في مشفى العيون الجراحي..الجماليات البصرية تكمل الإنجازات الطبية

[ملده شويكاني]

في مشفى العيون الجراحي..الجماليات البصرية تكمل الإنجازات الطبية
تقف العين مشدوهة إزاء جماليات الفن التشكيلي المنبعثة من تدرجات اللون والتقنية والمضمون الإنساني المشكّلة جميعها لوحة ً أو مجسماً، تتسلل موسيقاه رويداً رويداً الى أعماقنا لتثير جملةً من التداعيات والذكريات وتبعث وميضاً من الأمل و السكينة، من هذا المنطلق أراد الدكتور غسان الطويل مدير مشفى العيون الجراحي (ابن النفيس) بالتعاون مع وزارة الثقافة ومعهد الفنون التطبيقية والفنانين عماد كسحوت وعبدالله عبد السلام تزيين ممرات وساحات المشفى بأعمال فنية جدارية متعددة (25)عملاً، تحقق قفزة نوعية لنشر الثقافة البصرية لأول مرة في مؤسسة حكومية –مشفى- تحديداً،كي يعيد الثقة المتبادلة بين المريض والمشفى في الجانب النفسي والإنساني و الطبي ...البعث استطلعت آراء القائمين على العمل وكانت البداية مع مدير المشفى د. غسان الطويل الذي قال: بدأت فكرة المشروع بعد أن قررتُ الإقلاع من جديد بالمشفى من حيث إعادة هيكلة الأطباء ووضع برنامج دائم للمحاضرات، ولابد أن يتوازى هذا الجهد مع الجانب النفسي والطبي، فتعاونت مع الفنانين عماد كسحوت وعبدالله عبد السلام للعمل بهذا المشروع الطوعي. ووافق وزيرالثقافة "د رياض عصمت" مشكوراً، ثم قررصرف مكافآت رمزية للفنانين، أما تكلفة المواد الأولية فتبرع بها أطباء العينية، ولم يصرف شيء من ميزانية المشفى، وقد تزامن هذا المشروع مع تزيين الحديقة بالأشجار والنباتات عن طريق المحافظ، وبهذا نكون نفذنا أول خطوة لحل المشكلة المستعصية بين المريض ومشافي الدولة وإعادة الثقة المتبادلة بينهما، فحينما يرى الجدران مزينة ويلمس المظهر الحضاري العام، سيشعر بنوع من السكينة ويدرك بأن من يفكر بسلامة عينه من الناحية الإنسانية بالتأكيد سيفكر بسلامتها من الناحية الطبية. ومن خلال تجربتي ومشاركاتي بالمؤتمرات العالمية وجدت أن كل المراكز الدولية لجراحة العين التي زرتها كانت تعنى بجماليات الفن البصرية، فلماذا لا نجاريهم لاسيما أن سورية من الدول المتقدمة بطب العيون،وحينما يأتي أي وفد لزيارتنا أؤكد له تفوقنا بكل الجوانب لأن العلم مواز للفن، ونشعر بحاجة دائمة إلى اللمسة الفنية في كل مناحي حياتنا، والهدف الآخر الذي أردته هو أن نثبت للجميع أننا موجودون ونعمل رغم الأزمة التي تمر بها سورية، فنحن شعب حي يفكر بالجمال ولا نتوقف عن التفكير بأي مشروع يصب بمصلحة المواطن وخاصةً المريض.
البداية من ملتقيات النحت
ويؤكد الفنان عماد كسحوت أن هذا المشروع من أهم المشاريع الفنية وأنه لأول مرة تقدم مؤسسة حكومية على نشر الثقافة الفنية البصرية وتزين ساحاتها وممراتها، فمنذ زمن بعيد ونحن ندعو مديري المؤسسات كلها، كي يهتموا بالجانب الفني وأتمنى أن يكون هذا المشروع حافزاً لأية مؤسسة حكومية حتى تغيّر من نظامها التقليدي وتكسر الجمود بلوحة فنية تضفي جمالية حسية وروحية على المكان، وهذا المشروع ليس بغريب علينا إذ بدأنا بنشر الفن في مجالات الحياة كلها. وكانت البداية من ملتقيات النحت وتزيين ساحات دمشق وشوارعها، وبرأيي من الضروري أن يتمتع أي زائر إلى مشفى العيون بجمالية فنية . أمافيما يتعلق بمشاركتي فهي ضمن مساري الفني المتعارف عليه، فأنا أستقي مضامين لوحاتي من الأساطير وروح الثقافة الدمشقية لاسيما أن سورية بلد الحضارات المتعاقبة عبرثمانية آلاف سنة وهي مهد الفن كما أنها قدمت أول أبجدية في التاريخ، فقدمت عملاًجسدت فيه أسطورة" قدموس" الإله الفينيقي الذي نقل الأبجدية السورية الى كريت عبر البحر، كما صورت الأختام الاسطوانية (ختم من حضارة ماري –ختم فينيقي) جاءت بأحجام كبيرة –أربعة أمتار –ورسمت عدة بورتريهات منها وجه امرأة دمشقية بحالة رومانسية ، لكن عملي الأهم كان لوحة جدارية كبيرة للمرأة ولبيوت دمشقية نقرأ فيها ملامح الحكايا والأساطير والأسرار ويوجد أيضاً عمل فني كبير لدمشق متداخل بين الخشب والبولستير، ولوحة الأحصنة التي ترمز إلى العروبة والأصالة. طبعاً استخدمت مادة الفيبر بلاس وهي مادة مقاومة للطبيعة تستخدم للنحت الجداري والنحت النافر . ويعد هذا الفن من أهم فنون الحضارة السورية .
عبد السلام :الفن حالة من الرقي
كذلك انطلق الفنان عبدالله عبد السلام من مقولة "إذا أردت أن تعرف الشعوب فانظر إلى فنونهم"، لأن الفن علامة من علامات الرقي والبعد الحضاري . ومن الضروري جداً التوافق ما بين القراءة البصرية والجمالية ، فالعين ترى والعقل يدرك واليد تنفذ ويتابع: من خلال أسفارنا ومشاركاتنا الدولية للدول المتطورة فنياً وطبياً لاحظنا وجود اهتمام بالجانب الفني فكل الأمورتحاكي بعضها بعضاً، ودرجت العادة أن نتحاور مع المحيط عبر السمع ، فما أجمل أن نسمع الأشياء من أعيننا التي تنقل الصورة أسرع. وبالتأكيد نحن نفتخر بهذا المشروع الذي يعتمد على الجانب الحسي، وقد قدمت 15 عملاً كبيراً استقيتها من روح بصمتي الخاصة (الورد) لأنه شيء أساسي في حياتنا، وهو قريب من كل الناس الذين ينتمون إلى مختلف الشرائح، استخدمت تقنية الانطباعية والواقعية وهنا غيّرت من أسلوبي في إقحام العنصرالبشري بالطبيعة، إذ أردت أن أقدم عملاً موجهاً إلى ذهن الإنسان وعينه مباشرة حتى يشعر بجمالية الطبيعة التي تهبنا الطمأنينة والسكينة، فاعتمدت على إظهار رسائل من الورد الجوري. ومن الأعمال التي قدمتها "دمشق و الجوري " فأقدم وردة جورية اكتشفت في دمشق ،ثم روجت إلى بلاد فارس وبدا من خلال عمل ثلاثي، فيه حركة بصرية ليس باللون فقط وإنما بموسيقا روح العمل وتقطيعه، فجاء بنمط متكامل متجانس. وهناك عملان بطول 3 أمتار و 60سم وعرض 135سم عن الطبيعة ويوجد عمل مباشر لخاصية العين، وفي منحى آخرترجمت فحوى الكلام المستمد من تراثنا وموروثنا إلى لوحة حروفيات، منها "إذا أردت أن تعرف نعمة ربك عليك فاغمض عينيك" استخدمت ألواناً قريبة من الألوان التي تعاملت معها في معارضي الخاصة وتنم عن تقنيتي، لكن موضوع العين مختلف، فتعمدت استخدام الألوان التي لها دور سيكولوجي و تؤثر بأعماقنا مثل الأبيض لون النقاء والصفاء والأخضر المحايد والبنفسجي لون الحكمة والهدوء.
ستبقى هذه الأعمال شاهداً على ارتباطنا بالفن الذي يقرأ إحساسنا وواقعنا ويتخيل أحلامنا ونتمنى أن تزين الأعمال التشكيلية كل مشافينا ومؤسساتنا.

ملده شويكاني

http://www.albaath.news.sy/user/?id=1385&a=122514

[بنان دركل]

شكرا لك يا أستاذة ملدا
وهو موضوع جديد لفت نظرنا
تحيتي