الاستسقاء في الجذور
الاستسقاء في الجذور من الثلاثي (س ق ي) ,تعني طلب السقيا ، ذلك أنّ الكلمة إذا بدأت في العربية بـالألف والسين فتعني الطلب :
استحفاظ : طلب الحفظ
استعلام : طلب العلم
استرحام : طلب الرحمة ................. وهكذا .
وروي عن عمر، رضي الله عنه: أَنه خرج إِلى الاستسقاء فصَعِدَ المِنْبَر فلم يزد على الاستغفار حتى نزل، فقيل له: إِنك لم تستسق فقال: لقد استسقيت بمَجاديح السماء. قال ابن الأَثير: الياء زائدة للإِشباع، قال: والقياس أَن يكون واحدها مِجْداح، فأَما مِجْدَح فجمعه مَجادِحُ؛ والذي يُراد من الحديث أَنه جعل الاستغفار استسقاء بتأَوّل قول الله عز وجل: ((استغفروا ربكم إِنه كان غفَّاراً يُرْسِل السماءَ عليكم مِدْراراً )) سورة نوح / 10 – 12 ؛ وأَراد سيدنا عمر إِبطال الأَنْواءِ ، والتكذيبَ بها لأَنه جعل الاستغفار هو الذي يستسقى به ، لا المجاديح والأَنواء التي كانوا يستسقون بها.
والاستسقاء سنة ثابتة ، ولها صلاة وخطبة تطلب من مظانها في كتب الفقه .
وتقول العرب :
اسْتَقى الرجلَ واسْتَسْقاه: طَلب منه السَّقْيَ.
وفي الحديث: خرج يَسْتَسْقي فقلب رِداءَه؛ وتكرر ذكر الاسْتِسْقاء في الحديث، وهو اسْتِفْعال من طَلب السُّقْيا أَي إنْزال الغَيْثِ على البلادِ والعِبادِ. يقال: اسْتَسْقى وسَقى اللهُ عبادَه الغَيْثَ وأَسْقاهم، والاسم السُّقْيا بالضم.
واسْتَسْقَيْت فلاناً إذا طلبت منه أَن يَسقِيَك.
واستَقى من النهَر والبئرِ والرَّكِيَّة والدَّحْل استِقاءً: أَخذ من مائها.
وأَسْقَيْت في القِرْبة وسَقَيْتُ فيها أَيضاً؛ قال ذو الرمة:
وما شَنَّتا خَرْقاءَ واهِيتَا الكُلى *** سَقى فيهمــــا ساقٍ، ولمَّا تَبَلّلا
بأَضْيَعَ من عينيك للدّمع، كلّما*** تعرّفْتَ داراً، أَو توهَّمتَ منزِلا
والسَّقِيُّ: المَسْقِيُّ.والسَّقيُّ: البَرْدِيُّ، واحدته سَقِيَّةٌ، وهي لا يفوتُها الماءُ، وسمِّيَ بذلك لنَباته في الماء أَو قريباً منه؛ قال امرؤ القيس: وكَشْح لطِيف كالجَديلِ مُخَصَّر، وساق كأُنبُوب السَّقِيِّ المُذَلَّلِ وقال بعضهم: أَراد بالأُنبُوبِ أُنبُوبَ القصب النابت بين ظَهرانَيْ نخل مَسْقِيٍّ، فكأَنه قال كأَُنبوب النخل السَّقِيِّ أَي كقصب النخل، أَضافه إليه لأَنه نبَت بين ظَهْرانَيه، وقيل: السَّقِيُّ البرْديٌّ الناعمُ، وأَصله العُنْقَرُ يشبَّه به ساقُ الجارية؛ ومنه قوله: على خَبَندى قصبٍ مَمْكورِ، كعُنْقُران الحائِر المسْكُورِ والواحدة سَقِيَّةٌ؛ قال عبد الله بن عَجْلان النَّهدي: جديدة سِرْبالِ الشَّبابِ، كأَنها سَقِيَّةُ بَردِيٍّ نَمَتْها غُيولُها والسَّقِيُّ أَيضاً: النخل.
وفي الحديث: أَنه كان إمام قومه فمرَّ فتىً بناضِحِه يريدُ سَقِيّاً، وفي رواية: يريد سَقِيَّة؛ السَّقِيُّ والسَّقِيَّةُ: النخل الذي يُسقى بالسَّواني أَي الدوالي.
والسَّقْيُ والسِّقْيُ: ماءٌ يقع في البطن، وأَنكر بعضهم الكسر.
وقد سَقى بطنهُ واستَسْقي وأَسْقاه الله.
والسِّقيُ: ماءٌ أَصفر يقع في البطن. يقال: سَقى بطنهُ يَسْقي سَقْياً. أَبو زيد: استَسْقى بطنهُ استِسْقاءً أي اجتمع فيه ماءٌ أَصفر، والاسم السِّقْيُ، بالكسر.
وقال شمر: السَّقْيُ المصدر، والسِّقْيُ الاسم، وهو السَّلى كما قالوا رَعْيٌ ورِعْيٌ.
وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يستسقي على منبره الشريف قائلا: (اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا) ، ويحكى أنّ نبيَّ الله سليمان عليه السلام، استسقى بنملةٍ رآها منقلبة على ظهرها رافعةً أرجلها للسماء تقول:
اللهم لا تهلكنا بعصاة ابن آدم .
وقد أصيبت منطقة المخلاف السليماني ( وهي جيزان وما جاورها ) بجدب وقحط شديد عام 973هـ/1565م ، وسميت تلك السنة بأم العظام لأن الناس أكلوا العظام من شدة الجوع .فخرج الناس للاستسقاء وأمَّهم رجلٌ مسن ، وهو القاضي ( ابن عمر الضمدي ) - رحمه الله - فلما وقف أمام الناس حمد الله وأثنى عليه بمـــا هو أهله ثم ارتجل هذه القصيدة ، فما انتهى منها إلا وقد انهمر المطر .
وما استطاع الحراك من مكانه إلا محمولا على أكتاف الرجال من شدة المطر ومما قاله في قصيدته :
إن مسَّنا الضُرُّ، أو ضاقت بنا الحِيَلُ*** فلنْ يخَيبَ لنا في ربِّنـــا أمـــلُ
وإن أناخت بنا البلوى فإنَّ لنا ***ربًّــــاً يُحَوِّلُهــا عنّا فتنتقلُ
اللهُ في كلِّ خَطبٍ حسبنا وكفــى *** إليه نرفعُ شكوانا ونبتهلُ
من ذا نلوذُ به في كشف كربتنا *** ومن عليه سوى الرحمن نتكل
وكيفَ يُرجى سوى الرحمن من أحدٍ*** وفي حياضِ نداهُ النهلُ والعَللُ
لا يُرتجى الخيرُ إلا من لديه، ولا ***لغيره يُتَوقّـــــى الحادثُ الجللُ
خزائنُ اللهِ تُغني كلَّ مفتقــــرٍ *** وفي يدِ الله للسُّؤَّال ما سألــوا
وسائلُ اللهِ ما زالت مسائلُهُ *** مقبولةٌ ما لها رَدٌّ ولا مَللُ
فافزع إلى الله واقرع بابَ رحمتهِ*** فهو الرجاءُ لمن أعيت بهِ السُبلُ
وأحْسِنِ الظنَّ في مولاكَ وارضَ بما ***أولاكَ يخل عنك البؤسُ والوجلُ
وإن أصابكَ عُسْرٌ فانتظرْ فرجًــا *** فالعسرُ باليسرِ مقرونٌ ومتصل ُ
وانظر إلى قولهِ:ادعوني أستجبْ لكُمُ***فذاكَ قولٌ صحيحٌ مالهُ بدل ُ
يامالكَ الملكِ فادفعْ ما ألمَّ بنا *** فما لنا بِتَولِّي دفعهِ قِبَلُ
فربَّ طفلٍ وشيخٍ عاجزٍ هرمٍ *** أمست مدامعُهُ في الخدِّ تنهملُ
وباتَ يرعى نجومَ الليل من قلقٍ*** وقلبُه فيه نارُ الجوعِ تشتعلُ
أمسى يعجُّ منَ البلوى إليكَ، ومنْ*** أحوالِهِ عندكَ التفصيلَ والجُملُ
فأنتَ أكرمُ مَنْ يُدعى، وأرحمُ مَنْ *** يُرجى، وأمرُك فيما شئت ممتثَلُ
فلا ملاذَ ولا ملجا سواكَ ولا *** إلا إليكَ لحيٍّ عنكَ مرْتحَلُ
فاشملْ عبادَكَ بالخيراتِ إنهمُ *** على الضرورةِ والشكوى قدِ اشتملوا
واسقِ البلادَ بغيثٍ مسبلٍ غَدَقٍ *** مباركٍ مُرجَحِن مزنُهُ هَطِلُ
سَحٍّ عميمٍ ملث القطر ملتعقٍ *** لرعدهِ في هوامي سُحبِهِ زَجَلُ
تُكسى به الأرضُ ألوانًا مُنمنمةً *** بها تعود بها أحوالُها الأُوَلُ
ويصبحُ الروضُ مُخْضَرًا ومبتسمًا ***من النباتِ عليه الوَشْيُ والحُللُ
وتخصبُ الأرضُ في شامٍ وفي يمنٍ*** به وتحيا سهولُ الأرضِ والجبلُ
ياربِّ عطفًا فإن المسلمين معًا *** مما يقاسون في أكبادِهم شُعَلُ
وقد شكوا كلَّ ما لاقوهُ من ضررٍ ***إليكَ يا مالكَ الأملاكِ وابتهلوا
فلا يردكَ عن تحويلِ ما طلبوا *** جهلٌ لذاكَ ولا عجزٌ ولا بخلُ
ياربِّ وانصر جنودَ المسلمينَ على*** أعدائهم وأعنهم أينما نزلوا
ياربَّ فارحم مسيئاً مذنبا عظُمت *** منه المآثِمُ والعصيانُ والزللُ
قد أثقلَ الذنبُ والأوزارُ عاتقَهُ ***وعن حميدِ المساعي عاقَهُ الكسلُ
وصلِّ ربِّ على المختارِ من مضرٍ*** محمدٍ خيرِ مَنْ يحفى وينتعلُ
وقد اختصرنا بعضا من القصيدة . ومما يؤثر أيضا أنَّ سيدنا عمر استسقى بالعباس عمِّ النبي الأعظم تبركـــاً وسُقوا .
وكالة أخبار المراة