مليونية الضجر
***
شعر
صبري الصبري
***
إنا ضجرنا مـن حشـود تظاهـر
أودت بمصـر وشعبهـا لحفائـرِ
وتسربلت أقدام (ليلى) فـي العنـا
وهوت بقـاع مصائـب ومخاطـرِ
وبدت بلوعتهـا الأليمـة دمعهـا
يهمـي بدفـق مدامـع بمحاجـرِ
إنا سئمنـا مـن سفاهـات بـدت
بالسوء لاحت فـي قبيـح مناظـرِ
فوضـى تعـم حياتنـا بمخـالـب
قضـت مخـادع أمننـا بأظـافـرِ
فبـكـل درب ثـلـة بهتـافـهـا
وبكـل نهـج مستطيـر ظواهـرِ
نحيـا حيـاة الخائفيـن فأمنـنـا
ولى وصرنا في صـراع ضرائـرِ
نحتـل فيهـا مـا نشـاء بفتنـة
عميـاء تدفـع شعبنـا لكبـائـرِ
وتقيـم فينـا مهلكـات حياتـنـا
في الإثم يردينـا بنـار تصاغـرِ
ما ذنب مصر تمزقت أرجاؤهـا ؟!
ما ذنبها عانت مريـر مظاهـرِ ؟!
باسـم التحـرر حركتنـا شهـوة
للقيـل والقـال الشديـد الظاهـرِ
بئس المراء مـراء شعـب واحـد
عانى المآسي من حـراب حناجـرِ
(اقتـل أخـاك بسبـه وبقـذفـه)
(حقره بالقول المسـيء الداعـرِ)
هـذا شعـار العابثيـن بمصرنـا
هـذا سبيـل المستبـد الحـائـر
في كل نـادٍ مـن نـوادي نيلنـا
حشد يلاقي حشـد خصـم كاسـرِ
بالطوب والخرطوش يمطر جونـا
يـا للإصابـة بالبـلاء المـاطـرِ
في كل درب ضرب نـار أشعلـت
فينا الرزايـا أضرمـت بأواصـرِ
من أنت قل لي إن مـررت بحينـا
هل أنت خصمي أو حميم مناصـرِ؟
كدنـا نصنـف بعضنـا بسجلنـا
حسـب الـولاء لفكـرة بدفـاتـرِ
صرنـا نتاجـر بالمبـادئ جهـرة
يا ويـح كـل مدلـس ومتاجـرِ !
والبعض أضحى بالزعامـة جامعـا
أنصـار دعـم حاشـد لمكـابـرِ
والبعض كفَّـر بعضـه بتجـريء
بئس الفتاوى مـن جهـول ماكـرِ
والبعض أصبح بالفضـاء محركـا
للشر يبحث عـن هـراء محـاورِ
والبعض أمسى بالوقـود مسعـرا
يصغـي لويـل تنافـس وتخابـرِ
و(يشيّـر) الأنبـاء دون تحـقـق
ويشيـع فحشـا موغـلا بتناحـرِ
وبعمـده طعـن لآخـر كاشـحـا
ببغيـض إخـلال مقيـت جـائـرِ
قسمين أصبحنـا بجـرح نـازف
صعـب أليـم بالجـوارح غائـرِ
بالدمـع باتـت أعيـن ببكائـهـا
فيه الثكالـى فـي سـواد ستائـرِ
يومـا نشيـع للمشـافـي ثـلـة
من بعـد تشييـع لجـوف مقابـرِ
والناس بالأرض البعيـدة عينهـا
ترنو إلينـا فـي ذهـول الناظـرِ
وتقـول أقـوالا تعـدد قصـدهـا
بيـن الشماتـة والـوداد العاطـرِ
أعـداء مصـر بفرحـة وسعـادة
أحباب مصـر بلوعـة وتضافـرِ
صرنا بكـون شاخـص متعجـب
متـرقـب متـأهـب متـقـاطـرِ
مليون شخـص كـل يـوم بيننـا
يمضي بصيحات الهتاف الهـادرِ !
وإذا سألت عن المصانع قد خـوت
منهـم تراهـم بابتـدار مبـادرِ :
(ثوارنـا بالإعتصـام بخيـمـة)
يـا للعجائـب فـي خيـام الثائـرِ
كدنـا نفلّـس باقتصـاد منـهـك
من فرط تهريج وفـرط تظاهـرِ !
كدنـا نواجـه ثــورة فـوريـة
لجيـاع فقـر مـدقـع بعنـابـرِ
لن يشبع الناس الكـلامُ فجهـزوا
للقـوت غرسـا يانعـا بقنـاطـرِ
لن يُسكن القومَ الخـلاءُ فأنشئـوا
إيـواء مثواهـم بحسـن عمائـرِ
لن يستر الجسم العـراءُ فستّـروا
أجسام من عانـى بثـوب ساتـرِ
هيـا نضمـد بالسـلام جراحـنـا
هيـا نعـود لألـفـة وتـحـاورِ
للبحث عن عيش الوئـام لشعبنـا
في نضر روضات الرخاء الزاهـرِ
مصر الجميلـة تستحـق حياتهـا
بظـلال شـرع لـلإلـه الـقـادرِ
هـذا نـدائـي للأحـبـة كلـهـم
من بوح إخلاصي وصدق مشاعري
سأظل أهتـف بالغـرام لمصرنـا
بقصيد تغريد المحـب الشاعـرِ !