أخي الكريم( الأكاديمي الدكتور ) محمد كالو
بورك كل علّامة خدم مخلصاً لغته وكتاب لغته الخالد.
قراءة القرآن بالتجويد واجبة
لا بد بداية أن نفرق بين معنيي التجويد: الاصطلاحي عند أهل الفن، واللغوي عند أرباب اللغة العربية.
فالتجويد لغةً: التحسين.
والتجويد اصطلاحا: إعطاء كل حرف حقه ومستحقه من مخارج وصفات .
لذا نجد أن التجويد بمعناه اللغوي يشير إلى الغاية من التجويد، والتجويد بمعناه الاصطلاحي يشير إلى وسيلة الوصول إلى هذه الغاية.
أما حكم التجويد فقد ذهب المتقدمون من علماء التجويد إلى أن إتقان أحكام التجويد جميعها من الأمور الواجبة التي يأثم تاركها مهما خفيت.
لكن المتأخرين رأَوْا في ذلك حرجاً عظيماً، فذهبوا إلى تفصيل في مسائل التجويد، فسمَّوْا كلّ ما يؤدي تركه إلى تغيير المبنى أو فساد المعنى ( الواجب الشرعي )، وبين ما أوجبه أهل ذلك العلم لتمام إتقان القراءة (الواجب الصناعي)، وهو ما ذكره العلماء في كتب التجويد من مسائل ليست كذلك، كالإدغام والإخفاء ... فهذا النوع لا يأثم تاركه عندهم .
قال الشيخ علي القاري في شرحه على الجزرية، بعد بيانه أن مخارج الحروف وصفاته،ومتعلقاتها:
" فينبغي أن تراعى قواعدهم جميعها وجوباً فيما يتغير به المبنى ويفسد المعنى، واستحباباً فيما يحسن به اللفظ ويستحسن به النطق حال الأداء" .
ثم قال : " اللحن الخفي الذي لا يعرفه إلا مهرة القراء لا يتصور أن يكون فرض عين يترتب العقاب على قارئه لما فيه من حرج عظيم".
ولما قال محمد بن الجزري في منظومته في التجويد، وفي الطيبة أيضاً:
والأخذ بالتجويد حتم لازم * * من لم يجوّد القرآن آثم.
قال ابنه أحمد في شرحها: ذلك واجب على من يقدر عليه، ثم قال : لأن الله تعالى أنزل به كتابه المجيد، ووصل من نبيه صلى الله عليه وسلم متواتراً بالتجويد. وكرر أحمد بن محمد بن الجزري هذا التقييد بالقدرة أكثر من مرة .
أو يقال بأنه: أراد بالتجويد الذي يأثم تاركه هو التجويد بمعناه اللغوي.
ويدل لذلك ما ورد عن عائشة رضي الله عنها.
حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عبيد الغبري جميعا عن أبي عوانة قال ابن عبيد حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران} أخرجه مسلم وابن ماجة وأبو داود وأحمد، وفي لفظ قريب للبخاري.
ولكن، هل تسمح لي، أخي الكريم، أن أضيف إلى هذه الأحكام الواجبة
هاتين الملحوظتين:
۱ – أحكام التجويد من أحكام اللغة العربية، ولو عدت إلى مظانّ اللغة العربية لوجدت مثلاً كلمة ( منبر ) تلفظ ( ممبر )، ويحضرني المرجع السهل في متناول أحباب اللغة العربية ( قواعد اللغة العربية لسعيد الأفغانيّ ).
۲ – لا يُعفى أحد من تعلّم قواعد اللغة العربية الضرورية لاستقامة لسانه قراءةً وتلفّظا ( و ما كان فوق هذا فعمل المتخصصين )، ولا إثم عليه إن كان يبذل حهده، و لا يُؤاخذ فيما لا يقدر عليه.