النساء تضحك مع الرجال


مادام فى حدود الادب
‏حدثنا ‏ ‏محمد بن المثنى ‏ ‏حدثنا ‏ ‏يحيى ‏ ‏عن ‏ ‏هشام ‏ ‏قال أخبرني ‏ ‏أبي ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة ‏ ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ح ‏ ‏و حدثنا ‏ ‏عبد الله بن مسلمة ‏ ‏عن ‏ ‏مالك ‏ ‏عن ‏ ‏هشام ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة ‏ ‏رضي الله عنها ‏ ‏قالت ‏
‏إن كان رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ليقبل بعض أزواجه وهو صائم ثم ضحكت

فتح الباري بشرح صحيح البخاري

‏قوله , ( حدثني يحيى ) ‏
‏هو القطان , عذره هو ابن عروة , وقد أحال المصنف بالمتن على طريق مالك عن هشام وليس بين لفظهما مخالفة , فقد أخرجه النسائي من طريق يحيى القطان بلفظ " كان يقبل بعض أزواجه وهو صائم " وزاد الإسماعيلي من طريق عمرو بن علي بن يحيى قال هشام " قال إني لم أر القبلة تدعو إلى خير " , ورواه سعيد بن منصور عن يعقوب بن عبد الرحمن عن هشام بلفظ " كان يقبل بعض أزواجه وهو صائم ثم ضحكت " , فقال عروة لم أر القبلة تدعو إلى خير , وكذا ذكره مالك في " الموطأ " عن هشام عقب الحديث , لكن لم يقل فيه ثم ضحكت . وقوله ثم ضحكت يحتمل ضحكها للتعجب ممن خالف في هذا , وقيل تعجبت من نفسها إذ تحدث بمثل هذا مما يستحى من ذكر النساء مثله للرجال , ولكنها ألجأتها الضرورة في تبليغ العلم إلى ذكر ذلك , وقد يكون الضحك خجلا لإخبارها عن نفسها بذلك , أو تنبيها على أنها صاحبة القصة ليكون أبلغ في الثقة بها , أو سرورا بمكانها من النبي صلى الله عليه وسلم وبمنزلتها منه ومحبته لها . وقد روى ابن أبي شيبة عن شريك عن هشام في هذا الحديث " فضحكت , فظننا أنها هي " وروى النسائي من طريق طلحة بن عبد الله التيمي عن عائشة قالت " أهوى إلي النبي صلى الله عليه وسلم ليقبلني فقلت إني صائمة , فقال وأنا صائم , فقبلني " وهذا يؤيد ما قدمناه أن النظر في ذلك لمن لا يتأثر بالمباشرة والتقبيل , لا للتفرقة بين الشاب والشيخ , لأن عائشة كانت شابة , نعم لما كان الشاب مظنة لهيجان الشهوة فرق من فرق . وقال المازري : ينبغي أن يعتبر حال المقبل فإن أثارت منه القبلة الإنزال حرمت عليه لأن الإنزال يمنع منه الصائم فكذلك ما أدى إليه , وإن كان عنها المذي فمن رأى القضاء منه قال يحرم في حقه , ومن رأى أن لا قضاء قال يكره , وإن لم تؤد القبلة إلى شيء فلا معنى للمنع منها إلا على القول بسد الذريعة . قال : ومن بديع ما روي في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم للسائل عنها " أرأيت لو تمضمضت " فأشار إلى فقه بديع , وذلك أن المضمضة لا تنقض الصوم وهي أول الشرب ومفتاحه , كما أن القبلة من دواعي الجماع ومفتاحه , والشرب يفسد الصوم كما يفسده الجماع , وكما ثبت عندهم أن أوائل الشرب لا يفسد الصيام فكذلك أوائل الجماع ا ه . والحديث الذي أشار إليه أخرجه أبو داود والنسائي من حديث عمر , قال النسائي منكر , وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقد سبق الكلام على حديث أم سلمة في كتاب الحيض , والغرض منه هنا قولها " وكان يقبلها وهو صائم " وقد ذكرنا شاهده من رواية عمر بن أبي سلمة في الباب الذي قبله . وقال النووي : القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته لكن الأولى له تركها , وأما من حركت شهوته فهي حرام في حقه على الأصح وقيل مكروهة , وروى ابن وهب عن مالك إباحتها في النفل دون الفرض . قال النووي : ولا خلاف أنها لا تبطل الصوم إلا إن أنزل بها . ‏
‏( تنبيه ) : ‏
‏روى أبو داود وحده من طريق مصدع بن يحيى عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها ويمص لسانها وإسناده ضعيف , ولو صح فهو محمول على من لم يبتلع ريقه الذي خالط ريقها , والله أعلم