ما هكذا يكتب الشعر
سبق لي ونشرت سلسلة من مقالات أستاذنا علي حسن العبادي
ولدى بحثي عن كلمة ( العبادي ) لم أعثر إلا على موضوع واحد منها فلا حول ولا قوة إلا بالله.
من يقرأ مقالات أستاذنا الكريم بما تستحقه من تركيز يجنِ خيرا في الثقافة واللغة والعروض.
http://www.alriyadh.com/Contents/200.../page5.html#10
علي حسن العبادي
• صدرت لي مقالتان بعنوان (ماهكذا يكتب الشعر) في جريدة الرياض الغراء في العدد (11910)، والعدد (11917) الصادرين يومي الخميس 11/7والخميس 1421/11/14ه .. وتعرضت في المقالة الثانية لشعر الشريف محمد بن منصور آل عبدالله، وقلت فيه رأيي بصدق، ولم أنو التعقيب على من غضب عليَّ وأرسل سجيته بالسب والشتيمة والتشنيع، وأخذ يعارض كل ما قلته عنه، غير أني رأيت أن أكتب مرة أخرى، تأكيداً لما كتبته عن الشعر الرديْ الذي أخذ ينتشر في غفلة من الزمان، انتشار النار في الهشيم، وسأتمسك بالرد العلمي كما تعلمتُ على أيدي مشايخي (يرحمهم الله)، وألتزم بأدب الحوار، ولا يضيرني من يُضفي على نفسه لقب المؤرخ والموسوعي والنسّابة، ومن يحشر نفسه في زمرة الشعراء، ولا يبالي إذا قام بانتهاك العروض والنحو واللغة كغيره من المتشاعرين الذين كثروا في هذا الزمان، فهذا متشاعر عمودي ، وذاك متشاعر حر، وآخر متشاعر نبطي (شعبي)، وكلهم يعرضون شعرهم المحصرم علينا بلا حياء ولا خجل، ويتيهون علينا بهرائهم، ويرددون على مسامعنا قول الشاعر المغرور:أتيهُ على جِنّ البلاد وانْسها ولو لم أجِدْ خلْقاً لتِهْتُ على نفْسيأَتيهُ فما أدْري من التيه منْ أنا سوى ما يقول الناس فيَّ وفي جنْسيفلما تصديت لهؤلاء رموني بعُجَرهم وبُجرهم، ولا يضيرني من يرميني لأنني آليت على نفسي أنْ أتصدَّى لهؤلاء ذوي الآفات والعاهات التي لحقت الشعر العربي في عصرنا الحاضر، وشوهْته وأساءت إلى فن الشعر حتى قال عنَّا أحد النقاد العرب في مجلة الهلال الصادرة في شهر مارس من عام 1997م بأن بعض المشرفين على جرائدنا ومجلاتنا الأدبية لا يميزون بين وزن الشعر ووزن برميل النفط...وقد قرأت ماكتبه الأخ محمد بن منصور آل عبدالله بعنوان "التجويد مطلب وتحرّي الدقة واجب" المنشور في جريدة الرياض في العدد 11944الصادر في يوم الخميس 2صفر من عام1422ه وفي المقال ترّهات رماني بها: من شُبِّر فتشبَّر فعدا طوْره، وجاز غايته، وتخطى نهايته، وسأردُّ عليه متمسكاً بأصول النقد البناء الهادف، مبتعداً عن المهاترات، وسيعود على المرْ ما يأتمر، ومن خاصم بالباطل أنْجحْتَ به...إن شعرك الذي نشر في معجم البابطين يعود الفضل في نشره إلى شيخنا الأستاذ الكبير محمد سعيد بن حسن آل كمال (يرحمه الله) الذي ألحّ عليّ وطلب مني أن أنظر في شعرك وأقومه وأبعثه من قبل نادي الطائف الأدبي وهو المكلف رسمياً بملْ استبانات الشعراء الذين يرشحهم النادي، وقد لبَّى النادي رغبة شيخه محمد سعيد بن حسن آل كمال، وقمت بتصحيح قصائدك حتى يتسنَّى لها النور، وقد نشر المعجم أبياتاً من الشعر منسوبة إليك، ووضع المعجم بجانبها صورة فتوغرافية ليستْ لك بل هي للشريف منصور بن سلطان عضو مجلس إدارة نادي جدة الأدبي، وقد لزمنا الصمت مراعاة لك، ولقي منك شيخنا الأستاذ محمد سعيد بن حسن آل كمال بعد وفاته وأسرته الفاضلة ما يسوْ العدو قبل الصديق، وأنت تعلم أنّ آل (كمال) أسرة سعودية أصيلة ذات شأن في تاريخنا المجيد، ولهذه الأسرة أيادٍ بيضاء على طلبة العلم في مدينة الطائف، ويشترك معها في الفضل (آل سراج) وكلتا الأسرتين لا ينكر فضلهما وعلمهما وحسبهما ونسبهما إلا جاهل حاقد، ومن هذه الأسرة الكريمة الأستاذ المربي حسين بن حسن آل كمال (يرحمه الله) الذي قام في زمن قلَّ فيه المعلمون وأخذ يلقّنك مع غيرك من الصبية في كُتَّابه في (الوهط) مبادئ القراءة والكتابة ويحميك من اللعب والعبث بين الهضاب وقنن الجبال، لصيد العصافير بالحصوات، كما أشرتَ إلى ذلك في قصيدة لك محصرمة ضحلة، تقول فيها:ودرجْتُ ألعبُ في تلاعك لاهياً بين الهضاب وسامق الربواتِكم قد غدوتُ مع الصباح مبكّراً لأصيد عصفورَ الخلا بحصاةِوتختتم قصيدتك ببيت مكسور، فتقول:يا طائفي جادتْك أنواء السما ولا عدمتُ رُباك طُول حياتيفالشطر الثاني مكسور ويستقيم لو قلتَ:لا لا عدمْتُ رُباك طُولَ حياتيلأن ما كتبته شعراً محصرماً جاء من بحر الكامل ووزنه في دائرته:متفاعلنْ/ متفاعلنْ/ متفاعلن متفاعلنْ/ متفاعلنْ/ متفاعلنْهذه فائدة من فوائد علم العروض الذي سخرْتَ منه، ولا يسخَرُ من هذا العلم إلا جاهل، جهله مركّب، ورحم الله الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي رأى بعض المتشاعرين وقد خانهم طبعهم، وتخلت عنهم سليقتهم، فخرجوا عن الأوزان العربية بزيادة أو نقصان، فجمع العزيمة، وشحذ الخاطر، وكان على علم بالنغم الذي ألف فيه كتابيْ (النغم) و(الإيقاع) كما ذكر ذلك ابن النديم في كتابه (الفهرست)... فاعتزل الناس حتى أخرج لهم هذا العلم الجليل، فكان الخليل (يرحمه الله) هو الأول والآخر في هذا العلم.. ورحم الله شيخنا العلاّمة محمود محمد شاكر صاحب كتاب (نمط صعب ونمط مخيف) الذي قال فيه: "رحم الله الخليل بن أحمد، فلو هبَّ من رقدته فاطّلع على أهل هذا الجيل، كيف يخوضون فيه وفي عروضه، لرأى العقل الذي في الجماجم قد عاد راراً أي مخّاً ذائباً، وأيّ رجل كان الخليل بن أحمد لو كان لعلمه ورثة، وجزاه الله عنَّا أحسن الجزاء"..ولعلك تقرأ ما كتبه الأستاذ ادريس الكريوي في (جذور) العدد الثالث الصادر في شهر ذي القعدة 1420ه... وجذور دورية يقوم نادي جدة الأدبي بإصدارها، فقد كتب الكريوي مقالة بعنوان (ما أشدَّ حاجتنا إلى نقد عروضي)...ففي المقالة ما يجعلك تحترم علماء العروض، وتقدّر جهودهم، وتجلس باحترام أمامهم، وتستقي منهم ما يفيدك وتنجو ممنْ عقولهم (رارٌ) من أهل هذا الجيل.وأما استشهادك برأي الأستاذ الدكتور عالي سرحان القرشي في شعرك فهذا من حقّك ولكنّ حبيبنا الدكتور عالي لا يرضى منك أن تنال أستاذاً ومعلماً خدم التعليم والعلم والأدب في مدينة الطائف نصف قرن من الزمان، لا يرضيه أن تناله بالسباب والشتائم وتلحقه بأدعياء العلم والأدب، ولعلّ الأستاذ عالي يرد عنّي تهجمك عليَّ وسبابك فهو الخبير ببواطن الأمور، وكأنّ الشاعر عناه حين قال:وَيفهمُ قول الحُكْل لو أن ذرّةً تساوِدُ اخْرى لم يفَتهُ سِوادُهاوأما قولك: "فالأستاذ العبادي اختار من كل مقطوعة ثلاثة أبيات وزعم أن في هذه الأبيات خللاً في الوزن، وراح كعادته يقوم هذا الخلل.. والحقيقة أن الخلل في حسّه الفنيّ، وذوقه الشعري، وقراءته للأبيات، وأنّ البيت:كتابي لا تلمْني فأنت شهْمٌ تعفُّ عن الملامة للصديقِغير مكسور، فهو رعاه الله يشبع بعض الحركات التي لا تحتاج إلى إشباع، ويترك إشباع الحركة المحتاجة إليه، فمن هذه القراءة السقيمة، حصل الخلل الذي زعمه وبقراءته انكسرت الأبيات .. ثم تقول: فهو بقراءته أشبع حركة النون حتى تولّد منها حرف ساكن انكسر البيت!!! وعلى هذه القراءة سار في نقده العجيب"...وأقول للأخ محمد بن منصور آل عبدالله: الياء في كلمة (لا تلمْني) قد كتبتها ياء ظاهرة، فكيف تريدنا أن نقرأها بارك الله فيك فأفْصحْ واهْدنا إلى الصواب، والياء في كلمة (لا تلمْني) ليستْ إشباعاً لحركة النون لأنها ياء المتكلم فلا تحذف في الشعر، ولا أظنك حريصاً على طرح يائك، بارك الله فيك.... وياء المتكلم لا تحذف في الشعر إطلاقاً، وليست من ضرائر الحذف في الشعر التي حصرها علماء اللغة، من أمثال سيبويه وأبي سعيد السيرافي وابن جنّي وابن فارس والزمخشري وأبوسعيد القرشي في أرجوزته في فن الضرائر التي يقول فيها:وربما تصادف الضرورهْ بعض لغات العرب المشهورهْوقد أجمعوا رحمهم الله: أن الضرائر سماعية لا يسوغ للمولّد إحداث شيْ منها، وليس لأحد من المولّدين أن يسلك غير مسلك سلكوه، ولا أن يبتدع أسلوباً غير أسلوب عرفوه، فلا مساغ لأحد أن يضطر إلى غير ما اضْطروا إليه، أو يخالفهم في أصل مضَوْا عليه، ولهذا خطّأ الزمخشري في كتابه (المفصّل) أبا نواس وهو الشاعر الكبير في قوله:كأنَّ صُغْرى وكُبرى من فقاقعها حصْباء درٍ على أرضٍ من الذَهَبِلكونه استعمل: صُغْرى وكُبْرى نكرة، وهذا الضرب من الصفات لا يستعمل إلاَّ معرّفاً، وإنما يجوز التنكير في فُعْلى التي لا أفعل لها نحو: حُبْلى، وقد لزم الصمت (أبونواس) تأدباً لأنه شاعر كبير، واعتذر له خلق كثير وتكلّفوا الجواب عنه، وهكذا تكون أخلاق الكبار الذين لا يتطفّلون على العلم، ولولا الإطالة لذكرتُ ما جاء في هذه المسألة.وضرائر الحذف في الشعر التي ذكرها علماء اللغة، قد حصرها هؤلاء العلماء في اثنين وأربعين باباً، ليس منها حذف ياء المتكلم، بارك الله فيك يابن منصور، وحذفُ ياء المتكلم لها باب آخر سأتكلم عليه إنْ شاء الله في مقالة أخْرى، وأمَّا الإشباع الذي ذكرته عرضاً في مقالتك، ولم تشرح لنا كيف يكون الإشباع في بيت الشعر، فأقول لك والله المستعان على شعراء وعلماء هذا الزمان: الإشباع تبليغ الحركة حتى يتولّد منها حرف ليّن يناسبها، وذلك ليستقيم الوزن في البيت من الشعر، كتبليغ كسرة الراء في (الصياريف)..في قول الشاعر:تَنْفي يداها الحصا في كلّ هاجِرةٍ نَفْيَ الدراهمِ تنقادُ الصياريفِوتبليغ ضمة (الميم) في (بينهمو) في قول الشاعر:قد يمكثُ الناسُ دهْراً ليس (بينهمو) وُدٌّ فيزرعَهُ التسليمُ واللُّطَفُوهو شائع في هذه الميم حتى أنها تكتب بإلحاق واوٍ ظاهرةٍ بها، فتكتب: بينهمو ومنكمو ومنهمو.. والإشباع واجب في حركة الحرف الأخير من العروض والضرب، وفي (هاء) اسم الإشارة وفي هاء الضمير المسبوقة بمتحرك، ويقابل الإشباع الاختلاس..والاختلاس: هو عدم تبليغ حركة أو حرف ليّن حقهما من الصوت، والإشباع والاختلاس جائزان في الشعر، تقولوإذا الجهول رأيته مستغنياً) وتقطعه هكذا:وإذ لْجهو/ل رأيتهو / مستغنين 5115151/5115111/5115111متفاعلنْ/ متفاعلنْ /متفاعلنْفالإشباع في (هاء) رأيته .. والاختلاس في قول الشاعر:
فالمال فيه تجلّةٌ ومهابةٌ .......والفقْرُ فيه مذلّةٌ وفضوحُ
وتقطع البيت هكذا:فالمال فيه تجللتن ومهابتن .....والفقر فيه مذللتن وفضوحو 515111/5115111/51151515115111/5115111/5115151
مُتْفاعلنْ/ متَفاعلنْ/ متَفاعلنْ ....متْفاعلنْ/ متَفاعلنْ/ متَفاعلنْ
فالاختلاس في كلمتيْ (فيه) الواردتين في البيت .. وكلمة (فضوح) ضرب والإشباع فيها واجب فتكتب هكذا (فضوحو)ومثال الاختلاس أيضاً قول المغيرة بن حبْناء:
ولا أنزِلُ الدار المقيمَ بها الأذَى ..... ولا أرْأم الشيْ الذي أنا قادرهْ
فالاختلاس في ألف (أنا) الذي تكتب ولا تنطق، كما أنّ ألف (أنا) تكتب وتنطق في حالة الإشباع كقول الشاعر وهو عربي من بني جفنة، قال مازحاً:
مرّ الجرادُ على زرعي فقلتُ له..... الْزْم طريقَك لا تولَعْ بإفْساد
ِفقال منهم خطيبٌ فوقَ سنبلةٍ……… أنَا على سفَرٍ لا بدَّ من زادِ
فقال: (أنا) ومدَّ "أنا"فهذا هو الإشباع والاختلاس (يابن منصور)، وإني أنصحك أن تدرس علم العروض الذي سخرت منه في مقالتك، وهو علم جليل، يحمي شعرنا الأصيل من انتهاك حرماته، ويحفظه من الخروج على أوزانه، ويجنبه ما لحقه من آفات وعاهات في هذا العصر، عصر لغة الجرائد ولغة المحادثة اليومية السطحية التي أناختْ بكلْكلها على الفصحى.وأما (تذودُ) فلا أعرفها ولم أدرسْها على أيدي مشايخي إلا ما جاء في معاجمنا اللغوية، ذاده: دفعه وطرده، ويقال: ذاد عن حرمه، وعن وطنه، وذاد عنه الهم، وذاد الدواب عن الموارد... وفي التنزيل العزيز {ووجد من دونهم امرأتين تذودان} وأجمع المفسرون على معنى (تذودان) أي تمنعان أغنامهما عن الماء فقال المفسرون: عن الماء لأن لغتنا الجميلة الشاعرة تنص على (ذاد عن كذا) وفي الحديث: "ليذادنَّ رجال عن حوضي"، وفي حديث الحوض: "إني لبعقْر حوْضي أذودُ الناس عنه لأهل اليمن" والذوّاد بتشديد الواو الرجل الحامي الحقيقة، ولقب امرئ القيس بن بكر لقوله:
أذودُ القوافيَ عنّي ذِيادا ……. ذيادَ غُلامٍ غويّ جِياد
افقال: أذودُ عني .. وقال الشاعر العربي:
أبيتُ على باب القوافي كأنّما ......أذودُ بها سرْباً عن الوحْش نُزَّعا
فقال: أذود بها سرْباً عن الوحْش.. وقال جميل بن معمر:
فما ذاد عنّا الناسَ إلا قِراعُنا ........وإقدامُنا واللازمُ الحقّ يعرِفُ
فقال: ذاد عنّا، والبيت من فائية جميل بن معمر المشهورة، غير أن هذا البيت لم يذكر في ديوانه المطبوع، ولفائية جميل رواية مطوّلة في المراجع اليمنية، فهي فيها أطول مما ورد في طبعات ديوانه.وأما قول محمد بن منصور آل عبدالله "تذود معي العدا" فهو قول محنّط لم يأتِ له مثيل في شعرنا العربي قديماً وحديثاً، ولا في قول المصطفى صلَّى الله عليه وسلم، ولا محلَّ للقياس لكل عامي جاهل، ولا ألتفت إلى ما جاء في مقالته من تفسير لا يرجع فيه إلى علْم ولا يخلدُ إلى فهم، ولا يأوي إلى سداد وثقة.وسأعرض على القراء الكرام، عبارات من كلام علماء اللغة، ولعلَّ ابن منصور يقرؤها فيستريح ويريحنا من غُثائه وهُرائه..يقول علماء اللغة (رحمهم الله): قد يسقط حرف الجر بعد الفعل المتعدّي ويُنْصَبُ الاسم المجرور بعده، ومنه قوله تعالى: {واختار موسى قومه سبعين رجلاً} أي من قومه.ومنه قول الشاعر:
تمرّونَ الديارَ ولم تَعوجُوا ......كلامُكمو عليَّ إذنْ حَرامُ
والأصل تمرون بالديار، فنُصِبَ المجْرورُ بعد سقوط حرف الجر، ومنه قول العرب: (سافرتُ مكة) و(ذهبْتُ الرياضَ) أي سافرت إلى مكة وذهبت إلى الرياض.. والنصب هنا سماعي غير قياسي، يقتصر فيه على الأمثلة الواردة عن العرب، فلا يجوز أن تقول: (ذهبتُ البيتَ) و(لا تمرون النادي) و(لا أمْسكْتُ القلم) وتقول: (أمسكْتُ بالقلم) و(أمسكْتُ الحجر الأسود) وانظر كتب اللغة والنحو والصرف وهي كثيرة ومتنوعة وفيها علم كبير، ولعل ابن منصور يطّلعُ عليها (عافاه الله وهداه إلى سواء السبيل) .. فيريحنا من ترّهاته...وأما قول ابن منصور: (وعدتُ أنا كحر) الذي أخذ يلُتُّ ويعجنُ ويُثرثرُ ويُبدئ ويُعيدُ في شرحها، فكلامه مردود عليه لأنه لا يعرف دقائق اللغة العربية التي حفظها لنا رجال من الرعيل الأول والثاني كابن السّكّيت والهَمذاني والحريري والجواليقي والثعالبي والخفاجي واليازجي والألوسي وابن خالويه ... ولا أكتم من أحبّائي الخلَّص، علمائنا في اللغة والنحو، أبنائنا المعاصرين من الأكاديميين وهم كثيرون، ولا يسعفني السن أنْ أذكر أسماءهم، أقول: لا أكتمُ من أحبائي الحديث عمّا سأجده من خلاف فيما أقوله، وقد وطّدتُ نفسي على الاستفادة منهم والاعتداد بقولهم من نقد بنَّاء، إذا كان النقد من هؤلاء العلماء، فأنا مازْلتُ طالب علم.. وأما المتطفلون على العلم فليس لهم عندي ما يسرُّ الخاطر ويشرح الصدر، وأعود إلى قول ابن منصور: (وعدت أنا كحر) فالأصح والأصل في استعمال هذه الجملة أن تقول: (وعدتُ حرّاً) لتتجنب ذكر فاعلين وحرف جر زائد.وما يردده بعضهم في أيامنا هذه من قوله: (أعملُ كسائق عند آل فلان) و(أعملُ كمعلّمٍ في مدرسة كذا) فليس من الفصيح .. والفصيح أن تقول: (أعملُ سائقاً عند آل فلان) و(أعمل معلماً في مدرسة كذا) ...وأما قول ابن منصور: (فأخونا العبادي رعاه الله يريدني أن استبدل كلمة هُراء بكلمة خِداع، والمعنى بين الكلمتين كبير)...فقوله هذا غير صحيح ومردود عليه، وقد طلبت منه استبدال الخداع بالهراء، فالذي طلبت تركه هو (الهراء) لأنه المتروك وقد أدخلت عليه (الباء).تقول: استبدلْتُ بسيارتي سيارة جديدة، وبدَّل أولادي بكتبهم القديمةِ كُتباً جديدة ويؤيد لغتنا الفصيحة قوله تعالى: {قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير} ( 61البقرة) .. وقوله تعالى: {ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب} ( 2النساء) .. وقوله: {ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل} ( 108البقرة) ... فهذه الآيات الكريمة كلها، دخلت الباء فيها على المتروك،ولكن ابن منصور، يجهل هذه الدقائق لأنه لم يتلقَّ علْماً على شيخ ولا في مدرسة رسمية، ومن كان علمه من أصحابه فجهله أكثر من صوابه.ثم أعود إلى أبياته الستة المكسورة التي أشرتُ إليها في مقالتي السابقة المنشورة في جريدة الرياض الغرَّاء،، ومنها هذا البيت:وبان بأنّ ودك لي هراء وأنَّ في قلبك الداء الدفينافالشطر الثاني مكسور، وعجز ابن منصور أن يجد مخرجاً يخرجه من هذا الخطأ العروضي، وقد بحثت له عن مخرج فعجزت، وأردت أن أخفّف (أنّ) كما قال ابن مالك (يرحمه الله)وإنْ تخفّفْ (أنَّ) فاسمُها استكَنْ والخبرَ اجْعلْ جملةً من بعْدِ أنْفإذا خُفْفتْ (أنّ) المفتوحة، بقيت على ما كان لها من العمل، ولكن لا يكون اسمها إلا ضمير الشأن محذوفاً، وقد جاء ضمير الشأن محذوفاً في الشطر الثاني من بيت ابن منصور، ولكن خبرها لا يكون إلا جملة، فإن كانت الجملة فعلية فعلها متصرف وجب فصلها بما يفرق بينها وبين أن الناصبة للفعل، وذلك يكون: إمَّا (بقدْ) وإمّا (بالسين) وإمَّا (بسوْف) وإمَّا بأحرف النفي أو أدوات الشرط.. نحوعرفتُ أن قد حان الامتحان) و(أنْ سينجح أخوك) و(أنْ لنْ ينجح المتكاسلون) و(أن لو اجْتهدتم لنجحْتم)..
http://www.arood.com/vb/showthread.p...4062#post44062