كتابة ثانية
توكأتُ على ذاتي الهتون !
احملي صوتي إلى أوردة الماءِ،
أبي يورقُ كالنجْمةِ،
يرخي السِترَ ،
يصطادُ عصافيرَ أغانيه من المرأةِ والطينْ ؛
يطفئ المرآةَ كي لا يتجلّى من غبار الدهرِ مرآه الحزينْ.
وجهه من رطبِ النورِ،
كثيراً ما بدا للناسِ ناقوساً
كتاباً،
ما تجملّتُ على صفحته الأولى،
ولكنّي بدأتُ :
لغةً كان فمي
نخلاً أكونْ
أنا مزمارُ الحكاياتِ
قديماً كنتُ أحلامَ البقاءْ
حالماً أتركُ نوحاً في السفينةْ
باركتني الأرضُ
و الأنثى
على الجوديِّ ،
ما أعذبَ موسيقا الحياةْ
و الأماني في حقول القمحِ
مازلنَ يواكبنَ الحصادْ
أنجماً يندفع الناسُ
وتؤوي فتنةَ الشرقِ البلادْ
لتؤوبَ الأرضُ من غربتها
كنتُ في المشهدِ
أشتاقُ أكفَّ العائدينْ
و المناديلَ التي ما فارقتها بسمةُ الربّانِ
في لجِّ المدينةْ
شاطئٌ من أضلع الناسِ ضفافي
والبحيراتُ قناديلي
العذارى وردهنَّ
الحبُّ مجدافُ الرعاةْ
و أنا ورد الصحارى
شجْرةٌ تشبهُ فرسان الحكاياتِ
إناءَ المفرداتِ
الضادِ
و الصادِ على لوحِ النجاةْ
تكثرُ الأسئلةُ المرّةُ عني
والصدى اليابسُ مرٌّ
كمتاه لمْ أجدْ فيه الحنينْ
وإذا أفقدُ سمتي جهةَ الشمسِ
تفَقّدْتُ شَغافي:
مَنْ أكونْ ؟
هذه التربة حبلى
فخذيني مرةً ثانيةً . .
أزرعُ صوتي كالجنينْ
قمرٌ حَنْجرتي فلٌّ
وأجراسٌ حبيبي
وجبيني شرفةُ الوردِ . . عتابا
خطوتي مرجُ سنينْ
وكنوزي في جيوبي
وتململتُ رغابا
حاملاً. . جوّايَ أفراحي
وعلّقتُ مفاتيح زماني في الحواكير
وفكَّكتُ سطورَ الأبجديةْ
غارقاً في الماءِ
أوغاريتُ
من زهر غواياتي
ودلوي وشرابي،
سفنٌ ترسو،
وبَرِّي ممعنٌ في دهشة الريحِ
يسدُّ الأفقَ
لا . . لا
ليس طوفانك مَنْ أوقدَ قنديلي
ولكنْ قُتل الماءُ
و قدّسنا الترابا
أ كلانا بدويٌّ !
عجبٌ يا أيها البحارُ
لو تهنأ بالدار
أنا أحملُ قلباً وكتابا
لم أزلْ أغزلُ أفكار البراري
وأقيمُ
شاهدُ الجنةِ
أرضُ القمحِ و الفتحِ
نهار مستديمُ
قلتُ هلْ أبدأُ ؟
هلْ أنثايَ قدّامي ؟
وهلْ تعلو ثمار وقطوفُ
ويبين الرملُ
آثارُ متاعي
وصدى الحبِّ شفيفُ
أبتي
أينَ طريقي؟
ضمني الشعرُ
تقوّستُ
فأعياني طوافي !
وتسلقتُ ضفاف الشوقِ
ما انداحِ على مسمع أوتاري سوى سيلِ الجفافِ !
وكأني خارجٌ من رؤية الحقّ ضريراً
زمهريرٌ
قصبٌ يصفرُّ
أرحامٌ بلا ندهةِ مولودٍ
سؤالٌ كالخرابِ
أبتي
أعطِ جنونَ الريحِ عنواني
و أسماءَ منافيَّ
وألوانَ رحابي
أنزل الآن كما قال ليَ الطينُ
كلاماً
وحنينْ
شجْرةً تعلو حبوراً وأنينْ
أنا بالضدِّ حكيمُ الطرقاتْ
ويدي تطرقُ بابي
أفتحُ القلبَ وأسري في عروقي
وندى تفاحةٍ يسرقُ من نومي العيونْ
مَن أكونْ ؟
مطرٌ حلوٌ
على أهداب نثرٍ وصحارى
وعبيرٌ
وشجونْ
مَنْ أكونْ ؟
أطفأتْ مفردةُ الصبحِ
ظلامي
ونمتْ فيَّ
حروفٌ و أسامي
وتوكأتُ
توكأتُ على ذاتي الهتونْ