حقوق معلمي فلسطين
بروفيسور عبد الستار قاسم
22/تشرين ثاني/2013
حقوق معلمي فلسطين سيرة تعيش معنا منذ سنوات طويلة، ومنذ أيام الإدارة الصهيونية. إضراب المعلمين وحقوق المعلمين حاضرة في حركة الشارع الفلسطيني، ولا يبدو أن هناك جدية في وضع حد لهذه الحركة لكي تستقر. السياسة التعلمية في بلادنا تجبر المعلمين على اتخاذ خطوات هم لا يريدونها، وأصحاب العلاقة لا يبدون الاهتمام الكافي لحل المشاكل.
هناك قاعدة أساسية يجب أن نحترمها جميعا وهي أنه إذا كان المعلم محترما ويشعر في داخله أنه مطمئن ومستقر فإن الجيل الذي يتعلم على يد هذا المعلم سيكون صحيا من الناحية النفسية وقادرا على العطاء مستقبلا. وإذا كان المعلم مهموما، فإن الهم ينتشر في أوصال الجيل لتغوص البلاد في فشل عميق. هذه قاعدة لم يحترمها الاحتلال الصهيوني لأن احترامها ليس في مصلحته، وهي أيضا غير محترمة من قبل السلطة الفلسطينية لأن احترامها ليس في مصلحتها أيضا. سلطة من هذا القبيل لا يناسبها أناس محترمون وجيل واع غيور على أمته ووطنه، ولا نتوقع أنها ستأخذ إجراءات جدية لكي تلتزم ببناء الوطن وإقامة الدولة المستقلة.
هناك عدد من النقاط لا بد من إبرازها بخصوص المعلمين:
1- هناك من يدعي أن السلطة لا تملك أموالا، وبالتالي على المعلمين أن يصبروا كما يصبر غيرهم. هذا كذب. السلطة تهدر الأموال وتبذرها، وتستهتر بثروات الشعب الفلسطيني سواء المتأتية من العمل الداخلي أو عن طرق التسول والمعونات. هناك آلاف مؤلفة من الأشخاص الذين يحصلون على مرتبات عالية دون تقديم خدمة للشعب الفلسطيني، وهناك نفقات وترف وتبذير لا يقبله عقل. إذا قامت السلطة الفلسطينية بخطوات الترشيد، وخففت الأعباء عن الشعب الفلسطيني، فإن الكثير من الأموال سيكون بالمقدور توفيرها. فمثلا: لماذا تحصل الفصائل الفلسطينية على أموال من السلطة الفلسطينية؟ ولماذا هناك مرتبات عالية جدا لقادة الأجهزة الأمنية وغيرهم من المدراء؟ لماذا هناك أكثر من 400 شخص يتقاضون رواتب وزراء؟ لماذا هناك كل هذه السيارات الرسمية التي تكلف الشعب يوميا حوالي 200000 دينار؟ وهناك لماذا كثيرة، وكلها تتعلق بنفقات تضر ولا تنفع.
2- من المفروض مضاعفة راتب المعلم إذا كنا نحن الشعب نسعى إلى تحقيق استقرار حياة المعلم ونطمئن إلى أنه سيكرس جهوده لبناء جيل عظيم قادر على إنقاذ الوطن.
3- الوقفة الشعبية مع المعلمين ضعيفة، والمفروض أن قضية المعلمين قضية جماهيرية لأنها تمس أبناءنا مباشرة. نحن لن ننجح إذا عزلنا أنفسنا عن القضايا العامة، وأدرنا ظهورنا لحقوق الآخرين. المفروض أن نقف مع كل صاحب حق إذا كان لنا تحقيق تماسك اجتماعي وتكافل وتضامن يحمينا جميعا من الغزاة والطغاة والبغاة.
4- الملعم الفلسطيني مثقل أيضا بالكم الهائل من التعليمات التي تتدفق عليه من التربية والتعليم. هنا تربويون في التربية والتعليم يظنون أن الفكر التربوي الغربي ممتاز ويمكن تطبيقه بنجاح في فلسطين، وهم كما يبدو يعبدون التعاليم الغربية التربوية. وقد وصل الحد بهذه التعليمات إلى إضعاف المدرس كثيرا امام الطالب بخاصة الطالب الأزعر الذي يجد لنفسه حماية سياسية وغطاء مسلحا. المدرس مهان جدا تحت سلطة السلطة الفلسطينية، وكرامته تنتهك باستمرار، وعلى السلطة الفلسطينية أن تعيد التفكير بكل أوامرها التربوية ليعود للمعلم كيانه المحترم، ولنعيد للمعلم هيبته.
5- الأجهزة الأمنية تتدخل في المدارس، وهناك محاولات لتجنيد مدرسين لمراقبة مدرسين آخرين. هناك فئوية في التعيينات، والأجهزة الأمنية تقوم بمسح أمني لكل شخص مرشح للتعليم. هذا فجور وإساءة عظيمة للعملية التعليمية. المعلم يحصل على موقعه بفضل كفاءته، وليس لأنه فتح أو حماس، أو لأنه مع أوسلو أو ضد أوسلو. هناك أعمال مشينة ومخزية يتم اقترافها بحق شعبنا، وبحق الذين ينشئون الأجيال. المفروض أن تخرج الأجهزة الأمنية من المدارس، وألا تتدخل في التعيينات والتوظيف. هذا الأسلوب العربي المقيت في السيطرة السياسية والحزبية على المدارس ممجوج، ويشكل خيانة لله والوطن والشعب. وإذا كان مسؤول التربية والتعليم صاحب تربية وتعليم فعليه أن يتوقف عن التعاون مع الأجهزة الأمنية من زاوية التعيينات والتوظيف، وأن يعتمد كفاءة المرشح للتدريس فقط.
6- كما نرجو من المعلمين ألا يركزوا على الراتب فقط، فقضايا الاحترام مهمة جدا، ومن الأولى أن نضعها في رأس المطالب.
7- بصورة عامة نحن بحاجة إلى ثورة على الذات، والأمور لن تستقيم إن لم نقومها نحن بأيدينا. التغيير ملح، وكلما تأخر نصبح أكثر قربا من صراع داخلي ندفع ثمنه جميعا. وهؤلاء المساطيل الذين لا يريدون سماع أصوات الناس إنما يقامرون بمستقبل الوطن والموطنين.