الخطيئة
تَصَدَّعَتْ بِالقَهْرِ أَجْبَالُ الدُّنَا =أَحْزَانُهَا بالوَجدِ تَهْجُو العَادِيَا
جُرْحٌ دَمَى قَلْبٌ شَكَا ، حِقْدٌ سَرَى = وَالحُبُّ بِالأَشْجَانِ يَنعِي جَاثيَا
حَتَّى غَشَى الإِيفَاعَ دَمعٌ وأَسَى = أنَّى لَهُ الإِنسَانُ يَمضِي لَاهيَا
عَنْ رَحمَةٍ يسعَى بهَا صَوبَ الهُدَى = تُحْيِي أَمَانِيِهِ وَتهْدِي عَاصِيَا
تَغدُو سَلَامًا وَتُجِيرُ رَجوَةً = تُشفِي صُدُورَ الجُحْدِ ، تَأسُو بَاكيَا
فَجرٌ دَنَا ثمَّ ازْدَهَتْ أَزهَارُهُ = حينَ اسْتفَاقَتْ وَالنَّدَى تَلَاقِيَا
وَعَانَقَ الحُبُّ المَدَى في أَيكَةٍ = أَطيَارُهَا تَرْعَى اللُّقى شَوَادِيَا
ثمَّ نَزَا طَيرٌ بأَطيَافِ المُنَى= يَسْتَيقنُ الأَحلَامَ وَالرَّوَابِيَا
ثُمَّ انْزَوَى يَحسُو المَخيفَ وَالرَّدَى =لَمَّا أَصَابَ الغَدرُ طَيرًا شَادِيَا
فَقَد هَوَى الحُلمُ الجَمِيلُ وَانْفضَى = عِندَ صَلِيلِ الغَبْنِ أَضحَى عَانِيَا
يَا نَائحَ الطَّيرِ الكَسِيرِ قَد جَرَى = وَيلٌ سَقَى دَرْبَ الوَرَى العَوَادِيَا
فِي كُلُّ نَهجٍ ، دَمْعَةٌ وَصَرْخَةٌ = شَقَّتْ عُبَابَ البَحْرِ والدّيَاجِيَا
كَمَا ذَوَى بِالضَّيمِ حُبٌّ قَد سَمَا= فَالشُّرُ يأبَى أَنْ يَرَاهُ سَاريَا
يَزْهِي ذُرَا الأَطوَادِ نُورًا وَسَنَا = لِحِدَّةِ الأَدوَاءِ يَعدُو دَاوِيَا
قَد بَلَغَ السَّيلُ الزُّبَى ، أشقَى الدُنَا = وأَشْأَمَ الأَيَّامَ والأمَانِيَا
فَكَمْ تَوَارَتْ فِي رَبيِعٍ زَهرَةٌ = بَاتَتْ عَلَى هَمْسِ النَّدَى فُوَاحِيَا
لَكِنْ سَقَاهَا البَينُ منْ غَوَائِلٍ = وَالحُزْنُ أَدمَى العُودَ خَرَّ وَاهِيَا
يَبكِي علَى ذِكرَى الرَّبيعِ وَاللُّقَى = كَيفَ انْقَضَى ، وَالشَّوقُ صَارَ طَاويَا
يَا وَيلَتَاهُ وَاَلهَوَى حِينَ انْتَأى = رُغْمَ صَهِيل ِ الوَجْدِ يَغدُو دَاعِيَا
ثُمَّ تَصِيرُ النَّفْسُ رَهْنًا بالمُنَى = تَلْقَى شُرُوقَ الوَعدِ أَو دَوَاجِيَا
لَو مَا اسْتَدَامَ الحِقدُ يَسرِي كَالرَّدَى= لَدَامَ فَجرُ الكَونِ صَحْوًا زَاهِيَا
لَو مَا الخَرِيفُ قَد أَغَارَ وَاعْتَدَى = لَبَاتَ غُصْنُ الوَردِ يَشدُو الرَّاعِيَا
وَمَا غَفَا زَهرُ الرَّوَابِي بَعدَمَا = أَزرَى الفِرَاقُ مَوعِدًا وَوَافِيَا
وَذكرَيَاتُ الوَصلِ تَدْعُو رَجْعَةً = كَيْفَ بَريقُ الوِدِّ أَمسَى خَابِيَا
يَلقََى سَرَابًا و يصِيْحُ لَوْعَةً = تَأيَّمَ الوَفَاءُ ، هَامَ نَاعِيَا
تَغفُو خَطِيئَةٌ وَتَصحُو مثلُهَا = فيَحْتَوِي سَرَابُهَا الأَمَانِيَا
لَمَّا جَلَا زَيْفُ المُنَى قِنَاعَهَا = تَبدَّدَ الوَهْمُ وَصَارَ بَادِيَا
هَلْ يشتَكِي خَطِيئَةَ شَابتْ بِهِ = أَمْ أنَّهُ يَرجُو قِنَاعًا تَالِيَا
فَقَد تَلَاحَى النَّاسُ والبَطشُ طَغَا = حَتَّى رَوَى الدَّمُ الْبَرَى والصَّادِيَا
فَمَا بَقَى فِي مُقْلةٍ منْ أَدْمُعٍ = تَنْعِي حِدَادَ اللَّيلِ ، تَأسُو الرَّاجِيَا
لَا تَبْكِ يَا طَيرُ الرُّبَا ، وَأَيكَةً = تَلْقَى شَتَاتًا ثُمَّ تَهجُو الغَازِيَا
وَابْكِ زَمَانًا وَوُجُودًا قدْ أتَى = دَربَ الخَطًايَا ، عَانَقَ النَّوَاهِيَا
تَسَاءَلَتْ بالدَّمعِ أَرْجَاءُ الدُنَا = إِلَى مَتَى يَغْشَى الرَّدَى النَّوَاحِيَا
كَمْ مِنْ نُفُوسٍ تَشتَكِي مُرَّ العِدَا = ثُمَّ غَدَا سَهْمٌ أصَابَ الشَّاكِيَا
أَينَ خَدِيمُ الرُّوحِ دَامَ وَصْلُهُ= يَشدُو نُهُوجَ الخَيرِ يَسمُو حَانِيَا
تكَالَبَ الشَّرُ عَليِهِ كَالرَّدَى =أَعيَا ضَميرَ الحَقِّ يَصحُو قَاضِيَا
مِنْ غَضبَةِ الأَقدَارِ صَاحَتْ فِطْرَةٌ = وَرَجوَةٌ تَلْقَى عَذَابًا لَاظِيَا
لِتَسْمَعَنَّ الغَوْثَ يُدْمِي مُهْجَةً =وَالأَرضُ تَحْسُو الشَّيبَ ، تَدْعُو حَامِيَا
فَقَد تَهَاوَتْ مُنيةٌ فِي مَهْدِهَا = وَالقَلبُ مِنْ وَجْدٍ يَلُومُ وَالِيَا
حتَّى غَشَى اللَّيلَ جَهَامٌ حَائرٌ= أَعْيَا السَّنَا وَالفَجرُ يَبدُو وَاهِيَا
فَأَسدَلَ الغَيْمُ حِجابًا سَاترًا = ثُمَّ تدَّجَى الكَونُ صَارَ باليَا
يَا مَنْ هَدَى كُلٌ شَكَا أَحْزَانَهُ = فَمَنْ هُو الذِي يَجُولُ بَاغِيَا ؟ّ!
فَهَذهِ الدُّنيَا هَوَتْ ظِلَالُهَا= وَالزَّهرُ شَابَ قَد نَعَى الرَّوَابِيَا
أَنَّى لَهُ الإِنسَانُ يَشدُو جُرْمَهُ= جَابَ الدُّنَا غَدرًا ، وَصَالَ جَانِيَا
يَزهُو إذَا طَافَ الرَّدَى بِجَارِهِ = حَتَّى ارْتَضَى الأَصْفَادَ والمَعَاصِيَا
وَقَد رَأَى الْهِلَالَ نَصْلَ خَنْجَرٍ = أَبكَى عُيُونَ الَّليلِ دَمْعًا قَانِيًا
فَاسْتَعْذَبَ الأَوهَامَ تَبدُو كَالرَّدَى = يَدعُو هَجِيْرَ البِيِدِ والسَّوَافِيَا
مَهْدُ الحَياةِ قَد تسَامَى هَدْيُهُ = لمَّا الْتقَى بِالحِقدِ أَضحَى صَاليَا
كَالنَّفْسِ لَمَّا تَستَجِيبُ لِلْهَوَى = تَجثُو لَهُ وتَرتَضِيهِ رَاعِيَا
هَلْ أَمِنَتْ صَفوَ الدُّنا بِغِربةٍ = أمْ أَمَلَتْ بَينَ الرَّدَى النَّوَاجيَا
فَقَد غَدَا العَيشُ جَحِيِمًا يَغتَلِي = وَالمَرءُ يلهُو لَا يُباَلي بَاكِيَا
قَد صَارَ مَا لَيسَ لَهُ مِنْ حَقِّهِ = وَإنْ فنَى خِلاً وَأدمَى رَاجِيَا
أَو بَدَّلَ القَولَ لِقاءَ دَرْهمٍ= أَوأَعلَنَ الزُّورَ وَأمسَى وَاشيَا
ثمُّ ادَّعَى بِأنَّهُ مُسيَّرٌ = كُلٌ بِأمرِ اللهِ يَغدُو سَاريَا
قُلتُ هُو (اللهُ)(الوَدُودُ)(خَالقٌ)=وَ(القَادِرُ) الذِي يُجِيبُ الدَّاعيَا
أَعطَى العِبَادَ الحَقَّ في إرِادَةٍ = وَحُجَّةٍ ، بِالفِكرُ يَمضِي قَاِضيَا
أمَّا الغُيُوبُ أَمرُهَا مُسيَّرٌ = وَالقَدَرُ الجَّاري يَصِيرُ نَاهِيَا
وَالله يُعطي مَنْ يشَاءُ حِكمَةً = إِنْ شَاءَ يَهدِ لَاحدًا وَعَاصِيَا
يَا أَيُّهَا الإنسَانُ أُذكُرْ نِعمَةً = مَا خَلَقَ (الْحَقُّ) الْوُجُودَ لَاهيَا
كَيفَ الأَمَانُ بِالحِمَامِ يَزدَهِي= وَالنَّفسُ تَلقَى الوَعدَ وَهْمًا ثَاوِيَا
مَهمَا تَرَاءَى الحُبُّ يَسري فَائِحًا = تَلْقَ جُحُودًا وَتجِدْ مُجَافِيَا
والرُّوحُ مِنْ حَرِّ الرَّجَا تصْبُو النَّجَا= فَالبَأسُ طَافَ ، أَجدَبَ الغَوَاديَا
وَمَركِبٌ بِالدَّمعِ يَجري مَوجُهَا= تَنْعِي غَرِيبَ الدَّارِ تَبكَي مَاضِيَا
بَينَ الشَّبابِ وَالمَشيبِ مِثلَمَا = يَشدُو الرَّبيعُ ثمَّ يَمضِي جَافِيَا
وَالمَرءُ غَادٍ فِي الدُّنَى وَرَاحِلٌ = وَالعُمْرُ يَزهُو ثُمَّ يَهوِي فَانيَا
فَمَا الحَيَاةُ غَيرُ حَفلٍ وَانْقَضَى = فَلَمْ يَعُد فِيْهِ نَدِيمٌ بَاقِيَا
فَهَلْ أَخَذْتَ العَهدَ مِنْ أحوَالِهَا = ثُمَّ ارْتَأَيتَ الوَعدَ مِنْهَا آتِيَا
فَابْكِ عَلَيهَا حِينَ تَرجُو وَصْلَهَا = وَابْكِ عَلَيهَا حِينَ تَنأَى خَاوِيَا
فَلَا نَعِيمٌ يفتَدِيكَ لَحْدَهَا = وَلَو مَلَكْتَ الكْونَ جُنْدًا عَاتِيَا
وانْظُرْ إلَى مَنْ كَانَ شَهْدًا عَيشُهُ = في لَحْظَةٍ كَالحُلْمِ وَلَّى طَاوِيَا
وَاقفِزْ إلَى البِحَارِ والجِبَالِ أَو = كُنْ خَلفَ أَسوَارٍ ودِرْعٍ نَائِيَا
عِشْ في قُصُورٍ أَو بُرُوجٍ آمِنًا = تَأْتِ المَنَايَا لَنْ تَفرَّ نَاجِيَا
وَعدُ الأَمَانِي والتَّمنِّي وَالهَوَى = لُقيَا سَرَابٍ حِينَ يَبدُو دَانِيَا
وَمَنْ يعِشْ دُنياهُ ظِلَّ نفْسهِ = فِي الضِّيقِ لَنْ يرَىَ خَلِيلاً آسِيَا
وَإنَّ حُبَّ الذَّاتِ دَاءٌ يَبتَلِي = نَفسًا سَعَى البَغْضُ لهَا مُوَاليَا
مَن دَاهَنَ النَّاسَ ابتِغَاءَ غَايَةٍ = يَهُنْ عَلَيهِ فِعلُهُ تَوَالِيَا
إِنْ تُخْفِ وَجْهَ الغَدرِ كَاَنَ أنفُهُ= بينَ أُلُوفٍ منْ وُجُوهٍ بَادِيَا
إذَا كَبِيرُ القَومِ كانَ رَاقِصًا = إِنَّ الصَّغيرَ سَوفَ يَأتِ تَالِيَا
وَهَذِهِ سَلوَى القُلُوبِ قَد دَعَتْ = نَهْجُ الوَرَى يَسمُو ويَغدُو زَاكِيَا
وَتَسألُ الأََنَامَ عَفْوًا وَرِضَا = فَالشَّرُ يَدعُو البَيْنَ وَالدَّوَاهِيَا
هَلْ مِنْ سَبيلٍ كَي تَسُودَ رَحمَةٌ = وَالمَرءُ يعفُو ، يَهتَدِي طَوَاعيَا
هَلْ مِنْ نُفُوسٍ تَجتَبِي وَعْدَ الحِمَى ؟= فَالطَّيرُ يَصبُو كَي يَعُودَ شَاديَا
مَتَى السَّلَامُ يَزدَهِي ، يغشَى الدُّنَا ؟ = وَيَطمَئِنُ الفَجْرُ يَدنُو رَائِيَا
كَيفَ عُيُونُ المَهدِ يَغفُو جَفنُهَا = وَالزَّهرُ يَصحوُ والنَّدى تَلاقيَا
وَالحُلْمُ يَشدُو بينَ أَهدَابِ المُنَى = وَالعَدلُ مِثلُ النُّور ِيسرِي زَاهِيَا
صَاحتْ دُرُوبٌ للْهُدَى يَا مَنْ شَكَا = دَربُ الْوُجُودِ لَمْ يزَلْ رَوَاسِيَا
يَا أيُّهَا الإِنسَانُ جَلَّ مَنْ مَحَا = عَنْ قَلبِهِ الحِقدَ وَصَارَ رَاضِيَا
فَانْءَ رَحِيْمًا عنْ سُلوكٍ ظَالمٍ = فَالظُلمُ مِثلُ النَّارِ يَغدُو قَالِيَا
وَمَنْ نَهَى النَّفسَ لِتَركِ شَهوةٍ = يَجْنِ الصَّفَا ، يَلْقَ النَّعيمَ آتيَا
وَمَنْ يعِشْ بِالقَيدِ كَانَ فَانيَا = مَنْ مَاتَ صَوبَ الحَقَّ كَانَ بَاقِيَا
فلَا تَلِنْ عنْ رَحمَةٍ تسعَى بِهِا = إلَى نُهُوجِ الخَير وَازْهِ سَاعيَا
وَارْمِ الخطَايَا بالجَفَا ، بِجَمْرَةٍ = وَاحْمِلْ علَى الأَهوَاءِ وَامْضِ هَاديَا
فَأَينَمَا تَسْعَ إلَى خَيرٍ تَجِدْ = نَهْجًا سَمَا ، وَعْدًا عَلَا الفيَافيَا
فَالحُبُّ باَقٍ سُنَّةٌ وَنعمَةٌ = سَوفَ يَظلُّ كَالشَّذا فُوَاحِيَا
ولَو تَكَاثَرَ العِدا فَالخَيرُ لَمْ= يَزَلْ عَلَى الدَّربِ الحِمَى والرَّاعِيَا
فَلنْ يَدومَ الدَّمعُ أَو أَحزَانُهُ = وَلَنْ يَظلَّ الشَّرُ يعثُو بَاغِيَا
فَرُبَّ أَفرَاحٍ هَوَتْ بَوَاكِيَا = وَرُبَّ أَحزَانٍ غَدَتْ غَوَاليَا
مَا أَجمَلَ الرُّوحَ التِي يَسمُو بِهَا = عَفْوٌ غَشَى القَلبَ فَيَحيَا زَاهِيَا
بِالعَدلِ وَالإِنصَافِ وَالقَولِ النَّدِي = بِالعِلْمِ وَالأَخلَاقِ نَسمُو عَالِيَا
لَومَا الحيَاةُ لَمْ تَزلْ بِرَحمَةٍ= لكَانَ عَيْشُ النَّاسِ حَتمًا فَانِيَا
شعر : مراد الساعي
من ديواني الرجفة الكبرى