سوريا: مواجهات دامية بين القوات الحكومية والمعارضة مع انتهاء مهلة عنان
ينظر اللاجئون السوريون في تركيا بترقب إلى كل ما يجري على الجانب الآخر من الحدود حيث تركوا بيوتهم وأقرباءهم
تزايدت وتيرة العنف في مناطق سورية عدة قُبيل ساعات من انتهاء المهلة التي حددها كوفي عنان، المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا، لوقف إطلاق النار في البلاد في العاشر من الشهر الجاري، الأمر الذي يهدد مبادرة السلام الدولية في تلك البلاد وينذر بعواقب وخيمة على المنطقة برمتها.
فقد نقلت وكالة رويترز للأنباء عن ناشطين في المعارضة السورية قولهم الاثنين إن قصفا للجيش السوري أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 115 شخصا في محافظة إدلب الواقعة شمال غربي البلاد على مدى اليومين الماضيين.
ووقال الناشطون إن عمليات القتل وقعت في منطقة سهل الروج التي تضم قرى وأراضٍ زراعية جنوب غربي مدينة إدلب، حيث تحاول القوات الحكومية استعادة السيطرة على مساحات من الأراضي كانت قد سقطت في أيدي مقاتلي الجيش السوري الحر المعارض.
غضب تركي
تقول تركيا إنها ستتخذ ما يلزم إذا تكرر إطلاق النار على الحدود
كما ذكر ناشطون أن اشتباكات دارت بين قوات الحكومة ومقاتلي المعارضة بالقرب من الحدود التركية.
وقال مسؤولون أتراك ان اثنين من اللاجئين السوريين ومترجما تركيا أصيبوا بنيران أطلقت من داخل سوريا على مخيم للاجئين في الأراضي التركية، الأمر الذي أثار غضب الحكومة التركية.
بدوره، شجب بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، إطلاق النار عبر الحدود من سوريا إلى تركيا ولبنان قُبيل مهلة وقف إطلاق النار في الصراع الناشب منذ أكثر من عام والذي دفع البلاد إلى حافة الحرب الأهلية.
وقال مكتب بان في بيان أصدره الاثنين: "لقد انزعج الأمين العام من ورود أنباء أفادت باستمرار العنف وانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، الأمر الذي أدى إلى زيادة تدفق اللاجئين إلى الدول المجاورة."
وأضاف البيان: "يشجب الأمين العام بشدة إطلاق النار المميت من سوريا إلى تركيا ولبنان."
رواية سورية
إلا أن وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" قالت إن قوات حفط النظام "كانت قد توجهت إلى منطقة السكري بحلب لحماية تجمع عدد من المتظاهرين بعد أن شهدت هذه المنطقة في الفترات الأخيرة حالات من الاعتداء على التجمعات بقصد اتهام قوات حفظ النظام فيها."
نشرت "سانا" الاثنين أسماء 25 شخصا من عناصر الجيش وقوات حفظ النظام قالت إنهم قُتلوا على أيدي "مجموعات إرهابية مسلحة" في محافظات ريف دمشق ودرعا واللاذقية وحلب وإدلب ودير الزور
ونقل مندوب الوكالة عن مصدر في المحافظة قوله إنه "لدى وصول عناصر حفظ النظام إلى منطقة قريبة من التجمع جرى إطلاق النار عليهم من كل الجهات من ضمن المتجمعين، ما أدى إلى مقتل تسعة عناصر وضابط برتبة ملازم أول ومدني."
وقالت الوكالة إن 11 عنصرا من قوات حفظ النظام واثنين من المدنيين أُصيبوا أيضا بجروح جرَّاء إطلاق النار عليهم في المنطقة نفسها.
وفي تطور آخر، نشرت "سانا" أسماء 25 شخصا من عناصر الجيش وقوات حفظ النظام قالت إنهم قُتلوا على أيدي "مجموعات إرهابية مسلحة" في محافظات ريف دمشق ودرعا واللاذقية وحلب وإدلب ودير الزور.
وقد امتدت إراقة الدماء أيضا إلى شمال لبنان حيث قتل المصور التلفزيوني علي شعبان خلال عمله في مهمة لصالح قناة الجديد التلفزيونية اللبنانية.
وقالت مصادر من القناة المذكورة إن المصور شعبان قضى جرَّاء إطلاق النار عليه في منطقة وادي خالد في شمال لبنان بالقرب من الحدود مع سوريا.
قضى المصور علي شعبان جرَّاء إطلاق النار عليه في منطقة وادي خالد في شمال لبنان بالقرب من الحدود مع سوريا
ونقلت "سانا" عن مصدر إعلامي سوري قوله "إن فريق قناة الجديد كان يتواجد أثناء الحادث في منطقة حدودية تشهد محاولات تسلل متكررة، وبشكل يومي من قبل المسلحين، وكذلك عمليات إطلاق نار من المجموعات الإرهابية المسلحة على نقاط حرس الحدود داخل الأراضي السورية."
"موضع شك"
ويشير استمرار وتصاعد أعمال العنف تلك إلى أن تنفيذ خطة السلام التي اقترحها عنان وقبلها الجانبان في بداية الأمر قد أصبح موضع شك.
وكان من المقرر أن تبدأ سوريا سحب قواتها من المدن بحلول الثلاثاء، ممهدة الطريق لهدنة تبدأ في الساعة السادسة من صباح يوم الخميس المقبل.
لكن الرئيس السوري بشار الأسد طالب الأحد الماضي بضمانات مكتوبة من مقاتلي المعارضة بأنهم سيوقفون القتال ويلقون أسلحتهم، الأمر الذي رفضه المقاتلون على الفور.
وقال نائب وزير الخارجية التركي، ناجي كورو، "إن مهلة العاشر من أبريل/نيسان قد أصبحت الآن بلا جدوى."
كما قالت كاثرين أشتون، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن اضافة المزيد من الشروط على خطة عنان "أمر غير مقبول على الإطلاق."
"إن محاولات فرض حل على سوريا من الخارج لن تؤدي إلا إلى تصاعد التوتر. فكل شيء يجب أن ينطلق من احترام سيادة سوريا، كما يجب أن يتوقف العنف"غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي
بدورها، دعت الصين، التي ساندت موقف دمشق حتى الآن، الجانبين إلى الالتزام بوقف إطلاق النار ومساندة جهود عنان.
دفاع روسي
أما روسيا، التي دافعت بشراسة أكبر عن موقف الحكومة السورية في مجلس الأمن الدولي ولا تزال تُعتبر أهم حلفاء دمشق، فلم تصل إلى حد الضغط على النظام السوري، بل عبرت عن رفضها لأي تدخل دولي في سوريا.
وقال غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي: "إن محاولات فرض حل على سوريا من الخارج لن تؤدي إلا إلى تصاعد التوتر. فكل شيء يجب أن ينطلق من احترام سيادة سوريا، كما يجب أن يتوقف العنف."
وأضاف غاتيلوف: "لا يمكن لأي قرار مفروض على سوريا من الخارج أن يكون قابلا للحياة دون حوار سياسي داخلي في البلاد"، مذكرا بكيفية تأويل قرار مجلس الأمن حول ليبيا بصورة خاطئة.
وأردف قائلا: "إن موسكو لا تستبعد احتمال توجيه ممثليها للمشاركة في بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سورية."
ومضى إلى القول: "إننا ننظر حاليا في مثل هذا الاحتمال، لكن المسألة معقدة وتتطلب معالجة إضافية."
لكن غاتيلوف قال إنه يتوجب على الحكومة السورية أن تسحب قواتها من المدن في العاشر من نيسان الجاري، كما يجب أن يتم وقف أي عنف من قبل جميع الأطراف، أي من قبل الحكومة والمعارضة المسلحة، في غضون 48 ساعة من اليوم الثلاثاء.
وقال: "إن روسيا ستنظر بعد ذلك في أي اتجاه يسير الوضع."
المعلم في موسكو
زيارة المعلم ترمي "لاتخاذ مواقف واقعية متزنة للخروج بحل سياسي سلمي للأزمة"
في غضون ذلك، بدأ وليد المعلم، وزير الخارجية والمغتربين في سوريا، الاثنين زيارة إلى روسيا لإجراء مباحثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف "تتركز حول تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات المتعلقة بمهمة عنان".
وقالت مصادر سورية إن زيارة المعلم إلى موسكو تأتي في سياق عملية التنسيق المتواصل والمشاورات المستمرة بين البلدين "لاتخاذ مواقف واقعية متزنة للخروج بحل سياسي سلمي للأزمة في سوريا."
وتقول الأمم المتحدة إن القوات الحكومية السورية قتلت أكثر من 9000 منذ بداية الانتفاضة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الخامس عشر من شهر مارس/آذار من العام الماضي.
إلا أن سوريا أبلغت المنظمة الدولية الأسبوع الماضي أن عدد القتلى منذ بداية الانتفاضة بلغ 6044 شخصا، بينهم 2566 من العسكريين والشرطة وقوات حفظ النظام.
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2012/04/120409_syria_annan_plan_ceasefire.shtml