ترددت قبل أن أكتب هذه الأسطر قبل السياحة التي قمت بها في كتاب : ( أنت تفكر إذن أنت كافر) .. وسبب ترددي أن السيدة التي سوف أتحدث عنها،هي سيدة أكن لها الكثير من الاحترام .. وقد عرضت عليّ أن تأسس في موقعها الشخصي"ناديا للكتاب"أعرض فيه بعض الكتب .. وقد سعدت بذلك جدا.عموما .. حسمت ترددي،في كتابة هذه الأسطر من عدمها،نظرا لأن جزء من القضية يتعلق بحرية الرأي في بلادنا .. وربما يتعلق – أيضا – بدور العلاقات الشخصية في المجال الثقافي أو ما يعرف بـ(الشللية).بعد افتتاح (نادي الكتاب)،وعرض بعض الكتب فيه .. اقترحت عليّ تلك الأخت الكريمة بعض الكتب لعرضها .. ثم اقترحت كتاب (أنت تفكر إذنت كافر) للأستاذة سلوى اللوباني .. فرحبت بالكتاب،والذي وصفته أختنا الكريمة بأنه حقق مبيعات كبيرة عبر أحد المواقع الإلكترونية. وبدأت أقرأ .. ولم يطل بي المسرى حتى أصبت بصدمة .. فكتبت لتك الأخت الكريمة .. أن الكتاب به الكثير من (الخلط). فإن رأت أن تعفيني من عرضه .. أو أعرضه مع (الحوار معه) .. أو شيء بهذا المعنى،لأنني لم أعثر على رسالتي تلك. جاء الرد أن لديّ الحرية الكاملة في أن أكتب ما شئت!!!قرأت الكتاب .. وكتبت .. وأرسلت .. فجاءني الرد التالي من الأخت الكريمة :(رائع لكن سأأجله فقط أسبوع لوجود عدد من المقالات والتي ارغب في نشرها وسانشره السبت بعد القادم
أخوي محمود نرغب في مقال منك وليس فقط عرض كتب انتظر مقال منك
دمت بخير).
ثم بعثت إليّ بهذه الرسالة :(هلا أخي محمودتحية طيبة وبعدلقد ارسلت ماكتبت من عرض إلى الكاتبة الصديقة سلوى اللوبانيوقد أستغربت نبرة السخرية التي توجد في كلمات عرضكلذا آمل منك قبول عذري في نشر عرضككما آمل منك السماح لي بأعطاها بريدك الإلكتروني رغبة منها بالتواصل معك فيما يخص عرض الكتابولديها رد على ماكتبت وأرغب أن تسمع منهاتحياتي).وقد بعثت للأخت الكريمة بهذا الرد :(أختي الكريمة .. تمر علينا مواقف تجعلنا نسأل أنفسنا هل حقا نؤمن بحرية الرأي؟!! شخصيا أعتقد أن حواري مع كتاب أختنا الأستاذة سلوى يقع ضمن تلك المواقف .. فمن حق الأستاذة سلوى أن تكتب الرد الذي تراه مناسبا،ولعلك تنشري الموضوعين متجاورين .. ونترك الحكم للقراء ولا يخفى أن الموقع يتميز بمجموعة من المثقفين الذين لا ينقصهم الوعي .. . وفيما يتعلق بإعطاء إيميلي للأستاذة سلوى .. فإيميلي متاح للجميع ويسعدني الحوار مع الجميع أيضا.)
أرسلت العرض / الحوار،إلى البُرد الإلكترونية المتوفرة لديّ،وتم نشره في موقع (لجينيات).أول تعليق وصلني كان من الأستاذ نبيل المعجل،وقال فيه :(تحليل جميل وشامل للكتاب لأنني كنت أراقب كل كتابات سلوى في السنوات الأخيرة
عمل جميل يستحق ان ينشر في الصحف والمنتديات....لماذا لا تحاول؟ ربما لو اختصرت بعض الشيئ سيكون مقبولا أكثر لدى الصحف والله أعلم)شكرته ..بهذه الرسالة :(شكرا أخي الكريم .. وقد (طلقت) الصحف الورقية من سنوات .. أو (طلقتني) هي على الأصح.
دمت بخير.) ولكن سرعان ما وصلني منه هذا التعليق :(لي رأي مختلف الآن بعدما قرأته جيدا....رأيي الأول كان بعدما قرأت العناوين وبعض العبارات
أعتقد بأنك بالغت في النقد الجارح وأتمنى لو تعمل عليه بشكل أفضل وأقصر قبل أن تنشره وشكرا).وقد بعثت برد للأستاذ"نبيل" – لم أعثر عليه – قلت له أنني أشعر أن هذا الكتاب به (جني)!! فالإنسان يبدي رأيا .. ثم يرى فيه رأيا آخر!!!!!!!!وسوف نلاحظ أن المؤلفة رأت أن عباراتي كانت (ساخرة) .. أما الأستاذ نبيل فقد وصف عرضي بأنه (نقد جارح)!!وبعد ... لم تصلني أية رسالة من المؤلفة .. فإلى الكتاب ..(أنت تفكر .. إذن أنت كافر ) : سلوى اللوباني
لعلكم لا تستطيعون تصور صعوبة أن أقتلع نفسي بين يدي كتاب (النسيان) للأستاذة أحلام مستغانمي من أجل أن أكتب عن كتاب (أنت تفكر .. إذن أنت كافر)،للأستاذة سلوى اللوباني!! من يريد أن يخرج من (جنة القراءة) ليلج (جحيم الكتابة)؟!!!مطب (التكفير) والحرية (المفتوحة)
قبل الحديث عن الكتاب لابد أن أشير إلى أنني كنت أتمنى على أختنا الكاتبة لو أنها حددت لنا قناعتها في القضايا التي طرحتها،ولم تكتف بإيراد آراء الآخرين أو سرد أقوالهم – في استطلاعات ثقافية – فعلى ضوء تلك القناعات نستطيع أن نتحاور. فهل تؤمن بحرية (مطلقة) لا قيود عليها؟! أم أنها تؤمن بــ(حدود) لا يجب على المبدع أن يتخطاها؟أستغفر الله من عبارة الأستاذ مارون عبود،ولكنني أوردها هنا،لأبين أن القضية في الأصل هي (قناعة) بوجود (خالق) علينا أن نطيع أوامره،أو (عدم وجوده) فلكل أن يقول ما يشاء،أو أن يفعل ما يشاء – في إطار ما يتفق عليه المجتمع – وقد لا ينفي (مجتمع) وجود (الخالق) ولكنه يحيد أوامره،ويشرع هو لنفسه ما يريد،كما يحدث الآن في المجتمعات الغربية.اقترعوا على (الشذوذ) فأباحوه،كحرية شخصية،ثم قننوه كزواج (شرعي) .. إلخ.نعود إلى الأستاذ (عبود) فقد تحدث عن شعراء (رفعوا الكلفة مع الله) – تعالى الله علوا كبيرا – وفي ذلك السياق نجد الوقائع التالية. أمر الله – سبحانه وتعالى – من يؤمنون به أن (يغضوا ) أبصارهم عن النظر إلى النساء. فاعترض أحد الشعراء وقال: إلهي ليس للعشاق ذنب فأنت تبلو العاشقيناوتخلق كل ذي طرف جميل وتأمرنا بغض الطرف عنه كأنك ما خلقت لنا عيونا.
ثم عاد الشاعر فتاب وسمى ذلك الاعتراض (كفرا) قال :عذرا إن قلت كفرا فقد يطن البعوض أغراني يا إلهي سماحك المستفيض
بما أن أختنا الكاتبة لم تبين لنا رأيها في وجود (حرية مطلقة) مقابل (حرية مقيدة)،فإننا نتساءل : هل توجد في العالم (حرية مطلقة)؟! طبعا الأنموذج الذي ينصرف إليه الذهن مباشرة،هو (الغرب) الذي نعدو خلفه لنحقق ولو بعضا من (حريته)،فهل لدى ذلك الغرب حرية مطلقة؟!!عندما نشب خلاف سنة 1922 بين تريستيان تزارا زعيم الدادائيين الألمان،وبين اندريه بريتون زعيم الدادائيين الفرنسيين،وقد انتصر بريتوت فأنشأ بعد ذلك حركة جديدة هي (السريالية) وهي كما عرفها البيان الأول :(تتلخص في التعبير عن خواطر النفس في مجراها الحقيقي بعيدا عن كل رقابة يفرضها العقل ودون أي حساب للاعتبارات الخلقية أو الجمالية.){ ص 186 (قصة الفن الحديث) / سارة نيومير / تعريب : رمسيس يونان.}. هذه الجمعية وضعت – بعد ذلك – خطوطا حمراء لسيلفادور دالي – السريالي الكامل،كما يسمي نفسه – وحين تجاوزها طردوه من الحركة بحجة (النازية)!!! ويقول الدكتور محمد الرميحي : (وهناك بلدان كثيرة – حتى المشهورة منها بانفتاحها وتقبلها كل الأفكار – لم تستطع أن تتحمل السماح ببعض العروض السينمائية. في فرنسا،مثلا،التي بنت سمعتها على حرية الفكر،لم تستطع أن تتحمل عرض فيلم (الراهبة) الذي قامت ببطولته جان مور (..) ولكن الفيلم الآخر الذي أثار ضجة أكبر واعتراضات أعظم وصلت إلى حد قيام المظاهرات وإشعال النار في دور السينما في كل من أمريكا وكندا هو فيلم "الإغراء الأخير للمسيح" ..){ مجلة العربي الكويتية العدد 439 يونيو 1995م. }. تجنبا للإطالة،نشير إلى حظر فرنسا كتاب الشيخ القرضاوي ( الحلال والحرام) - مجرد كتاب - قبل أن ترفع ذلك الحظر،بعد ذلك. كما حاكمت فرنسا المفكر روجيه جارودي لأنه شكك في (الهولوكوست)،وحكمت عليه المحكمة بالسجن سنة 1998،ثم خُفف الحكم إلى غرامة مالية (20 ألف فرنك)،بسبب شيخوخته!!!! وهل ننسى صورة المؤرخ البريطاني ديفيد أرفنغ،وهو مكبل اليدين،بعد أن تم القبض عليه. وقد حكمت عليه محكمة نمساوية بالسجن ثلاث سنوات،لأنه أنكر الهولوكوست!!!!!!مطب (الجنس) ومطب (الإبداع)
مثل موقفها من مبدأ (الفكر) لم تبين لنا أختنا الأستاذة سلوى وجهة نظرها في حشو الأعمال الإبداعية شعرا ونثرا – الروايات والقصص بشكل خاص – بالجنس!! فهل هي ممن يرون أن ذلك (قلة حياء) أم أنها مع القائلين بأنه إذا كان غير مباشر،وكان يخدم العمل الأدبي فلا بأس به؟!! أم أنها تؤيد القائلين بفتح الباب على مصراعيه للحديث عن الجنس؟!!!ثم ما الإبداع؟!! هل وصف ما يحصل بين الرجل والمرأة يعد إبداعا؟!! وهل وضع (لفظ الجلالة) ثم إتباعه بلفظة (القذارة) إبداع؟!! كما فعل حيدر حيدر في روايته المشهورة!!! وقد لفت نظري – في هذا الكتاب الذي بين أيدينا – قول الشاعر عمر شبانة: (بعيدا عما يقوله المبدع الكبير محمد شكري){ ص 63 (أنت تفكر)}. فهل قيام محمد شكري بسرد قصة حياته،وما تخللها من ممارسته للجنس مع النساء،وذكره أنه فعل به فعل قوم لوط ،هل هذا هو الإبداع؟!!! لو أن الشاعر (شبانة) وصف (شكري) بالجرأة لقلنا لا بأس،ولكن هان الإبداع إن كان مجرد سرد ما يخجل الناس – عادة – من ذكره. وكل الذي حصل مع (شكري) أنه :(سرد حكاية "تأجير جسده" للأجانب مقابل "لقمة العيش")،كما يقول الأستاذ محمود سلطان{ جريدة المصريون عدد يوم 29/1/2010م.}. وعندما يصف صلاح الدين محسن – في إحدى روايته – القرآن الكريم بأنه(كتاب الجهل البدوي المقدس)،فهل هذا إبداع؟!!قبل أن أملأ فمي وأقول (العقل) عليّ أن أعترف بأنني أتحدث هنا عن (عقلي) وقد يكون القصور فيه،أو في قدرته على (التصور). فعندما يقول الدكتور نصر حامد أبو زيد،أن بعض ما ورد في القرآن الكريم،هو من نتاج (عصر محمد) – صلى الله عليه وسلم – فلم يستطع عقلي أن يتصور إيمان الرجل بأن القرآن الكريم كلام الله – سبحانه وتعالى – وفي نفس الوقت بعض ما فيه من تأثير عصر النبي صلى الله عليه وسلم!!!!!!! هذا في الوقت الذي وصفت أختنا الكاتبة الدكتور أبو زيد بأنه : (مفكر وباحث في علوم القرآن والتفسير، تفرغ للبحث العلمي حول نقد القراءة التقليدية للنص الديني والدعوة إلى تفسير علمي واضعاً إياه في سياقه التاريخي) ص18 (أنت تفكر ). أما قول الدكتور أبو زيد – في كتابه عن الإمام الشافعي – أن الإمام الشافعي هو الوحيد من الأئمة الذي سعى للعمل مع الأمويين، وقد ولد الشافعي سنة 150هـ والدولة الأموية سقطت سنة 132هـ،ويقول الأستاذ وليد نوهيض عن الدكتور أبو زيد : ( ويتناقض أبو زيد كثيرا في محاولته للربط بين السياسة والفلسفة وعلاقة الموالي بالفلسفة والعرب بالدولة. فهو أحيانا يذكر واقعة تاريخية ثم يعود ويلغيها أو ينفيها أو يقول عكسها وأحيانا يذكر الشيء وضده من دون أن يتنبه إلى اختلاف كل نتيجة إذا كان سببها مغايرا.){ جريدة الحياة العدد 11849 في 5/3/1416هـ = 1/8/1995م.}... فذلك (باب آخر)،ـ ليس (الكفر) وليس (العلم) قطعا!!من الشخصيات التي تحدثت عنها الأستاذة (سلوى) الدكتور طه حسين،والذي قالت عنه : (مما أدى إلى وقوفه أمام النائب العام بتهمة التعدي على القرآن الكريم والدين الإسلامي، ولكنه نجا منها بحكمة النائب العام الذي اعتبر بعد التحقيق معه أن العبارات التي استخدمها طه حسين في كتابه، "إنما أوردها في سبيل البحث العلمي لاعتقاده أن البحث يقتضيها".){ ص 18 (أنت تفكر).}.أولا : جاء في تقرير النيابة – عن الدكتور طه ما يلي : (انتهك حرمة هذا الدين بأن نسب إلى الإسلام أنه استغل قصة ملفقة هي قصة هجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة وبناء إبراهيم وإسماعيل للكعبة،واعتبر هذه القصة أسطورة وأنها من تلفيق اليهود (..) أما كلامه بشأن نسب النبي صلى الله عليه وسلم فهو وإن لم يكن فيه طعن ظاهر إلا أنه أورده بعبارة تهكمية تشف عن الحط من قدره.){ نقلا عن : جريدة الجزيرة العدد 8109 في 9/7/1415هـ.}. بعيدا عن تقارير النيابة،يقول الدكتور طه حسين،في الصفحة 26 من كتابه (الشعر الجاهلي) :(للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل،وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضا،ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي،فضلا عن إثبات هذه القصص التي تحدثنا بهجرة إسماعيل وإبراهيم إلى مكة (..) نحن مضطرون إلى أن نرى أن هذه القصة نوعا من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة،وبين الإسلام واليهودية والتوراة والقرآن من جهة أخرى.){ نقلا عن : (المؤامرة على الإسلام فيما كتبه د.طه حسين) / للدكتور جمال عبد الهادي وآخرين / القاهرة / دار الوفاء للطباعة والنشر / 1991م.}.لاشك أن الدكتور طه حسين – رحمه الله – كانت لديه قدرة عجيبة على الجمع بين (نقيضين) الإيمان بأن القرآن الكريم كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه،ويؤمن في الوقت نفسه بوجود قصص ملفقة – في الكتاب نفسه - وشخصيات لا يثبت وجودها التاريخي!!! وليت الدكتور بين تلك (الحيلة) من الذي (احتالها) ووضعها في القرآن الكريم!!!! طبعا نحن هنا نتكلم عن (تاريخ) إذ من المعروف – أو هكذا يُفترض – أن الدكتور طه رجع عن تلك الآراء،شفويا على الأقل .. ومن العجيب أن المؤرخ البريطاني ديفيد أرفنغ،تراجع – هو أيضا - عن إنكار المحرقة،ومع ذلك حكم عليه ذلك الحكم الذي ذكرناه سابقا!!! .. وبعد ..أرجو ألا يفهم من هذه المقدمة أنني أقلل من قيمة كتاب الأستاذة سلوى،ولكنني فقط أحب أن تكون هناك قواعد يستطيع الحوار أن ينطلق منها. (أنت تفكر .. إذن أنت كافر )
يتكون الفصل الأول من الكتاب من العناوين التالية :1 - (مصائر المثقفين..المرض أو الانتحار)2 - (أنت تفكر.. إذن أنت كافر) 3 - (كرامة المبدع..وتسول العلاج) 4 - (تجربة السجن..معاناة إنسانية). تعطينا الكاتبة ومضات عن معاناة بعض المثقفين،من حدود المرض العضوي والنفسي {نجيب سرور/صلاح جاهين/أحمد بهاء الدين / عبد الله القصيمي /الجيلاني طربشان / كاتب ياشين} إلى الانتحار{خليل حاوي / تسير السبول / قاسم جبارة} والاغتيال {غسان كنفاني /ناجي العلي}. لاشك أن لدى الكاتبة قدرة عجيبة مكنتها من جمع هذه الأسماء في بوتقة واحدة،رغم التباين الذي بين مصائرهم. فالفرق بين الانتحار والاغتيال مثل الفرق بين السماء والأرض!! كما نجد من ضمن الأسماء عبد الله القصيمي {1907 – 1996م}. وهو رجل عاش ما يقرب من قرن،وكان يُعالج على حساب المملكة العربية السعودية – كما ذكر الباحث الألماني صاحب كتاب " من أصولي إلى ملحد" – كما نجد شخصيات مثل صلاح جاهين،والذي تقول عنه أختنا المؤلفة : (عمل صحافياً بجريدة الأهرام ورأس تحرير مجلة صباح الخير){ ص 9 }. فنحن أمام شخصية (صاحبة مناصب رسمية)،فكيف يوضع إلى جوار (نجيب سرور) مثلا؟!! كما تقول عن الأستاذ أحمد بهاء الدين : ( وكانت آخر معاركه والتي أودت بحياته هي هجرة السوفييت إلى أرض فلسطين في نهاية الثمانينات. سقط صريعاً للمرض بعد إصابته بنزيف في المخ انتهى إلى حالة من شلل في الحركة وخاصة في جانبه الأيسر بسبب الإرهاق العصبي والنفسي الشديدين، فهو لم يستطع أن يصدق ما يحدث حوله من تبدل في التحالفات الدولية والمواقف العالمية، فكان يعتقد بأن الإتحاد السوفيتي لا يمكن أن يضحي بصداقة الفلسطينيين،){ص 10}. لا أستطيع أن أخفي (صدمتي)!! فكاتب – ومثقف – بقامة (بهاء الدين) يقع فريسة تغيير (السوفيت) لمواقفهم السياسية،,هو الذي يعلم أن (السياسية ليست فيها صداقات دائمة ولا عداوات دائمة .. بل هناك مصالح دائمة)!! في المدخل إلى الحديث عن عبد الله القصيمي قالت الأستاذة سلوى عنه :(مفكر سعودي ويعتبر من أكثر المفكرين العرب إثارة للجدل فقد غير موقفه وفكره من المدافع عن السلفية إلى الإلحاد ونتيجة لذلك تعرض لمحاولتي اغتيال في مصر ولبنان){ص 10}. هكذا – بجرة قلم - تصف (القصيمي) بــ(الإلحاد) وكأنها تهدم كتابها!! فهاهي تصف مفكرا بأنه (ملحد)!!!! ثم تقول بعد ذلك :(من حق أي أحد إبداء رأيه في أي عمل إبداعي وتحليله ومناقشته بينما ليس من حق أي أحد الحجر أو الوصاية على فكر الآخر واتهامه بالكفر والإلحاد ){ص16}. ست صفحات تفصل بين وصف القصيمي بــ(الإلحاد) ،وبين هذه القاعدة التي ساقتها،والتي تؤكد أنه ليس من حق أحد (الوصاية على فكر الآخر واتهامه بالكفر والإلحاد). ولم تمض صفحة واحد حتى وجدنا المؤلفة تقود الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي،إلى (محاكمة) بسبب تأليفه كتاب (الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها)،وتوجه (المحققة) هذا السؤال – "الذي يطرح نفسه" كما قالت : ( ما مدى الاستفادة من كتاب من هذا النوع؟ ماذا أضاف للإنتاج الإنساني وللتقدم العلمي أو حتى للبحث العلمي! برأيي لم يضيف إلا تطرفاً وإرهاباً فكرياً ووصاية على العقل!!){ص 17}. السؤال الذي يطرح نفسه – بصدق – ما الفرق – أختي سلوى – بين من حاكموا (المفكرين) و (الكتاب) وبين ما قمت به؟!! ألم تصادري حق الدكتور (الغامدي) في أن يؤلف كيف يشاء؟!! وبنيت الحكم على حيثيات (التطرف والإرهاب والوصاية على العقل!!!!!!! أختي الكريمة رأينا حرقتك على تكفير المثقفين،وحرقتك على مصادرة آرائهم،وتصورنا ذلك تماما،فهل تستطيعين تصور حرقة (الآخر) حين يرى من (يشتم) ربه سبحانه وتعالى ،أو نبيه صلى الله عليه وسلم،وقرآنه؟يتكون هذا الفصل من (رقيب الفكر..ورقيب هز الخصر) , (مش قادرة أستنى الحرية) , (أين روتانا من الطيب صالح وغيره؟). في هذا الفصل نجد المؤلفة تقول عن الكاتبة الكويتية :ليلى العثمان (تم رفع دعوى قضائية ضدها من قبل أربعة رجال ينتمون إلى التيار الإسلامي. وفي عام 2000 حكم عليها بالسجن لمدة شهرين أو دفع غرامة مالية بعد أن تم رفع دعوى قضائية أخرى عليها بتهمة كتابة أدب يتضمن عبارات تخدش الحياء العام وقصصا ماجنة){ ص 20}. أولا : الكاتبة ذهبت إلى (محكمة) وصدر بحقها (حكم قضائي) – تماما كما صدر (حكم قضائي) في حق (جارودي) و المؤرخ البريطاني (أرفنغ). ثانيا : هل نفهم من هذا الكلام أن أختنا الكاتبة ترى أن من حق (المبدع) أن يكتب من (الجنس) ما يشاء،كحرية شخصية؟ ليس من حقنا أن نتدخل في قناعات الكاتبة. لكننا وجدناها تقول،عن أغاني (الفيديو كليب)،والتي يبدو أنها ظنت أن عليها (رقيبا) فوجهت له هذا السؤال :(ألم يسمع ويشاهد هذا الرقيب كليبات ماريا ودومينيك وروزي ومروى ونجلا وروبي وليندا وبوسي سمير وكليب دانا الأخير على السرير "أي خدمة يا باشا"!! وغيرها الكثير من الكليبات الرخيصة التي تؤدى في غرف النوم ومع الحيوانات وآخرها القطط!){ ص 33 }. أولا : لا يخفى على الكاتبة عدم وجود (رقيب) على القنوات الفضائية،وهذا هو الدور الذي تلعبه،فهي ليست ملكا لـ(دولة) تستطيع أن تخضعها للرقابة،كما كان يحدث مع الأفلام والأغاني،فهي (في الفضاء)!! ثانيا : لماذا (الجنس) في الروايات أو (الجنس) المكتوب بشكل عام (حرية) والجنس في (الكليبات) أمر (رخيص)؟!! أليس من حق (ماريا و روزي ..إلخ) أن يعتبرن ما يقدمنه (فنا راقيا) له جمهوره؟!! ما هو المعيار؟!!هذا الفصل عبارة عن (استطلاعات ثقافية)،حيث طرحت الكاتبة عدة قضايا على بعض المثقفين. ومن اللافت أن أختنا الكاتبة جعلت لكل موضوع عنوانا رئيسا وعنوانا فرعيا :1 - (الدين والإبداع...هل يلتقيان؟ : الدين قداسة والفن متعة.2 - (نص المبدع أم سلوكه الشخصي؟: القارئ يشم أنفاس الكاتب بين ثنايا سطوره)3 - (الثقافة العربية بين التضخيم والتعتيم : الشللية تضمن نشر العمل سواء كان أدبا أم قلة أدب)4 - (الأدب العربي وعالميته : هل هو أدب تسجيل أم أدب تغيير وتفكير)5 - (الجنس في الرواية العربية/ السعودية : الرواية السعودية مظلومة وبعض النقاد احترفوا إحباط الأعمال الأدبية)6 - (مصر ولادة..سابقا...اليوم.. وغداً : دور مصر الثقافي لم يزل يحتفظ بريادته).بما أننا أطلنا أكثر مما ينبغي،فسوف نكتفي بإشارتين. الإشارة الأولى : يبدو أن خطأ وقع في تحديد التاريخ عند قول الدكتور يوسف القرضاوي :(وأضاف أن الأزهر ليس سلطة كهنوتية ولكن القانون أعطاه الحق. وهذا القانون قد صدر عام 1921 في عهد الرئيس جمال عبد الناصر){ ص 41}. إذ أن عبد الناصر – ولد سنة 1918 - لا يمكن أن يُصدر قانونا سنة 1921!! كما أن (الثورة) قامت سنة 1952م.الإشارة الثانية : في استطلاع (الدين والإبداع هل يلتقيان)،ورد قول الكاتب السعودي نور الدين الحارثي :(يشهد الخبراء في شأن محمد أن إلهه كان يسرع في تلبية هواه وهوى بعض “أصحابه”){ ص 45}.لست أعلم أين مكمن الخلل،هل هو – ونحن نسمي من نختلف معهم بالأستاذ والمفكر والدكتور – في سوء الأدب في الخطاب؟!! أم أنه (الجهل)؟!! أم أنه .. الإبداع؟!!!!!أبو أرشف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة mmsh601@gmail.com