29/7/2016
المشهد ملتبس ومركب ونغرق في التحليلات بين فكرة جدوى إجراء الإنتخابات والإنقسام والحصار قائمان ومستمران، وآثارهما على جلودنا، والإحتلال يضرب بجذوره ويفرض وقائع على الأرض ونساعده في تعميق فرقتنا ونعززها. وبين مصداقية أصحاب القرار السياسي بإجرائها، ومدى قدرة البلديات وأعضاء المجالس البلدية والقروية في حال إنتخابها على تحقيق مطالب الناس الخدمية وفكفكة الإنقسام وإتمام المصالحة.
حماسة وتحفز وأمل وحلم بالتغيير غير مرئي في الأفق لدى كثيرين والخشية أنها خطوة لشرعنة الإنقسام وتثبيت شرعيات جديدة قديمة، وغياب الوعي والإدراك بالواقع المر والإنقسام السياسي الوقح وطائفية الفصائل السياسية، وحتى جهل بطبيعة الإنقسام وطبيعة عمل ودور البلديات وطريقة الإنتخابات فيها من بعض نخب سياسية وأكاديميين.
خوف وخشية وقلق وحيرة وشك وغياب اليقين وعدم ثقة، وإتفاق وعدم توافق ومشاورات وتشكيل قوائم وائتلافات وفرقة ووحدة بين قوى سياسية وتغول الفصيلين الكبيرين فتح وحماس وقانون الإنتخابات المحلية يعمل لصالحهما فنسبة الحسم 8%، وغياب قوى مدنية مستقلة وشبابية ولم نسمع منها إلا نيتها خوض الإنتخابات، وتقوم بمشاورات لتشكيل قائمة شبابية، ولم يصدر دخان أبيض يبشرنا بقدرة الشباب على فكرة تجمعهم، لكن واضح أن الإرادة تنقصهم وعدم قدرتهم على التوحد خلف قائمة موحدة أو في الحد الأدنى ينالوا شرف المحاولة.
ولم يرشح أي شيئ عن تفكير جدي وحقيقي عن قائمة تمثل المجتمع المدني واثبات قدرته على خوض الإنتخابات، لكن من الواضح أن جزء كبير من المجتمع المدني غارق بفصائليته وانتماءاته السياسية والحزبية أو أن الوهن قد دب في صفوفه والخوف من خوض التجربة.
البحث والمشاورات مستمرة وفصائل أنهت مشاوراتها وأعلنت وحدتها، الفصائل على عوارها وتغولها هي الأكثر تنظيماً وجاهزية وقدرتها خاصة حركة حماس المستعدة حتى الموت لخوض الإنتخابات لتثبيت شرعيتها والدفاع عن سمعتها المتآكلة في غزة وتحقيق نتائج في الضفة الغربية، مع التفاوت بين الفصائل وحجمها وقوتها وموازناتها وقدراتها المالية وتنظيمها وإستعدادها على الصرف بسخاء، والقدرة الشرائية لشراء الأصوات أو إقناع اصحابها بالتصويت لها.
ويبقى السر والجهر لدى حركة فتح والإنتخابات ووحدتها وغياب المعلومات الواضحة والشفافة عن الحركة الأم والتنظيم الثاني حسب إنتخابات 2006، أو الأول إذا شئتم وهو حركة فتح وإدراكنا لحالها وأحوالها، وأيضاً عدم قدرتنا على فهم تصريحات مسؤوليها والتخبط والشرذمة وصدق النوايا وغيابها والمصالح الحركية والعشائرية والجهوية كما جرى سابقاً وغياب وحدتها التنظيمية. وفي المقابل حب وحماسة الفتحاويين من أعضائها وانصارها على خوض الإنتخابات على قلب رجل واحد، وقلب الرجل مرضه مزمن ويعاني من فساد الأدوية.
والفرق واضح بين الإستعداد والإرادة والتمنيات وإرث من الإنقسام والمعاناة يتجلى بالتهميش لفتح وخلافاتها بين قطب رسمي يتحكم بالمال وقطع الأرزاق وبخيل في الصرف خاصة على غزة، وقطب مفصول يصرف ببذخ ومستعد للوحدة وسيكون خلف قائمة فتحاوية، وإن شكك آخرين في نواياه وقدراته السياسية حتى لو إمتلك مال قارون.
على كل الأحوال المعركة الإنتخابية حامية الوطيس وبدأت ليس على مواقع التواصل الإجتماعي فقط التي تشهد حال من الردح وبث الكراهية والتحريض والعنف وعدم قبول الآخر، إنما على أرض الواقع وبدت فصائل بالزيارات لتحسين صورتها البائسة في ظل واقع بائس.
يعتقد الناس أن الإنتخابات ستخلصهم من وجعهم اليومي وهمومهم وتحقيق الرفاه الإجتماعي في ظل الإنقسام وغياب الوعي بطبيعة عمل ودور البلديات وفي ظل الحصار والإنقسام هل تستطيع البلديات إثبات مدى قدرتها على القيام بواجباتها، وهي تفعيل البنية التحتية من كهرباء ومياه نظيفة وصالحة للشرب وصرف صحي وتنظيم الشوارع وتعبيدها وتهيئتها وإصلاحها وإنارتها وتأمينها من الحيوانات الضارة والكلاب المسعورة والحشرات، وتنظيم المباني وترخيصها والقضاء على الفساد والمحسوبية في أداء عملها والتوظيف فيها والحزبية والخواطر والجهوية، وقدرتها على تحقيق بنية تحتية للمشاريع الإستثمارية، وإشراك المواطنين خاصة الشباب في خدمات البلدية وتفعيل دورهم بالمساءلة والشفافية والمحاسبة.
البلديات أوضاعها المالية صعبة وتعتمد على الصرف على نفسها من جباية الضرائب والرسوم مقابل خدمات لا تقدمها وهي من دون ميزانيات مالية، ولم تنفذ أي مشروع تنموي تطويري، وكل ما نشاهده من مشاريع هي منح عربية ودولية وبعض ما تجنيه من أموال تصرف بدل رواتب لموظفيها، فلا داعي للكذب بأن ما تحقق من مشاريع هو من حر مالنا.