بسم الله الرحمن الرحيم
وبما أن هذا البحث يتناول في مقدمته , ( تناول الطعام ) فعلية استعمال كلمة اشتهيت الطعام : أي رغبته وأحببته , يقال شهيَ الشيْ وشهاه يشتهاه شهوة واشتهاه وتشّهاه . فإن كانت الشهوة مخفية فهي من الفواحش , وإن كانت علنية فهي مباحة وهي مبتغى الإنسان وطلبه وحلاله ما لم يكن بها إسراف أو تبذير , قال عمر بن الخطاب لرجل كلما اشتهى اشترى , ( أكلما اشتهيت اشتريت ) بمعنى لا يجوز التبذير , والإصراف , ولا نستعمل كلمة ( نزوة الطعام ) لأن للنزوة معان قد لا يليق استعمالها بهذا المقام , فالنزوة معناها الوثوب , وهو نزو الذكر على الأنثى , ويقال هذا للسباع عامة , والنزاء معناها السِّفاد , والسفاد معناها النزو .
فعندما نخلط بين الشهوة والنزوة للطعام فإن المعنى والشرح سيكون به اختلاف في وظائف الكلمات , ولو استبدل ( حرية النزوة . بحرية الإشتهاء ) لكان المعنى أصوب .
هذا من جهة , ومن جهة أخرى , تقول الكاتبة (وعلى هذا الأساس يشب الطفل محتسباً أنه ما دامت رغائبه محققة يبقى سعيداً وأن الغاية من الحياة هي إشباع الرغبات.
لكنه يدرك فيما بعد أنه قد خُدع ))
وأظن أن المترجم قد خلط في المعاني , ولقد أصاب في استعمال كلمة الرغبات , وأخطأ في استعمال كلمة النزوات , وأنا أخالف رأي الكاتب في العبارة أعلاه , فعلى الطفل أن يشبع رغباته , ويجب على الوالدين تحقيقها ما دامت هذه الرغبات لا تتعدى المأكل والمشرب والأدوات المدرسية وأدوات اللعب , والتنزه , والسير على الأقدام وتسلق الأشجار , ليكتشف من هذه الحركات وهذه التصرفات أشياء أخرى قد تفيدة في تجنب الكثير من الأخطاء التي تصادفه , ولكن علينا أن نعترف بأن بعض أو كل هذه النعم قد تزول , ومن الأفضل أن يكون الإنسان معتدلاً في مأكله وملبسه ومشربه تماشياً مع القول ( إخشوشنوا فإن النعم لا تدوم )
وأما القول ( لكنه يدرك فيما بعد أنه خدع ) فهذا غير صحيح , ولا يمكن أن يؤدي هذا إلى خديعة , ما دامت كل الأمور بمستوى المعقول التي تناسب إدراك الطفل , ومن جهة عامة , باستطاعتنا القول , بأن البشرية تريد من حياتها إشباع رغباتها فتجنح لاستصلاح الأراضي وشق الطرق وحرث الأرض واختراع كل ما يلزمها للحياة من أدوات ,المطبخ والمصنع والدفاع عن الأرض , والتفكير باستحداث أنواع من الفواكه والخضروات تحقيقاً لما تشتهيه النفس , وليس لإشباع ( النزوات ) التي قد تفسر لأغراض أخرى .
للكاتبه الأستاذة والمربية والأديبة رغد قصاب , أجمل الأوقات ولها كل التحايا والاحترام .