إذا كانت سجون الروم في تركيا شهدت أميراً وشاعراً عربياَ هو.. ابو فراس الحمداني.. فإن سجونها عايشت في العصور المأخرة أميراً وشاعراً أخر لا يقل عن الحمداني شهرة وأفعالاً هو..
" راكان بن حثلين "
ومثلما وقف ابو فراس الحمداني على كوة السجن منشداً :
اقول وقد ناحت بقربي حمامة
ايا جارتا لو تعلمين بحالـي
يا جارتا ما انصف الدهر بيننا
تعالي اقاسمك الهموم تعالـي
وقف راكان على كوة مشابهة ويقول :
لا واهني يا طير من هو معك حام
أبيك تنقل لي حمايـض علومـي
[التعريف بالفارس ]..
هو : راكان بن فلاح بن مانع بن سالم بن العبد آل خثلين المعيضي العجمي اليامي . ومن غير المعروف على وجه التحديد السنة التي ولد فيها ولكنها ترجح بسنة 1230هـ وتزعم قبيلته بعد تنازل عمه حزام له سنة 1262هـ.. وبذلك يكون عمر الشيخ راكان بن فلاح بن حثلين حينما تولى زعامة قبيلته [46]عاماً ..
هو من آل حثلين من شيوخ قبيلة العجمان ,ويعود نسب العجمان الى جدهم يام من همدان الذي ينتمي نسبه من قحــطان وتعتبر قبيلة العجمان من اشد قبائل العرب بأسا واقواها في الحر مراسا وهي من اهم القبائل في شرق المملكه وجنوبها.
لقد تربي { راكان بن حثلين.. في بيت والده الشيخ [فلاح بن مانع بن حثلين] زعيم قبيلة العجمان ووسط قبيلتة واهلة, حيث شب وترعرع على الشهامه والرجوله والفروسيه, وتدرب على جميع فنون القتال,وتعلم الخصال الحميده من الكرم والوفا والاخلاص والصدق والشجاعه,ونمت الى جوار كل ذلك المملكه الشعريه,لديه فقد نبتت معه كموهبه فطريه وتطورت بنفس قوة وازدهارالفروسيه عنده فاصبح ركان فارسا شجاع وشاعرا كبير...
وظل مع ابيه يدافع عن قبيلتة وذويه , وكان محبوبا من الجميع يهابه الكبير والصغير, وكان مراعيا حقوق جيرانه واقربائه منصفا للمظلوم من اهله..
توفي عام 1310هـ الموافق عام 1892م عن عمر يناهز حوالي ثمانين عاماً، وبذلك تكون فترة زعامته لقبيلته خمسه وثلاثون عاماً.
[القبض عليه]..
الشيخ راكان بن فلاح آل حثلين زعيم قبيلة العجمان ، وهو فارس مغوار وشاعر مشهور ، وهو مذكور في كتب التاريخ لما له من بطولات ارتبطت مع القبائل الأخرى ، ومع الدولة العثمانية ، هو رجل قد تطابقت أقواله مع أفعاله ، وسوف نورد لكم ما استطعنا أن نجمعه من الكتب ومما ناقلته الأجيال ، وقد حرصنا على تقصي الحقيقة من الأشخاص أو الكتب . ونبدأ معكم بسرد قصة أسره في الدولة العثمانية وبعض أشعاره هناك ، وكانت الاحساء تحت الحكم العثماني بما يعرف بسنجق الاحساء ، وتقوم الدولة العثمانية بدفع مبالغ سنوية من بيت مال المسلمين لبعض القبائل ، بما يسمى بالخرجية ، ومنها قبيلة العجمان ، وهذه المبالغ تدفعها الدولة العثمانية من اجل كسب ولاء هذه القبائل ، وحتى لا تتعرض للقوافل العثمانية حين تمر في منازلها ، وكانت الخرجية تدفع للقبائل المسيطرة على الطرق الواصلة بين المناطق الرئيسة للدولة العثمانية ، على امتداد شبة الجزيرة العربية ، وكانت قبيلة العجمان ترحل إلى مواطن الكلأ في فصل الشتاء ، من اجل رعي مواشيهم ، ويعودون إلى الإحساء في فصل الصيف ، من اجل الماء ، وكان راكان بن حثلين يقوم دائما بتوكيل وكيل له من اجل استلام الخرجية السنوية من الدولة العثمانية في الإحساء ، وهذا الوكيل اسمه [ابن عوده] من أهل المراح وتقع بالقرب من منطقة العيون
شمال الإحساء [ الهفوف] ، وفي أحد المرات رحلت قبيلة العجمان إلى البر ، ولم استقر بهم المقام هناك ، ركب راكان بن حثلين مع ستة أشخاص من جماعته وذهبوا جميعا إلى وكيل راكان ليوكله في استلام الخرجية من القائم مقام في الإحساء ، وأتفق راكان مع [ابن عوده] على استلام الخرجية ، وواعده على موعد قادم من اجل العوده واستلام الخرجية ، وحين ذهب [ابن عوده]إلى الباشا ، طلب الباشا من ابن عوده أن يخبره حين يصل راكان بن حثلين إليه حتى يقبضوا عليه ، وحين وصل راكان بن حثلين إلى ابن عوده ألح الأخير على عمل العشاء واستضافة راكان بن حثلين ومن معه ، وأثناء ذلك قام ابن عوده بإرسال من يخبر الباشا بوجود راكان بن حثلين عند ابن عوده ، واستطاع الأتراك أن يقبضوا على راكان بن حثلين وهو على عشاء ابن عوده الذي أمنه راكان بن حثلين على ماله وحياته ويالها من أمانة عند من لا يؤتمن قربه ، وتم وضع القيود به هو ومن معه ، أما راكان بن حثلين فقد تم تكبيله بالقيود وإرساله إلى مدينة اسطنبول في تركيا ، عن طريق البحرين ، وفي أثناء سيره بمنطقة الإحساء ، مر بالقرب من بعض النساء اللواتي يقومن بجمع الحطب من اجل إشعال النار وكن تلك النساء من قبيلة المرة والعجمان فتعرفن عليه ، وهنا جاشت قريحته وقال هذين البيتين يوصيهن بصون العرض والشرف وقال..
سلام عليكن كلكن ياحطاطيب
الله يساعد كلنا في نويه
بنات ياام لاتجن القصاصيب
وباليسري لاتدخلن في حويه
وبعد ذلك غدروا به الإحساء متجهين إلى اسطنبول عن طريق البحر ، وأما الذين كانوا معه قسم أرسلوه إلى البحرين ، والقسم الأخر أرسل إلى إيران ، وبعد أن وصل راكان بن حثلين إلى اسطنبول وضعوه في سجن أحد القلاع خارج مدينة اسطنبول ، وكان له سجان يقوم بخدمته اسمه حمزة ، وقد سأل حمزة الشيخ راكان بن حثلين ، عن رحلته عبر البحر وعن المدة التي استغرقتها الرحلة ، فرد عليه الشيخ راكان بن حثلين واصفا له رحلته عبر البحر في هذه الأبيات وقال..
حمزة مشينا من ديار المحبين
الله يرجعنا عليهم سلومي
مشوا بنا العسكر لدار السلاطين
في مركب جزواه ترك ورومي
عشرين ليل يمة الغرب مقفين
ماحن نشوف إلا السما والنجومي
والنوم يامشكاي مالاج في العين
والقلب ياحمزة تزايد همومي
من الخداعة واحتيال الملاعين
هيهات لو اني عرفت العلومي
هيا اركبو من عندنا فوق ثنتين
وخلوا نجايبكم مع الدو تومي
لازوعن بالوصف مثل القطاتين
تبغى الشراب ولايعنها السمومي
اليا اصبحن كنهن جريد البساتين
نحال من كثر الحفا وارثومي
تلفي على ربع عساهم عزيزين
اهل الشجاعه والكرم والعزومي
ربعي ضنا مرزوق بالعسر واللين
لطامةٍ للي عليــهم يزومـــي
عجمـــان لا رد البرا للمــعادين
حريبهم من هــمهم ماينومــي
يوم الخيانة ليت هم لي قريبين
من فوق زلبات تبوج الحزومي
وليا تعلوا فوق مثل الشياهين
مركاظهم يشبع وحوش تحومي
نوب سلاطيـن ونــوب شيــاطين
وكم شيخ قومٍ توهم مايقومي
يالله ياقابل ســـوال المصـــلين
يا اللي له التقدير في كل يومي
انك تثبتــنا على اــلحق والدين
وانك تروف بحالنا يارحومي
وعسى مقابيل الليالي لنا زين
من عقـــب مانوسن العلـومي
وصلوا على اللي وضح الزين والشين
وشيد منار الدين واعلى الرسومي
أبقوا بالقرب..