العراقيون والإنترنيت!!.. «ملتهبة» لـ «بغدادي»: حبيتك من أول دردشة!
دمشق
صحيفة تشرين
تحقيقات
الثلاثاء 25 كانون الأول 2007
ظافر أحمد
يعبر وجهه عن ملامح شاب لا يتجاوز العشرين عاماً، يتقوقع خلف دخان سيجارته وشاشة كمبيوتر، يغطي رأسه بسماعات ويثبته أمام كاميرا الدردشة،...
ابتسامات وتقطيبات جبينه بعد كتابة جملة أو جملتين وانتظار جملة أو جملتين...، انفعالات لا تحدث في فرادتها إلا عندما يكون رفيق الطاولة في المقهى كمبيوتراً، وعندما يكون المقهى مقهى إنترنيت،.. ولكن الخصوصية كبيرة عندما يكون المقهى سورياً والزبون عراقياً..؟! وليس الجديد في مقاهي الإنترنيت السورية أن تجتذب زبائنها من الشباب، بل الجديد أن العديد منها يزدحم بالأشقاء العراقيين من شريحة الشباب...
ويمكن مشاهدة جمهور عائلات في بعض المقاهي ودخول سيدات ورجال من كبار السن..، وهذه الحالات باتت مألوفة، وتتجسد غالباً بنموذج أسرة عراقية تتواصل مع ضحايا زمن أمريكي أسقط بغداد لتصبح وطناً للشتات العراقي في شاشة كمبيوتر...
متنفس الشباب؟
علي ـ شاب عراقي قال: فقدت كل شيء في العراق، وقد أبقى مع أسرتي في سورية حتى رحيل الأميركيين، وحتى يعود الأمن والأمان بشكل جيد، وباعتباري بلا عمل، فإن المتنفس الوحيد لي ولمجموعة من أصدقائي الإنترنيت..
تحدث زميله عن حالة عراقي تعرف عبر الدردشة على شابة سورية وتواصلا جيداً واتفقا على الزواج ثم جاء إلى سورية وتزوجها ليقيم هنا حتى أجل غير مسمى، وقال: إن مواقع الزواج عبر شبكة الإنترنيت هي ملاذ شريحة من الشباب العراقي كفرصة قد تؤمن مستقبل البعض بعيداً عن العراق...
يوجد على الإنترنيت حقيقة شديدة الوضوح قالها «الداهية» هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الأسبق في مذكراته: «من يريد السيطرة على الأمة العربية والإسلامية عليه أن يدمر إرادة الأمة العراقية فهي الحلقة الرئيسية فيه»! ولكن عبر نموذج بعض الشباب العراقيين المتجمعين في مقهى إنترنيت فإنهم لا يفتشون في شبكة الإنترنيت عن حقائق الوعي في استيعاب ما حصل للعراق وما قد يحصل له...
ولدى سؤال شاب عراقي: هل سمعت بهنري كيسنجر؟!
ضحك وارتبك لكن الجواب كان في شاشة الكمبيوتر أمامه، موقع «دردشة يا حبي» وغرفة الدردشة «العاشق»!
مقاهي يستثمرها عراقيون
في بعض المقاهي التي يستثمرها عراقيون، يزدحم فيها العراقيون أكثر من الزبائن السوريين، ويبرر أحدهم إقبالهم على الإنترنيت في سورية، بأنه إضافة إلى حاجتهم للتواصل مع الشتات داخل العراق وخارجه، فإن شريحة كبيرة من العراقيين هم مدمنو إنترنيت قبل قدومهم إلى سورية وحملوا هذه العادة معهم...
ويؤكد أصحاب المقاهي أن الزبائن الذين يأتون ليلاً غايتهم الوحيدة غرف الدردشة وقتل الفراغ...، وعن سبب إقبال بعض العراقيين لاستثمار مقاهي إنترنيت، قال مستثمر أحد المقاهي:
تصورت أنه مجال جيد للاستثمار على قد الحال...
أحد العراقيين دعاني إلى جواره في المقهى ومتابعة دردشة مع مجهول عبر أحد المواقع فأتاه سؤال من المجهول: ماذا تفعل في سورية؟! رد العراقي الذي يطلق على نفسه اسماً مستعاراً في الدردشة (بغدادي): وماذا أفعل؟! متفرغ للدردشة..!
واستمر الحوار كما يلي:
المجهول: شب طويل عريض... دوّر على شغل...
بغدادي: ماكو شغل...، إذا عندك دلني...!
المجهول: لماذا لا تذهب إلى العراق وتناضل وتقاوم كي تحرره؟..
وظل سؤال المجهول بلا جواب، وأمعنت في (بغدادي) وقد أطلق سحابة من سيجارته غيّبت إيماءات وجهه وباتت ضبابية كضبابية الوضع العراق ما بعد سقوط بغداد...
هنا جاءت دعوة من إحدى المدردشات باسم (ملتهبة)، تطلب من بغدادي التعارف، وتقول له:
حبيتك من أول دردشة...
zaferahmad1@gmail.com