” معهد النور للمكفوفين ” وسام عُلِق على صدر دير الزور
المصدر بلدنا

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
01 / 03 / 2007
أسماء كانت ومازالت تصنع المعجزات فيه

" معهد النور للمكفوفين " وسام عُلِق على صدر دير الزور

عندما دخلنا إلى غرفةِ المدير كانت هناك "غنوة"، فتاة شابة، أخبرنا عن قصتها السيدُ "محمد عبد الحدو" مدير المعهد قائلاً: "كنت أستمعُ إلى برنامج "بوح" الإذاعي، وفجأة ظهرت فتاة شابة قالت إن اسمها " غنوة " صوتها كان فيه الحزن الذي امتزج بصوت الدموع، بدت كالطفلة في حديثها، كانت تتكلم عن رغبتها في العلم ولكن لكونها "مكفوفة" جلست في المنزل .. قالت فقط إنها من دير الزور ، وبعدها أغلقت السماعة، حاولت أن أعلم أين تسكن، ولكني لم أستطع"...

اليوم، جاءت "غنوة" مصممة على التعلم، وإكمال المسيرة التي توقفت عندها في طفولتها نتيجة لفقدانها بصرها.

هذه القصة وغيرها من القصص الأخرى، كانت البداية لهذا التحقيق عن "معهد النور للمكفوفين" في مدينة دير الزور، هو أحد أهداف الجمعية الخيرية الإسلامية ، تأسَّس في العام 1961 وبقرار رقم 541، كان في بداية عهده يقدّم المساعدة للفقراء والأسر المستورة، ثم انتقل إلى تعليم المكفوفين، ومتابعة الكثير منهم في حياتهم العملية، المثير في الأمر هو وجود من تعلموا فيه في السابق، وهم الآن أساتذة يكملون المسيرة حفاظاً على النور الذي أبصر القلوب قبل العيون.



المعهد وأصحاب الخير وجهان لعملة واحدة

يقوم المعهد على تلقي كافة المعونات والتبرُّعات من المواطنين مع القليل من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلا أنها لا تذكر أمام الاعتماد الأول من أصحاب الخير، والذي من خلاله تستطيع الجمعية والمعهد تحقيق أهدافها .



لماذا سمي "معهد النور"

كان هذا السؤال يزداد إلحاحاً علي لطرحه أثناء الحديث، وعندما سألت السيد الحدو، أجابني مبتسماً: "منذ أن انتسبت إلى هذا المعهد كانت التسمية موجودة، ولكن وحسب رأيي أوجد هذا الاسم لأن الذين يعملون فيه يريدون أن يحولوا الظلام إلى نور".



لأول مرة في تاريخ المعهد

يقوم على إدارة المعهد طاقم من الأساتذة والآنسات المندوبين من مديرية التربية وفقاً لرغبتهم في التدريس فيه من خلال كلامنا معهم، ويبلغ عددهم الآن "7" أشخاص، أغلبهم مبصرون مع وجود أستاذ كفيف هو

"ابن المعهد " بامتياز لكونه من خريجي معهد النور.

يقول السيد "محمد عبد الحدو" فيهم: "هنالك تعاون كبير من قبل الأساتذة والآنسات في هذا المعهد لكونهم قادمين برغبة، لقد قمنا بتعليمهم طريقة برايل للمكفوفين، وأتوقع أنها سابقة في القطر أن يتعلم أستاذ مبصر هذه الطريقة، وأصبحوا اليوم يعلمونها للأولاد، لابدَّ من القول بوجود انسجام تام بينهم وبين طلابهم".

وأضاف: "يوجد اليوم "40" طالباً، ولأول مرة في تاريخ المعهد تصل الأعداد إلى هذا الحد، وهو عدد نعتبره كبيراً في الحقيقة".



تكييف اجتماعي

مسألة الوعي المجتمعي بقضية المكفوفين، وانسجامهم في المجتمع كانت قضية طرحناها على السيد الحدو فقال عنها: "عمدت الدولة الآن إلى دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع، وصراحة لا نجد صعوبة كبيرة في هذا الأمر لكون الوعي بدأ ينمو في مجتمعنا، ونحن الآن أمام الفضائيات والتلفزة والانترنت، وأصبحنا نملك الوعي بين الناس، ولذا انعدمت تلك الصعوبة في زمن الستينيات أو السبعينيات".



مرتاح الضمير

كنا قد علمنا أن السيد الحدو درس في المعهد ذاته، ثم دَرَس فيه، وعاد ليصبح مديراً لإدارته، حول شعوره بكل هذه السنين في المعهد، عبَّر عن سعادته الكبيرة، لكونه عمل طيلة سنوات مرَّت في هذا المعهد مضيفاً "تكاد تنتهي مهمتي في إدارة المعهد، سأخرج منه وأنا مرتاح الضمير، وأسأل الله أن يوفقني لإتمام هذه المهمة بشكل كامل".

طلاب هذا المعهد يعيشون كالأسرة الواحدة، أساسها التآخي وعمادها المحبة، كان لهم رأيهم..

"مازن" أحد طلبة الصف السادس في المعهد، من حفظة القرآن الكريم، تعلمه وهو في سن الرابعة ، وعند سؤالنا له عن الطريقة قال:"الدافع القوي أنه كتاب الله، والإرادة والرغبة، مضيفاً عن أن المستوى الدراسي ليس بالمطلوب، نتمنى أن نكون كغيرنا في المدارس العادية "المبصرين"، هناك نقص حاد في المناهج والكتب المطبوعة بطريقة برايل".

ولكن على الرغم من ذلك فإن "مازن" كان مصمماً على إكمال دراسته، وحصوله على شهادة الشريعة على اعتبار أنه قد قطع نصف الطريق حسب قوله، اليوم يؤمُّ المصلين، ويأذن بالنساء في قريته.

" أسماء الغدير " كانت أول النساء في معهد النور خلال العام الماضي، عندما طلبنا منها الكلام، ابتسمت وقالت: "مبسوطة".



ماذا قال الأساتذة

الأستاذ "حسن" المكفوف الوحيد بين الأساتذة، خريج أدب إنكليزي يُدَرس الآن في "معهد النو "، بعد أن درسه من قبل المدير الموجود حالياً السيد محمد الحدو، يقول عن المعهد بين أيام زمان والآن:

"طبعاً الوضع يختلف بين الماضي والحاضر، حيث الإمكانات الضعيفة في الماضي، وعدم توفر المناهج الدراسية وضعفها، في حين اليوم هنالك علوم أخرى تدرس، كما أن انتقالنا إلى البناء الجديد منحنا الفرصة لاستقبال طلاب أكثر".



المناهج... والتأخر في الوصول

بيَّن السيد "الحدو" بأن المناهج التي تدرس في بقية المدارس الأخرى للمبصرين هي نفسها التي تدرس في معهد النور، حيث تحاول إدارة المعهد جاهدة استيراد الكتب من دمشق وحلب، لعدم وجود طابعات تطبع الكتب "بطريقة برايل" في المدينة، ولكنه عاد وأكد بأن الكتاب لم يتوفر بشكل كامل إلى الآن، وفي حال عدم توفره يعمد الأساتذة إلى إعطاء الدروس من خلال الطرق العادية في التدريس، وهذا أمر في غاية الصعوبة.

كما أوضح السيد الحدو إضافة إلى الطلاب الموجودين في "الميتم" هناك أطفال يعودون إلى منازلهم بعد انتهاء الدوام، وطالب إدارة الجمعية الخيرية الإسلامية بضرورة توفير "ميكروباص" صغير للمعهد، يساعد الطفل الكفيف على الخروج من المعهد المتقوقع فيه والذهاب في رحلات ترفيهية، معتبراً أن هناك تقصيراً في هذه المسألة على الرغم من تلقي الوعود في هذا الأمر.



كلمة لا بدَّ أن تقال

عندما دخلت كنت أرغب في الحصول على بعض المعلومات والخروج بتحقيق سريع، ولكن كلمة حق لابد أن تقال: "هؤلاء الأطفال المكفوفون منحوني الدافع في الحياة، والرغبة في العمل نحو تحقيق الأسمى".

محمد عبد الحدو

في العام 1963 كان طالباً في معهد النور للمكفوفين.

بدأ التدريس عام 1974

1981 استلم منصب رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية الإسلامية.

1992 رئيس قسم النصوص والدراسات في المركز الثقافي بدير الزور، وفي العام نفسه انتسب كعضو في اتحاد كتاب العرب " فرع دير الزور".

1995 مديراً لمعهد النور للمكفوفين / وما زال حتى يومنا هذا .

له "14" مؤلفاً مطبوعاً، صدر أولها في العام 975 ، ولديه الآن "12" مخطوطا تنتظر أن ترى النور قريباً

آخر تحديث ( 01 / 03 / 2007 )