام.. في هذه الزيارة.. رأى في المنام ..أنه يذبح ابنه إسماعيل..و رؤيا الأنبياء وحي ..ورؤيا الأنبياء حق ..ورؤيا الأنبياء صدق ..وهي أمر من الله جل جلاله.. يُذكر أن هذه المنامة..رآها إبراهيم في ليلة الثامن من ذي الحجة ..فأصبح يتمهل..و يتروى ..فسمي ذلك اليوم ..بيوم التروية ..ثم رأى مثل ذلك في ليلة التاسع ..فعرف أنها أمر من الله.. فسمي ذلك اليوم ..يوم عرفة ..ثم رآها ثالثة ليلة العاشر من ذي الحجة ..فعزم على نحر ولده ..و سمي ذلك اليوم.. بيوم النحر.. في صبيحة ذلك اليوم..اليوم العاشر من ذي الحجة..أي في مثل يومنا هذا.. جاء الأب بحنانه و أبوته ..إلى فلذة كبده .. وقد أصبح شابا ..في ريعان الشباب .. فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ.. قيل : كانت سن إسماعيل في ذلك الوقت ثلاث عشرة سنة..قَالَ يَا بُنَيَّ.. و ما أجمل ما بدأ به.. يَا بُنَيَّ..فيها كل حنان الأب.. تخرج من صميم قلب القلب.. قَالَ يَا بُنَيَّ.. إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ.. فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى.. ماذا يرى في الذبح..! ماذا يرى في الوجع و الألم..! ماذا يرى في الموت، ومفارقة الحياة..! لكن .. يهون كل ذلك في طاعة الله..بل يحلو كل ذلك من أجل الله..وفي سبيل الله..كما يهون كل ذلك في بر الوالد الحبيب.. إبراهيم الطائع..أنجب الإبن المطيع.. قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرْ.. يَا أَبَتِ.. وما أجملها كلمة.. وما أعزها عبارة..يحن إليها من فقدها منذ سنين..اللهم ارحم لنا الآباء و الأمهات..وأسكنهم عندك فسيح الجنات.. قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرْ.. سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات : 102]
..الله أكبر 3 ..
أورد أصحاب التفاسير..أن إسماعيل عليه السلام.. قال لأبيه وهو يضجعه..: يا أبتي اشدد رباطي، حتى لا أضطربفينقص أجري ، واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح عليها شيء من دمي ، فتراه أمي فتحزن، واستحدّ شفرتك، وأسرع مر السكين على حلقي ، ليكون أهون عليّ، فإنالموت شديد ، وإذا أتيت أمي فأقرئها السلام مني،وإذا أردت أن ترد قميصي على أمي فافعل ، فعسى أن يكون أسلى لها عني، فبكى إبراهيم..وأخذ يقبل ولده..ثم قال له يا بني.. نِعم العون أنت على أمر ربي،.. وأوثقإبراهيم كتاف ولده ، ووضع السكين على حلقه، وقال باسم الله.. والله أكبر، ومرت السكين .. لكنها لم تقطع.. أعاد ذلك مرة بعد مرة.. لكنها لم تقطع.. إبراهيم عليه السلام.. يرغب من السكين أن تقطع..تنفيذا لأمر الله.. والله في عليائه يأمر السكين ألا تقطع.. إكراما للشيخ المنيب.. والولد الحبيب..قال تبارك و تعالى.. فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ،وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ ،قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ، إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ، وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ،[الصافات : 103 - 107]..ليمضي ذلك الذبح سنة عبر السنين.. لتتناقل الأجيال منتهى الصدق في الإيمان.. و منتهى القمة في التضحية.. و ليتجلى الفداء دليلا على الإستجابة و الطاعة..ويعلو فوق ذلك.. أن الله مع الطائعين..و يبقى يوم الأضحى..ذكرى للذاكرين..وأسوة و اقتداء بالأبوين الأكرمين إلى يوم الدين..
اللهم اجمعنا على طاعتك..واهدنا لحمدك و شكرك و حسن عبادتك.. واجعلنا من عبادك الصالحين..
أقول ما تسمعون.. وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم \
الخطبة الثانية
الله أكبر 6 مرات
الله أكبر ما لاح صباح عيد و أسفر
الله أكبر ما هلل مهلل و كبـّر
الله أكبر ما فاح ذكر الله بالألسن وتعطر
الله أكبر ما فرح طائع و استبشر
الله أكبر ما وصل مؤمن رحمه وتذكر
الله أكبر ما تجدد العيد بيـننا وتكرر
* * *
الله أكبر كبيرا.. و الحمد لله كثيرا
و سبحان الله بكرة و أصيلا
سبحان الله..والحمد لله..ولا إله إلا الله
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
ولله الحمد
* * *
لك الحمد يا مولانا على شريعة الإسلام .. بها نحيا و عليها الملتقى.. وإليك الرجوع و الخشوع وإليك المنتهى.. ولك الحمد حتى ترضى.. و إذا رضيت و بعد الرضى ..
.. الله أكبر 3 ..
شرع الله لنا التكبير في العيدين.. فقال في عيد الفطر ..وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ.. أي عدة رمضان..وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ.. و شرع الله لنا التكبير في عيد الأضحى ..فقال جل جلاله..واذكروا الله في أيام معدودات.. و من التكبير في الأضحى .. التكبير بعد الصلوات الخمس..وبعد بعديها إن حصل.. بصيغة { الله أكبر..الله أكبر..الله أكبر } قال الإمام ابْنُ عَرَفَةَ : يُسْتَحَبُّ تَكْبِيرُ كُلِّ مُصَلٍّ إثْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً.. مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إلى صبح اليوم الرابع ..قَالَ مَالِكٌ : وَيُكَبِّرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ وَالصِّبْيَانُ وَأَهْلُ الْبَادِيَةِ وَالْمُسَافِرُونَ وَكُلُّ مُسْلِمٍ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ ، أَوْ وَحْدَهُ .. وَتُسْمِعُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا التَّكْبِيرَ.. كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ ، أَوْ فِي بَيْتِهَا..ويا لعظمة الصلاة..في ديننا العظيم..إن أخرجها المسلم عن وقتها.. لا يكبر التكبيرات بعدها..لأن الله جل جلاله قال .. إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء : 103].. فمن ضيّع وقتها .. حُرم من التكبير بعدها ..ولا يكبر كذلك عقب النوافل..وإن نسي التكبير.. قال الإمام مالك.. يُكَبِّرُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ فَإِذَا قَامَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.. إن نسي التكبير و طال عليه الوقت..فلا شيء عليه..
.. الله أكبر 3 ..
فلنحي أعيادنا بهذه السنة المباركة ..سنة التكبير بعد الصلوات .. من ظهر هذا اليوم ..إلى صبح يوم الرابع من العيد..ولنجعلها في بيوتنا..كما جعلناها في مساجدنا.. ولنكن في هذا العيد السعيد..إخوة على طاعة الله.. يجمعنا صفاء القلوب .. ونقاء الصدور .. ويحرسنا هذا الدين القيم..بتعاليمه السمحاء.. فاجعلوه عيد بر و إحسان.. وعيد أخوة صادقة .. وعيد تسامح و تراحم..
اللهم اجعل بهجة الأعياد صدق يقين في قلوب العباد.. اللهم اجمع في هذا العيد شملنا..ويسر أمرنا..وحقق وئامنا ووفاقنا..واجعلنا طائعين كما أمرتنا..متراحمين كما أوصيتنا.. اللهم لا تدع لنا في هذا اليوم السعيد ذنبا إلا غفرته..ولا عيبا إلا سترته.. ولا مريضا إلا شفيته..ولا مبتلا إلا عافيته..ولا ميتا إلا رحمته.. اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما..وتفرقنا من بعده تفرقا معصوما.. اللهم أصلح لنا الأهل و البنين و البنات..وارحم لنا الآباء و الأمهات.. اللهم من كان منهم حيا فأحيه أسعد حياة..ومن كان منهم ميتا فتقبله بأوسع الرحمات..واسكنه عندك فسيح الجنات ..واجمعنا بهم في أسعد اللحظات.. يا رفيع الدرجات..يا عظيم البركات.. يا مجيب الدعوات.. ندعوك اللهم أن تعيد علينا هذا العيد بالصحة في الجسد.. و بالصلاح في الولد.. و بالرخاء و الطمأنينة في البلد.. اللهم فرج كرب إخواننا في فلسطين.. اللهم حقق بهجة الأعياد في بلادهم.. اللهم أفرح اليتامى و الثكالى في ديارهم.. اللهم واحفظ بلدنا من كل المحن.. وجنبه يا مولانا كل الفتن.. اللهم وفق ولاة أمورنا لخير هذا الدين.. واجعلنا اللهم في بلدنا آمنين مطمئنين.. وكذلك جميع المسلمين في كل مكان و في كل حين..
أعاد الله عليكم هذا العيد باليمن و الخير و البركة
وكل عام والجميع بخير