أو عصابة كما تسمى باللغة العربية، فبرغم من أنّ قضية التهريب الشغل الشاغل لعناصر الأمن في بلدنا إلا أنّ العصابات تزداد، ومواد التهريب تتنوع، والموضوع يزداد تعقيداً فمن المسؤول إذاً ؟؟ فإذا قمنا بتحليل القضية إلى حيثياتها نجد تشعبات كثيرة ومتاهات لا حصر لها نبدأها على سبيل المثال لا الحصر من بدايات التهريب.
حيث أنّ السبب الرئيسي وراء لجوء الناس لامتهان هذا العمل هو البطالة فالكثير من أهل القرى وخاصةً ممن لم يتسنى لهم التعليم وبسبب ضعف المردود الزراعي وافتقاره للدعم الكافي من الحكومة والقرارات الجائرة والارتجالية بمنع الزراعة في بعض القرى والذي أدّى بدوره إلى نزوح بعض الشباب إلى المدينة والبعض الآخر بقي في قراه حائراً لم يجد أمامه سوى التهريب ليرتزق منه بدل الجلوس والانتظار، كما أنّ الكثير منهم لا يعرف مهنةً أحرى سوى الزراعة التي تنحدر للأسوأ شيئاً فشيئاً بدل أن تكون لها الأهمية الكبرى والأهمية الخاصة من قبل الحكومة والذي أدى لزيادة التصحر وغلاء المواد الغذائية الأساسية واستغلال التجار لقلة الموارد والمظلوم الوحيد في بلدنا هو الفلاح فأين اهتمام الحكومة إذاً ؟ (الغني يزداد غنىً والفقير فقراً) .
أما السبب الثاني ضعف المنتجات السورية للأسف إذ أنّ الثقة بين المنتج والمستهلك تكاد تنعدم، وذلك أتى من عدم اهتمام الصناعيين لجودة المنتجات وتنوعها (شيء مخجل.. الله يرحم أيام معلم الكّار وأخلاقيات الصنعة) بل أصبح همهم الأساسي الربح السريع ولو على حساب أرواح آلاف الناس مما حدا بهم لشراء المواد الأجنبية إن كانت تهريب أو مستوردة وكون أنّ المواد المستوردة قليلة لأن الحكومة لا تسمح باستيراد كل شيء إرضاءً لرغبة الصناعيين إذ أنّ المنتج الأجنبي منافس قوي وتهاوناً مع قضية التهريب لأنّ بعض النفوس الضعيفة من أصحاب الكراسي تحمي التهريب والمهربين ويتقاسمون الأرباح بينهم، ثم يحاولون إيقاف هذه العصابات التي تزداد مع الزمن وكأننا ندور في حلقة مفرغة ...
ومما يزيد الطين بلّه تهريب الأدوية والتي في الغالب تأتي من لبنان وقد تكون منتجات لبنانية وليست أجنبية والمتضرر الحقيقي هو المريض الذي ينتظر الشفاء بفارغ الصبر، فعندما تذهب للطبيب أياً كان مرضك (أبعد الله عنا وعنكم المرض) يصف في الغالب دواءً أجنبياً وإذا قلت له: إن لم أجد الدواء هل بإمكاني استخدام الدواء السوري سيجيبك على الفور الأجنبي أفضل فبدل أن تستهلك علبة دواء واحدة أجنبية ستستخدم اثنتان سورية وربما أكثر، فهل وزارة الصحة تدرك هذا الموضوع؟ "سؤال برسم وزارة الصحة" فإلى أين وصلت الصناعات الدوائية في بلدنا ولماذا ليست بالمستوى المطلوب؟ أليس هذا استغلال لحاجة المريض المتضرر من هذه العملية فثمن الأدوية الأجنبية باهظ وقد يصل لآلاف الليرات وخاصة بعد منع وزارة الصحة استيراد الكثير من الأدوية تشجيعا للصناعة الوطنية لأن الدواء الأجنبي منافس قوي والدواء السوري لم يصل بعد لهذا المستوى فمتى تتحسن الصناعات الدوائية؟؟ عدا عن ذلك بعض الأدوية المهربة تكون منتهية الصلاحية وتباع بأضعاف ثمنها وخاصة المتعلقة بالأمراض الخطيرة كالسرطان والإنتانات الحادة والمزمنة.. (عافانا الله) وقضية تهريب الأدوية هي الأكثر غموضاً كأنّه لغز يصعب فك شيفرته ...
وليت الأمر متوقف على الأدوية والأغذية والألبسة فقد يتعداه لتجارة الأعضاء كما يحدث في الأردن والعراق ثم تصل إلينا عدوى هذه التجارة، فمن شاهد التقرير الإخباري عن تجارة الأعضاء في الأردن في كلام نواعم يشعر بالألم الذي شعرت به وخاصة عند مشاهدة كيف يتم استغلال الفقراء والمساكين لبيع أعضائهم والترويج لهذه المافيا الخطيرة وازدياد الوفيات منهم.
في النهاية ماكتبته غيض من فيض، وآرأوكم أحبتي ستغني الموضوع علّنا بطرح هذه القضية نفتح باب الحل للتخلص من هذه الآفة التي سيطرت على مجتمعنا على الرغم من طرح الموضوع كثيراً في وسائل الإعلام ولكن بحجل شديد، إذ أنّ توفير فرص العمل من قبل الحكومة وزيادة الرواتب وتحسين مستوى الصناعات بكافة أشكالها وتشجيع الزراعة وتوفير الدعم الكافي للفلاحين سيمنع أو على الأقل يخفف التهريب لأدنى مستوىً ممكن..
أنشودة الأمل