النصيب والحظّ العاثر
كتبها: فيصل الملوحي
ملحوظتان للقرّاء الكرام:
۱– بين أيدينا كلمات، أرادت أن تكون كمقامة المرأة العربية الأصيلة ريمة الخاني في منتدى : فرسان الأدب الساخر: المقامة الخانية، للست الشامية!
ولكنّ الله سلب منهاالظرف والقافية، فلاتدري أتحوز القَبول منكم أحبّائي، أهلَ الفكر والأدب !!
۲ - سامحونا إن بالغنا في التصوير، فمشكلة الأدب أنه يضيف إلى صور الحياة التي ينقلها بهارات منكّهة، وألواناً مبهرجة.
ماكان في القديم كلّ الرجال كما صوّرت، وما ندبت كلّ النساء حظوظهنّ كما ذكرت. فكم من رجل فاق الرجال إنصافا، وكم من امرأة تربّعت على عرش القلوب احتراماً و إجلالا!، وبخاصّة إذا كانت أُمّاً أو جدّة.
وما كلّ امرأة معاصرة سلبت الرجل حقوقه، أو كانت صاحبة أثرة وحبّ للذات، وما كلّ عاملة ارتفعت بنفسها واستأثرت بمواردها وتميّزت بها على زوجها.
*****
من زمان وعامّة الناس يرضَوْن بالعيش في غياهب الفقر والمرض والجهل، ويرمون أحمالهم على القدر حين يعجزون، فيسكتون وهم يدّعون الرضا بالمقسوم، فيأوي إلى نفوسهم الألم، ويحتلّ قلوبهم الحقد على من ظلمهم _ أو على من يظنّون أنّه ظلمهم-. فيتعاقب الليل والنهار يواصلان حياة البشر أكلاً وشرباً ونكاحا!!
كان الرجل أقوى من المرأة، أوقل: سلّطه المجتمع على المرأة، فصار الآمر الناهيَ، وما المرأة سوى بضع خلقها الله لخدمة الرجل، وتقديمها ذكراً يُحافظ على اسمه، ويُخلّد ذكراه !!
كانت المرأة على الدوام سيّئة الحظ، لكنّها ماكانت لتحسّ بالغبْن إلا حين توازن نفسها بغيرها، فترى بعينيها السليمتين أو الحَوْلاوَيْن نقصاً في متاعها لم ينلها من الرجل حين تزوّجته، أو بعد أن تزوّجته. لكنّ ذلك خاضع للقدر والنصيب والحظّ العاثر، وما عليها إلا أن تسكت، وتدّعيَ الرضا بالمقسوم، فتعيش في ألم وحسرة وحقد على زوجها وعلى من أوقعها في هذه المصيبة!
كان العار( يُجلبب ) المرأة إن فقدت عُذريّتها بزواج أعقبه انفصال بطلاق أو ترمّل، أو بسقطة في لقاء!! أو سقوط من فوق جدار.
ولكنّ المرأة التي فقدت عذريّتها بالشرع!! تخفّف عنها العقوبة، فتجد من يستر عليها، أو من ينتشلها من غائلة الفقر أوافتراس الضياع!!
كلّ ذلك نصيب، وعلى المرأة أن ترضى بنصيبها، وهو خيرلها من أن ترمى للكلاب المسعورة!!
فجأرنا بالحق، وصدعنا بالأمر، وحاربنا الظلم والجهل، ودعونا إلى إنصاف المرأة وإخراجها من الظلمات.
وعندما انقلب الميزان مع إطلالة عصر النهضة - في الغرب كما في الشرق- تغيّر الحال، وتبادل الرجل والمرأة(الأدوار)، فقويت المرأة، وأخذ نفوذها على الرجل يتزايد يوماً بعد يوم، بدأ ( حسّها ) يعلـو، و شرعت تسلب الرجل حقّ الأمر والنهي شيئاً فشيئا، حتى صار لها على الرجل في الشرق- لا في الغرب - سلطان مطلق في بعض الأسر، وما عليه سوى السمع والطاعة والإذعان للطلبات وتلبية الرغبات، فلماذا تزوّج، أليغمط المرأة حقوقها، و يمنعها حرّيتها!!
وما على الرجل إلا أن يرضى بقدره، ويقبل بنصيبه، ويسكت، ويعيش في ألم وحسرة، وليس بين يديه سوى إعادة الكرّة بالزواج - إن استطاع إليه سبيلا، وقلّ أن يستطيع - ولكنّه لا يفعل فمصائب الطلاق يحسبها وحده - لادخل للمرأة في هذا الحساب - : خراب بيت وتشريد أطفال، وضياع مال.
في غدوّه ورواحه سبّة المجتمع تلاحقه، ولومة اللائم تصاحبه ، لأنّه رجل يبحث عن اللذة، يدوس حقوق عباد الله!!
كان المنادون كأمثال ( قاسم أمين ) يحكّمون الشرع في إنصاف المرأة، فهل عندنا اليوم ( بديل ) وصوت يرتفع بإنصاف الرجل، ونصّ في الشرع يؤيّده!؟
كانت المرأة - إذا كانت صاحبة حيلة - تعرف نقاط ضعف الرجل، فتحصل على حقوقها - أحياناً - وربما فوق حقوقها، مع الحفاظ على صورة الرجل التي لاتهزّها الريح!! في عيني ذلك المجتمع!
فمن يعلّم رجل النهضة الحديثة!! حيل استعادة حقوقه السليبة؟!