رئيس جمهورية الغرفتين
نمت باكرا على غير عادتي بعد أن ملأت بطني مما لذّ و طاب ...لا أتذكر يوما أني نمت فيه على جنبي الأيمن أو إلتزمت فيه بآداب النوم كنت دائما على غرار الكثير من أبناء أمتي كالخروف أنفخ بطني بالطعام في شهر الصيام ثم أتمدد حتى أغيب في الشخير و ما يتبعه من أحلام مزعجة و كوابيس مخيفة ... و من عادة أحلامي أن تأتي متشابهة و متقاربة في كل ليلة... فإما أن أراني مهددا بالسقوط في بئر عميقة و إما أن أرى رجلا ضخما يمسك بهراوة و يهدنني بضربة على الرأس ...و مازالت حتى الساعة أجهل سبب هذه الكوابيس أهي من إنعكاسات ثورات الربيع على مخيلة المواطن العربي ...؟ أم هي جراء التخمة و بساطة الفكرة..؟ ترى ما بالُ أحلامي هذه الليلة..؟ لماذا تغيّرت .. لِمَ لَمْ تكن كابوسا مفزعا كسابقتها ..؟ربما لأن العشاء كان دسما أكثر هذه المرة ...أو ربما جراء ومشاهدتي لصور فظيعة و أخبار شنيعة عن ربيعنا العربي من هنا و هناك.. تصوروا لأول مرة أرى في المنام أني رئيس دولة عربية غريبة الإسم ...و المفاجأة الكبرى أن أراني كذلك في زيارة رسمية للبيت الأبيض الأمريكي ..يا له من حلم لذيذ ليتني لم أستيقظ منه حتى أكون رئيسا مدى الحياة بعيدا عن الإنتخابات الرئاسية و مطالبة الشعب لي بالتنحي ...تصوروا رأيتني في مطار واشنطن ..لم يكن ساعتها في إستقبالي سوى عمدة المدينة و ثلة من رجال المخابرات الأمريكية السرية... بادلتهم التحية و سألتهم عن الرئيس قلت لهم : لماذا لم يأتِ الرئيس أوباما لإستقبالي ..أجابوني بالقول :أنت رئيس دولة صغيرة فقيرة من دول العالم الثالث هذا إن لم تكن من دول العالم العاشر و الرئيس أوباما لا يتشرف بك و لا بدولتك التي لا يساوي حجمها بالنسبة لأمريكا سوى بيت يتكون من غرفة نوم و قاعة جلوس ...ثم أدخلوني بعدها لغرفة عملياتهم المخابراتية و أملوا عليَّ شروطهم مقابل إحتفاظي بالسلطة في بلدي و مد المساعدات لشعبي الجائع و العاطل عن العمل بإعاناتهم المسمومة بالتبعية و الخضوع...بعد خمسة أيام من توجيهاتهم و تهديداتهم لي عدت إلى بلدي... و بمجرد أن وطأت أقدامي المطار حتى عمّت الزغاريد و الطبول و الأفراح أنحاء البلاد و أعلن التلفزيون الرسمي لجمهوريتي العظمى : أن فخامة رئيس الجمهورية المختار محمد الدرعي قد عاد بطلا مظفرا من الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن إجتمع بالرئيس أوباما و تحادث معه حول أمهات القضايا في العالم و إتفق معه على إيجاد الحلول الملائمة و الدائمة لها في أقرب الآجال كما إتفقا الرئيسان على بناء شراكة و تعاون تجاري و إقتصادي بين الدولتين العظيمتين ....و لم أصحو من حلمي إلا عندما أيقظني أحد أفراد الأسرة على الساعة الرابعة صباحا معاتبا بقوله : إن شخيرك قد عَلَى كثيرا هذه الليلة... أجبته: لا تخاطبني بهذه الطريقة أنا رئيس دولة الآن ...و ذاك ليس شخيرا بل هو حديثي مع الرئيس أوباما