التحرش الجنسي في الخطاب الاعلامي العربي
بقلم:عماد موسى
التحرش الجنسي ظاهرة اجتماعية قديمة جديدة ومنتشرة في كل المجتمعات ، الا ان التطور الاجتماعي والثقافي قد احدث تطورا وتغيرا على المفهوم ، فما يعتبر في مجتمع ما تحرشا جنسيا يعاقب عليه القانون ،قد يكون السلوك القولي ذاته اطراءا ومديحا.
لقد قدم الخطاب الاعلامي العربي تعريفا للتحرش الجنسي ،في الدول العربية على انه ،هو:" صيغة من الكلمات غير المرحب بها و/أو الأفعال ذات الطابع الجنسي والتي تنتهك جسد أو خصوصية أو مشاعر شخص ما وتجعله يشعر بعدم الارتياح، أو التهديد، أو عدم الأمان، أو الخوف، أو عدم الاحترام، أو الترويع، أو الإهانة، أو الإساءة، أو الترهيب، أو الانتهاك أو أنه مجرد جسد."وهنا يأتي السؤال ما هي انماط او اشكال التحرش الشائعة في المجتمعات العربية" فبعض من الخطابات الاعلامية استعرض اشكال متعددة للتحرش الجنسي اهمها:"
* التعبيرات الوجهية: وهي القيام بتغير ملامح الوجه للتعبير عن نوايا جنسية (مثل اللحس، الغمز، فتح الفم).
*الملاحقة أو التتبع: ,هو ان يقوم شخص بتتبع شخص ما، ومحاولة الاقتراب منه ، بشكل متكرر أو لمرة واحدة، أو الانتظار خارج مكان عمل/منزل/سيارة أحدهم.
*النظر المتفحّص: التحديق أو النظر بشكل غير لائق إلى جسم شخص ما،او الى أجزاء من جسمه
*التعليقات: إبداء ملاحظات جنسية عن جسد أحدهم، ملابسه أو أو طريقة مشيه/تصرفه/عمله، إلقاء النكات أو الحكايات الجنسية، أو طرح اقتراحات جنسية أو مسيئة
*الندءات (البسبسة): التصفير، الصراخ، الهمس، و أي نوع من الأصوات ذات الإيحاءات الجنسية..
*الدعوة لممارسة الجنس: طلب ممارسة الجنس، وصف الممارسات الجنسية أو التخيلات الجنسية، طلب رقم الهاتف، توجيه دعوات لتناول العشاء أو اقتراحات أخرى قد تحمل طابعًا جنسيًا بشكل ضمني أو علني.
*الاهتمام غير المرغوب به: التدخل في عمل أو شؤون شخص ما من خلال السعي لاتصال غير مرحب به، الإلحاح فى طلب التعارف والاختلاط، أو طرح مطالب جنسية مقابل أداء أعمال أو غير ذلك من الفوائد والخدمات، وتقديم الهدايا بمصاحبة إيحاءات جنسية، أو الإصرار على المشي مع الشخص أو إيصاله بالسيارة إلى منزله أو عمله على الرغم من رفضه.
*الصور الجنسية: عرض صور جنسية سواء عبر الإنترنت أو بشكل فعلي.

• التحرّش عبر الإنترنت: القيام بإرسال التعليقات، الرسائل و/أو الصور والفيديوهات غير المرغوبة أو المسيئة أو غير لائقة عبر الإيميل، الرسائل الفورية، وسائل التواصل الاجتماعي، المنتديات، المدونات أو مواقع الحوار عبر الإنترنت.
• المكالمات الهاتفية: عمل مكالمات هاتفية أو إرسال رسائل نصية تحمل اقتراحات أو تهديدات جنسية.
• اللمس: اللمس، التحسس، النغز، الحك، الاقتراب بشكل كبير، الإمساك، الشد وأي نوع من الإشارات الجنسية غير المرغوب بها تجاه شخص ما.
• التعري: إظهار أجزاء حميمة أمام شخص ما أو الاستمناء أمام أو في وجود شخص ما دون رغبته.
• التهديد والترهيب: التهديد بأي نوع من أنوع التحرّش الجنسي أو الاعتداء الجنسي بما فيه التهديد بالاغتصاب."







ولما استفحلت ظاهرة التحرش الجنسي في المجتمعات العربية، ، تصدى الخطاب الاعلامي العربي وان اختلف التناول ،وطريقة المعالجة وفقا للخصوصية المحلية، الا الخطاب ارتكز في جزء منه على اظهار ظاهرة التحرش واسبابها، فوجدنا بعض الخطابات قد رد اسباب التحرش الى موضوع "الكبت الجنسي" دون ان يقدم هذا الخطاب توضيحا فيما اذا كان اذا كان المقصود بمصطلح "الكبت الجنسي " هو الكبت عند الذكورة حصريا على اعتبار انها الركن الاساس في عملية التحرش ،ام ان الكبت ينطبق على الجنسين، فوجدنا ان بعض الخطابات الاعلامية قد افتقرت الى الجرأة عندما انبرت بطرح حل من الحلول لظاهرة الكبت الجنسي،لأنها تعاني من ارباك اصلا ناتج عن عدم نضج المصطلح عند منتج الخطاب مما انعكس ذلك سلبا عند محاولتها لتحديد "مفهوم التحرش الجنسي"، ونشير ايضا إلى أن الخطاب الاعلامي قد اشار الى اللغة بوصفها سلوك يحمل الايحاءات الجنسية من هنا اعتبر الخطاب ان التحرش الجنسي " ظاهرة مستفحلة واول اسباب انتشارها هو ثقافة الكبت الجنسي الواقع بين ضغط مفردات الحلال والحرام الدينية وخلط الثقافة الجنسية باجندات الشيوخ وافكارهم ومدارسهم الدينية وربط المراة بالكبائر والمعصية والخروج عن الشريعة الاسلامية وهي مفردات مخيفة اضافة الى الرعب والتحذير والبعبع الثافي المنتشر ضد المراة الذي يحذر من الاقتراب منها.."
ووجدنا ان بعض الخطابات الاعلامية قد عزت اسباب التحرش الى اسباب حضارية تتمثل في " حضارة النص" في المتوارث معتبرا أن" ما تتعرض له:المراة من اشكال متعددة للاضهاد والقمع اللغوي،يبقى في اطار التحرش اللفظي،وضمن اطار سلوكيات فردية مباشرة او غير مباشرة كما في الفضاء الالكتروني والصفحة الزرقاء،ولكن اعطاء لغة التحرش الجنسي سلطة"المقدس"وان التحرش اللفظي يؤسس ليكون
"ا بداية لاغتصابها لفظيا وان كان مشرعنا بالنص الديني"
وذهبت بعض الخطابات الى اعتبار ان" التحرش الجنسي تعبير مخفف جدا لوصف ما تتعرض له الانثى من فعل عدواني عنيف..وفضلنا استخدام مفردة" الانثى" على مفردة ال"مرأة" لان التحرش الذكوري على المرأة يهمل كل صفاتها الاخرى،كالامومة، والحمل والرضاعة، او التقدم في العمر، او صغر السن او عدم النضج ولا يرى منها سوى صفة واحدة هي الانوثة بمعناها الجنسي التخيلي"
وحاولت بعض الخطابات الاعلامية تقديم تفسير لظاهرة التحرش الجنسي ورده الى "
"اللون الواحد والفكر الواحد والثقافة الواحدة.."
والى قيام القطبية الواحدية ايضا ب"تعميق تجريم ثقافة الاختلاف والمختلف على جميع الاصعدة". واشار الخطاب الاعلامي الى دور الثقافة فس تكريس الظاهرة، ففي ظل "هذه الثقافات البهيمية لا يمكن ان تخرج المراة من عباءة البعبع المشتهى والمغري ولا يمكن وقف التحرش الجنسي او منعه"وكذلك انتشار "الثقافة السلبية في مجتمعاتنا مثل الفكر الاباحي الدخيل عبر التكنولوجيا المتطورة الذي يؤدي الى تقوية وانتشار ظاهرة التحرش الجنسي،وتعد "التربية الاسرية في مجتمعاتنا الاسلامية الذكوريةالتي تحط من قيمة المراة وتحقرها وهي طفلة"جزء من الثقافة المتوارثة.
واتكأ بعض الخطابات الاعلامية على تضمين ذاته بالارقام والبيانات الاحصائية، لتقديم ادلة دامغة تثبت مدى انتشار الظاهرة واستفحالها:
فقد "اظهرت الاحصائيات التي صدرت عن المركز المصري لحقوق المرأة في يوليو 2012،دراسة تقول:

*اعترف 62% من الرجال في مصر من التحرش بالنساء
*وافاد 83% من النساء بتعرضهن للتحرش الجنسي
*وقال نصفهن ان ذلك يحدث معهن بشكل يومي
اما"ربيكا تشياو" منسقة العلاقات العلاقات الدولية في المركز المصري لحقوق المرأة فقد افادت بان التحرش ظاهرة حقيقية في مصر،وقد سادت هذه الظاهرة خلال العشر سنوات الماضية بشكل لافت
واضافت حتى السبيعنات لم يكن هناك تحرش في مصر الا نادرا،لكن الامور مختلفة الان".
وكشف الخطاب الاعلامي،عن ان ضحايا الاعتداءات الجنسية طيف واسع يضم كافة شرائح النساء بمختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية"
واشار الخطاب الاعلامي ايضا الى ان ظاهرة التحرش الجنسي ليست ظاهرة جديدة على المجتمعات الاسلامية الا ان الجديد هو ان يتحول التحرش من فردية التحرش وانعزالية الفعل الى تكالب وسعار جماعي علني ضد الضحايا ودون اي اعتبار للقيم الاجتماعية او القانونية او السياسية او حتى الدينية، ويعتبرها الخطاب "حالة اقرب الى الهياج الجنوني او العطب العقلي منها الى افعال ساقطة"
وفي سعي الخطاب الى معالجة هذه الظاهرة فقد وضع الخطاب طريقة لمعالجتها وهيان اول خطوة لمحاربة ظاهرة التحرش الجنسي في المجتمعات العربيةهو:
" اولا:
- (أ)المصادقة على الاتفاقيات والقوانين الدولية المناهضة للتمييز ضد المراة وحمايتها من كل اشكال التحرش والمضايقة في الاوساط المهنية وخارجها..."
- (ب) اصدار برلمانات الدول لقوانين داخلية تعزز وتقوي هذه الاتفاقات وتدعهمها بعقوبات رادعة تحد من تفشي هذه الظاهرةداخل الهيئات والمؤسسات والادارات العمومية والخاصة..
ثانيا تعزيز دور وسائل الاعلام في شرح اسباب ظاهرة التحرش الجنسي وطرق معالجتها:
واكد الخظاب على " ان استخدام وسائل الاعلام المسموعة والمرئية في شرح خطورة ظاهرة التحرش الجنسي له تأثير كبير واثر اسرع في الوصول الى شريحة كبيرة من افراد المجتمع وبالتالي توعيتها بمخاطر هذه الظاهرة واشراكهم في الحد منها ومن انتشارها".