في وداع شقيقتي
مَعَ بزوغِ الضِّياءِ الأوَّلِ لفجْرٍ حزينٍ طويلٍ لمغاني الحبائبِ ، تطوي السَّماءُ قِرابَ مدامعِها
لتسكبها على ضفافِ المهجة الحرّى ، تسْتقْصي حَسِراتِ الفؤاد المُثْخن بذكرياتِ الصَّباح والمساء
عهدَ كنّا نفترشُ الدَّرابينَ بياسمين الرَّبيع ومِسك كركرات الحالمين ، تطوّقنا آلامُ الحاضر وآمالُ المستقبل
، وما كنتُ بالذي يعلمُ أنّ مَن وُلِدَتْ بعْدي تغتالُها يدُ المَنون قبلي !، لأبقى رازحًا تحتَ وِجاع ذكراها حتى
يوم ألقاها في ظِلال الخيام الخالدةِ والنَّعيمِ المُقيمِ :
طوبى لقلبِكِ يا أُخْتاهُ فاحتملي
شكوى الفِراقِ ، وحتّى ينقضــــــــي أجلــــــي
هَناءُ : يا بسْمةَ الماضي وما حمَلتْ
روائِــــــــــحُ الودِّ لــلأحبـــابِ والأهَـــــلِ
طوبى لضَعْنٍ به الأنوارُ سابِحةٌ
صافي السَّريرةِ ، أنقــــى من نَدى المُقلِ
في لحظةٍ عندها ودّعتِ مَجْلسَنا
مشتاقـــــــةً لرحيــــقِ الخُلدِ والنُّـــــــزلِ
غريبةَ اللّحْدِ والتَّهْجيرِ : صابرةً
قد أنزلوكِ ، ففاضـــــــتْ أعيُنُ الحَجَـــــلِ
واحْمَرَّ أُفْقٌ ، وأرخى الَّـيـــلُ غُربَتَهُ
ولا أبٌ أو أخٌ في المَــوْقِــــفِ الجَــــلــَــلِ
لكنّما الرُّوحُ يا أختاهُ سائحةٌ
لا بُعدَ يطوي سَماها ، فانهضي وصِلي
ستلْتقينَ بأمّــي ، قَــبِّــلي يدَها
وبلّغيها سَـــــلامًــا صــــادقَ القُـبَـــــلِ
هَناءُ : يبقى وفاءُ الرِّوحِ مَوْردَنا
بــــهِ نطـــوفُ على مــــــأواكِ ، فابتهلي
أنْ نأتسي دونَما بَيْنٍ يُفرّقُنا
وأن تطيبَ معـــانينــا بـــلا عَمَــلِ
يا أمّ أحمدَ : لن تخفى مباهِجُها
عهـــودُ بَيْعَتِكِ الكُبْرى مَعَ الرُّســـــــلِ
ذكْرًا وفِكْرًا ، وعِرْفانًا ومنزلـــــــــةً
تزهو مَداركُــها فـــي أجْملِ الحُــلَلِ
هناك تزْدَلِفُ الخيراتُ يحملها
جَناحُ رضــــوانَ ، يُلقيها علـى مَهَلِ
روحي فداؤك ، والأشعارُ ، ما بَلَغتْ
عيونُ راحتها الشِّــــعرى ، إلى زُحَـــلِ
يا أمّ فاتنَ صَبْرًا أسْعِفِي أرَقي
ليـــلُ الوَداعِ طويـــلٌ بالـــغُ العِـلَــلِ
وَلْيَرْحَمِ اللهُ مَنْ طولَ الدُّنا صَحِبَتْ
أدواءَ قلبٍ رَقيـــقٍ مُشـــرقِ الأمـــلِ
وَدَّعْتُ رَسْمكِ لكنّي على ثِقةٍ
بأنّ روحَــكِ قربــي أيقظت جُمَلي
**********
رحمها الله واسكنها فسيج الجنان وانا لله وناا اليه راجعون...
ولنا في هذا الطريق مرور....
فترفق بقلبك..ترفق الله بنا وبأوجاعنا.