الأستاذة الفاضلة رغد حفظك الله
أشكر لك اهتمامك. وإن مأاوردتهِ كجزء من السيرة الذاتية هو صحيح. إلا أن النتاج المتعلق بالجانب العلمي على غزارته ليس مدونا على صفحات الانترنت أو في موقع محدد.
إن تخصصي الدراسي أساسا هو في الجانب العلمي التقني مع سنوات خبرة طويلة شملت النواحي الأكاديمية والبحثية. إلا أن الخبرة الأطول كانت في مجال الأعمال. فلقد أسست في عام 1984 منشأة تجارية تهتم ببرامج وتطبيقات ومعدات الكمبيوتر. ثم مالبثت أن تآزرت مع أحد الشركاء المتخصصين الكرام (السيد هشام الدواليبي) لتطوير هذه المنشأة، والارتقاء بها إلى حيز التميز الملموس. وقد كان لهذا الرجل الفاضل بمؤهلاته العالية (فهو يحمل شهادتي ماجستير: الأولى ماجستير في الفيزياء والأخرى في علوم الكمبيوتر. وكلتا الشهادتين من جامعة ستانفورد الشهيرة في الولايات المتحدة) الدور الكبير في تطوير ودعم هذه المنشأة التي باتت من الشركات المعروفة جدا في المملكة العربية السعودية. والأستاذ (دواليبي) رجل خبير حصيف شغل عدة مناصب متقدمة في العديد من الشركات الشهيرة الإقليمية والعالمية. كذلك فقد كان لأخي السيد / محمد همام الخاني/ (وهو خريج كلية الآداب من جامعة دمشق - قسم اللغة الفرنسية) دور كبير في دعم تلك المنشأة ودعم تطورها منذ تأسيسها. ومازالت المنشأة قائمة (بفضل الله) حتى هذا اليوم.
تعتبر شركة بيت الكمبيوتر من أولى المنشآت التي اهتمت بالحاسب الآلي من جانبيه، النظري Software والمادي Hardware.وفي عام 1989 استحدثت الشركة أول معارضها المتخصصة في بيع وتسويق أنظمة الحاسب الآلي وتطبيقاته، ومجمل الأنظمة الالكترونية المتعلقة بالتقنية السمعية البصرية Audio_Visual والأجهزة التخزينية المتقدمة، وبشكل خاص نظم التخزين فائقة التطور، والألعاب الالكترونية وألعاب الذكاء الإصطناعي، بعد أن أصبحت هذه التقنيات أساسيات لايمكن التغافل عنها كخطوط تجارية تقنية متطورة لاتشمل حيز التسلية فحسب بل تمتد إلى المقاصد المتعلقة بالواقع الافتراضي Virtual Reality والتعليم والتدريب والرياضة ومحاكاة الواقع والكثير من الجوانب المفيدة الأخرى ضمن آخر ماتوصلت إليه التقنية من تطور. وتمتلك الشركة فيما حضر تسعة فروع في كل من الرياض وجده والدمام والخبر والفرع العاشر في دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة. ويعمل ضمنها لفيف كبير من السادة ذوي الإخلاص من تخصصات وخبرات متعددة.
بالنسبة للملف الشخصي فأنا متزوج ولدي ثلاث أولاد أكبرهم (محمد نذير) وهو يحضر للماجستير في تخصص التجارة الالكترونية في جامعة كارنيجي ميللون في بنسلفانيا بالولايات المتحدة بعد أن حصل على درجة الشرف في بكالوريوس علوم وهندسة الكمبيوتر من جامعة الأمير سلطان في الرياض بالمملكة العربية السعودية. والأوسط هو (أنس) وهو طالب على وشك الانتقال إلى السنة ماقبل الأخيرة في كلية الطب بجامعة الفيصل في الرياض. والأخيرة (يارا) وهي طالبة في الصف الأول الثانوي.
(بتواضع شديد) فلقد حباني الله وأكرمني بوجود ميل وشغف شديدين إلى الأدب واللغة والعربية رغم أن الاختصاص الأكاديمي كان في مجالات الرياضيات والفيزياء والمعلوماتية، وهي اختصاصات علمية بحتة بعيدة عن الجانب الأدبي الإنساني. إلا أنني لست الحالة الأولى .. فكما لايخفى .. هنالك المئات من الأطباء والعلماء والفيزيائيين والمهندسين ممن كانوا أعلاما في اللغة العربية أكثر من شغفهم باختصاصاتهم التي صرفوا عليها عشرات من السنين عملا وخبرة.
ويعود الفضل في حبنا للغتنا أولا إلى أنها اللغة التي ارتضاها الله للناس، وهذا أمر لانقاش فيه بالنسبة لنا كمسلمين. فطالما أن الله أكمل الدين وأتم النعمة وارتضى الإسلام دينا، فهو (تبارك وتعالى) ارتضى العربية لغة لأنها هي اللغة التي نزل بها الذكر الحكيم. ولاشك بأن اجتباءها من قبل الخلاق العليم الحكيم هو باعث مطلق على تحفيز كل عاقل من أهل هذه اللغة إلى تبنيها وبذل كل الجهد للارتقاء بها.
ثم يعود الفضل (بعد الله) إلى الوالدة السيدة / ربيعة رجب الخاني، وهي إحدى السيدات التي تشربت العربية منذ نعومة الأظفار، فدرستها ودرّستها، وكانت مرجعا فيها علاوة عن براعتها الأدبية والخطابية والشعرية. فلقد نظمت خلال مسيرتها الأدبية عشرات من القصائد الشعرية الثمينة بالفعل. ولقد شهد العديد من الشعراء والأدبـاء، ومن ضمنهم ابن العم الدكتور أحمد الخاني (الشاعر العربي الكبير والمعروف بشاعر الملاحم الذي نظم - بالإضافةإلى عشرات الدواوين- ثلاث ملاحم شعرية كل ملحمة يصل عدد أبياتها إلى حوالي عشرة آلاف بيت، وقد كتبت عنه جريدة الشرق الأوسط -على سبيل الذكر لاالحصر-أنذاك بعد صدور ملحمته الأولى ..ملحمة بــدر .. كتبت مقـالا متميزا تحت عنوان: ملحمة الشاعر الدكتور أحمد الخاني .. لقد مات هوميروس مرتين) .. لقد شهد هذا العلم الخفاق في ميدان الشعر للوالدة (حفظها الله) بالكفاءة العالية في مجال الشعر، وصنفها ضمن تصنيفه لشعراء الشام في كتاب (هو قيـد الصـدور) تحت مسمى "خنساء الشام".
ولايخفى أحدا بأن الوصول إلى مراتب نظم الشعر باقتـدار (وهذا مايدركه كل أديب) يقضي تخطي كل المراحل التي تسبقه أدبيا من تمكن لغوي وتعبيري ونحوي وحسي وعاطفي ورقة ... الخ .. وهذا يشمل كل شعرائنا الأفاضل. ويصبح الشعر في مواقع عالية عندما يكون محاكيا لواقع إنساني كالمدح والرثاء والوصف والنقد، أو مايتعلق بالوقائع الغيبية واليقينية في الدين، ومايتطرق منه إلى الوصف الجميل العلي والتألق الممتاز عند التشرف بالنظم لوصف الصفات العلا لذات الرحمن (جل شأنه) والثناء عليه، وتعظيم تلك الذات الجليلة بحمكتها وصفاتها ذات الإطلاق. ولاشك بأن الشاعر يكون مدركا لموقع متألق في الصفوف الأولى لميادين الشعر عندما يتشرف بمدح رسول الله عليه الصلاة والسلام والدفاع والذود عنه. ولقد تعاطت الوالدة مع هذا النوع من الشعر يتميز مرموق، ونظمته وفق أسلوب يغلب عليه طابع التحكم والبراعة والاتقان ضمن عاطفة محبة لله ورسوله. ويستشعر من يقرأ قصائدها في هذا المجال بأن الشعر ربما كان أحد أبنائها.
من جهة أخرى فإنه لايمكنني إلا أن أوصـل الفضل إلى الوالد السيد/ محمد نذيرالخاني/ الذي كان له الأثر الأكبر في رعايتنا وصنع شخصيتنا ودعمنا بشكل كبير لنكون أفرادا صالحين في الحياة، واقعيين نتعامل بجرأة مع الواقع ضمن أطر الدين والأدب والمنطق. والوالد بالمناسبة هو من أوائل الرجال المؤسسين للمؤسسة العامة للاتصالات في سوريا، وقد حصل على التقاعد في أواخر الثمانينات بالمرتبة والدرجة الممتازة.
ولاأنسى مدرستي الابتدائية .. مدرسة التربية والتعليم ... التي أسسها جدي لوالدتي المرحوم / حسن رجب/ وأخوه الأستاذ غالب رجب. وهي المدرسة التي عرفتها دمشق كما تعرف ياسمينها لما أسهمت به من خير وحسن تعليم لطلابها الذين تقلد جزء غير قليل منهم أعلى المناصب في سوريا. والمرحوم / غالب رجب/ هو فقيه النحو والصرف في زمانه (1900 - 1978) وقد برع في بث ما أعطاه الله من العلم خلال فترة تأسيسه وتدريسه في مدرسته. وقد دام عطاء هذه المدرسة لفترة قاربت ستين سنة في دمشق، ثم أقفلت ضمن ظروف معينة مع أوائل السبعينيات (1972) ومع تقدم سن القائمين عليها.
وقد كان المرحوم العم / غالب رجب/ ذا يــد شــديدة البياض علي وعلى كل من انتسب إلى تلك المدرسة. إذ يكفيني القول بأن تدريسه للنحو كان فريـدا جـدا، وكـان مقترنا بأمثلة القرآن وأمهات المراجع. ولاأنسى بأننا (كطلاب) كنا نقوم، ونحن في الصف السادس الإبتدائي، بإعراب سور كاملة من القرآن الكريم (كلمة كلمة وحرفا حرفا) !! وكنا لانتعلم القاعدة النحوية إلا مقرونة منه (رحمه الله) بالشواهد المناسبة سواء كان الشاهد بيتا لشعر موافق من ألفية ابن مالك أو مايوازيها من مراجع وأمهات كتب النحو!! وهذا كان في الابتدائي. ومازلت حتى اليوم أستشهد بألفية ابن مالك لبيان الضبط النحوي في مناسبات ولقاءات. والحق يقال: لقد خدمت مدرسة التربية والتعليم الابتدائية المجتمع في دمشق بشكل كبير ومشكور وعظيم، يعرفه كل من خبرهـا أو عاصرها.
أما فضل الله علي بحفظ كتابه الكريم (وبذور الفضل الأولى تعود إلى تلك المدرسة) فهو أمر لايحتاج إلى شرح، فجميعنا يعلم حجم هذه المنة التي لايمكن موازاتها بأي فضل آخر. وبذلك يتضح مـدى واسباب حبي وتمكني في الجانب اللغوي ناهينا عن العديد من الأفضال مما لايمكن حصره تحت مظلـة كتاب الله الكريم.
وخلال فترة الحياة العملية قمت بتعريب العديد من الكتب الأساسية من اللغة الانجليزية إلى العربية في مجال علوم الكمبيوتر والمعلوماتية, وقد نشر بعضها لصالح الجهات التي قمت بذلك من أجلها، وبقي الآخر دون نشر لأني لم أجد الدار التي تقدر حجم الجهد المبذول. كما قمت في الفترة من عام 1988 وحتى نهاية 1989 بتوثيق جملة شـهيرة من برامج الأعمال التطبيقية Business Softwae والمحاسبية MCBA إلى اللغة العربية وفق اتقـان شــديد الحرص والوضوح والبيـان ودقـة التعبير. وقد جــاوز عدد صفحات المجلدات التي قمت بتوثيقها وفق ترجمة تعريبية (اي ترجمة بتصرف) ثلاثة آلاف صفحة. وتعتبر هذه البرامج موسوعة كاملة في مجال المحاسبة وإدارة المنشآت وعمليات المبيعات والمشتريات .. والكثير غيرها. وقد تم طباعة هذه المجلدات من قبل إحدى الشركات الشهيرة العملاقة (وهي الشركة التي كانت صاحبة المشروع آنذاك) في المملكة العربية السعودية، في الوقت الذي اعتمدت فيه مئات الشركات تلك البرامج كمشغل اساسي وفريـد للإدارة العملية والماليـة فيهـا. وقد تجاوز عدد الشركات التي اعتمدت تلك البرامج المعربة (من 1987 إلى 1993) أربعمائة من الشركات الإقليمية والعالمية. ويعود رواج تلك الأنظمة إلى كونها من أوائل الأنظمة التطبيقية باللغة العربية. ولايخفى ماكان للاتقـان الكبيـر فيهـا من الناحيتين التطبيقية والتوثيقية من أثـر بين الوضوح في اعتماد هذا الكم من الشركات لتلك الأنظمة. وتباينت نوعية وجنسيات تلك الشركات (التي اعتمدت تلك البرامج) بين شركات إقليمية وعالمية في كل من المملكة العربية السعودية ودول الخليج وكذلك سوريا والأردن ولبنان.
أرجو أن أكون (بناء على طلب إدارة المنتدى) قد عكست لمحة موجزة عن السيرة الذاتية وبعض الإنجازات.
تحياتي لك أخت رغد
هشام الخاني