محاكمة
بقلم عبد القادر كعبان
أيقظني صراخ أمي من حلم طفولي:
- تأخرت عن المدرسة يا كسول..
قفزت من مكاني كفأر باغتثه مخالب قطة سوداء.. غسلت وجهي.. ارتديت ثيابي على عجل.. زررت مئزري، و اختطفت كتبي و دفاتري كيفما كان و هرعت مسرعا متناسيا شرب قهوتي الباردة.
وصلت متأخرا كعادتي. في مدخل الصف توقفت.. انتابني شعور بالخوف.. تساءلت:
- كيف ستكون المحاكمة اليوم، أيمكن..؟
استغفرت ثم دخلت. فجأة تحول الصف الى قاعة محكمة. تخيلت نفسي متهما وسط رفاقي الشهود و معلمي الجالس على مكتبه كالقاضي.
دعاني باسمي فاقتربت..
- تأخرت عن الجلسة كعادتك..
هززت رأسي من دون أن انطق بكلمة.
قاطع صمتي بسؤاله:
- ماذا عن الواجبات المنزلية؟
تخاذل صوتي عن اجابته.. بل فر الى أمعائي باحثا عن قبس حرارة يعينه عن النطق و الافصاح.
فأطلق ضحكة كعاصفة هوجاء تنذر بالخراب، ثم واصل:
- لنر ان كنت حفظت آخر درس رأيناه..
انطلق في استجوابي كمفتعل لجريمة لا تغتفر.. خانتني ذاكرتي لانني استظهرت الدرس في عجالة خوفا من ان يطوق الظلام كعادته حجرتي آمرا بالنوم.. لحظتها وددت لو أصرخ وسط القاعة لطلب مهلة..