خطورة التهاب الخصيتين النكافي على الإنجاب
النكاف عدوى فيروس ينقلها فيروس Paramyxo Virus عبر اللعاب ونادراً بواسطة البول فتصيب الغدة النكفية الموجودة في زاوية الفك مقابل الأذن وتسبب تورمها وايلامها وذلك بعد اسبوعين إلى 3 أسابيع من الاصابة بالفيروس عادة عند الأطفال واحياناً عند اليافعين وكما ذكره دكتور هاينس في مقالة حديثة نشرت في المجلة البريطانية لجراحة المسالك البولية والتناسلية فقد حصل هذه السنة وباء لذلك المرض في بريطانيا أصاب حوالي 4891 شخصاً مقابل 358 حالة في السنة الماضية، يتم التشخيص سريرياً ويركز الطبيب المعالج انتباهه ايضاً على الخصيتين التي قد تلتهب احداهما نتيجة تلك الحالة بنسبة 5٪ إلى 37٪ مع احتمال اصابة الخصيتين بمعدل 16٪ إلى 65٪ تقريباً وبروز انتفاخ وآلام فيها قد تتشابه مع حالات أخرى كانفتال الحبل المنوي والتهاب البربخ الحاد. وأهمية تشخيص هذه الحالة بدقة ومعالجتها بدون أي تأخير يعود إلى احتمال تسببها ضمور الخصية أو الخصيتين والعقم في المستقبل خصوصاً إذا ما جعل هذا الالتهاب في سن البلوغ أو بعده إذ انه يسبب وذمة أنسجة الخصية مع احتقان الناقلات المنوية حيث تتكون النطاف علاوة على علامات الالتهاب الشديد الذي قد يؤدي إلى نخر الأنسجة وتنكسها الزجاجي وتليفها مع توقف عملية الانطاف. ورغم أن حالات العقم نادرة في حالة اصابة خصية واحدة إلا انها ترتفع نسبة في حالة اصابة الخصيتين مما قد يسبب ضمورها في غضون شهرين إلى حوالي سنة بعد الاصابة. ورغم الاعتقاد السائد في الماضي ان هذا الالتهاب لا يؤثر عادة على خلايا «ليدغ» التي تفرز الهرمون الذكري أو التستوستيرون في الخصيتين إلا ان الأبحاث الحديثة أبرزت حصول تخاذل تلك الخلايا مع حدوث نقص في هذا الهرمون في العديد من تلك الحالات بعد حوالي 10 إلى 12 شهراً من الاصابة. وبسبب خطورة تلك العدوى من الناحية التناسلية فقد نشط الخبراء في الماضي إلى استعمال عدة عقاقير في محاولة يائسة للوقاية من حدوث الضمور الخصيوي.
وقد شملت المعالجة التقليدية ملازمة الفراش لعدة أيام والإكثار من شرب السوائل ورفع الصفن واستعمال الهرمونات الموجهة القند المفروزة من الوطاء في محاولة كبح والمحافظة على الانطاف لاحقاً. ومع فشل هذا العلاج قام العديد من الاخصائيين بشف غلالة الخصية البيضاء جراحياً أو رشف السائل من الادرة حول الخصية لتخفيض الضغط داخلها مع نتائج متفاوتة إذ ان بعض الدراسات أبرزت نجاح تلك الوسيلة الجراحية في تفادي حصول ضمور خصيوي بنسبة حوالي 95٪ إلا ان معظمها اكدت حصول العقم بالرغم من استعمالها بمعدل 12٪ إلى 30٪ من تلك الحالات مما دفع الاخصائيين إلى التوقف عند تطبيق تلك الوسيلة في الوقت الحاضر. ولم تفشل مختلف العقاقير كالمضادات الحيوية والكورتيزون ومضادات الالتهاب والهرمونات الموجهة قشر الكظر وعقار «أوكسيفن بيوتازون» في معالجة هذه الحالة فحسب بل أن بعضها قد ساهم في ضمور الخصية وحدوث العقم. وحيث ان تكاثر الفيروسات المسببة لتلك الحالة يعتمد على انزيم خاص ينقسم الفيروس ويدعى Transcriptose فقد ركز العلماء حديثاً جهودهم على استعمال مادة الانترفرون لوضع حد لنشاطه وتفادي حصول الوذمة الالتهابية داخل أنسجة الخصية وتخفيض معدل الفيروسات في غضون 3 إلى 6 أشهر من بداية العلاج كما اظهرته بعض الدراسات الحديثة. وكما أوضحه الدكتور هاينس في مقالته المشار إليها آنفاً فقد نجح علاج الانترفرون في الوقاية من حصول العقم في معظم الحالات مع عودة السائل المنوي إلى حالة طبيعية من حيث عدد النطاف وحركتها ولكن بدون تأثير على شكلها كما أبرزته عدة اختبارات التي قارنت هذا العقار بالحبوب الكاذبة. ولكنه في دراسة أجراها الدكتور ينييول وزملاؤه حيث استعملوا عقار الانترفرون بحقن وريدية يومية لمدة اسبوع تبين في فحص خذعات الخصية النسيجي حوالي سنة بعد حدوث الالتهاب أظهر ضموراً خصيوياً كاملاً بنسبة 38٪ وضموراً جزئياً بمعدل 16٪ وتوقف الانطاف في مراحله الأولى في حوالي 44٪ من تلك الحالات مما يشكك بفعالية هذا العلاج ويستدعي أبحاثاً اضافية لتحدد منفعته وسلامته.
وكما هو الحال في معظم الأمراض فإن «درهم وقاية أفضل من قنطار علاج» مما يشدد على أهمية تلقيح الأولاد الشباب والشابات واليافعين باللقاح ضد الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية لمنع اصابتهم بتلك الأمراض التي قد تؤثر عليهم مستقبلياً وتسبب لهم المضاعفات الخطيرة ومنها العقم.