أحزاننا ... إلى أين ؟!
بقلم : ديمة هديب
تحيط بنا الهموم .. وتستبدُ بنا الأحزان .. وتُثقِل كواهلنا الآلام .. وتزخرُ حناجرنا بالأشجان .. وتضيقُ علينا الأرضُ بما رَحُبت .. وتضيقُ علينا أنفسنا .. وتضيقُ علينا منازلنا وشوارعنا وإخواننا وأخواتنا وأحبابنا .. تصَّعد أرواحنا في السماء وتنزل آمالنا إلى الأرض ..
نشعرُ بالغربة مع أننا بين أهلونا ..
ونحيا بالسواد مع أننا وسط النهار ..
ونطلبُ الدفء مع أنَّ الشمس مشرقةٌ ومحرقة ..
ونستغيثُ نريدُ الماء مع أنَّ الغيوم هطَّالةٌ بالديمة ..
نتكلمُ بيأس مع أنَّ شعاعَ الأمل بأيدينا ..
ونرفعُ شعار الحيرة مع أنَّ منهجنا يشرحُ أدق تفاصيل الحياة ..
نركضُ وراء السراب مع أنَّ الواقع جاثمٌ أمامنا ..
ونهربُ من الواقع و كأنه يريد افتراسنا .. نرددُ كلمات : } أنا حزين _ مكتئب _ متضايق _ ضائع _ تائه _ لا أدري _ لا أعلم _ لا أعرف _ ........ {
ماذا جرى لنا ؟! وماذا تغير في واقعنا ؟! مازلنا كما نحن ، بيوتنا وشوارعنا وكل شيء كما هو إلا الوجوه ؛ الوجوه فقط تغيرت فها هو شارد الذهن وها هي كاسفة البال .. ها هو يسعى للتخلص من الحياة بشتى الوسائل وها هي قد أصبح ديدن حياتها سيولٌ من الدموع تجري على خديها وتستقر على كفيها..
ما الذي حصل لنا وما الذي جرى معنا ؟!
أتراها ظاهرة جديدة تخيم على شوارعنا ؟! أم أنَّ الهواء ينقل فيروسات الكآبة وينشرها بين الناس وما اعتدته إلا ناقلاً للخير ولنسمات العطاء ..
ما السبب الذي جعلنا نشعر بالضنك وعدم الرضا ؟!
هل هو البعدُ عن باب مالك الملك وهجر كتابه وتشريعه وترك سنة حبيبه صلى الله عليه وسلم وأخذ ما نحب ونهوى وترك ما يصعب علينا ويشق ..
أم السبب هو كثرة المصائب في العالم من حولنا ؛ من غزة إلى العراق إلى القدس إلى أفغانستان إلى جميع بلاد المسلمين وما يحصل لهم من أمور يندى لها الجبين ويكثر عندها الأنين !!
آلسبب هو السعي في الدنيا من أجل أن نحيا حياة كريمة يستطيع فيها الأب أن يحيط بمتطلبات بيته وأولاده وتحاولُ فيها الأم أن تحضن أطفالها من شرور المجتمع محاولةً أن تصنع أحفاداً وحفيدات لمن كانوا خير القرون على هذه الأرض !!
أم أنه سوء المجتمع وتفشي الأخطاء والبعد عن الصواب في كل مكان بل وصل ذلك إلى أرقى الأماكن وأقربها إلى العلم و التطور ؟!
أسبابٌ أخرى كثيرة نعلم منها القليل وينقصنا الكثير ..
لكني أدرك شيئاً واحداً ومهماً أنَّ من أول هذه الأسباب وربما أهمها أننا جعلنا ديننا دين كتبٍ لا دين تطبيق مع أنه دينٌ للحياة وليس فقط للزهد والموت ونسينا أنه إن لم يكن لنا دنيا صحيحة لن يكون لنا آخرةٌ رشيدة فعشنا في هوةٍ سحيقة بين العلمِ النظري والتطبيقِ العملي فأنَّت الأجساد وتعبت الأرواح وكثرت الجراح ..
ومع هذا كله فما زال هناكَ من يدوس على جرحه وألمه كي يصنع من الليمون شراباً حلواً ...
وهناك أيضاً من يجعلُ من دمِ ألمه مداداً لأمله حتى ينهض بهذه الأمة من جديد ..
لكن يبقى عندي سؤال وأترك لكم الجواب ..
ألا تعتقدون أن كفانا حزناً و سخطاً وتذمراً واكتئاباً ؟!
ولنبحث عن الأسباب ونتوكل من بعد ذلك على رب الأرباب ..
فإذا عُرِفَ السبب بالتأكيد سيبطل العجب ...