من المسؤول عن استمرار مأساة اللاجئين الفلسطينين بالبرازيل؟
من الذي يتحمل المسؤولية القانونية عن اللاجئين الفلسطينين بالبرازيل؟ ومن هي الجهة التي يمكن ان تمثل امام القانون اذا حدث اي تقصير او اهمال من قبل المؤسسات المسؤولة او الدولة المضيفة؟ وما هي مسؤولية الحكومة البرازيلية اتجاه اللاجئين المقيمين على اراضيها؟ اين تقع مسؤولية المفوضية السامية للاجئين التابعة للامم المتحدة؟ ومن هي الجهة القانونية المسؤولة على محاسبتها عن اي تقصير او اهمال؟ هذه الاسئلة واخرى تبحث عن اجوبة، لعلها تجد حلولا واقعية لمأساة اللاجئين الفلسطينين بالبرازيل سواء بالحصول على حقوقهم الانسانية المتعلقة بالعمل والعناية الصحية والتعليم والسكن الجيد والضمان الاجتماعي اوغيرها من الامور التي هي حقا من حقوقهم الانسانية كبشر.
العديد من المحامين الذين تعاملوا مع اللاجئين المعتصمين ببرازيليا، وبحثوا بالقانون البرازيلي عن بنودا لملاحقة المؤسسات ذات العلاقة باللاجئين وعلى راسها المفوضية السامية للاجئين والحكومة البرازيلية والمؤسسات الغير حكومية كآساف وكاريتاس التي اخذت على عاتقها مسؤولية متابعة اوضاع اللاجئين باماكن سكنهم، ولم يجدوا منفذا بالقانون البرازيلي لملاحقة ومحاسبة جهة عن تقصيرها او اهمالها للاجئين، فالمنظمات الغير حكومية كآساف وكاريتاس تقول انها مؤسسات متعاقدة مع المفوضية السامية للاجئين، والتي تعتبر حسب رأيهم الجهة المسؤولة عنهم ومهمتهم فقط تقديم خدمات محددة ضمن اتفاق مع المنظمة الدولية يتاقضون مقابل هذا الاتفاق مبلغا ماليا محددا، المفوضية السامية للاجئين هي منظمة دولية ولا تخضع للقانون البرازيلي، والحكومة البرازيلية تقول ان اللاجئين الفلسطينين وكل اللاجئين المتواجدين على اراضيها لا تقع ضمن مسؤوليات الحكومة وانما مسؤولية المفوضية السامية للاجئين التابعة للامم المتحدة.
حاول العديد من المحامين البحث عن مخرج لأزمة اللاجئين من خلال الحوار او القانون فلم يجدوا اي حلا يضمن لللاجئين الحد الادنى من مطالبهم ، ومن يحاول الدخول بهذه العوامه لتقديم اي نوع من المساعدة لن تكون اكثر من فردية لا تدوم كثيرا، حيث لا قانون لحقوق اللاجيء بالبرازيل الا قانون البقاء والسكوت، احد المحامين يعمل على جمع تواقيع لمحاولة طرح مشروع قانون بالبرلمان البرازيلي لتحديد جهة مسؤولة عن وضع اللاجئين امام القانون البرازيلي، وليتمكن القائمين على هذه الخطوة من تحقيق اهدافهم لا بد من الحصول على تاييد احد الاحزاب الممثلة بالبرلمان البرازيلي لهذه الخطوة.
اللاجئين يؤكدون ان الوعود التي سمعوها قبل مجيئهم الى البرازيل، لم يتم العمل بها، وان الاهمال الصحي كان منذ البداية، وفرص العمل لم توفرها لا الحكومة البرازيلية كما وعدت لمدة ستة اشهر حال وصولهم لمن هو قادر على العمل ولا المفوضية السامية للاجئين اوفت بوعودها، فاللاجئون منذ اليوم الاول لوصولهم كانوا بحاجة الى عناية صحية مميزة نتيجة الظروف السابقة التي عاشوها بمخيم الرويشد، والتعليم كان غير كافيا، اضافة الى الاهمال الذي لاقوه وما زالوا من المؤسسات الفلسطينية التمثيلية كالاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية بالبرازيل والسفارة الفلسطينية حيث يرمون المسؤولية على الاطراف الاخرى كالمفوضية والحكومة البرازيلية، وانهم لا يمكنهم التدخل بموضوع ليس من مسؤوليتهم.
باعتبار ان الفترة الزمنية المقررة سنتين قد انتهت فعليا، وهي الفترة التي كانت مقررة لتأقلم اللاجئين بالمجتع البرازيلي وعاداته وتقاليده وثقافته، وخلال هذه الفترة لم توفر المفوضية السامية للاجئين اي فرصة عمل، وانما تركتهم ليتدبروا امورهم ووفرت لهم فقط بطاقات عمل، فكان من الصعب تحقيق ذلك قبل تعليم اللغة المحلية للبلاد الجديدة التي وصلوها والتي تعتبر شرطا اوليا واساسيا للتواصل ومخاطبة الناس والبشر، فيعاني العديد من اللاجئين اليوم من مشكلات مالية ناتجة عن غياب فرص العمل، وعن ايقاف المساعدات المالية الشهرية عنهم من قبل المفوضية، بظل غياب مؤسسة فلسطينية تاخذ على عاتقها مسؤولية متابعة هذا الوضع الجديد لعائلات جاءت قهرا الى دولة ومجتمع يختلف كليا بعاداته وتقاليده وثقافته، فكان من الصعب على العديد من اللاجئين اذا استثنينا الاطفال من التاقلم والتعايش بهذا المجتمع الجديد.
قبل ايام وزعت لجنة تضامن ودعم اللاجئين بمدينة موجي داس غروسو، وهي لجنة شكلت بالمدينة من قبل بعض المناصرين للقضية الفلسطينية، وللتضامن مع اللاجئين ومتابعة همومهم وقضاياهم، وزعت بيانا يطرح جزءا من ماساة اللاجئين بعد ايقاف المساعدات الشهرية من قبل المفوضية، وغياب فرص العمل عن العديد منهم، وينبه البيان ان العديد منهم مهدد بالطرد بسبب عدم قدرة اللاجئين على تسديد اجرة البيوت التي يسكونها، وكان البيان يناشد كل اصحاب الخير والكرم بمد يد العون حتى لا تطرد هذه العائلات من بيوتها، وتضمن البيان رقم حساب بنكي، والا فهذه العائلات سيكون مصيرها الطرد والنوم بالشوارع، ويبقى السؤال الاخير ما هو مصير هذه العائلات؟
بظل غياب قانون يحدد الجهة المسؤولة عن اللاجئين، وباعتبار ان اللاجئين ما زالوا يحملوا هويات مؤقته باعتبارهم لاجئين، فكيف سيتعامل القانون البرازيلي مع اللاجئين خلال المرحلة القادمة ومن المسؤول عنهم ؟ ام المطلوب تحويل لجوئهم الى مواطن دائم واقامة دائمة لتذهب عنهم صفة اللجوء؟
جادالله صفا – البرازيل
11/07/2010