المسمار ... !!

[محمد فتحي المقداد]

بقلم ( محمد فتحي المقداد)*
في المدن الحديثة يتوقف المرء للحظة بدهشة بالغة أمام تلك العمارات الشاهقة التي تتعالى في السماء بطوابقها العديدة , وهناك أعلى الأبراج في العالم , يحتار العقل بروعة تصميمها وأشكالها الجميلة , وألوانها الجذابة , وفي لحظة توقف نادرة , لمعت في ذهني فكرة , تساءلت عن السر في تلك الحضارة الإسمنتية التي غزت الكون أجمع , وتبادر لذهني المسمار , نعم بلا خوف و لا وجل , إنه المسمار تلك القطعة الحديدية المبرومة ذات الرأس المدبب وهي مختلفة المقاسات والأطوال والأنواع فمنها العادي ومنها الفولاذي والألمنيوم والخشبي و قد تطورت البراغي عن المسامير وكانت ذات شأن في الحياة العامة في كل المجالات التقنية , وحكاية المسمار تبدأ بجمع شيئين إلى بعضهما وتثبيتهما.وأقدم ما أعرف عن المسمار هو في سفينة نبي الله نوح عليه السلام , فهو واسطة تماسك وترابط الألواح الخشبية , فلولا المسمار لما قامت تلك الحضارات منذ القديم وإلى الآن . وهنا هو السر العجيب في تماسك الألواح الخشبية في صنع القوالب لتلك العمارات وأبوابها ونوافذها ودخل المسمار التاريخ من أعرض أبوابه كونه أحد العناصر الفعالة في أسباب ازدهار الحاجيات الأساسية التي تعتبر من مقومات الحياة الأساسية للمجتمعات البشرية قاطبة و ليس ببعيد عنا منبر صلاح الدين في القدس الذي حرقه اليهود1967 والذي أخذت فيه المسامير الخشبية دورها , و مسمار جحا ذائع الصيت , عندما باع داره لشخص ما ولكنه شرط عليه أن يسمح له بزيارة الدار كل أسبوع لمشاهدة المسمار الذي دقه جده في الجدار ¸وافق الرجل وبدأ جحا كل أسبوع المجيء مرة يأتي بمطرقة ويضرب بها على المسمار ومرة في الليل ومرة في الصباح الباكر , حتى عاف الرجل البيت ووهبه لجحا , واستخدمت هذه القصة للكناية كما يقال ( مثل مسمار جحا ) يعني استخدام الشيء التافه لتنفيذ مآرب أكبر منه بكثير.والمسمار أساس مادته اللغوية ( سمر ) من السهر والأٌنس , واستخدمت منه أجمل الأسماء للبنات والأولاد ( سمر , سميرة , سامر , سمير ) واشتهر اسم سميرة توفيق وسميرة سعيد وهن أشهر سميرتين عرفتهما في حياتي والرقاصة سمارا والمطرب سمارة السمارة ,وهناك لون السمرة للبشرة وهو محبب للشباب ودرجت عليه الأغاني ( أسمر و سمارو عجب ) , ( الشب الأسمر جنني – هذا على ذمة سميرة توفيق ) ومن هو أسمر يقولون عنه (أسمر معجون بدمه ) أي وسيم وصبوح الوجه .
والسَمَرُ: المُسامَرَةُ، وهو الحديث بالليل. وقد سَمَرَ يَسْمُرُ، فهو سامِرٌ. والسامِرُ أيضاً: السُمَّارُ، وهم القوم يَسْمَرونَ كما يقال للحُجَّاجِ حاجٌّ. وابْنا سَميرٍ: اللَيلُ والنَهارُ، لأنه يُسْمَرُ فيهما. يقال: لا أفعله ما سَمَرَ ابْنا سَميرٍ، أي أبداً. ويقال: السَميرُ الدهرُ. وابْناهُ: الليلُ والنهارُ. ولا أفعله السَمَر والقَمَرَ، أي ما دامَ الناس يَسْمَرونَ في ليلةٍ قمراء. ولا أفعلهُ سَميرَ الليالي.
والسَمار بالفتح: اللبن الرقيق. وتَسْميرُ اللبن: ترقيقه بالماء. والتَسْميرُ كالتَشْميرِ.
والسُمْرَةُ لونُ الأَسْمَرِ. تقول: سَمُرَ، بالضم وسَمِرَ أيضاً بالكسر. واسْمَارَّ يَسْمارُّ اسْميراراً مثله. والسَمْراءُ الحنطةُ. والأَسْمَرانِ: الماءُ والبُرُّ. ويقال الماءُ والرمحُ. والسَمُرَةُ بضم الميم، من شجر الطَلْحِ، والجمع سَمُرٌ وسَمُراتٌ بالضم، وأَسْمُرٌ في أدنى العدد. وتصغيره أُسَيْمِرٌ. والمِسْمارُ: واحد مَسامير الحديدِ. تقول منه: سَمَّرْتُ الشيء تَسْميراً، وسَمَرْتُهُ أيضاً. والسُمَيْرِيَّةُ: ضربٌ من السُفُن.
وهذا السامري الرجل الذي أضل قوم سيدنا موسى عليه السلام و بعد ذهاب سيدنا موسى إلى جبل الطور وترك أخاه هارون عند قومه , وحدث عتاب بينهما
(قال) تعالى (فإنا قد فتنا قومك من بعدك) أي بعد فراقك لهم (وأضلهم السامري) فعبدوا العجل قال الله لموسى: فإنا قد ابتلينا قومك بعد فراقك إياهم بعبادة العجل, وإن السامري قد أضلهم,وهناك منطقة في فلسطين باسم ( السامرة )وفي العراق ( سامراء) التي تحتوي على مراقد الأئمة من آل البيت المقدسة ,وقد قالوا في المثل ( يا مسمار شو اللي يخليك تدخل بالجدار ,فيقول: من الضرب إللي ع راسي) وهناك استخدام في هذا المعنى لكل من يكيد لآخر فيقول عنه ( دق لي مسامير ) ومن يظهر اللامبالاة في حياته فيقولون عنه ( ما في بالدفة ولا مسمار وألعن أنواع المسامير المترامية على الشوارع العامة فتخترق الإطارات وتتسبب بحوادث مروعة , والمسامير الممقوتة هي مسامير الأحذية , عندما تنغص عليه مشوار محبب إلى نفسك , ومثلها أيضاً المسامير اللحمية في الأقدام التي تتكون من الأحذية الضيقة , وكذلك فإن البرغل لم يفقد قيمته في حياتنا وكثير من الأولاد لا يحبون المجدّرة (أكلة شعبية مكونة من البرغل المطبوخ مع العدس الأحمر وعلى الوجه يقلى البصل حتى يحمر بزيت الزيتون البلدي) فنذكرهم بأن (البرغل مسامير الرُّكَبْ) . لما فيه من عظيم الفائدة الغذائية .
سيبقى الكلام عن المسمار هذا الشيء الذي يغفل عنه الكثير, ولا يأبه به أحد إلا عند الحاجة إليه وتحضر المطرقة ( الشاكوش) الأداة القوية التي تعتبر سيدة المسمار .
====================
انتهى
بصرى الشام 16- 9 – 2010م

[ملده شويكاني]

كانت قصة مميزة من قصصك ادبيبنا العزيز ومبارك:/
http://www.omferas.com/vb/showthread...825#post162825

[محمد فتحي المقداد]

كانت قصة مميزة من قصصك ادبيبنا العزيز ومبارك:/
http://www.omferas.com/vb/showthread...825#post162825

أستاذة ملدا شويكاني
أسعدك الله
أشكرك على اهتمامك بالمقال
دمت على دروب الابداع