ميلاد ليسوع المسيح .. بقلم : آرا سوفاليانكتب آرا سوفاليان
في هذه المواسم العجاف وقصص الموت والقتل تلف سوريا الحبيبة، أجلس متقوقعاً بدون عمل خلف جهاز الكومبيوتر أبحث عن شيء آخر أقرأه بعد أن روعتني القصص المكتوبة بالدماء.
وظننت أني عثرت على ضالتي في مقال صغير وجدته في موقع عكس السير وهو بعنوان بلدية لونغاروني الإيطالية تصدر شهادة ميلاد للسيد المسيح !!!
أصدرت بلدية لونغاروني الإيطالية التابعة لمدينة بيللونو في اقليم فينيتو شمال شرق ايطاليا شهادة ميلاد باسم "جيزو" أو يسوع المسيح، بتاريخ 25
كانون الأول وهو تاريخ ميلاد السيد المسيح بحسب التقويم الكاثوليكي!!! وكان القس غابرييلى برناردي راعي كنيسة البلدة قد توجه إلى موظفي تسجيل
المواليد في البلدية طالباً إصدار شهادة ميلاد ليسوع المسيح، مما فاجأ الموظفين، ووافق عمدة المدينة على الخطوة ووقع بنفسه على شهادة الميلاد.
وقال القس في تصريح صحفي إن الفكرة تبادرت إلى ذهنه بمناسبة التعداد الذي يقوم به حالياً المعهد الوطني للإحصاء، وأضاف: منذ أكثر من ألفي سنة كانت
الإمبراطورية الرومانية تقوم بالعملية نفسها (تسجيل المواليد)، وقصة ولادة المسيح تلائم هذا السياق.
وعن سبب تقديمه لطلب شهادة الميلاد قال: إنها مسألة تعليمية بحتة، كنت بحاجة لإظهارها للأطفال كدليل عملي يشرح لهم أن يسوع ولد حقاً ليكون
بيننا هنا في لونغاروني، وأنه كان أيضاً طفلاً مثلهم، لديه شهادة ميلاد. فكرت في هذا الانجاز الغريب الذي يصوَّر كسبق عالمي، وبصاحبه القس
الكاثوليكي غابرييلي برناردي وأدركت أنه انجاز لا يعني أي شيء، خاصة بعد مقارنته بإنجازات قساوسة آخرين نعرفهم أكثر، فكروا بأن المسيح كان أيضاً
طفلاً يشبه كل أطفال العالم، ومنهم أطفال لونغاروني وأطفال غزة، كالأب هيلاريون كبوتشي مطران القدس في المنفى، ومطران سيباستيا عطا الله حنا
وآخرون كثيرون قدموا للإنسانية وللعالم أشياء أخرى أقدس وأسمى بكثير... وكالعادة لم أترك الأمر على عواهنه فسجلت التعليق الآتي: بيلاطس البنطي
ممثل قيصر روما في فلسطين غسل يديه بالماء وقال أنا بريء من دم هذا الناصري، ومع ذلك فلقد سلمه لأعدائه اليهود ليصلبوه فصلبوه، وبالتالي
فليس للرومان ولا لروما أي حق يخولهم إصدار شهادة ميلاد للسيد المسيح. وكذلك اليهود الذين صلبوه.
والمنطق يقول أن فلسطين هي مسقط رأس السيد المسيح، واصدار شهادة مولده من حق الفلسطينيين الذين أحبوا السيد المسيح بالقلب واليد واللسان وأكرموا
أتباعه في بلدهم فلسطين قبل وبعد مجيء آل صهيون وحتى هذه اللحظة، ولو أن سلفيوا مصر أرادوا الانصياع لمقولة الحق { من أخذ عليهم عقال بعير كنت
خصمه يوم القيامة... ومن آذى ذمياً فقد آذاني} لأخذوا الدروس والعبر من مسلمي فلسطين.
يتم الآن سحق الفلسطينيين من المسيحيين والمسلمين في آن واحد وتمتزج دماؤهم في القدس وفي كل فلسطين مسقط رأس السيد المسيح ليسجل هذا التمازج
أرقى أساليب التعايش والحب والتسامح الطائفي المسجل بإمتياز للشعب العربي الفلسطيني المسلم والمسيحي في آن معاً، وتتم الآن وبصمت عملية ابادة الشعب العربي الفلسطيني الذي يقدم المثل الأعلى والرسالة الأكثر نقاءً للعالم أجمع لأنه وبكل بساطة هناك من يعطّل وصول هذه الرسالة، لأن في وصولها فناء من يعطل وصولها، فلا شيء يصب الزيت على النار أكثر من الجهل
والطائفية البغيضة .
آرا سوفاليان
arasouvalian@gmail.com