السلام عليكم و رحمة الله
في قصيدتي الأخيرة ( قالت ) كنت قد كتبت آخر بيت على هذا النحو :
فامضي فقد بعت النعيـم لأجلهـا
و شريتها ، أفَهَمتِني ؟ قالت بلى ؟
و لكن هاجساً كان ينتابني أن هناك خطأ ما في هذه التركيبة اللغوية و لاسيما أن الآية القرآنية الكريمة ( وَأََشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أََلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) تبادرت إلى ذهني بعد انتهائي من القصيدة فكان لزاما عليَّ أن أعود للمعجم لأتأكد متى تكون الإجابة ب ( نعم ) و متى تكون ب ( بلى ) و كلاهما من حروف التصديق و لأن الاعتراف بالحق فضيلة و الإنسان مهما بلغ من العلم ما بلغ فإنه يظل تلميذا في مدرسة الحياة ينهل من القرآن و السنة و الكتب ما لم يكن يعلم فقد كان لابد و أن أعود إلى المعاجم العربية.
و بعودتي للسان العرب وجدت الآتي فنقلته إليكم كما هو في اللسان :
نَعَمْ
ونَعَمْ ويقال نَعِمْ ونِعِمْ ونَعَامْ ونَحَمْ بإبدال العين حاءً حرف جواب معناهُ التصديق إن وقع بعد الماضي نحو هل قام زيد. والوعد إن وقع بعد المستقبل نحو هل تقول قال سيبويه نَعَمْ عدةٌ وتصديق أي عدة في الاستفهام وتصديق للإخبار ولا يريد اجتماع الأمرين فيها في كل حالٍ وهو يبقي الكلام على ما هو عليهِ من إيجاب أو نفي لأنها وُضِعت لتصديق ما تقدَّم من غير أن ترفع النفي وتبطّلهُ فإذا قال القائِل ما جاءَ زيدٌ ولم يكن قد جاءَ وقلت في جوابِه نَعَمْ كان التقدير نعم ما جاءَ فصدَّقت الكلام على نفيهِ ولم تبطل النفي كما تبطلهُ بَلَى وإن كان قد جاءَ قلت في الجواب بَلَى والمعنى قد جاءَ. فنَعَمْ تبقي النفي على حالهِ ولا تبطلهُ وفي سورة الأعراف أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ولو قالوا نعم كان كفرًا إذ معناهُ نعم لستَ بربّنا لأنها لا تزيل النفي بخلاف بَلَى فإنها للإيجاب بعد النفي وقد تُستعمَل نَعَم في العرف مثل بَلَى ورجَّحهُ أهل الشرع ألا ترى أنك إذا قلت نعم في جواب من قال نَعَمْ صدرًا كانت للتأْكيد نحو نَعَمْ هذه أطلالهم قيل والحقُّ أنها في ذلك حرف إعلام وأنها جواب لسؤال مقدَّر وربَّما فُتِحت ميم نَعَمْ ضرورة كقولهِ نَعَمْ إن قلتما نَعَمَا
بلى :
بَلَى من حروف التصديق مثل نَعَمْ إلاَّ أن نَعَمْ يقع تصديقًا للإيجاب والنفي في الخبر والاستفهام جميعًا وبَلَى يختصُّ بالنفي ويفيد إبطالهُ سواءً كان مجردًا نحو ما جاءَ زيدٌ فتقول بَلَى أم مقرونًا بالاستفهام حقيقيًّا كان نحو أليس زيدٌ بقائِمٍ فتقول بَلَى. أو توبيخيٍّا نحوأم يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى ورُسُلُنُا لَدَيْهُمْ يَكْتُبُونَ أو تقريريًّا نحو وَأََشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أََلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى أي شهدنا. أجرى النفي مع التقرير مجرى النفي المجرَّد بردِّهِ ببَلَى والمعنى في كل ذلك على الإثبات ولو كان ما قبلها منفيًّا ولذلك إذا قلت لرجلٍ أليس لي عندك دَينٌ فقال بَلَى يلزمهُ الدين بخلاف ما إذا قلت نعم لأن ما بعدها يكون على حسب ما قبلها في النفي والإثبات .
و كان من الطبعي أن أعيد صياغة البيت الأخير على النحو التألي :
فامضي ، فقد بعت النعيم لأجلهـا
و شريتها ، أو لا تعي ؟ قالت بلى
أو
فامضي فقد بعت النعيم لأجلهـا
أو مَا فهمتِ رسالتي ؟ قالت بلى
فأرجو أن تعم الفائدة للجميع
مع خالص محبتي و تقديري