يمهل ولا يهمل
بكعب عال وسروال جينز ضيق يبرز أردافها ومؤخرتها بشكل ملفت للنظر .تقدمت وهي تحمل في يدها حقيبة صغيرة أمامها طفل صغير ووراءها امرأة عجوز يبدو أنها أمها لا تأبه للطابور الطويل تتجه في تحد صارخ نحو شباك التذاكر على صفير كل المصطفين الذي لم يحجمها عن ما نوت فعله .
من فضلك ياآنسة احترمي الطابور .
تنظر إليك باحتقار وهي تردد بعض الكلمات غير المسموعة. في هده اللحظة وهي تقترب منك يتوجه إليها متسول تصده عنها وهي تردد بصوت مرتفع :
سوفاج سير قلب على شي خدمة
للرد على مثل هدا السلوك يخرج جميع من كان في الطابور قطعته النقدية ويسلمها للسائل الذي يبتهج وتبدو عليه علامات الارتياح . يقترب منها واضعا أمامها كل ما جمعه وهو يقول:
الله يجعل ربي يشوق فيهم وما تصيبي اللي يعتقك
تاخد تذكرتك وتتجه إلى القطار الذي لم يبق له إلا ثوان ويقلع من المحطة .مازالت تلك التي أزعجت الجميع بتصرفها لا تفارق تفكيرك .تصعد العربة ثم تلج مقصورة لتعد الساعات الفاصلة بين مراكش والبيضاء .هيأت لها كل العدة من جرائد يومية وأسبوعية ومجلات تنشرها إمامك علها تنسيك التفكير في المسافة التي تعدها بالساعات وليس بالكيلومترات .
بائع السندويتش في حركة دائبة يجد صعوبة في تلبية كل الطلبات ..ماء معدني ...مشروبات غازية ..ساندويتش ....نقاش حول الاثمنة سرعان ما ينتصر فيه البائع على الزبائن ..يستعين كل مرة بمساعده الدي يزوده بكل شيء بسرعة فائقة.
تستغرب من شيء تلحظه في كل سفر من كون بعض المسافرين لا يتوقفون عن الأكل وكأنهم يقصرون المسافة يهدا الفعل .أما أنت فتكتفي بقنينة ماء معدني اقتنينها من خارج المحطة أما الأكل فيمكنه أن ينتظر إلى المحطة الأخيرة .
محطة سطات.. محطة سطات....
.بدت محطتك الموعودة على مرمي ساعة ونيف .بعد نزول المسافرين يقلع القطار وتغرق في جريدة علها تخفف عنك ما تبقى من الوقت . لم تمض إلا دقائق معدودة حتى يتوقف القطار ليفاجأ الجميع .تبدأ التساؤلات عن سبب التوقف . لا احد يعرف السبب . بعد مدة معينة يعرف السبب ويقلع القطار .فال احد المسافرين الذي يبدو انه بحث جيدا عن السبب وهو يقول : لقد تم إيقاف القطار بالضغط عل زر الاندار.
تعود إلى جرائدك مستاء من مثل هده السلوكات المدمرة التي أضاعت منك دقائق ثمينة وجعلت الناس تستاء من كثرة الانتظار .تقول مع نفسك هدا سلوك غير حضاري لابد من الوقوف لصد تكراره ولابد للجاني أن يؤدي غرامة مالية معتبرة ادا ضبط بطبيعة الحال ...في مدينة بشمال المغرب لا يمكن أن يمر قطار دون أن تكسر نافدة على الأقل وبما أن الاعتداءات زادت عن حدها فان المسئول الذي يتحمل أداء الدعيرة هو مجلس المدينة .
هدير القطار وهو بعب الفيافي لا يترك لك فرصة التملي ببعض المناظر الطبيعية. ينقطع خيط التفكير وأنت تسمع إلى صوت ليس غريبا على أدنك تعرفت عليه في بهو المحطة قرب شباك التذاكر .بالفعل إنها هي تلك المتعجرفة التي احتقرت الجميع وتحدتهم تمسك بيد الطفل الصغير باليسرى وتمد يدها اليمنى
من فضلكم ساعدونا على تأدية الغرامة المقروضة علينا من مراقب القطار..وهي تشير إلى الطفل الصغير...هدا الجن هو اللي ضغط على زر الاندار.
تدخل المقصورة لترفع عينيك في عيناها وهي تمد يدها وتعيد كلامها على الحضور يتغير لونها
في هده اللحظة يصيح احد المسافرين من المقصورة المجاورة قائلا:
سوفاج السعاية حتى في القطار
تمعن النظر فيك لتختزل المسافة بين بهو المحطة وهده اللحظة ثم تسحب يدها وتهم بالانصراف تنهمر على خدها دمعتين تحاول إخفاءهما بيدها.وقبل أن تترك المقصورة تاخد بيدها وتضع فيها ما يمكن من اجل مساعدتها في هده المحنة .كل من في المقصورة يتأثر بهدا الموقف ويمد بيده إلى جيبه للمساعدة أما هي فتاخد ما تفضل به المسافرون ودموعها لاتكاد تقف عن الانهمار.