الفيزياء أم العلوم
يقولون أن الفلسفة أم العلوم , ولكن لا يذكرون كيف نشأت هذه الأم , كيف ولدت , وكيف نمت , وكيف تطورت . فكافة الفلسفات اعتمدت على المعارف الفيزيائية ( أي المعارف المادية وغير المادية ) الموجودة لديها .
كان من الأنسب أن يقولوا " أن الفيزياء هي أم العلوم " , فغالبية المعارف والأفكار تشكلت وتم بناؤها نتيجة المعارف الفيزيائية , فالبحث عن أسس وبدايات الواقع الفيزيائي للوجود , كان دوماً منطلق تفكيرنا .
لقد كان المفكرون والفلاسفة اليونان يرون أن عناصر الوجود الأساسية أربعة وهي : التراب – الهواء – الماء - النار .
فالماء يفسر طبيعة كل الأجسام التي تتصف بالسيولة . . .
والتراب يفسر خواص كل الأجسام الصلبة التي لها ثقل وشكل ولون . .
والهواء يمثل كل الأشياء الناعمة اللطيفة . . .
والنار تفسر كل أشكال الطاقة . . .
وباعتماد صفات أساسية أربعة هي : الحار , والبارد , والجاف , والرطب , يمكن مبدئياً أن نوضح تنوع كافة الأشياء التي نصادفها في هذا الوجود .
وقد قسم الأقدمون الواقع إلى عالمين مختلفين منفصلين :
الأول : عالم الأشياء أو البنيات المادية الملموسة التي لها حجم ووزن . . , فالمادة هي : الشيء الممتد , القابل للانقسام , الثقيل , الذي يمكن أن يكون له أي شكل وأي لون . . .
والثاني : عالم غير مادي وهو مؤلف من البنيات غير المادية , طاقة , أو قوة , أو نار , أو النفس , أو الروح ,أو الأفكار . . .
ولم يستطيعوا أن يوفقوا بين العالمين المختلفين , فهم كانوا لا يملكون المعارف الدقيقة اللازمة لذلك .
المادة :
لقد وضع لوسيب و ديموقريطس في نهاية القرن الخامس قبل الميلاد مذهباً مادياً يفسر طبيعة وأساس المادة , فهناك الفراغ , وهناك جواهر متحركة فيه , وكافة أشكال المادة تتكون نتيجة توليفات بين هذه الجواهر . ثم أتي أبيقور وطور هذه الفكرة وقال : إن الأشياء مكونة من أجسام أولية صغيرة جداً , يتحد بعضها مع البعض الآخر لتكون كافة أشكال المادة التي نراها .
أما أرسطو فرأى أن المادة نوع من ( جوهر) لن يتأتى لنا عزله أبداً , وفي هذا مفارقة , إذ توجد مادة ولكن هذه المادة في الحقيقة لا يمكن الإمساك بها , إذ ما نراه ونلمسه هو دائماً مادة اتخذت شكلاً من الأشكال , وحتى لو أجرينا تحليلاً لها , فلن نعثر على المادة " مطلقة" , وإنما على شيء له أيضاً شكل معين .
واعتقد أفلاطون أن الكون مشكل وفق بنى هندسية , إذ تمثل الأجسام الأساسية عنده بأشكال هندسية تامة مثل المجسمات , الهرم والمكعب وثماني الوجوه . . .
وفي القرن السابع عشر ظهرت الفلسفة الميكانيكية التي تعتمد فكرة أن كل ما نصادفه من أشياء يمكن تفسيره بجسيمات صغيرة متحركة ومتفاعلة مع بعضها , وتجمع وتركب مع بعضها . والفكر الميكانيكي يدين بالكثير لليونانيين , فأفكارهم أعيد تناولها مع بعض التحفظات والتعديلات ووضعت في قوالب جديدة .
فغاسيندي وكذلك ديكارت وبويل ونيوتن وغيرهم يذكرونا باليونانيين , فالواقع في نظرهم في نهاية الأمر ليس سوى مجموعة كرات بلياردو تتحرك وتتصادم , وإن كانت نظرتهم أكثر تعقيداً , لأن ديكارت " بإعصاراته أو دواماته " في المادة لم يكن يفكر كنيوتن , فكل منهم يتحدث عن جسيمات ولكن في إطار نظريتين مختلفتين . فديكارت لم يكن يعتقد أن الجسيمات الأولية أبدية , بينما نيوتن يرى على العكس من ذلك أبدية . فضلاً عن ذلك , يقبل نيوتن أن أي جسيم يمكن أن يمارس تأثيره عن بعد على جسيم آخر , وهذا يعني عند الديكارتيين فضيحة من نوع ما , إذ أن التأثيرات بين الأجسام تتم في نظرهم عن طريق الصدمات , والواقع أن هذه الصعوبة ظلت قائمة حتى الآن , إذ كيف نسلم بأن كتلة ما تجذب عن بعد كتلة أخرى ؟
في القرن الثامن عشر جاء بوسكوفيتش بتصور جديد , فهو يرى أن الذرات التي تكون كافة أشكال المادة , هي ليست مادية , وهذه فكرة هامة جداً . فالذرات بدل أن تكون حبيبات مادية , فإنها تتخذ كنقاط رياضية أو كمراكز قوى , وكان هذا التصور تجديد في المذهب المادي . فهذه الذرات تتجاذب عند مسافات معينة وتتدافع عند أخرى , وهذا يفسر عدم نفاذيتها , إذ إن مركز القوى هذه تميل إلى التباعد عن بعضها عندما تكون متقاربة جداً .
وتصبح الذرة نقطة مثالية تحيط بها غيمة من القوى . وهناك مفكرين حملوا وجهة نظر بوسكوفيتش محمل الجد , مثل همفري ديفي , و فرادي .
ثم عادت أفكار بوسكوفيتش إلى الظهور بأشكال أخرى في القرن التاسع عشر , إذ تكونت لدى بعض المفكرين , فكرة أن يمثلوا الذرات أو الجسمات الأولية باعاصارات في الأثير ,أي هي أثير مكثف , وليس ككرات صغيرة , أي أنها طاقة ناشئة عن مجرد حركة , وهذه الفكرة جديرة بالاعتبار , لأن الطاقة يمكن أن تأخذ مكان المادة , فبالسرعة يصبح ما لا وزن له ملموساً . ولكن يبقى السؤال مع ذلك مطروحاً : ما هو بالضبط , إعصار الطاقة هذا في حالته الصرفة ؟
في ثلاثينات القرن الماضي ، كانت الجسيمات المعروفة فقط ستة جسيمات،،هي الاليكترونات،والبروتونات، والنيترونات،والفوتونات، والبوزيترونات ، و النيوترينوات..
كان التصور أن هذه الجسيمات هي المكونات الأساسية لكل المواد الموجودة في الكون..
لكن السؤال الذي شغل بال العلماء طويلا في تلك الفترة هو: ما هي طبيعة القوة التي تربط بين البروتونات موجبة الشحنة داخل النواة ، لولا تجعلها تتنافر أبدا ، وإنما تبقيها متوحدة وقريبة من بعضها ؟ كان الجميع مقدرا في تلك اللحظات أن هذه القوة هي أقوى من أي شيء معروف في الطبيعة...
ما هي العلوم الفيزيائية ؟ وإلى أين وصلت الآن؟
هذه نظرة سريعة : أن كافة الذرات تتألف من جسيمات ذرية صغيرة مستقرة ، وهي الإلكترونات كتلة كل منها صغيرة نسبياً ولها شحنة سالبة ، والبروتونات وهي ذات كتلة كبيرة نسبياً كتلة كل منها أكبر ب (1836) مرة من كتلة الإلكترون ولها شحنة موجبة مقدارها يعادل شحنة الإلكترون ، والنيترونات كتلة كل منها تساوي تقريباً كتلة البروتون وليس لها شحنة . و كافة العناصر والمركبات والمواد مؤلفة من ذرات ، والاختلاف بينها يكون بعدد الإلكترونات والبروتونات والنيترونات فقط .
والجسيمات الذرية المستقرة قليلة أهمها الإلكترون والبروتون والنيترون و الفوتون ، فعمر البروتون المتوقع هو 10 قوة 34 سنة , أما بقية الجسيمات فتتفكك فور تكونها فعمرها بأجزاء من ألف أومن مليون من الثانية أو أقل .
وإن كل جسيم ذري مهما كان مؤلف من بنيات (أو أجزاء) صغيرة جداً هي كمات بلانك ، وهو غالباً على شكل غيمة أو غمامة تأخذ حيز معين ، وهو غالباً متحرك حركة سريعة جداً ، تقاس بالنسبة لسرعة الضوء .
و لكل جسم ذري مهما كان دوران أو لف "اسبين" وهو دوران الجسيم حول نفسه
فنقول جسيم له اسبين نصف , معناه أن الجسيم يدور حول محوره نصف دورة ويرجع إلى وضعه الأصلي . والجسيمات تقسم حسب لفها إلى نوعين: فيرميونات وهي جسيمات لها غزل نصفي، يعني 1/2، 3/2 ، 5/2 وهكذا, و بوزونات وهي جسيمات لها غزل عبارة عن عدد صحيح، يعني صفر واحد اثنين . . .
ولكل جسيم موجة مرفقة له أو يمكن أن يظهر على شكل موجة .
وأن هناك أكثر من مائتان من الجسيمات الذرية غير المستقرة .
فكافة الجسيمات مصنوعة في جوهرها من طبيعة (أو هيولي) واحدة وهي كمات من الطاقة . ويمكن أن تتحول كافة هذه الجسيمات إلى كمات من الطاقة أو العكس تتحول الطاقة إلى أحد هذه الجسيمات .
وهناك الأمواج وهي أيضاً كمات من الطاقة , منها الأمواج أو الأشعة الكهرطيسية التي لها خصائصها ، فالضوء أحد أشكالها , والضوء ثنائي الوجه فهو مرة بوجه أو بشكل بنية فوتون ومرة بشكل موجة كهرطيسية لها تردد معين حسب لونه وحسب طبيعته . وهناك الأمواج أو الأشعة النووية ، والأشعة الكونية . وكافة الأمواج الكهرطيسية والنووية تسير بسرعة هائلة هي سرعة الضوء .
وإن الذي ينشئ البنيات الفيزيائية هو القوى التي تتعرض لها عناصرها ، فكافة أنواع الذرات تتكون نتيجة القوى الكهرطيسية والنووية , وكافة أنواع نويات الذرات تتكون نتيجة القوى الذرية القوية .
أما كافة أنواع المجرات والنجوم والكواكب والأقمار فهي تتكون نتيجة القوى الثقالية أو الجاذبية النيوتونية ، ولولا وجود هذه القوّة لما تشكلت المجرات والنجوم أو الشموس والكواكب والأقمار .
نظرية الكم
نظرية الكم تحاول أن تفسر كافة البنيات والظواهر الفيزيائية بناءً على أنها حركة وتفاعل لهذه الكمات الصغيرة , فلا يوجد أي شيء في الوجود إن كان مادة أو طاقة إلا وهو مؤلف من كمات بلانك .
والكم لا نستطيع تحليله إلى بنيات أصغر منه , ومن هذه الكمات تتكوٌن الكواركات واللبتونات , ومن الكواركات تتكون الجسيمات الذرية وهي أكثر من مائتين منها البروتونات والنيترونات . وأنه يمكن حساب نتائج أي تفاعلات فيزيائية بالاعتماد على نظرية الكم ( بصورة احتمالية ) باستعمال الرياضيات المتطورة .
وقد نجحت هذه النظرية في تفسير غالبية الظواهر الفيزيائية .
فمن حركة البنيات الذرية الأولية تتكون المجالات و السيالات , وبالتالي القوى الأساسية الأربعة , الجاذبية أو الثقالة , القوى الكهرطيسية , القوى النووية الضعيف , القوى النووية القوية . ولكل قوة جسيمات يتم التبادل بها أو حوامل القوة , وهي :
نواقل القوة الكهرومغناطيسية :الفوتونات
نواقل القوة الضعيفة :البوزونات المتجهة ،أو البوزونات الضعيفة W+,W-,Z ...
نواقل القوة القوية : الغليونات
وكذلك تتكون الكتلة والشحنة و الاسبين من تفاعل الكمات مع بعضها بطرق معقدة لم تتضح بعد .
وهناك عدت نظريات تحاول إرجاع كافة القوى في الطبيعة إلى أصل واحد . وبهذا تتوحد كافة القوانين الفيزيائية في نظرية واحدة متماسكة يمكن أن تعتبر نظرية " كل شيء " , يمكنها في نظرهم , تفسير أي شيء أو أي حادثة في هذا الوجود .
وكذلك تعرض نظرية ’النموذج المعياري’ Standard Model توصيفاً كاملاً لمكونات الكون وهي :
تتكون كل المواد حصرياً من 12 جسيم أساسي: ستة ’كواركات‘ QUARKS وستة ’لبتونات‘ LEPTONS. وجسيم ضد لكل جسيم من هذه الجسيمات. المجموع: 24 جسيماً دون ذري.
هذه الجسيمات كافية تماماً لتشكيل كل شيء.
* الكواركات الستة أعطيت الأسماء التراجيدية التالية:
1 أعلى UP.
2- أسفل DOWN.
3 - غريب STRANGE.
4 - سحر CHARM.
5 - قمة (أو حقيقة، سابقاً) TOP.
6 - قاع (أو جمال، سابقاً) BOTTOM.
* اللبتونات الستة هي:
1 الإلكترون ELECTRON.
2 - الميون MUON.
3 - التاو TAUON.
4 - نيوترينيو الإلكترون ELECTRON NEUTRINO.
5 - نيوترينيو الميون MUON NEUTRINO.
6 - نيوترينيو التاو TAUON NEUTRINO.
* لكل جسيم من الجسيمات السابقة جسيم ضد.
* الإثنى عشر جسيماً الأساسية السابقة تسمى: فيرميونات Fermions.
وإن كل الجسيمات المعروفة –باستثناء جسيمات الحقل- يمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسيين اعتمادا على تفاعلها :
1 - الهدرونــــــــــــــــــات
تتميز الهدرونات بأنها تتفاعل مع بعضها عن طريق كل القوى الرئيسية الأربع، ومن أهم مميزاتها :
أنها جسيمات غير أولية ، بمعنى أن لها تركيبا ما معينا ، أي مكونة من (جسيمات) ابسط منها , و لها حجم يمكن قياسه وتقديره ومعرفته..
و الهدرونات بشكل عام تقسم إلى قسمين رئيسين :
الأول الميزونات : وهي الجسيمات التي ويمكن تميزها بما يلي:
غزلها صفر أو أي عدد صحيح
كتلتها على الأغلب أكبر من كتلة الإليكترون واقل من كتلة البروتون
لكن هذا لا يعني أن كل الميزونات تقع ضمن هذه الأوزان، فهناك الكثير من الميزونات لها كتلة اكبر من ضعفي كتلة البروتون أو تعادلها..
تتفكك كل الميزونات الموجودة في الطبيعة لتعطي في النهاية أحد أو بعض أو كل الجسيمات التالية :إليكترون ، بوزيترون، نيترينو أو فوتون..
أهم المميزات الباقية الميزونات هو أنها غير مستقرة على الإطلاق،،فعمر النصف لها لا يتجاوز 2.6×10^-8 ثانية فقط...
والثاني هو الباريونات : وهي جسيمات لها كتلة اكبر أو تساوي كتلة البروتون ، ولها صفات عديدة أهمها:
على عكس الميزونات، تملك الباريونات غزل نصفي ، يعني 1/2، 3/2وهكذا...
أيضا الباريونات لها شيء جميل من اسمها ، يعني كل الباريونات (ما عدا البروتون) تتحلل إلى بروتون في النهاية
2 - الليبتونـات
الليبتونات من الاسم الإغريقي ليبتون ، وتعني صغير أو خفيف ،
هذه الجسيمات على عكس الهدرونات ، لا تدخل في القوى النووية القوية و إنما في القوى الثلاث الباقية , و لها جميعا غزل يساوي 1/2...
تتميز بأنها جسيمات أولية تماما ، يعني لا تركيب داخلي لها على عكس الهدرونات التي تتركب من كواركات..
أيضا لها حجم لها ملموس يمكن قياسه
على عكس الهدرونات التي يقدر عددها بالمئات ، فإن الليبتونات عددها صغير ومحدود ، وهناك ستة لبتونات معروفة فقط وهي (على شكل أزواج ):
الإليكترون و نيترينو الإليكترون .
ثم الميون و نيترينو الميون .
وأخيرا التاو , و نيترينو التاو .
و كل ليبتون له مضاد ، والعدد أضحى 12 ليبتون
أننا باعتماد البنيات والقوى الفيزيائية , كمنطلق لتفسير أي شيء في الوجود , نجد :
أنه من تفاعل البنيات الفيزيائية الأساسية الإلكترون والبروتون والنيترون نتيجة القوى الكهرطيسية والنووية ، تكونت ذرات كافة العناصر الكيميائية .
ومن ذرات العناصر الكيميائية تكونت كافة المركبات الكيميائية بكافة أشكالها العضوية وغير العضوية .
ومن هذه المركبات الكيميائية تكونت البنيات الحية البسيطة جداً ثم وحيدات الخلية البسيطة وهي نباتية وحيوانية ، ثم الكائنات الحية كثيرة الخلايا ثم الفقريات وغيرها ثم الثدييات ثم الرأسيات ثم البشر .
وقد شكل البشر بعد أن ملكوا الكثير من القدرات الجسمية المناسبة بالإضافة إلى عقل متطور استخدم اللغة المحكية ، البنيات الاجتماعية , والبنيات التكنولوجية البسيطة مثل السكين والفأس والرمح والمحراث . . ، وكذلك كونوا البنيات الثقافية المتطورة بعد أن تشكلت اللغة المكتوبة ، وتكونت الحضارات والبنيات السياسية والاقتصادية ، ثم البنيات التكنولوجية المتطورة ، القطارات والطائرة والمصانع والآلات . . . ، ثم تكونت البنيات الإلكترونية التي تطورت وكونت العقول الإلكترونية .
لكن هناك سؤال : هل كل شيء يمكن إرجاعه إلى أسس فيزيائية ، والقوانين الفيزيائية تنطبق عليه ؟
كان الفيزيائي الشهير" فينمان " يؤكد بشدة أن كل ما تفعله الكائنات الحية يمكن للعناصر الفيزيائية أن تقوم به , ووجهة نظره هذه تدعى بالاختزالية : أي يمكن اختزال كافة ما نشهده من بنيات في الوجود , و إرجاعها إلى أسس فيزيائي .
فهي تقر أن المتعضية الحية ليست سوى بنية فيزيائية معقدة . ونجاح البيولوجيا الحديثة يبرهن على صلاحية هذه النظرة .
ولكن في واقع الأمر هناك دائماً أناس , وحتى علماء , لا يقبلون بوجهة النظر هذه , إنهم يقرون بأن الكائن الحي والإنسان مكون من بنيات فيزيائية ولكنها عندما تصبح ضمنه , تكتسب خصائص جديدة .
في النهاية نقول : إن ما يقوم به علماء الفيزياء هو صياغة " نظريات " فعالة ومجدية تساعدنا على فهم وتفسير كثير من الأمور , أي نظريات عالية الدقة في انطباقها على الواقع وتمكننا من التنبؤ للكثير من الأمور بدقة عالية جداً , ولكنها ليست رؤيا مباشرة وحقيقية وتامة للواقع .
فهؤلاء العلماء يتحدثون عن جسيمات , وأمواج , وطاقة , وكتلة , واسبين . . . وهذا يساعدهم على تفسير الكثير من الأمور والتنبؤ العالي الدقة .
ولكن تبقى مفردات العلم و نماذجه النظرية هي دوماً نوع من التشبيهات أو الاستعارات , ولا يحق لنا أن نخلط بينها وبين الواقع الحقيقي نفسه , لأنه سوف يبقى مستعصي علينا الإحاطة به بشكل كامل ومطلق .