= محاضرتي الاخيرة في الجمعية الجغرافية السورية =
=================================
= أين ذهبت مكتبات أعلام دمشق--؟
:ومكتبات مدارسها--؟
----------------------------------------------------------
بعض مما ذكرته في المحاضرة التي ألقيتها مؤخرا في مقر الجمعية الجغرافية السورية-بدمشق-والتي مكانها في مقر المدرسة الحافظية-----------
=لم تسلم مكتبات دمشق كغيرها من المصائب، وقد جاءت بعدة صور.. منها أن الصليبيين منذ دخولهم بلاد الشام أخذوا يقتنون الكتب العربية ولكن على صورة ضعيفة لأن العلم بها كان معدوماً عندهم فهم يقتنونها على أنها عاديات قديمة غريبة الوضع والشكل، ولكن لما لمعت في القرن السادس عشر شعلة النهضة في إيطاليا أراد الباباوات اقتناء الكتب العربية، فندبوا لذلك بعض العارفين بها من رهبان الموارنة فحملوا إلى رومية من أديار لبنان ما كان محفوظاً فيها من كتب الدين والعلم مما كان مكتوباً بالعربية والسريانية.
=ومن المصائب التي أصابت مكتبات الشام، أن بعض دول أوروبا ومنها فرنسا وألمانيا وبريطانيا وهولندا وروسيا أخذت تجمع منذ القرن السابع عشر المخطوطات من الشام، تبتاعها بوساطة وكلائها، وكان القيمون على المساجد والمدارس يتسمون بشعار الدين وهم جهلاء لا يتورعون في مال الوقف، ففضلوا الذهب الرنان والفضة اللامعة على أنفس الكتب التي أوقفها أًصحابها على المساجد والمدارس من مئات السنين، فخان هؤلاء الأمانة واستحلوا بيع ما تحت أيديهم حتى أنهم سرقوا ما عند غيرهم وتصرفوا فيه وكأنه ملكهم.
=يقول محمد كرد علي حدثني رواة ثقات معاصرين شاهدوا ما حدث فقال بعضهم: إن أحد سماسرة الكتب في القرن التاسع عشر كان يغشَ منازل بعض أهل الدين ويغريهم بالمال، وكذلك يفعل مع متولي خزائن الكتب في المدارس والمساجد فيبتاع منها ما طاب له من المخطوطات بأثمان زهيدة ويبيعها إلى قنصل روسيا وغيره، وقد جمع هذا القنصل من الشام وأطرافها خزانة مهمة رحل بها إلى بلاده وقدمها إلى حكومته وكافأته على عمله.
=وهكذا تجمعت مخطوطاتنا العربية في الدول الأجنبية وصار علماؤهم يدرسونها ويفيدون منها، قال أحد علماء الألمان بعد اطلاعه على هذا التراث الضخم: إن العرب واضعي هذه المصنفات جديرون بإرث الشرق في مادياته ومعنوياته وقال بعضهم إن أمة خلفت هذا التراث يجب أن لا تسقط. ------------------
=بعض كتب دمشق في فرنسا:----------------------------------
من عادة الغربيين الذين يشترون المخطوطات الشرقية أن يسجلوا على كل مخطوط اسم من باعه إليهم، ومن أين أتى به، وهذا يكفي لفضح من كانوا يعتدون على التراث ويهربونه إلى الغرب.
يذكر د. المنجد في مقدمته لنص وقفية مدرسة عبد الله باشا العظم ---: ".. إن كتاب الوقف هذا لا يشتمل إلاّ على 92 مخطوطاً، يضاف إلى ذلك أن قسماً من مخطوطات هذه الخزانة لا يذكره كتاب الوقف، قد تسرب إلى بلاد أجنبية".
ويقول: ".. فقد عثرنا في الناسيونال في باريس أثناء دراستنا مخطوطات هذه المكتبة، على كتاب (تحفة ذوي الألباب) للصفدي، وعلى أول صفحة منه كُتب: (هذا ما وقفه الوزير المعظم والمشير المفخم.. جناب أسعد باشا العظم على مدرسة والده المرحوم الحاج إسمعيل باشا..)"
وعندما حقق هذا الكتاب إحسان بنت سعيد خلوصي وزهير حميدان الصمصام، وطبعاه في وزارة الثقافة بدمشق سنة 1991 ضمن سلسلة إحياء التراث العربي، قالا: ".. لم يعرف لهذا الكتاب حتى يومنا هذا إلاّ نسخة أصلية مخطوطة واحدة في العالم، وهي اليوم محفوظة في دار الكتب الوطنية بباريس وبرقم 5827، وعدد أوراقها 228 ورقة، والورقة 21 × 30 سم، وقد نسخت بخط جميل في سنة 795هـ بعد عصر المؤلف..".
وقالا: "وكانت هذه النسخة محفوظة في خزانة إسماعيل باشا العظم بسوق الخياطين بدمشق، حسبما جاء في أول ورقة منها، وناسخها محمد بن سليمان بن أبي بكر الأذرعي (750 – 840هـ)، ولها نسخ مصورة في عدة مكتبات.--
----------------------------------------------------------------
كل الشكر للاستاذ الأديب غسان كلاس الذي تعب معنا في تصويره للمحاضرة-
وللقائمين على نشاطات الجمعية الجغرافية--
+26