اشكاليات الادب المترجم للأطفال
تعد الترجمة واحدة من اهم وسائل التواصل الثقافي و لإنساني بين الشعوب والامم المختلفة عبر العصور المختلفة والأزمان الغابرة والقادمة لاسيما ,انها تسهم في نقل بنية ثقافية من سياق حضاري الى سياق آخر مختلف تماماً عندما تنقله من لغة الهدف الى لغة المصدر بوساطة عملية معقدة وصعبة من حيث الاسلوب وبينة اللغة والدلات, والحفاظ على الرسالة المتوخاة من هذه الترجمة لذلك يبذل المترجمون جهودا مضنية في سبيل الحفاظ على شيء من التوازن الاسلوبي والدلالي والجمالي والرؤيوي بين النص في لغة المصدر والنص في لغة الهدف .
وهنا تكمن أهمية الترجمة وخطورتها فمن جهة تسهم في بناء اسس من العلاقات الثقافية بين الشعوب التي تنتمي الى ثقافات مختلفة وتعمل على فتح الحدود الحضارية ,والثقافية بين اللغات والثقافات المختلفة وتعمل على خلق مناخ عالمي جديد تسوده روح التعاون , وقد تسهم في تطور هذا الشعب او ذلك من خلال منظومة ثقافية وعلمية ترسل له مترجمة الى لغته .كما حصل مع العرب في بداية الاتصال مع الغرب , وايضا تسهم في توسيع المدارك الحضارية للشعوب ....
ومن جهة أخرى تشكل بوابة للغزو الثقافي واختراق عقل الاخر المستهدف في محاولة لاستعماره ثقافيا باسم المثاقفة او العولمة من خلال منظومة من القيم التي تحاول أن تستهدف بها الاخر وتحاول تشكيله على نحو يسهل فيه السيطرة عليه لاسيما اذا كانت هذه الثقافة هي ثقافة الاقوى ..وأن المستهدف هو الاضعف ومن هنا تبدأ الهزيمة كما يقول ابن خلدون ( إنما تبدأ الامم بالهزيمة , في داخلها عندما .. تشرع في تقليد غيرها ) .
وإذا كان الأدب الرؤيوي والثقافي والمتعوي المترجم بأشكاله التعبيرية المختلفة يشكل خطرا بدرجة معينة على هوية الامة وسياقها الثقافي والحضاري فإن الأدب التربوي المترجم يشكل خطرا بنيويا رئيسا على هوية الامة ومستقبلها فهو يستهدف فئة عمرية لم يستكمل تشكلها ثقافيا واجتماعيا ,ولم ينضج وعيها بعد , لذلك هي اكثر تأثرا من غيرها فضلا عن أنها في مرحلة التأسيس الثقافي لذلك فان أية رسالة تثبت في الذهن ويصعب تغيرها .. فيما بعد .. فضلا عن أن الادب المترجم للأطفال يجتهد بنقل رؤى وافكار وثقافة وتقاليد من سياق حضاري الى سياق آخر مختلف تماماً .. يشمل على قيم واخلاقيات وطرائق تفكير دخيلة على مجتمعنا على نحو قد تقود لصدام حضاري ونفسي مبكر لدى الاطفال .
ولعل الامر الاكثر خطورة أنها تشكل نافذة للولوج الى العقل العربي بقصد تخريبه وتسطيحه والسيطرة عليه بالتالي, لاسيما وأن الأطفال هم مستقبل الامة والسيطرة على عقولهم بالنتيجة هو السيطرة على مستقبل الامة . ومسخ هويتها . الحضارية وتعطيل رسالتها الاممية
ولاشك أن ادب الاطفال يختلف عن ادب الكبار لما يجب أن يتوافر فيه من اشتراطات فنية وأسلوبه وقيمية ونفسية وعمرية واجتماعية . وإذا كان شرط المرحلة العمرية واحدا من أهم هذه الاشتراطات فإن المواءمة الثقافية والحضارية والاجتماعية والقيمة تعد الاهم على الاطلاق .وهذا ما لا يتوافر في الادب المترجم للأطفال لان نشأ في سياق ثقافي وحضاري مختلف تماما .وهنا تكمن واحدة من أهم مخاطره لا نه يحمل قيم تصلح لسياق ثقافي وحاضري آخر ولا وتصلح اطلاقا للسياق العربي وقيمه العربية والاسلامية ..
لذلك كانت هذه الورقة محاولة لقبض على اهم الاشكاليات التي يثيرها الادب المترجم للأطفال وبيان خطورة الترجمة غير المدروسة . وغير الممنهجة . والتي لا تجد لها مشروعية الا المتاجرة بمصائر ابنائنا وهويتها القومية ..........
ولعل اهم الاشكاليات التي تشكل محور هذه الورقة هي :
1-اشكالية العولمة الثقافية وصراع الهوية
2-اشكالية الانتقاء
3-اشكالية اللغة
4- اشكالية البناء القيمي والتربوي
5- الاشكالية الجمالية والاسلوبية
6- الاشكالية النفسية
وفي ختام هذه الورقة ستكون هناك توصيات للاهتمام بأدب الاطفال ووسائط تنميته الثقافية
والله من وراء القصد
د.سعد العتابي
كلية التربية / جامعة الحديدة
اليمن