لقد عشت كما عاشت الملايين على امتداد العالم انطلاقة إرادة الشعوب المقهورة معلنة ثورة هادرة على عروش الظلم والقهر والطغيان , تصرخ في وجه الطغاة في مصر وتونس , قائلة بصوت هادر كالسيل ارحل , الشعب يريد إسقاط النظام , ولم يدم الاحتجاج على مناهج السياسات المتهالكة على الغرب والمستنزفة لقوت الشعوب أكثر من أيام ثمانية عشر يوماً في مصر وثلاثة وعشرين في تونس , وسرعان ما تهاوى العرشان الواحد تلو الآخر . لكن علينا أن ندرك كلنا أن التغيير سنّة كونية ربّانية لا رادّ لها عندما يبلغ الظلم والعنت والتحكم بقوت الشعب ذروته وإذا تقابل الحق والباطل في الساحات فالحق لابد منتصر فالله تعالى يقول : ( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً . ) صرخة الحق لم تفلح في إسكاتها تلك الخطابات المهزوزة التي كانت تحمل وراءها رعباً وهلعاً يبدو على تعابير الوجوه وخلف الكلمات , ولما سقطت الأوراق رحل زين العابدين بن علي وتنحى مبارك , لقد عمت مظاهر الفرح مصر وتونس حيث خرج الشعب بكل أطيافه معلناً فرحته بالنصر والخلاص محققاً انتقالاً نوعياً نحو مجتمع العدالة والكرامة , ارتقاء بواقع الإنسان إلى حياة أفضل وواقع أسمى على كل منحى من مناحي الحياة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً , لقد ظفر الشعب بحريته المسروقة المكبوتة من قبل أنظمة القهر التسلط , ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .. ) تلك هي الحقيقة بداية ونهاية . مبارك لأشقائنا في مصر وتونس ما ظفروا به من نصر على الطغمة الظالمة , ( وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون . )