الشعب المصري ضحية لثلاث ليبراليات مدمِّرَة تعمل ضد طموحاته..

في الحادي عشر من فبراير 2011 أسقطَ المصريون رئيس نظام "الليبرالية المحافظة"، دون امتلاكهم مشروعا سياسيا لإسقاط نظامها، فقفزت "الليبرالية الإسلامية" إلى السلطة مستغلة هذا الفراغ، واشتبكت مع فلول وبقايا "الليبرالية المحافظة" على مدى أكثر من سنتين، ليخرج المصريون بخفي حنين..

وفي الرابع من يوليو 2013 أسقط المصريون رئيس نظام "الليبرالية الإسلامية"، دون أن يتعلموا من خطئهم السابق، ففعلوا ما فعلوه دون امتلاكهم – مرة أخرى – مشروعا سياسيا لإسقاط نظام هذه الليبرالية، لتقفز "الليبرالية الجديدة" إلى السلطة مستغلة هذا الفراغ الناتج عن الاشتباك بين الليبراليتين "المحافظة" و"الإسلامية"، وسيخرج المصريون بحفي حنين..
...
بقي على المصريين أن يحددوا متى وكيف سيُسْقِطون رئيس نظام "الليبرالية الجديدة"، لتقفز "؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟" إلى السلطة، مستغلة الخطأ الذي سيقع فيه المصريون نفسه (؟!)

رغم كلِّ ما قيلَ وما يقال وما سيقال..
رغم جعجعةٍ هنا وزبَدٍ متطاير هناك..
رغم الغرق في تفاصيل ضلَّلَت وشتَّتَت كل المراقبين..

فإن هناك حقيقة لا جدال فيها، وهي أن الثورة المصرية التي كان "الشباب" و"فقراء الشعب" وقودَها في موجتي "25 يناير" و"30 يونيو"، لم تسقِط أنظمةً وإنما أسقطت رؤساء أنظمة، وأبقت على الأنظمة في مكوناتها العميقة تعبث بمصر وبالمصريين كيفما تشاء..

ما لم يدركه "الوقود المصري" الذي أجَّج كلَّ الموجات السابقة حتى الآن، هو..

* أن "الليبرالية المحافظة" عبارة عن ثقافة متجذرة في بُنْيَة الدولة العميقة بسبب أربعين عاما من الحكم..

* وأن "الليبرالية الإسلامية" ثقافة متجذرة في بُنْية الشعب العميقة بسبب ثمانين عاما من الشحن الديني السلفي المتخندق..

* وأن "الليبرالية الجديدة" ثقافة تتشكَّل على أرضية التحالف مع "الليبرالية المحافظة"، وتحطيم "الليبرالية الإسلامية"، لعبور الجسر الواصل بين مرحلتين في سيرورة الأمة العربية، مرحلة ماضية حكمتنا فيها وظيفيات تستند إلى "دكتاتورية الحكم"، ومرحلة مقبلة يراد لنا أن تحكمنا فيها وظيفيات تستند إلى "دكتاتورية الاقتصاد"، وهي الليبرالية التي إذا تكامل تشكُّلها بسبب ما حصلت عليه من زخم بفعل "موجة" الثلاثين من يونيو 2013، فإنها ستصبح جزءا لا يتجزأ من بُنْيَة الدولة المصرية العميقة..

كم يُصَعِّبون عليك المهمة يا شعب مصر، عندما يضعونك أمام مستقبل يفرض عليك التعامل مع دولة عميقة ومع شعبٍ عميق ينخرُهما سوس 3 ثقافات ماسخة لا نيَّة لها في تحقيق طموحاتك، لأنها تملك أجنداتٍ هي في الأساس قائمة على أنقاض طموحاتك، هي "الليبرالية المحافظة"، و"الليبرالية الإسلامية"، و"الليبرالية الجديدة" (!!!)

كم ستكون ثورتك غاضبة، وكم ستكون انتفاضتك شرسة وعارمة، عندما تكتشف الخديعة الكبرى التي أوقعك فيها كلُّ الليبراليين السابقين، "محافظين" و"إسلاميين" و"جددا"، مستخدمين فقرك، وتديُّنَك، وتطلعك إلى الحرية أسلحة يطعنونك بها (!!!)