يقول سبحانه وتعالى في سورة مريم : كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) " مريم "
الوهن : الضعف . وإنما ذكر ضعف العظم لأنه عموم البدن وبه قوامهن وهو أصل بنائه فإذا وهن دل على ضعف جميع البدن ، لأنه أشد ما فيه وأصلبه ، فوهنه يستلزم وهن غيره من البدن .
وفي لقمان : وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) .
أي ضعفا على ضعف وَشدَّة على شدَّة ومشقة على مشقة كلما كبر الْوَلَد فِي بَطنهَا كَانَ أَشد عَلَيْهَا.
وفي الأنفال : ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (18).
وفي آل عمران : وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139).
وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146).
أي: ما ضعفت قلوبهم، ولا وهنت أبدانهم.
وفي النساء : وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104).
نهى الله تعالى المسلمين في هذه الآية الكريمة عن الوهن ، وهو الضعف في طلب أعدائهم الكافرين.
وفي سورة محمد : فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35) إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36).
أي لا تضعفوا وتذلوا.
وفي سورة العنكبوت : مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41).
أي أَضْعَف الْبيُوت فهو لَا يَقِيهَا من حر وَلَا برد ولا مطر.
وفي الحديث عند مسلم وغيره عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. قَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمُ الْحُمَّى وَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً.
الوَهْن : حالة الإعياء أو الضعف المتناهي الشِّدّة ، وكذلك الضَّعف في العمل والأَمر والعَظْمِ ونحوه .
وهَّنَه الكِبَرُ: أضعفَه .
كناطح صخرةً يوماً ليوهنها ... فلم يضرها و أوهن قرنه الوعل
الوَهْنانة: المرأة القليلة الحركة الثقيلة القيام والقعود ، او فيها فُتُورٌ عند القيام وأَناةٌ ، وقيل الوَهْنانة من النساء الكَسْلى عن العمل تَنَعُّماً .
توهن : ويقال للطائر إذا أُثْقِلَ من أَكْل الجِيَف فلم يقدر على النُّهوض قد توَهَّنَ توَهُّناً .
الواهِنُ: عِرْق مُسْتبطِنٌ حَبْلَ العاتق إلى الكتف وربما وَجِعَ صاحبُه وعَرَتْه الواهِنة .. ويقال للذي أَصابه وجَعُ الواهِنة مَوْهونٌ وقد وُهِنَ .
والواهِنَةُ: ريح تأْخذ في المَنْكِبَين وقيل عِرْقُ الواهنة في العَضُد الفَلِيقُ وهو عِرْقٌ يجْري إلى نُغْضِ الكتِف وهي وَجَعٌ يقع في العَضُد.
وَهَبَّتْ لَهُ رِيحُ الْجَنُوبِ تَسُوقُهَا *** كما سيقَ موهونُ الذِّراعِ مهيضُها
والوَهْنُ والمَوْهِنُ : نَحْوٌ من نصف الليل وقيل هو حين يُدْبِر الليلُ وقيل الوَهْنُ ساعة تمضي من الليل ، وقولهم: ومضى وَهْنٌ من الليل ، أي قطعة عظيمة.
وأَوْهَنَ الرجلُ : إِذا سار بعد وَهْنٍ من الليل.
وأوهنتُ الأمرَ أُوهِنه إيهاناً إذا ضعْفته.
والهُون والهَوان: ضدّ الكرامة؛ قال جلّ ثناؤه: " أيُمسكه على هُونٍ ".
__________________________
لسان العر ب ابن منظور
معجم اللغة العربية المعاصرة - د أحمد مختار عبد الحميد عمر .
أضواء البيان- محمد الأمين الشنقيطي
تفسير ابن سعدي